شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مواضيع (1) !!
أدب الرحلات
في الأسفار هنا وهناك متعة وشهية خاصة إذا كانت برية، على ما يحدث فيها من الكلال والإعياء، ويحصل فيها من المفارقات التي تقع بلا قصد. ولكنها تحتاج إلى جلد وهمة وقوة احتراس، وأن يوزع القوم الخدمات بينهم بروح المحبة والتعاون على التساوي، فهذا من ناحية الذبح والسلخ وتفصيل أعضاء الذبيحة، ثم يساعده آخرون لطهيها ومعرفة قياس الماء والرز، وذاك يعمل القهوة والشاي، وهذا يعد الفراش اللازم على الأرض، وهذا يأتي بحطب، وذاك بماء إذا لم يكونا معدَّين من قبل..
كل شيء له ثمنه، ولا يبقى مخدوماً مستريحاً إلاّ إذا كان عاجزاً أو كفيفاً أو مريضاً.. وهكذا..
وأذكر مرة أنّا نسينا القدر الكبير الخاص بالذبيحة فطبخناها في صفيحة من صفائح الغاز أو السمن فكان للأكل يومئذ من أرزّ ولحم نكهة خاصة، لا أعرف إن كانت طيبة أو رديئة، ولكنا أكلناه بأجلاده..
وقد يكون القوم غير متجانسين في الخلائق أو السلوك.. ولكن طول المسافة يرغمهم على التجانس في النهاية رضوا أم كرهوا..!
كذلك الذين يتناولون رحلاتهم بالتسجيل ليسوا على سواء في وصفها وطريقة عرضها..
فإبراهيم عبد القادر المازني أقام بضعة أيام في الحجاز، فنشر كتابه الطريف "رحلة الحجاز"، وكله خفة روح وسخرية ومرح..
ورحلات "دون كيشوت" مثلاً مشهورة، وفيها من المفارقات والنقائض ما يضحك الثكالى.. وهناك رحلات علمية وصفية مثل رحلات ابن بطوطة وابن جبير وغيرها ممن تتسم أساليبهم غالباً بالجفاف والثقل!
وليس من الضروري أن تصف الرحلة كما هي كما تأتي بتوأمين متشابهين فتضع أحدهما أمام الآخر، فتكون الرحلة فجّة مغثية، ولكن لا بد من إدخال شيء من التوابل والأفاويه التي تجعل الرحلة متحركة حية تصف نفسها بنفسها في استعراض ممتع لذيذ..
القارئ الذوّاقة
الذين يقرؤون كثيرون مثل الذين يأكلون كما اتفق، ولا معرفة لهم بأصناف الطعام، وجودته من رداءته، ولكن القراء الذوّاقة في حكم القلة أو الندرة، هؤلاء الذين يجمعون بين اللماحية الدقيقة والذكاء الحاد والذهن المستوعب..
الأستاذ الصديق عبد العزيز الرفاعي (2) في مقدمة هؤلاء الذين يقرؤون، ويتذوقون تذوقاً جيداً، ولا يتبادر إلى بعض الأذهان أني أقارضه الثناء، فإن من يعرفني تماماً يدرك أني من أبعد الناس عن هذا النوع من الكتابة الغثة.
صورة منفرة
أب له وجه يذكرك بمالك الحزين أو ابن آوى، له طفلان على غاية الجمال والبهاء والبراءة.. بين الدكاكين المتلاصقة طفق يضربهما بخشبة في يده الغليظة ويلاحقهما، وهما يترددان هنا وهناك.. الطفل في الثانية أو تجاوزها بقليل، والطفلة أكبر منه بشيء يسير..
أجلبوا عليه أهل الدكاكين عندما سمعوا إعوال الطفلين والضرب مستمر في الرأس والفخذ ووراء واستنقذوهما منه رغماً عن أنفه الكئيب..
وأمطروه بألسنتهم وابلاً بعد وابل من الشتيمة واللعن والانتقاص والاحتقار.. أقل ما حصبوه به وطرق سمعي.. هذه الكلمة:
"وحش لا يستحق نعمة الأولاد".
أي والله ولا أزيد..
يا مالك الحزين..
يا ابن آوى..
وأخيراً يا وحش..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :442  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 43 من 144
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.