شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((الحوار مع المحتفى بها))
عريف الحفل: مرة أخرى، نرحب بالدكتورة مريم محمد هاشم بغدادي، ونقول لها: الفكر والعقل ليسا حكراً ذكورياً بل هما ملك مشاع لمن التقطه وأبدع به وفيه.. حُييت أستاذة دكتورة مريم، وسعدنا بك هذه الليلة، قبل أن ندلف إلى الأسئلة وإلى أول سؤال، هذه دعوة يوجهها لكم الأستاذ الدكتور عبد المحسن فراج القحطاني، رئيس نادي جدة الأدبي الثقافي يقول فيها:
برعاية معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز بن محي الدين خوجه، يسر النادي دعوتكم إلى حفل افتتاح ملتقى قراءة النص، في دورته الحادية عشرة، دورة اللغوي الأديب أحمد عبد الغفور عطار، بعنوان: "اللغة والإنسان"، وذلك في مساء الساعة التاسعة من الثلاثاء 24/4/1432هـ، في فندق الحمراء -سوفتيل جدة. أما الآن فمع السؤال الأول، طبعاً كما وصلت إلينا أولاً الأستاذ عبد الحميد الدرهلي، نرجو أن يكون سؤالاً مختصراً.
شكراً جزيلاً. إخوتي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الدكتورة الفاضلة الأستاذة مريم هاشم بغدادي، حفظك الله، أهلاً وسهلاً بك في هذه الدار العامرة بالخير، وفي الاثنينية، هذا المنتدى الذي يشع نوراً وفخامة وهذا دليل على الشموخ والرقي بإذن الله. سيدتي: إلى أين نحن وأدبنا -أدباء وأديبات- ماضون في هذه الحقبة التاريخية الصعبة والمتمتع بحريته وبحرية التعبير يغزونا ومن كل الاتجاهات، هل سنشهد انطلاقة فكر نهضوي جديد؟ ولك الشكر.
د. مريم: إن شاء الله.. أنا أتمنى من الله سبحانه وتعالى أن يلطف بنا من هذه الهجمات الفضائية ومن الشعر الذي يأتينا مع الفيديو كليب والمشاكل، إذ لا طعم ولا رائحة ولا لون له، ولكن أتمنى أن يكون. عندي طالبات الآن يحضرن الماجستير في إنجلترا وفي بعض البلدان، هن زهرات حقيقة، وهن ممتازات في الفكر التراثي، منهن رانية العرضاوي، الآن تحضر الدكتوراه في دراسة جديدة جداً عن حيوية الماء من حيث الفكر الأسطوري والفكر التقليدي التراثي والموروث الحضاري بين امرىء القيس وابن خفاجة الأندلسي، وهي دراسة قيمة جيدة جداً وربما تكون فاتحة في هذا المضمار إن شاء الله، وهذا يعطيني أملاً كبيراً في أن طالبات كثيرات من بنات بلدي، سيتجهن هذا الاتجاه السليم، بعد أن مررن بغثاء كثير، وإن كان بعض النتاج الفكري جيداً، وجميلاً وفنياً، إلا أنه يحتاج إلى مراجعة بعض الشيء، ويحتاج إلى صد هذه الموجات الكاسحة من الغث.
عريفة الحفل: السؤال لدينا الآن قسم السيدات، الدكتورة نادية يحيى عبد الجبار -أدب مقارن- تفضلي.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أحب أن أضيف أن هناك أكثر من بحث ناقش -في أكثر من مؤتمر- كتابات وترجمة لشعر مريم بغدادي إلى الإنجليزية، وقيل لي بالحرف الواحد: نتمنى أن نتعلم اللغة العربية لنقرأها بلغتها الأم، ورسالتي عنها منشورة في الإنترنت في صفحة AIU. سؤالي للدكتورة عن مفهومها وتعريفها للحرية الحق للإنسان عموماً وللمرأة خصوصاً؟
د. مريم: أرى أن الحرية كلمة واسعة تتحمل الكثير من الجوانب، ولها مفردات كثيرة، ولكن في رأيي أن الحرية للمرأة -إذا كنت قصدت هذا السؤال- هي فكرها الحر، فكرها في التعاطي مع مشاكل المجتمع، هموم المجتمع، والمشاركة في مفردات هذه الحياة -سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية- ينمي لديها هذه الجوانب، ويكون تراكماً جديداً للحضارة العربية والموروث العربي، هذا ما أردت به من الحرية، وليس الحرية التي يفهمها الغرب بمساواة الرجل بالمرأة مساواة غير منصفة؛ رغم أنهم هم لا ينصفونها بحيث يجعلون راتبها الشهري نصف راتب الرجل، فنحن في خير والحمد لله، أن ديننا أعطانا هذه الحرية الفكرية في التفكر، والكثير من آيات القرآن، وكثير من التفكر في خلق الله، وفي أمور الحياة، كما أعطى الحرية للمرأة بالتصرف في مالها، بالتصرف في فكرها، بالتصرف في بيتها وهي ملكة البيت، أو كما كان يقول زوجي: وزارة الداخلية، هي وزارة الداخلية فعلاً، هي أحسن ما يكون لو اتبعت هذه المنهجية في الحرية الإسلامية.
عريفة الحفل: السؤال لديكم أخ محسن، قسم الرجال.
