يظهر أن القراء مترفون جداً، فإن الكثيرين منهم قالوا لي: يا لك من بخيل، ألا تضع مع الملح شيئاً من الجبن والزيتون والبقول؟
ولست أعتذر من بخلي؛ وإن كان الجاحظ -لحسن الحظ- لم يذكرني في كتاب "البخلاء" على أني رأيت بعض ملامحي في رواية (البخيل) لموليير -قاتله الله- كيف عرفني؟
ولولا أني أخشى على القرّاء من سوء الهضم واضطراب المعدة، لاستطعت بشيء من التقتير والجهد أن أجيبهم إلى طلبهم، وأعتقد أني غير مستطيع أن أعطيهم أكثر مما عندي، وإن كان هناك كتّاب آخرون يستطيعون بلا جهد أن يجعلوا بطون القرّاء ورؤوسهم تضطرب هضماً وتنحرف مزاجاً.
وأحلى ما في الأمر أن هذه الجريدة تصدر صباحية على الريق كل أسبوع فإذا بالرغيف مدوراً على الصحيفة الأولى، وإلى جانبه طبق الملح، وكسرة من ذاك، ولحسة من هذا -يا سيدي- خير كثير.
مائدة إفطار متواضعة، بل مدقعة، ولكنها على كل حال أفضل من الماء والشاي على الريق.
ثم إنها لله وفي الله.
شيئاً من الخشونة يا سادتي القراء، فإن رخص الأسعار لا يغري بكل هذا الترف.. والسرف.