شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الأستاذ مصطفى عطار ))
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إنها لليلة جميلة جداً مضمخة بالوفاء عامرة بكل معنى من معاني التكريم، والاثنينية عندما تختار أمثال المربي الجليل الأستاذ عبد الله بغدادي إنما تسير مسيرتها الكريمة التي قلَّ أن تسير فيها على هذا النحو العالي والشأو الكبير في هذا التكريم، ومن سبقني خصَّ الأستاذ عبد المقصود فهو أتى على كثير من النقاط التي كنت أريد أن أتعرض لها في كلمتي، وقديماً قيل: "ما ترك الأول للآخر شيئا"، الأخ عبد المقصود لم يترك شيئاً حتى تعرض لكتاب الموسوعة الذي ألّفه الأستاذ عبد الله وهو يعتبر من أفضل وأوفر الكتب التي كتبها ليس عن التربية في المملكة العربية السعودية بل عن الفكر وفلسفة التربية الإسلامية الحقة بعيداً عن أي تأثير من التربية الأرستقراطية والأمريكية وما أشبهها من المدارس الحديثة، ولا غرابة في ذلك فأستاذنا المربي الجليل عبد الله بغدادي هو ابن مكة البار، ومنزله مطلٌّ على الحرم الشريف، حرم مكة المقدسة، وأيضاً حينما يشاء الله أن يُبتعث لم يذهب شمالاً ولا يميناً ذهب إلى كلية دار العلوم، هذه الكلية العظيمة التي جمعت بين الأكاديمية وبين التعليم الأصلي أو التعليم الشرعي.
الدكتور طه حسين رغم أنه من عُمَدِ جامعة القاهرة.. هو عميد كلية الآداب كان يفضل خريجي كلية دار العلوم حينما يختار أحداً كمعيد أو كأستاذ.. لماذا؟ لأن كلية دار العلوم كما قلت من الكليات المرموقة التي وُضِع أساسها على أن تكون كلية على أعلى مستوى، ونرجو بهذه المناسبة من فضيلة الأستاذ المربي الكبير الشيخ عبد الله بغدادي أن يتحفنا بذكرياته مع كبار الأعلام من أساتذة كلية دار العلوم، خاصة صديقه الحميم الشاعر الكبير الأستاذ الجليل المربي علي الجارم، لأن له ذكريات عظيمة يحكيها لنا دائماً، فأخي عبد المقصود ومعالي الدكتور محمد عبده يماني و معالي الدكتور رضا عبيد ما شاء الله يملكون زمام الكلمة ويرتجلون الحديث ارتجالاً، فأنا طويت كثيراً لكنني لم أستطع أن أطوي هذه الكلمة القصيرة التي كتبتها عن كتاب أستاذنا الجليل المربي الأستاذ عبد الله بغدادي، قلت: تحية كريمة له على كتابه الرائع "الانطلاقة التعليمية في المملكة العربية السعودية" لما حواه من ثروة علمية في تاريخ التربية، وجهود علماء المسلمين في وضع فلسفة تربوية صداها وحكمتها مقاصد الإسلام، وفكره عقيدة وشريعة، لما احتواه من رائع القول وصادق الرأي، ودسامة المعلومات وحسن الاستنباط وبراعة الاستدلال وحكمة الاقتباس، إن الكتاب بحق تسجيل أمين للانطلاقة التعليمية في بلادنا، لكن ليس تسجيلاً تاريخياً صامتاً، إنما كما أشار المؤلف أرجع تلك الانطلاقة لأصولها وجذورها، فهو أولاً: استعرض بعض الصفحات المشرقة من تراثنا التربوي الإسلامي الفذ ورصد مراحل تطوره عبر تاريخ التعليم؛ وذلك لأن التعليم في المملكة يقوم على فلسفة التربية الإسلامية، كما أنه يعرض لسير أعلام التربية الإسلامية الشامخين ومن خلال ترجماتهم صال وجال في مدارسهم الفكرية والتربوية، في محاولة جادة لعقد المقارنات وتسليط الضوء على ما امتاز به فكر كل منه، وقد هدف المؤلف من هذا الاستعراض والدراسة إلى التعريف بتراثنا التربوي والدعوة للبناء عليه، بدل التشدق للتربية الخلقية والمدارس التربوية الحديثة.
ومن المعالم البارزة في دراسة الأستاذ البغدادي العظيم إشاراته ونقله لآراء جملة من الباحثين الأعلام ونصه على أن الأبحاث التربوية انبثقت من البحوث الفكرية للعلماء المسلمين الفقهاء، ومما جاء في قوله: إن حركة التنظيم التربوي ولدت على أيدي هؤلاء الفقهاء بدءاً بابن سحنون وانتهاءً بابن خلدون، وإن أول كتاب عربي في التربية والتعليم ألَّفه فقيه مالكي هو محمد بن سحنون التنوخي القيرواني في أواسط القرن الثالث، وهو كتاب "آداب المعلمين" أول رسالة تعليمية في الإسلام "التاريخ الإسلامي" لم يسبقه إليه أحد، كما أنه أشار إلى أن من علماء المسلمين الفقهاء: برهان الإسلام الإمام الزرنوقي من علماء القرن السادس الهجري، الذي اقتحم ميدان الفكر العلمي النفسي التربوي لكتابه المشهور "تعليم المتعلم طريق التعلم" الذي كان من تراثنا الإسلامي في مادة الالتقاء العلمي بين أوروبا وحضارتنا.
ومن إسهاماته الكتابة المتميزة ترجمته إلى مجموعة من المربين المحدثين في بلادنا ترجمة قيِّمة، أغناها المؤلف بالمعلومات التي اكتسبها من المعاصر لأولئك الأعلام، وقد بلغت سبعة وستين ترجمة، أساتذة الحرم مشايخنا الكبار رجال التربية.. كله مسجل لهم وبطبيعة الحال كانت له علاقة خاصة بهم.. فأعطانا معلومات قيِّمة جداً عن هؤلاء الأعلام. كما أنه ترجم للمربين الفقهاء ترجمات فيها استعراض لتوجهاتهم الفكرية من خلال مصنفاتهم، وبكلمة واحدة هو كتاب قَيِّم بكل المقاييس ويُعَدُّ مرجعاً هاماً ودليل مواصلة التعليم في بلادنا وبرامجها التعليمية، ويرجى في طبعاته التالية مراعاة تجديد الإحصائيات وإضافة المؤسسات الحديثة التي استحدثتها وزارة التربية والتعليم الناهضة، وبلغت صفحات الكتاب أكثر من ألف وستمائة في ثلاثة مجلدات.
وأخيراً كما كان لأستاذنا الأستاذ المربي الجليل عبد الله بغدادي أن ينوب عن أساتذته في العمل، فهو ناب عن الأستاذ الجليل أحمد العربي مدير مدرسة تحضير البعثات من وظيفة مساعد مدير المدرسة إلى أن تولى زمام المدرسة العظيمة أول مدرسة ثانوية أنشئت في العهد السعودي، وكان لهذه المدرسة والمعهد العلمي السعودي نشاط بارز، وكان هناك ملتقى ومنتدى أدبي أسبوعي يحضره كبار الأدباء ويحاضر ويتحدث فيه كثير من الشعراء ومن الكتاب، وأمامي كتاب ذكريات "نصف قرن" للأستاذ عبد الله القرعاوي، هذا وكثير من أعلام الوزراء كلهم كانوا في مدرسة تحضير البعثات يرعاهم المربي الكبير الشيخ الجليل السيد أحمد العربي، وخلفه أستاذنا الأستاذ عبد الله بغدادي، وكنت أنا أحد الطلبة الذين شاركوا في المسامرات الأدبية كطالب في المرحلة المتوسطة وكثير من الوزراء.. طبعاً معالي الشيخ حسن وزير التعليم العالي كان من الطلبة المشاركين وكل الوزراء تقريباً البارزين أمثال الأستاذ إبراهيم العنقري.. حسن المشاري.. ومجموعة أخرى، فبارك الله فيه ومن يعمل في هذا السبيل وفي هذا الأسلوب العظيم. وشكراً لأخي الأستاذ عبد المقصود خوجه، الذي كثيراً ما يمنعنا ويكاد يستعمل عصاه التي يحملها بألا تثنوا علي.. بألا تقولوا شيئا عن الاثنينية.. فهي منكم ولكم ومن أجل هذا لا أريد أن أتحدث عن الاثنينية وأفضالها وما أسدته للفكر وللتاريخ.. تاريخ المملكة السعودية والتاريخ الشفوي