شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عود.. على بدء (1)
أخي عبد الله (2)
عذراً وشكراً..
عندما تكون في حالة لا فرح فيها ولا ترح، كيف ترى نفسك؟
هذه الحالة تعتادني منذ زمن طويل، فأقعد، وقد فقدت فيها كل مشاعري وأحاسيسي.. كأني تمثال من الخزف لا روح فيه.. وقد نُصب للاستعراض.
هذه الحالة تطيف بي دائماً، وتعاودني حتى لكأنها وجدت فيَّ أرضاً صالحة للإخصاب، وعندئذ أصبح مثل تمثال "الحرية" الكاذب على مدخل مدينة نيويورك اليهودية.
وفي هذه الحالة أيضاً -يا أبا محمد- تبدو لي كل مناظر الكون، وبيني وبينها حائل من ضباب كثيف، حتى لقد يغم الروح.. وتبطل كل علاقات القلب بالآخرين، حتى لكأنهم يعيشون في فلك آخر.
ألم تمر بك هذه النوبة، ولو مرة؟
لا تكن برقاً ورعداً بلا مطر..! وعلى أنك في بالي دائماً -وإن شئت فبدل الميم باء!
ولكني تذكرتك اليوم، والجو ينذر بسحابة تنحط دفعة واحدة على الأرض!
ومنذ زمن فات أدب الرسائل الحقيقي والعميق الذي كان يتواصل باستمرار بيني وبين أساتذتي من أمثال: حمزة شحاته، وحسن عواد، وحسن كتبي، وعلوي مالكي، وطاهر زمخشري.. فهل ترى أن نعيد الكرة؟
ومع مطر سحاح، وخندمة أمامي، وأنا مع كل ذلك روح لا يجد له مستقراً.. تحيات كل هذا إليك.
عود على بدء!
الذي يلعجني ويؤلمني أن أكون في حالة لا ترح فيها ولا فرح!
الترح أتحمله بكل أثقاله، والفرح -وهذا نادر- أهش إليه، وأبش، مع ضيق في النفس.
لكن الحالة الوسطى بين بين، فهذه لا أطيقها، ولا أستطيع أن أحمل أمرها، على نفسي مبدئياً، ثم على أهل البيت، وتشتد معي حماقات في غير سبيلها، وأنا "كاشف الغطاء" في غير شيعية، لولا مودتي الخالصة لآل الرسول -زاده الله صلاة، وتسليماً..- حتى إذا قر بي القرار، جلس معي شيء يشبه الأسف، ولو كانت الأصابع تؤكل على الندم لأكلتها!
قد أكون ملتاثاً يلعب عقلي في مخ مثل مخ العصفور.. إني أعري نفسي عن كل بهارجها، وأنضو ثوبي لأبقى عارياً.
أنا ناقص، فما هي غاية الكمال المكتسب؟
ووجهي دميم، فأين أجد الجمال في الدنيا؟
الجمال في نفسك، إذا صحبتك نفسك خير صحبة، وما عدا ذلك فهراء!
والألم والترح، قد يوقعان برحاً لا يبرأ، وجرحاً لا يندمل.
كيف لا تفرح، ولا تترح، ثم تعيش بعد ذلك؟
الإحساس، اجعله تحت قدميك.
والشعور الصاخب لفه على يديك.
ثم تأمل في الدنيا فهل فيها ما يبهج؟
أما أنا فيا علقمة بن علاثة، كرر علينا قولك:
إذا ما تقاضى المرءَ يومٌ وليلةٌ
تقاضاه شيء لا يمل التقاضيا (3)
 
طباعة

تعليق

 القراءات :259  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 67 من 182
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.