شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحيوان العاقل والإنسان الجاهل (1)
أجمع الناس طراً على أن الحمار من أبلد الحيوانات؛ على أن الحمار ليس من البلادة المطلقة بحيث يعتقد هذا الناس.. فلقد رأيت مرة حماراً منصلتاً بأقصى سرعته بلا راكب.. ثم توقف فجأة في مثل لمح البصر، وتأملت فإذا أمامه هوة سحيقة وأبصرته يتشمم الأرض ثم عاد فتنكب تلك الهوة.. ولو كان إنساناً يحضر لتهاوى فيها من شدة إحضاره بلا مراء.. فأي الحيوانين خير.. وأيهما العاقل والجاهل؟
ورأيت مرة أخرى قطة وجلت على صغارها من الهررة فأودعتهم صواناً كانت تقتحمه بمقدم وجهها ويديها فترضعهن ثم تدفعه برأسها حتى إذا آنست الأرض عادت واثبة تتمطى وضربته فإذا هو مقفل، ولو كانت إنسانة تحمل عقلها لأعوزها أن تصنع هذا الصنيع إلاّ إذا كانت معززة عقلها بعقل هذه القطة العجاب!
أما الإنسان -على العموم- فماذا يفعل بعقله أو بجهله؟ هذا الإنسان المثقف الراقي.. الراقي جداً.. ابتدع لأول مرة في نشأته الهراوة والمدية، ثم وجد أنها أتفه من أن تفي بالغرض -والغرض يتضح لك في آخر هذه الكلمة- وعاد -لا تبعدن داره- فابتكر الرمح والسيف فما أجدت بشيء فتقلب تقلب المحموم المؤرق. إن الغرض لا يزال بعيداً ولا يزال المهيع طويلاً؛ قال: كل هذه ترهات أطفال.. كلا.. فإذا هو يغيب طويلاً ثم يوفض إلينا وحول وجهه مثل هالة القمر ليلاً على الانتصار والاستبشار، فقد جاء معه بالمدافع والصواريخ والقنابل الذرية، والهيدروجينية ومشتقاتها من أكسجينية وأوزوتية -مثلاً- وغيرها.. الحمد لله لقد بلغ المراد! هذا هو الغرض على طرف الثمامة، بالغاً تمامه..
فما هو الغرض السامي النبيل الذي سعى إليه عبر آلاف العصور؟
إن الأحمق يريد -في إصرار ورضا- أن يدمر نفسه بنفسه.
فبالله العظيم من هي.. براقش التي يقال عنها: إنها جنت على نفسها (2) ؟
تعالوا [ندعو] (3) ونضرع جميعاً أن يوفق الله الإنسان حتى يؤدي.. ماذا؟ غرضه كاملاً.. آمين.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :430  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 36 من 144
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.