شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مدرسة المؤرخين الإنجليز الجدد وجريمة الرأي
يبدو أن موضوع المحرقة النازية The Holocaust ، بدأ يأخذ منحىً جديدًا، وبما يمكن أن يطلق عليه المدرسة الغربية الإنجليزية الجديدة، إزاء ضحايا الهولوكوست. فمنذ عقد من الزمن وأكثر والمؤرخ الإنجليزي ديفيد إيرفنج David Irving يحاول أن يصل عن طريق دراسات علمية وشهادات حية وموثقة عن حجم ضحايا هذه المحرقة من اليهود، حيث بالغت المؤسسات الصهيونية في عدد الضحايا اليهود، كما جعلت المحرقة شأنًا مقدّسًا من حيث أنه يخص اليهود وحدهم، ولا يجوز الاقتراب منه، أو مناقشة مضمونه، كما جعلت هذه المؤسسات عن طريق بعض وسائل الإعلام الغربي المكتوبة أو المسموعة، جعلت كل المذابح الأخرى والتي استهدفت شعوبًا أخرى غير اليهود أمرًا يسيرًا، ولا يحق لأحد أن يقارنه بالمحرقة النازية، مع أن الأمر كما يقول المفكر الفرنسي المعروف روجيه جارودي يتناقض مع حقائق التاريخ.
ويوضّح جارودي الأمر علميًّا فيقول: "لم تكن الهجمة النازية مجرد (مذبحة) واسعة النطاق استهدفت اليهود في المقام الأول، أو استهدفتهم وحدهم، وهو الأمر الذي تحاول بعض الدعايات أن ترغمنا على تصديقه، بل كانت بالأحرى كارثة إنسانية، إلاَّ أن ثمة سوابق عديدة لها، فلقد اتبع (هتلر) في تعامله مع البيض نفس النهج الذي اتبعه المستعمرون البيض منذ خمسة قرون مع (الملوّنين) من الهنود الحمر في أمريكا الذين كان عددهم 80 مليونًا، أُبيد منهم 60 مليونًا." [انظر: الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية، تقديم الأستاذ محمّد حسنين هيكل، دار الشروق، ط3، 1420هـ - 1999م، ص203 ] .
وإذا كان كتاب جارودي الذي يتعرّض للمحرقة مناقشًا ومفنّدًا أحداثها بشهادات غربية ويهودية قد رفضت نشره دور النشر الفرنسية، بما يعكس تناقضًا واضحًا مع مبدأ حرية النشر الذي يفتخر الغربيون بأنهم سادته وصانعوه، ليحلّ محله مصطلح (جريمة الرأي)؛ فقد بدأت مؤسسات غربية -خوفًا من اللوبي الصهيوني-باتخاذ موقف عدائي من جارودي منذ انتقاده للسياسة الإسرائيلية، وربط ذلك بالمنطلقات الأساسية للحركة الصهيونية، وتمثّل هذا النقد الموضوعي في كتابه الموسوم "قضية إسرائيل "، والكتاب طبعته الإنجليزية يحمل اسم "The Case of Israel"، وصدر عن دار الشروق العالمية سنة 1983م، وصدر بالعربية باسم ملف إسرائيل.
نعم.. إذا كان هذا مصير جارودي الذي لاقى عنتًا كبيرًا فيما يُسمّى بعاصمة النور لتعرّضه بالنقد للمفردات والمفاهيم العنصرية التي تشتمل عليها الحركة الصهيونية، فإن باحثًا فرنسيًّا آخر هو هنري روكيه أعد رسالة لِنَيل درجة الدكتوراه أثبت فيها تناقض بعض التقارير الخاصة بالمذابح اليهودية على أيدي النازيين، وأجيزت الرسالة لِنَيل الدكتوراه بتقدير جيد جدًا، سنة1986م؛ إن الأمر كما يذكر جارودي" لم يمضِ بسلام؛ فقد بدأ البحث عن ذرائع إدارية، مع أن كل الإجراءات التي اتبعها روكيه كانت صحيحة، وتحت هذه الذرائع الملفّقة تقرر إلغاء درجة الدكتوراه التي مُنحت لهنري روكيه، وبعد ذلك مباشرة اتخذت الجمعية الوطنية الفرنسية قانونًا يحظر مناقشة قضية الهولوكوست جملة وتفصيلاً".
أخيرًا انضم إلى مدرسة إيرفنجIrving الإنجليزية قس كاثوليكي بريطاني يُدعى ريتشارد ويليام صن Richard William Son ، وقد أعاد تأهيله لمنصبه الديني بابا الفاتيكان (بيندكت السادس عشر)، وذلك بعد أن رفضته الكنيسة الكاثوليكية لهذا المنصب الدِّيني منذ عام1988م؛ بسبب تصريحاته المشككة في عدد ضحايا المحرقة. ويذكر القس الإنجليزي ويليام، حسب دراسات أجراها، أن العدد الإجمالي للضحايا لا يتجاوز ثلاثة ملايين نسمة، بينما تصر المؤسسات الصهيونية بأن عدد الضحايا يصل إلى ستة ملايين نسمة، والهدف من المبالغة في عدد الضحايا هو ابتزاز الشعوب الغربية معنويًّا وماليًّا وسياسيًّا، وكانت تصريحات القس ويليام لقيت معارضة شديدة من الجالية اليهودية الألمانية، والتي أقدمت على خطوة غير مسبوقة، وهي قطع علاقاتها مع سلطة الفاتيكان الدينية، ويبدو أن "ويليام" وجد نصيرًا له في شخصية إحدى الزعامات الإيطالية وهو Abrahma, wicz Floriana الذي أقدم على تصريح خطير لم تعهده المؤسسات الصهيونية من قبل، وهو أن غرف الغاز كانت موجودة أثناء الحرب العالمية، ولكنه من غير المؤكد إذا ما كانت استخدمت تعذيب وقتل الآخرين أم لا.. مضيفًا أن الحلفاء الغربيين أثناء الحرب كانوا يحصلون على معلوماتهم من القيادات اليهودية الألمانية؛ ممّا يعني أنها ليست جهة محايدة، وقد كانت الصدمة أكبر عندما تبيّن أن والد هذه الشخصية الإيطالية المعروفة، والتي انضمت لمدرسة المؤرّخين الجدد المتخصصة في قضايا الهولوكوست هو "يهودي"، مذكّرًا في صراحته بشخصيات يهودية غير صهيونية كانت توجّه نقدًا لاذعًا للحركة الصهيونية وذراعها العسكري"الكيان الإسرائيلي"، مثل الناشط اليهودي الراحل، وداعية السلام إسرائيل شاحاك Shahak Israel. [عن قضية القس البريطاني ويليام انظر العدد الأسبوعي من صحيفة الديلي تلغراف 5 -11 فبراير 2009].
ولعل الخطوة الأكثر جرأة التي أقدمت عليها هذه الشخصية الإنجليزية الدينية، والتي ترتبط بعلاقات وثيقة مع المؤرخ إيرفنج هو رفضها للخطوات التي أقدمت عليها الكنيسة الكاثوليكية في الستينيات الميلادية، وهو يشير بهذا إلى اعتذار الكنيسة لليهود عن حوادث تاريخية معقدة مثل الرأي المسيحي التوراتي الزاعم بأن اليهود كانوا وراء اختفاء شخصية المسيح، ويبدو أن هناك تخوفًا كبيرًا إزاء هذه القضية أبداه نواب بريطانيون، وخصوصًا من داخل المؤسسة العمالية التي ترتبط برباط فكري وثيق مع الحركة الصهيونية العالمية، منذ قيام الكيان الإسرائيلي عام1948م.
كما أن الوزير العمالي المكلّف بالملف الاجتماعي "صديق خان" انتقد خطوة بابا الفاتيكان بقبول ويليام كمرجعية دينية كاثوليكية، مع أنه -أي ويليام- لا يعيش في بريطانيا، ولكن في الأرجنتين، كما أعلن كبير حاخامات بريطانيا قطع علاقاته مع "الفاتيكان"، ومع أن ردة الفعل كانت قوية داخل بريطانيا وخارجها حول قضية التشكيك في ضحايا المحرقة من قِبل رجل دين مسيحي كاثوليكي، إلاَّ أن المؤرخ البريطاني إيرفنج الذي سبق له أن سُجن في النمسا بسبب آرائه الجريئة حول المحرقة، أقدم على خطوة جريئة باستقباله لهذه الشخصية المثيرة للجدل، معلنًا انضمام ويليام لما اسماه إيرفنج علنًا برابطة المستقبل، وهو ممّا يشير إلى نشوء مدرسة المؤرخين الغربيين الجدد.
 
طباعة
 القراءات :201  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 28 من 100
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء العاشر - شهادات الضيوف والمحبين: 2007]

وحي الصحراء

[صفحة من الأدب العصري في الحجاز: 1983]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج