شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه ))
الحَمْدُ للَّهِ الّذِي عَلَّمَ بالقَلمَ، علّمَ الإنسانَ ما لمْ يعلمْ، والصلاةُ والسلامُ على سيدِنا محمدٍ النبيِّ الأميِّ، خيرَ مَنْ تعلّمَ وأَعْلمَ باللَّهِ عزَّ وجَلّ.
الأستاذاتُ والأساتذةُ الكرام..
السلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته:
تَسْعَدُ "الاثنينيةُ" بالتّواصُلِ معَ ذوِي الفَضْلِ مِن العلماءِ والأساتذةِ الأفاضلِ الّذينَ يُرْغِدُونَها بِكريمِ تَجاوُبِهم والتّضْحيةِ بِوَقْتِهمْ ورَاحَتِهمْ لإثْراءِ سَاحتِها بِسَابِغِ عِلْمِهم وعطائِهم المُتَّصلِ.. وفِي البدايةِ نَتَرَحَّمُ جَمِيعاً على زمِيلِنا الأستاذِ محمد موسم المفرّجِي الذي لبّى نِداءَ ربِّهِ، سائلينَ اللَّه عزَّ وجلَّ له الرحمةَ والمغفِرةَ، وأنْ يُسْكِنَه فَسيحَ جِنَانِهِ معَ الصّديقينَ والشهداءِ وَحَسُنَ أولئكَ رَفيقاً.
نَشْرُفُ هذهِ الأمسيةَ باسْتِضَافةِ الأُستاذِ الدكتور عَبْدِ الله بنْ صَالِحْ العُثَيْمينْ، الذي سَمِعْتُم جَانِباً من سِيرتهِ العَطِرةِ، والتي تَسْتَمِدُّ ألقَها من رافِدَيْن مُهِمّينِ، أوَّلهُما أُسْرةُ عِلْمٍ تجذَّرتْ في مِنْطَقةِ (نجدْ) فكانتِ المَهْدَ الذِّي بَدَأَ منهُ ضَيفُنا الكبيرُ مَسيرَتَهُ الزاخِرَةَ بكلِّ خيرٍ، فقد عُرِفَتْ منطقةُ عُنَيْزَةَ بِبيوتِ عِلْمٍ وفَضْلٍ كَثيرةٍ منها آلُ أبا الخَيْل، وآلُ السّناني، وآلُ القَرْعَاوِي، وآلُ السَّعْدِي، وغيرُهم مِمّنْ يَضِيقُ المجالُ بذِِكْرِهم، وأَذْكرُ على وَجْهِ التّحديدِ آلَ العُثَيْمينْ الذينَ نَسْعَدُ باسْتِضَافةِ فَرْعٍ مِنْ دَوْحَتِهم الورِيفةِ، فَفضيلةُ الشيخِ الدّاعيةُ محمدُ بنُ العُثَيْمِينْ، المُتَوَفَّى عَامَ 1421هـ "رَحِمَهُ الله"، مِنْ أَشْهَرِ عُلماءِ العَالَمِ الإسْلاميِّ، ويُعَدُّ مَرْجَعاً فِقْهِيًّا لكثيرٍ من طُلاّبِ العِلْمِ الذينَ أخَذُوا بالتّوافُدِ عليهِ للدراسةِ وطَلَبِ العِلْمِ حيثُ كانَ يقيمُ دُروساً في المسجدِ الجامعِ بِعُنَيْزةَ، ودَرَسَ على يَدهِ الكثيرُ من طلبةِ العِلْم من جَمِيعِ بلادِ العالمِ، فقد اشتغلَ بالتدريسِ بجامعةِ الإمامِ محمدٍ بنِ سعودْ الإسلاميةِ، كما كانَ خَطِيبَ وإِمامَ الجامعِ الكبيرِ بِعُنَيْزَةَ، ولهُ الكثيرُ مِن المؤلَّفاتِ والكُتبِ والفَتَاوَى.. أمّا الرّافدُ الآخَرُ الذي نَهَلَ منهُ ضَيْفُنا فَهُوَ التّحْصِيلُ الأكَادِيميُّ الذي وصَلَ سَنَامَهُ وذِرْوَتَهُ، بالإضافةِ إلى تَشَرُّفِهِ بالتّدريسِ في جَامِعةِ الإمامِ محمدٍ بنِ سعودْ الإسلاميةِ.. فَحَياتُهُ سِلسلةٌ متصلةٌ مِن نُورِ العلمِ، إِمّا مُتَعلِّماً، وإمّا عَالِماً ومُعَلِّماً، وذلكَ ميرَاثُ النبوّةِ، فهنيئاً لهُ الخيرُ في رِكابهِ، والفَضْلُ في أَعْطَافِهِ.. كما أُرَحِّبُ بِكلِّ الحبِّ والتّقديرِ بِصَحْبهِ الكرامِ الإخوةِ الأَفَاضِلِ الأستاذِ الدكتورْ حَسَنْ بِنْ فهد الهُوْيمل، واللّواءِ عبدالقادر كمالْ، والأستاذِ حمدْ القاضِي.. الذينَ أسعدُونَا بحضورِهم، وأسهمُوا فِي إثْراءِ هذهِ الأُمسيةِ بجميلِ فَضْلِهمْ وحُلْوِ شَمائِلهمْ.
إنّ الحديثَ عَنْ ضيفِنا الكريمِ يتطلبُ التّوقفَ عَبْرَ بَعْضِ مَحَطّاتِ حياتهِ التي سأُحَاوِلُ الإيمَاءَ إليها بِمَا تَتطلّبَهُ مِثلُ هذهِ العُجَالةِ.. أَوّلُها اشْتِغالهُ بالتاريخِ كَعِلْمٍ لهُ مَنْهجيّتُهُ وأصُولُه المُتَعَارَفُ عَلْيها ممّا يَقُودُني إلى أنْ أطْرَحَ بِكثيرٍ من الشّفَافِيةِ والوضوحِ المقُولةَ التي تَتَردّدُ كثيراً، خاصةً كلمّا حَزَبَتْنا الأمورُ الاقتصاديةُ، فَنَرى منْ يَتَساءلُ عَنْ جَدْوى وَضَرُورةِ التّوسعِ في الأقْسامِ النّظريةِ بالجامعاتِ كالتّاريخِ، والآثارِ، وعلمِ الاجْتماعِ، والأَدبِ الإنْجليزيِّ والأدبِ العربيِّ، وما يدورُ فِي فَلَكِهَا؟ مُعَلِّلينَ ذلكَ بِأنَّ سُوقَ العملِ مُتْخَمَةٌ وليسَتْ في حَاجةٍ إلى مثلِ هذهٍ الأقْسامِ التي تَدْفَعُ بكثيرٍ من الخرِّيجينَ إلى طريقٍ شبهِ مَسْدُودٍ، حيثُ تَضِيقُ فُرَصُ العَملِ وتتقلصُ بمرورِ الأيامِ، ولا سيّما معَ الدخولِ في بَاحَاتِ عَالَمٍ يتطلبُ المزيدَ من الدراساتِ التي تعتمدُ على التقْنِيةِ، زيادةُ احتياجَاتِ البلادِ في المجالاتِ الفنيّةِ التي تَسْتَوْعِبُ الكثيرَ من العَمَالةِ الوافِدة، وتُسْهِمُ في تعطيلِ بعضِ الخُطَطِ الاستراتيجيةِ في سوقِ العملِ المحلِّيِّ.
مما لا شَكَّ فيهِ أنَّ هذَا بابُ نِقاشٍ مُسْتَفِيض، ولسْتُ بصددِ تشريحِ المواقِفِ المخْتلِفةِ بهذَا الشأن وَبَسْطِ الحدِيثِ عَنْها، غَيْرَ أنّي أطْمَحُ أنْ يَجِدَ الأمرُ حَقَّهُ مِن العنايةِ بِما يَحْفَظُ لجِميعِ الأطرافِ ما لَها ومَا عَليْها، تَحَسُّباً لأيِّ خَلَلٍ قَدْ يَتَسببُ في عَدَمِ انتظامِ النسّيجِ الاجتماعيِّ ومَصْلَحةِ الفردِ والجَماعةِ.. مع الاحْتِفاظِ بِكامِلِ التقْديرِ والاحْتِرامِ للعلومِ التي أَشَرْتُ إليها، والتي يَرى البعضُ ضَرُورةَ قَصْرِها على عددٍ محدودٍ مِن النّوابغِ في مَجَالاتِها كتخصّصاتٍ يُستَفادُ من أصْحَابِها في مراكزِ البحوثِ والدراساتِ العلْيا، ولا تكونُ مُتاحةً لأعدادٍ كبيرةٍ من حَمَلَةِ البكالوريُوس الذينَ يدْخلونَ بها سُوقَ العملِ بَعْدَ تخرّجِهم مُباشرةً.. وأحْسَبُ أنَّ ضَيْفَنا الكريمَ لهُ رؤيةٌ عميقةٌ في هذا الجانبِ الذي تَعَدّى إلى حدٍ ما الأخذَ والرّدَّ بينَ وجْهاتِ النّظرِ المخْتلفةِ إلى مُحَاولاتٍ جادةٍ لإيجادِ الأسلوبِ الأمْثلِ للتعاملِ مع مثلِ هذهِ الأمورِ الحسّاسةِ التي تَمَسُّ مَصِيرَ بعْضِ فلذاتِ الوطنِ.
أمّا المحطّةُ الثانيةُ فَهِي الجَانبُ الإبداعِيُّ في حياةِ ضيفِنا الكريمِ، فقد اهتمَّ بالمؤلَّفاتِ التاريخيةِ بالإضافةِ إلى الشِّعرِ والتحقيقِ والترجمةِ، غيرَ أنّه استمرَ يَدْفعُ جُهودَه المشكورةَ تُجاهَ الدراساتِ والبحوثِ بينَما أصبحَ مُقِلاًّ في شِعْرِهِ، وهوَ كَما تعلمونَ صاحبُ دِيبَاجةٍ قويةٍ، وأُسلوبٍ رَصِينٍ، وقدْ تَناولَ شِعْرَهُ بالدرَاسةِ والتحليلِ بعضُ كبارِ الأدباءِ بالمملكةِ.. وليس بعيداً عنْ ساحةِ الشِّعرِ نَجِدُ مجموعةً كبيرةً مِن المقالاتِ التي دَبّجَها أستاذُنا الكبيرُ، وتُنْشَرُ عبْرَ بعضِ الصحفِ والمجلاّتِ، استطاعَ من خلالِها أنْ يُبلوِرَ وجهةَ نظرهِ تُجاهَ مُخْتَلفِ القَضَايا المُعَاصرةِ، ويُسْهِمَ في إثراءِ السَّاحةِ الثّقافيةِ بنظرتهِ الثاقبةِ، وثقافتهِ الواسعةِ، وعلاقاتهِ المتينةِ بِمخْتَلَفِ ألوانِ الطّيْفِ الاجْتِماعيِّ والفِكْريِّ.
ثم أَصلُ إلى المحطةِ الأخيرةِ التي اسْتَأْثَرتْ باهْتِمامِ ضيفِنا الكبيرِ، وهيَ جائزةُ الملكِ فَيْصلِ العالميةِ، التي يَشْرُفُ بأمانتِها العامةِ منذُ عِشرينَ عاماً تقريباً.. مما يَعْنِي أنّهُ عاصرَ الكثيرَ مِن فَعَالياتِها وقَفَزَاتِها المشْرِقَة كواجِهةٍ حضاريةٍ، ومَعْلَماً من مَعَالِم ارتباطِ المملكةِ مع دُولِ العالَمِ الشقيقةِ والصّديقةِ من خلالِ نافذةٍ يزدادُ أُفقُها بَهَاءً وأَلَقَاً عاماً بَعْدَ آخرْ.. فقد تَرسّختِ الجائزةُ وأخذتْ مكانتَها المرْمُوقَةَ عالمياً بَيْنَ رصِيفَاتِها من الجوائزِ ذاتِ الأثرِ المحْمودِ، والتي تَحْظَى بمتابعةِ واهْتمامِ الدّوائرِ المختصّةِ بفروعِها المُميّزَةِ.. فالْجَائزةُ قد حَقّقتِ الكثيرَ مِن النّجاحاتِ والثّقةِ التي هيأتْها لكيْ لاَ تجدَ غَضَاضَةً في احْتِجابِ أيٍّ مِنْ فُروعِها إذا لمْ تَجِدِ الكفاءاتِ التي تُوازِي مَعَايِيرَها الدّقيقةَ، والتي لا مكانَ فيها للمُجَامَلةِ، أو الأخذِ بغيرِ أصْحابِ العَطَاءِ الأفْضَلِ نحوَ الفوزِ بها، والتّقدمِ إلى منصّةِ الاحتفاءِ والتكريمِ كقِمّةٍ من قِمَمِ التقديرِ والعرْفانِ على مستَوى العَالَمْ.
هذا غَيْضٌ مِن فَيْضِ كُنُوزِ ضَيْفنا الكبيرِ، الذي عُرِفَ عنه الجِدُّ والاجْتِهادُ والحِرصُ على أدقِّ التفاصيلِ مع المتَابعةِ الشخصيةِ لكلِّ صغيرةٍ وكبيرةٍ دونَ أنْ يُؤثرَ ذلكَ في إدارتهِ لوقتهِ وَفْقَ أرْفعِ الأُسسِ الإداريةِ العَصْرِيّةِ.. ودونَ أنْ يُقلّلَ مِن تَفْويضهِ صلاحياتهِ لمعاونِيهِ فِي مَنْظُومَةِ الأعْمالِ الكبيرةِ المَنُوطَةِ بهِ في مُخْتلَفِ حُقولِ العَطاءِ.
مرةً أُخْرى أُرحِّبُ بضيفِنا الكبيرِ، مُثمّناً معكم تَفَضُّلَهُ بهذَا التّواصلِ الذي نَعْتزُّ به، سائلاً اللَّه سبحانَه وتعالى أنْ يوفِّقَهُ ويُسدِّدَ على طريقِ الخيرِ خُطَاهُ، وأنْ يجْمَعنا به دائماً على طريقِ الكلمةِ والعملِ لِما فيهِ مصلحةِ الوطنِ الحبيبْ.
ويسعدُني أنْ نلتقيَ الأسبوعَ القادمَ بمشيئةِ اللَّهِ بمعالِي الأديبِ والشاعرِ الموريتانيِّ الكبيرِ الأستاذِ أحمدو ولد عبد القادر، لِنحتفي بشقِيق من أقْصَى المغرب العربِي، ونَتَبَادلَ شجونَ وشؤونَ الأدبِ في تلكَ الديارِ التي إنْ شَطَّ المزَارُ فهي في وجدانِنا دائماً مكانُ تقديرٍ ومحبةٍ.. إلى لقاء يتجدّدُ وأنتمْ بخيرْ. والسلامُ عليكم ورحمةُ الله.
الشيخ عبد المقصود خوجه: الزميل اللواء عبد القادر كمال أرسل إلي قصاصة راجياً أن تكون كلمته في البدء لارتباطه بالذهاب إلى المطار، فعذراً للجميع لأنني سأقدّم كلمته على باقي الكلمات. فليتفضل.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1033  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 81 من 235
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.