شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
افتحوا عيونكم على الحقائق (1)
أصبح من المتعذر على أي إنسان اليوم ألاّ يتحدث إلاّ في الغلاء، هذا الكابوس الجاثم الذي يظهر أن زيارته ستكون أطول أمداً وألعج ناراً من لقاء الأحباب بعد غياب مرير. والواقع أن الغلاء وإن يكن نتيجة حتمية لاستبداد القلة الرأسمالية بالكثرة المعدمة، ولكنه موجود -بأفظع من هذا- في الخارج وفي كثير من الأقطار التي ترتفع فيها نسبة الإنتاج والرخاء عن مستواها عندنا.
إن الغذاء الضروري والكساء اللازم مثل الحبوب بأنواعها والدوت والبفتة للملابس الشعبية، وما أصبح بحكم الزمن والمجتمع ضرورياً -وإن لم يكن في أصله كذلك- مثل لوازم القهوة والشاي.. هذه الأشياء يجب أن ينظر إليها نظرة جدية منتجة؛ لأنها قوام الحياة لأكثر من 90% من الناس.. ولقد ارتفعت أسعار هذه الأشياء منذ أن قيل: إن هناك حرباً ثالثة متوقعة في أقرب حين.
ومنذ أن رأينا تجار الحبوب والأقمشة يكدسونها في مخازنهم، ثم لا يخرجون منها إلاّ بمقدار وبالقيمة المرضية أيضاً!
ومن المؤكد أن الذي ينير داره بالكهرباء لا يبالي بأسعار الفوانيس والفتايل والقزايز ارتفعت هذه الأسعار أم هبطت!
إني أنا شخصياً لا أعتبر اللحم مطلباً ضرورياً في مستوى ضرورة الأرز والقمح والذرة والحطب والفحم؛ لأن هناك أكثر من 80% لا يأكلون اللحم إلاّ في الأعياد والمواسم؛ وهم يصبرون عنه صبراً مميزاً، ولكنهم لا يطيقون الصبر عما أسلفنا عنه الذكر مما هو أشد ضرورة وألزم لقوام الحياة -أبسط وأدقع حياة.
ومع ذلك فهاك حكاية اللحم: أنكر أناس أن تكون أقة اللحم بستة ريالات، وهذا الإنكار في محله لو حدث ذلك في مكة وحدها؛ ولكن إنكارهم سيطول إذا علموا -وهو حق اليقين- أن نفس هذه القيمة هي قيمته أو أكثر أيضاً في كل من الرياض والأحساء وحائل وأبها وجيزان وفي كل مكان من نواحي المملكة، وأن قيمة الرأس هناك لا ينقص إن لم يزيد عن قيمته هنا، وهناك مراتع الأغنام ومرابيها في كل من نجد وعسير وتهامة، ويمكن للجهات المختصة أن تستوثق من ذلك!
وليست المسألة مسألة احتكار كما توهم بعض السطحيين الفضلاء، ولكنها مسألة قلة عرض وكثرة طلب كما يقولون بلغة الاقتصاديين، وإلاّ فأين هم من احتكار ما هو ألزم وأهم من اللحم بمرأى ومسمع منا؟
وقلة عرض اللحم مرده إلى قلة وارده وتناقص إنتاجه، وفي مزارع الحيوانات المأكولة في الخارج تشرف إدارات مختصة ويُعهد بأمرها إلى رجال فنيين تجتلب الأنواع المطلوبة من مصادرها، وتقوم على تربيتها وتحسين مستواها، وتنظيم لقاحها والاستكثار من إنتاجها لضمان الاستهلاك المحلي أولاً ثم تصدير ما يستغنى عنه ثانياً على أسس فنية وعلمية دقيقة.
إن الحكومة تعتبر المستهلك الأول والأعظم للحم وفي يدها بعض الحلول لمعالجته، فمنها -مثلاً- أن تخفض بقدر ما يمكن استهلاكها منه إلى الحد الذي لا ضرر منه ولا ضير فيه على أحد.
ومنها -مثلاً- أن تدفع لأصحاب المخصصات من اللحم بدل العين نقداً بموجب تقدير خاص يرتفع ويهبط حسب الظروف.
وفي وسع الحكومة إذا شاءت أن تجتلب من السودان والشام والعراق ما يسد طلباتها على مقادير شهرية، وأن تصدِّر ما يزيد عن حاجتها إلى السوق فتساعد بذلك على تلطيف الأزمة وتخفيض السعر، وتضيف بذلك منة إلى مننها العديدة!
فدعونا من احتكار اللحم الذي لا أساس له، وتعالوا نعالج احتكار الأرزاق الضرورية الهامة وتكديسها في المخازن.
إن عامة الشعب يأكلون الرغيف -قمحاً أم ذرة أم دخناً- بالشاي ويأكلونه بالكراث والملح، ويأكلون الأرز مسلوقاً بالماء فقط.. ولا بد من حطب أو فحم.. تعالوا نفكر في هذه الحاجيات الصغيرة، ونوفرها ونرخصها ونسهل تناولها للشعب.. إن من هذه الحاجات الصغيرة تحدث الأشياء الكبيرة.
أما اللحم فهو كوكب لا يلمح في ليالي الفقراء!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :397  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 28 من 144
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج