شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة المحتفى به الدكتور السيد محمد علي البار ))
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى، والصلاة والسلام على خيرته من خلقه وآله وصحبه أجمعين... الحقيقة، أبدأ بشكركم جميعاً ولكن شكري الخاص لصاحب الاثنينية الداعي الكريم الأديب العالم الشيخ عبد المقصود خوجه، الحقيقة هو وسام لأبناء مكة المكرمة البررة، نشأ فيها ودرس فيها وتعلم على أيدي مشايخها وعلمائها ومنها بدأ، من ينابيع الخير فيها، وشكري للأخوة الكرام الذين تحدثوا عن بعض ما كتبته وأطنبوا جزاهم الله خيراً، وظنوا خيراً، وشكري موصول لكم أيضاً جميعاً حضوركم وتكريمكم، وعندما طرح فضيلة الشيخ عبد المقصود خوجه فكرة تكريمي قلت له إن الشخص لا يكرم عادة إلا بعد الثمانين، أو بعد رحيله ولكنه جزاه الله خيراً أعطاني أكثر مما أستحق فأنا لا أستحق كل هذا التكريم وهذا الحب كله والود كله.
أيها الإخوة الكرام أنتم تعلمون أن قلم الرصاص والفحم والألماس كلها مكونة من مادة واحدة بسيطة، هي الكربون، ما الفرق بين الفحم الذي لا يصلح إلا للنار وبين الماس، الماس المنير والمادة القوية؟ ما الفرق؟ الفرق أن ذرات الكربون مشتتة وتائهة في الفحم فلا يكون إلا مظلماً، بينما ذرات الكربون في الألماس منسقة تنسيقاً دقيقاً في إتجاهات هندسية رائعة متطابقة تعطيه القوة وتعطيه الصفاء وهذا النقاء، الإنسان كذلك، ما الفرق بين الملحد والمؤمن، إنه مادة واحدة جينات واحدة، وراثة واحدة، ولكن الله سبحانه وتعالى يميز بين المخلوقات ويختار وما لهم الخيرة، وبقدرة الله تعالى تحولت هذه الذرات من الظلمات، من الشتات، واتجهت كلها لاتجاه واحد حتى تضيء، هذه الوجوه النيرة.
الأشياء التي نسمعها والتي رأيناها في كثير من هؤلاء المشايخ الذين حملوا دعوة الإسلام إلى مشارق الأرض ومغاربها صفاء قلوبهم بنور الله سبحانه وتعالى وأصبحوا مثل الماسة تضيء بذاتها، يعني الله سبحانه وتعالى ضرب بنوره مثلاً اللَّهُ نُورُ السَّمَواتِ والأَرضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشكَاةٍ فِيهَا مِصبَاحٌ المِصبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ قالوا هذا مثل نور الله في قلب المؤمن، كيف انتشر الإسلام، وكيف وصل إلى أفغانستان وكازخستان وهذه المناطق، والصين وغيرها من المناطق؟ حمله رجال، قد يكون تاجراً وقد يكون عاملاً، إنسان بسيط، لكن قلبه منير، فينير بهذه النورانية التي تشع منه، فينجذب الناس لأن الناس فيها جانب الخير والشر، هناك في أمريكا ناس عندها ظلام مطبق وشتات وضياع ومع ذلك الإسلام يكتسب أنصاراً كل يوم، إن رحمة الله سبحانه وتعالى واسعة تسع الأمم كلها.
كانت هناك سيدة تعمل مع مجموعة من العرب، ما سمعت عن الإسلام شيئاً وعندما تعلمت استفزها ذلك، وهي مرتبطة بالكنيسة ارتباطاً وثيقاً، فأرادت أن تدعوهم وتخرجهم من هذه الوهدة وهذه المأساة التي يعيشون فيها ومن هذا الظلام الذي يعيشونه، فجاءت إلينا وكان بعضهم من المملكة شباب نضر خير، وأرادت أن تعرف عن هذا الكتاب الذي هو السبب في أن هؤلاء يرفضون دعوة المسيح، فأخذت تقرأ القرآن، والقرآن باللغة الانجليزية ليس قرآناً ولكنه معاني القرآن، لا يمكن للقرآن أن يترجم مطلقاً لأي لغة من اللغات مهما بلغ ذلك الشخص من الأدب أو من التمكن العلمي، وهذا واضح جداً عندما تقرأ أي ترجمة للقرآن الكريم، ولكنه مع ذلك يجذب الناس، واختلفت مع زوجها وذهبا إلى المحكمة وأخذ أطفالها منها، وذهبت إلى العمل محجبة فطردوها من العمل، وواجهت من المشاكل ما لا يتخيله إنسان وهي تقول إسلامي لا يمكن أن أفرط فيه ولو الدنيا كلها راحت، ابتلاها الله ابتلاءات كثيرة وأصابها السرطان ولم تجد حتى العلاج ومع هذا لم تر غير النور في كلامها وفي وجهها...
وكم من مئات الأشخاص الذين استطاعت أن تحولهم إلى الإسلام لقد فتح الله عليها فآمن أبوها وأمها وأخوانها، وزوجها أسلم، القرآن يحمي النفوس بطريقة لا تتصورها، شكسبير عند الإنكليز وبوشكين عند الروس من أكبر الأدباء مثل هؤلاء أديب روسي، أو شاعر روسي وجد ترجمة رديئة ولكن بهره القرآن، المعاني الموجودة رغم أن الترجمة سيئة جداً إلا أن القرآن بهرهم وتمنوا أن يكون لهم مثله، هذه القصائد ألقيت في العهد القيصري واستفزهم أحد الفرسان الكبار للمبارزة فقُتل، لكن هذا القرآن شيء عجيب، في العهد الشيوعي، تجد شعر بوشكين في كل مكان إلا شعر بوشكين الإسلامي، فلماذا لا نأخذ هذا الديوان وننشره على نطاق واسع، لأن بوشكين يستطيع أن يكتسح الآفاق بسهولة جداً، فهو من المعجبين باللغة العربية، وبالإسلام وبمحمد صلى الله عليه وسلم... تولستوي كان يعرف العربية معرفة ضئيلة، وجد ترجمة لأحد الهنود المسلمين لمجموعة من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، فأخذ هذه الأحاديث، وكما تعلمون فقد كان من الطبقة الأرستقراطية وتبرع بأرضه للفقراء والمساكين فعلياً، وعاش مع الفلاحين، قال لا يمكن لروسيا أن تنهض بدون تعاليم هذا الرجل، وقام بترجمتها، وظهرت على نطاق واسع وتقرر أن تدرس في كل مدرسة في روسيا حتى الآن، فإذا استطعنا أن نخرج هذه الكنوز وننشرها نحن، أليس هذا من جانب الجهاد؟
أنا أريد أن أقول إن الأديب في مجاله، الذي درس الأدب الألماني لماذا لا يترجم أحاديث الرسول وتترجم سيرته صلى الله عليه وسلم، لماذا لا تلقى الأضواء على هذه الأشياء وتوضح للشعب الألماني؟ الأدب الإنجليزي في مجموعات كبيرة مثل برنارد شو. وغيره، ومجموعات من الذين أسلموا وكتبوا عن الإسلام أو من الذين كتبوا عن الإسلام كتابات جيدة، المتخصص في الأدب الروسي أين هو؟ المتخصص في الأدب الفرنسـي أين هو؟ لماذا لا نخرج هذه الكنوز، القرآن مليء بالكنوز، المتخصص في أي مجال من المجالات يجد مادته في هذا القرآن، القرآن بحر ليس له نهاية، ما شئت من علوم تجده، ليس القرآن كتاباً في علوم الفضاء وليس القرآن كتاباً في الطب، ولكنه يضع الإشارات، ويضع النقاط البسيطة التي توضح هذه المعاني العجيبة، في كلمات قليلة يمكن ترجمتها وشرحها، وهذا ما بدأت تقوم به مجموعة من الأطباء وغيرهم ممن يعملون في المجال الطبي، وهيئة الإعجاز العلمي لها دور جيد في هذا المجال وتحتاج إلى تضافر جهود وإلى زيادة الأبحاث وتعميقها في كافة المجالات وهي دعوة إلى الله سبحانه وتعالى، كل واحد يستطيع أن يدعو إلى الله وأن يتمتع بهذه الكنوز المتعة الحقيقية الموجودة في القرآن الكريم، فَبِذَلِكَ فَليَفْرَحُوا هُوَ خَيرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ، يفرحوا بماذا؟ بالوحي والقرآن، سماه الله سبحانه وتعالى روح، فروح القرآن هذه هي روح الحياة وتعطي مفاهيم عجيبة جداً وتفتح آفاق الإنسان، وإذا استنارت القلوب بنور القرآن وبنور الإيمان، وبنور محبة الله سبحانه وتعالى ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم ومحبة الإسلام، ومحبة المسلمين تجدها تتحول إلى هذه الماسة العجيبة التي تنير، وتوضح الآفاق.
ولكن في العالم الإسلامي حالتنا كما أشار إليها أخي الكريم الأستاذ محمد علي دولة، حال سيئة جداً، وهو في الحقيقة له باع طويل في دراساته عن اليهود، وهو الذي أعطاني الكثير من المراجع التي لم تكن متوفرة عن دراسة التوراة ودراسة العهد القديم، والحقيقة مراكز البحث في الجامعات والمراكز الإسلامية عليهم ألا يهملوا الدراسات المقارنة، ما يسمى العهد القديم، ما يسمى التوراة، ما يسمى الإنجيل، بعض المستشرقين درسوا الإسلام وبعض دراساتهم الحقيقة فيها جهود جيدة، ولدينا الآن معجم الأحاديث النبوية وتستطيع أن ترجع لأي حديث بسهولة فهذا العمل عمل جبار وقوي، ترجمة معاني القرآن التي نشرت في بداية القرن والآن يعاد نشرها مرة أخرى، هذه جهود كبيرة جداً... ولكن العيب فينا فلماذا لا ننشر الكثير من الكنوز الإسلامية الحقيقية بهذا المستوى المليء بالعلم، للأسف كثير من الذين يدرسون اللغة العربية أو يدرسون الشريعة الإسلامية يدرسونها في الغرب، هل رأيت أحداً من الذين يدرسون اليهودية أو المسيحية يأتي ليدرسها عندنا؟ مستحيل - أو يدرس اللغة الإنجليزية عندنا؟ مستحيل - من المعقول أن ندرس بعض العلوم التي تقدموا فيها، ولكن أن ندرس لغتنا وديننا وتاريخنا في الغرب فهذا من الأسباب التي جاءت بالفصام الذي نراه بين طبقة المتعلمين.
عدد كبير من المثقفين وأساتذة الجامعات في بداية القرن درس في الغرب، وانبهر بهذا الغرب انبهاراً كاملاً وتعلم على أيدي المستشرقين وامتص قدراً كبيراً من السموم التي يبثونها، ورجع يطبق كل ما تعلمه هناك وأضاف إليه أيضاً من عنده... فلهذا وجدت الحركات العلمانية ووجد الأدب العلماني.
أحياناً تجد كلاماً غريباً من شعراء مشهورين، وتبلغ به الوقاحة أن يستهزئ بالذات الإلهية!! وكلكم تعرفون ذلك، فهذه الوقائع التي نراها على الساحة الإسلامية راجعة للانبهار بالغرب وأن ندرس ديننا أو ثقافتنا أو لغتنا العربية وتاريخنا الإسلامي على أيدي مدارسهم، وطبعاً أغلب مراكز الدراسات الإسلامية يتحكم فيها اليهود، ومن لهم صلة بهذا الموضوع يعرفون أن اليهود لهم دور كبير، فنحن محتاجون حقيقة لمعرفة هؤلاء الأعداء، وأن ندرس عقائدهم وتاريخهم، وأن نعرف مواطن الضعف فيهم، وليس هذا المطلوب فحسب، فأنت عندما تنظر إلى هؤلاء تستغرب الظلمات التي يعيشون فيها، نحن بنعمة من الله عندنا القرآن، وعندنا الأحاديث النبوية، وعندنا عقيدة نقية ما تلوثت، فقد حرفت دياناتهم، يحرفون الكلم من بعد مواضعه، فلا يوجد الآن من التوراة الحقيقية إلا آيات قليلة جداً تلمع مثل جوهرة في مزبلة، كنيسة سان بيتر التي يوجد فيها بابا الفاتيكان في روما جلس مايكل إنجلوست سنوات تقريباً وهو يرسم صوراً من العهد القديم، يرسم ماذا؟ يرسم الله رجل كبير ضخم له عضلات وشنب ولحية وعلى جانب آخر رفائيل وغيرهم. ولوحات كلفت الملايين، الله عندهم بشر!! حتى أنه يشم رائحة الشواء، عندما شم الإله رائحة الشواء قال لإبراهيم هذه الأرض لك، أرض كنعان لك ولنسلك أبد الآبدين، وفي مرة أخرى كان يعقوب يمشي في البرية فوجد الله!! وأخذ يتصارع معه!! سيدنا إبراهيم يريد أموالاً ليعطيها لفرعون، إسحاق نفس الشيء، هذه الصور البشعة، وصور الأنبياء القذرة التي تصورهم زناة، مثلاً داوود عليه السلام يزني بجارته ثم يعمل مؤامرة ليقتل زوجها ثم تأتي من ذريتها سليمان عليه السلام!! أنظر إلى الفظائع التي يعيشون فيها، ثم بعد ذلك يهاجمونا. أذكر مرة كنا في مؤتمر حضره أستاذ أمريكي كبير وتحدثت عن الإسلام ففرح وقال لي كيف في الإسلام تتزوجون اثنين وثلاث وأربع؟ قلت له أنت ما هي ديانتك؟ قال أنا يهودي، قلت له كم تزوج سليمان؟ لقد تزوج ألف امرأة... نحن عندنا أربعة ولكن أنتم عندكم ألف!! كما تزوج داوود؟ كم تزوج يعقوب؟ لقد تزوج أختين في يوم واحد وكم نسبوا لهم من الزنا والمصائب وكم وكم وكم!!! بعد أن أستمع إلى الموضوع قال أنا ما أهتم بالقضايا هذه والسلام عليكم... نحن لا نستطيع أن نفهم فلسفتهم وأسرارهم ولا يمكن أن نرد عليها بدون أن ندرس دراسة واعية معتقدات هذه الشعوب مهما كانت مليئة بالأكاذيب، وهم يحتاجون إلى توضيح ذلك، حتى أن قليلاً من اليهود قد تحول إلى الإسلام، وكثير من النصارى فعل ذلك، عندما عرضت عليهم الحقائق وشُرحت لهم، فالمسلم الحقيقي ينبغي أن يحمل إسلامه معه في كل مكان، وفي كل موقع، سواء كان مهندساً أو تاجراً، طبيباً، أديباً، في كل موقع من المواقع أنت صاحب رسالة، وأنت مسؤول أمام الله سبحانه وتعالى عن هذا الإسلام الذي ينبغي أن تحمله بين جنبيك، وأن تنشره، وأن تكون قدوة صالحة لنشر هذا الدين كما كان أسلافنا... والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :558  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 144 من 146
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج