شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الدكتور عبد الخالق الزهراني رئيس قسم الأدب
والبلاغة والنقد بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ))
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحابته أجمعين أما بعد:
تحية طيبة نهديها لكم من طيبة الطيبة مهد الرسالة ومثوى خير البرية، من أنفاسها العطرة، وثراها الطاهر، وبقاعها الندية، وأفيائها الحانية، وشكر وتقدير نرفعه للأستاذ الكريم عبد المقصود خوجه الذي قدر الأدباء حق قدرهم فكرمهم نسأل الله أن يكرمه وأن يجزيه خير الجزاء...
وأشكر لكم أيها الحاضرون جميعاً وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم لكل خير...
واسمحوا لي أن أهنئ أستاذي فضيلة الدكتور عبد الباسط بدر بهذا التكريم وأن أوجه له هذه الكلمة التي تذكرت فيها عمله في الجامعة الإسلامية منذ أن كنت طالباً إلى أن أصبحت مدرساً في هذه الجامعة، فقد صحبته طيلة وجوده في هذه الجامعة فأقول له: أستاذي الكريم أرجو أن تعذرني أن لم تجد فيما أسطره ما كنت تأمله وترتقبه أيام كنت على مقاعد الدراسة، فإنني أحسب أن جذوة من موهبة كانت لدي قد حالت الأيام دون نمائها، فقد كنت أحلم بتنميتها حتى أراها واهية لا تطفأ، ولكني حين خرجت إلى الحياة العملية زاحمتها أمور كثيرة، فأخذت في الخفوت حتى انطفأت أو كادت، فهل العمل الأكاديمي يتعارض مع الإبداع، أو أن قدرات الناس تتفاوت فمنهم من لا يعيقه هذا العمل، ومنهم من يقف حاجزاً أمامه مثلي.
أستاذي الكريم لم استطع أن أجاريك فأنت لم تزل كما عهدتك جلداً صبوراً، دؤوباً في العمل، وكأنك تجد متعة في المشقة والسهر، أما أنا فلم أقدر على التوفيق بين أعباء الحياة والعمل والتدريس والبحث والإبداع حاولت أن أستلهم شيئاً من نشاطك، وأستعيد ذكراك في الجامعة وأنت كوكب يسطع ضوؤه في كل مكان، حاولت أن أكون مثلك فأبرز في جميع الأعمال فوجدت تشعباً في المسارب يحتاج كل مسرب منها إلى حياة كاملة، أما أنت فقد جمعتها في حياة واحدة، رأيتك في قاعة الدرس عَلَمَاً يجلك الطلاب فأنت لديهم كممدوح الفرزدق الذي:
يُقضِي حياءاً ويُقْضَى من مهابته
فما يُكَلَّمُ إلا حين يبتسم
أتذكر كل تلك الساعات التي تمر كلمح البصر، بينما الطلاب يركضون خلفك زرافات في مناقشة لا تنقطع، وأنت الذي زرعتها فيهم سعياً إلى الوصول إلى النتائج المرضية والمقنعة، ولا يحول بينك وبين مناقشتهم إلا عمل آخر أو درس يصرفهم عنك، كانت قاعة الدرس تتحول إلى ملتقى أدبي يضم ثقافات متباينة ورؤى مختلفة في الأدب والنقد، ولكل طالب لغة أخرى يجيدها غير العربية، وثقافة أدبية غير الأدب العربي، ومنهم من كان يجيد الفرنسية أو الإنجليزية أو الإسبانية بالإضافة إلى لغته المحلية ولذا كانت قاعة الدرس مسرحاً للرؤى الأدبية تحتاج إلى صاحب بصر وأناة وعلم فكنت ذلك الرجل، لما أشاهده من حرص على دروسك وتقدير لك بين الطلاب وارتياح لما يتوصلون إليه من نتائج، زرعت في طلابك حب الحوار والسعي إلى الفائدة دون التمسك بالرأي أو الإصرار عليه وزرعت فيهم احترام الرأي المعارض وصاحبه، فمنحتهم الثقة بأنفسهم، إنني أتذكر تلك الساعات التي كنت تلقي فيها علينا محاضرات في الأدب المقارن وأهميته، وما كنت تدعو إليه من اطلاع على آداب الأمم الأخرى، وما تدعو إليه منا انفتاح واعٍ يأخذ ويدع ببصيرة وفطنة، ولم تكن متجافياً عن تلك الآداب محذراً منها أو معرضاً عنها، ولم تكن داعياً إلى الانكباب عليها جملة وتفصيلاً، بل كنت معتدلاً وسطاً توصي بأخذ النافع، والمسلم لديه من الثوابت ما يستطيع أن يجعلها ميزاناً نافذاً، وفي كتابك: مذاهب الأدب الغربي رؤية إسلامية وإن لم يكن في الأدب المقارن نظرة واعية تؤكد منهجك وتؤصله، ففيه على صغر حجمه فوائد جمة، وهو مناسب للطالب الجامعي فيه تركيز واختصار غير مخل، وفيه نظرة موضوعية معتدلة، وإن كنت أرجو أن تجد من الوقت ما يسمح لك بإعادة النظر فيه مرة أخرى فتبسط في مباحثه، وتضيف نماذج من أدب أعلام كل مذهب حتى تتبين مواطن الإضافة فيه.
أستاذي الكريم لقد عرفناك - نحن طلاب الجامعة الإسلامية - داعياً إلى الأدب الإسلامي شارحاً لنظريته مدافعاً عنه، كانت محاضرتك في الأدب الإسلامي على ما فيها من حماس للفكرة متزنة، فلم يجعلك الحماس مصادراً لكل رأي مخالف أو سؤال متعنف، بل كنت في حوار هادئ تسعى إلى الإقناع، وقد كان كتابكم مقدمة في نظرية الأدب الإسلامي رفيق دربك يشرح فكرتك التي تدعو إليها ويدلل على حاجة الساحة الأدبية إلى وجود الأدب الإسلامي نظراً لما تراه من اعتناق بعض الأدباء أفكاراً ملحدة يبثونها في أدبهم ويدافعون عنها، وحين نغادر قاعات الدراسة نجدك في الأنشطة الطلابية مشرفاً وموجهاً يتهافت الطلاب على ناديك "النادي الثقافي"، الذي كان يحتضن المبدعين من طلبة الجامعة وقد كانت إبداعاتهم كثيرة كعددهم؛ منها الشعر والقصة والمسرحية والمقالة والنقد، وكنت كما عهدناك لا تسأم من هذه الكثرة ولا تفتر من العمل في كل وقت توجههم توجيهاً سليماً يضمن لهم بناء ملكاتهم الأدبية، وقد كنت تقرأ لكل واحد منهم وتقف وقفات طويلة تدفعه إلى المزيد وتبين له الطريق الصحيح، حتى ظن كل واحد منهم أنه الأثير لديك وما دروا أنهم جميعاً كذلك، وهل تدري كم موهبة بنيتها؟ وكم أديب أعددت؟ وكم ناقد سددت.
أستاذي الكريم كنت أراك شعلة من النشاط فحين تكون في رحلة طلابية أو مخيم نجدك تثير في الطلاب نشاطاً أدبياً مميزاً، نسمع من خلاله القصيدة والقصة والنقد وغير ذلك، وأما الإشراف على الرسائل الجامعية الذي أخذ منك وقتاً ليس بالقصير فقد وجدناك تحرص فيه على بناء شخصية الباحث العلمية والأدبية. كنت كثير المناقشة لما يكتب، شديداً في تحري الدقة والبحث عن المعلومة وتوثيقها من مصادرها الأصيلة مما كلف الباحث ذلك من تعب ومشقة، ولكنك لا تفرض عليه رأياً فيخرج من بحثه وقد وعى مناهج البحث السليمة ويصدر عن وعيه ما يكتب ويكون مطمئناً إلى عمله، أستاذي الكريم: ومع هذه الأعمال الكثيرة المجهدة التي لا تكاد تدع لك وقتاً كنا نطالع لك بين الحين والآخر مشاركات في بعض الصحف والمجلات وفي برامج الإذاعة والتلفزيون. ونجدك في قاعة المحاضرات الكبرى بالجامعة محاضراً في قضايا الأدب والنقد وفي رحاب النادي الأدبي محاضراً أو مناقشاً مثرياً بمداخلاتك وآرائك، ولقد فاجأتنا جميعاً حين أخرجت تاريخ المدينة الشامل مع ما نراه لك من أعمال كثيرة تستغرق منك وقتاً طويلاً، والكتاب مليء وواسع يشمل تاريخاً طويلاً، فهل كنت ترى أن هذه الأعمال جميعاً مما يجب على الأستاذ الجامعي أداؤها؟ ولذا ألزمت نفسك بها جميعاً أو أنك ألزمت نفسك شيئاً ليس يلزمها؟ أو:
بصرت بالراحة الكبرى فلم ترها
تنال إلا على جسر من التعب
 
أو لديك نفس عظيمة:
وإذا كانت النفوس كباراً
تعبت في مرادها الأجسام
أو صحبتك العزيمة التي تتصاغر أمامها كل صعب: وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.
وإني أحسب أن الله منحك هبة فيها الإرادة والعزم وما أعظم هبة الله، فأسأله وهو الكريم أن يزيدك توثيقاً ونشاطاً وأن يرزقنا جميعاً الإخلاص في القول والعمل...
وصلى الله على نبينا محمد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
عريف الحفل: الحقيقة هذه رسالة من ثلاثة أسطر موجهة إلى الشيخ عبد المقصود من الشيخ حسن علي الصابوني يقول فيها لا بد من التأكيد على الالتزام بالدقائق السبع فالعميد يجب أن يكون من حديد ورفقاً بالقوارير من أهل مكة وشكراً.
عريف الحفل: الكلمة الآن لسعادة الأستاذ المربي والموجه التربوي الأستاذ محمد إياد الحسيني.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :435  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 44 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.