للمملكة العربية السعودية حينما جاءت لجنة من اتحاد الجامعات الأمريكية لتقييم جامعة الملك سعود في الرياض طلبت من ضمن النقاط التي يجب أن تُعنى بها الجامعة أو عمادة شؤون المكتبات الاعتناء بالتاريخ الشفوي، فالآن أستاذنا عبد المقصود سبقهم وكرم أعدادا كبيرة جداً من العلماء والأدباء الذين ما كنا نصل إلى ما لديهم من معلومات ومن مؤلفات لولا فضل الله ثم الاثنينية، لكن ولله الحمد ورث هذا المجد عن والده وعن والده أيضاً عبد الله بالخير وهما أوّل من ساهما وعملا على موسوعة للأدب الحجازي في وقت مبكر وذهب الأستاذ الشيخ عبد الله بالخير لمصر ليطلب من الدكتور محمد حسين هيكل الكاتب المصري الكبير ومؤلف حياة سيدنا محمد وأبو بكر وعمر الفاروق وهو من زعماء مصر ذهب له ليكتب المقدمة وكتبها فكانت رائعة فحمداً لله.. الأبناء يتبعون الأولاد والأولاد يتبعون الآباء وكان أبوهما صالحاً، والله يثيب الجميع ونشكركم على إصغائكم وآسف أنني لم أستطع أن أقول كثيراً عما أعرفه عن الأستاذ عبد الله بغدادي، لكن ولله الحمد معالي الدكتور رضا عبيد والشيخ الدكتور محمد عبده يماني لا يعلى عليهما في مكارم الأخلاق...
وجزاكم الله خيراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
 
الشيخ عبد المقصود خوجه: يا أستاذ مصطفى أنا أحمل هذه العصا للدفاع عن نفسي... ولدي مداخلة صغيرة: لا شك أن الصالونات الأدبية فيما يُسمى بالـ "البعثات السعودية" آنذاك كان لها دور بارز وعطاء مثمر.. وأول ما بدأت الصالونات الأدبية في مكة المكرمة في "البعثات السعودية" وفي مدارس الفلاح وكنا نحن طلابها واتصل الطرفان ببعضهم البعض وكانا يتبادلان المعلومات للعمل للأحسن، وقد عشت هذه البدايات في آخر فترة للتعليم في الفلاح وأحببت أن أقول ذلك للتاريخ.
 
النقطة الثانية: - مقدمة كتاب "وحي الصحراء" التي كتبها هيكل، فأقول للتاريخ أن أستاذي وموجهي الشيخ عبد الله بالخير ووالدي ولهما فضل كبير علي فكان لإقناع الأستاذ هيكل بكتابة المقدمة دعاه إلى الحج إلى مكة المكرمة والدي وذهب معالي الشيخ عبد الله بالخير بعدما أُعدت الكلمة، وأيامها لم تكن هنالك تليفونات ووصلهما الخبر بانتهاء هيكل - رحمه الله - من كتابة المقدمة، فوالدي بفرحته بهذا الفتح آنذاك ولم يكن هناك اتصال بين كبار كتَّاب مصر والمملكة العربية السعودية، فتقديراً للرجل ذهب معالي الشيخ عبد الله بالخير ليستلم المقدمة بيده ويطبعها في المطبعة، هذا يدل على المساحة الكبيرة التي كانت بين أهل الفضل والعلم فكان الواحد منهم ينتقل من مكان لآخر ليتلقى علماً خاصاً على يدي شيخ معين، وما جاء في استقصاء البخاري رحمه الله لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يضرب أكباد الإبل للتأكد من صحة حديث أو راوٍ، وإن شاء الله سبحانه وتعالى يجعلنا نسير على طريقه وشكراً جزيلاً.
 
عريف الحفل: نحيل الميكروفون الآن إلى سعادة المربي الأستاذ عليوة خضر القرشي، مدير التربية والتعليم في العاصمة المقدسة..
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :614  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 56 من 197
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.