عريف الحفل: نعم، الأستاذ التربوي والباحث الاجتماعي الأستاذ صديق عمر نحاس:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أرحب بالأستاذة الدكتورة مريم بغدادي حقيقة هو سؤال صغير جداً، لكن له مقدمات كثيرة جداً لا أستطيع أن أقدم له المقدمة لطولها: تعودنا دائماً أن الجامعة لها مجتمع خاص بها من أكاديميين، من عمداء، من طلاب، إلى آخره، ولكننا نتمنى في ظل هذه الظروف التي نعيش فيها أن يصبح لدينا جامعة مجتمع ولا مجتمع جامعة، وشكراً.
د. مريم: صحيح أنا أوافقك على هذا تماماً.
عريفة الحفل: السؤال الآن مع الإعلامية الأستاذة منى مراد من جريدة البلاد ومجلة اقرأ.
السلام عليكم د. مريم، سجل التاريخ معاناة الرجل واحتل الوجدان مساحة كبيرة من دواوينه الشعرية، لكن لم يسجل التاريخ معاناة المرأة الوجدانية إلا نادراً، لذا لم نسمع بامرأة أبدعت شعراً ووجداناً يعبر عن ذاتها في الشعر العربي، فهل هذا هو الدافع من وراء تخصصك في الوجدانيات النسائية؟ شكراً جزيلاً.
د. مريم: أبداً، لكنه كان نوعاً من الطبيعة بالنسبة لي، أو شيئاً بنفسي فقط، وليس بهدف أن أناهض الرجل أو أضع رأسي برأسه كما قال لي أحدهم؛ فأنا ليست لدي شوارب ولن أحصل عليها ولا أريدها، لأنني أريد أن أكون كما خلقني الله أنثى -نصف المجتمع- صحيح، ولكن وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (البقرة: 228)، أنا أؤمن بهذا.
عريفة الحفل: السؤال لديكم، أخ محسن، قسم الرجال.
عريف الحفل: الأستاذ المهندس المعماري عبد الغني حاووط:
السلام عليكم ورحمة الله. د. مريم نلاحظ دائماً ضعف طلابنا في مادة اللغة العربية وخصوصاً اللفظ، رغم كل المحاولات في علاجه، لكننا لم نكن نلاحظ وجود هذه المشكلة في تاريخ العرب، فكان العربي يتعلم العربية بالسليقة، حيث لم يحتج إلى كتب تؤصل فيه ذلك وتقعد له. ألا ترين أننا في طرقنا في تعلم هذه اللغة نعمل على وضع العربة أمام الحصان؟ لماذا لا نعود إلى طريقة العرب السابقة فيكون درس اللغة درس محادثة، يقوم المدرّس بتصويب حديث الطالب ثم يربط بعدها الحديث بقواعد وأصول؟ وشكراً.
د. مريم: أنا معك في هذا، إنها فعلاً طريقة مميزة وطريقة جادة وطريقة يتولد منها كثير من المنافع، لأن التطبيق أحسن. عندما درّست اللغة العربية للمستويات الأولى والثانية كنت آتي بأغنية، خليجية مثلاً، وبها كلمة دارجة مثل: فراقيني، وكنت أقول للطالبة: لماذا وضع هذه النون هنا؟ هل هي من ضمن الكلمة أم لا؟ وهذا درس تطبيقي، قبل أن أعطي هذه القاعدة، أعطيها مثلاً حتى ولو كانت أغنية، حتى لو كانت نشيداً، وهذه الطريقة أنا معك فيها بالكامل.
عريفة الحفل: السؤال الآن مع الكاتبة والإعلامية هنادي عباس فلتتفضل.
السلام عليكم، سعادة الدكتورة مريم هاشم بغدادي. تألقت وتميزت في أمسيتك الجميلة هذه، ولا سيما أن التميز متوارث في مجتمعنا العربي، ما دام أمثال الشيخ عبد المقصود خوجه، مستمرين في الإبداع وجمع أهل العلم والعلماء. سؤالي هو:
أين ترين موقع العلماء اليوم في وطننا العربي في ظل ما نشهده من انتفاضات للشعوب، وما هو الدور الذي يجب على أهل العلم والعلماء القيام به لتفادي المزيد من الانشقاق وسفك الدماء الذي نراه في عالمنا العربي، وشكراً.
د. مريم: أنا أرى أن مهمتهم تثقيفية تنويرية، وليست تهييجية، لأن كثيراً من العلماء، مع الأسف الشديد، على المنابر أو على غير المنابر وفي الهتافات يؤصلون لثورة غير منتجة، وسلبية، فأرجو من هؤلاء العلماء أن يستخدموا علمهم ومعارفهم في تنوير العقل العربي، تنوير الشباب المنساق وراء دعايات، وأحياناً نسمع شعارات مغرضة فيدور حولها ويسير وهو لا يدري كالرعاع وأنا لا أريد أن يكون شبابنا رعاعاً، أريد أن يكونوا ذوي سطوة فكرية، لا ذوي سطوة عضلات، العضلات غير مستخدمة إلا عند رامبو، أما عندنا فليس هناك سطوة عضلات، السطوة بالعقل هي السطوة، وعلى علمائنا أن يثروا هذه الناحية وهذه المفردة الإنسانية.
عريف الحفل: الإعلامي والتربوي الأستاذ علي السبيعي.
بسم الله الرحمن الرحيم، أستاذتي الكريمة، أنت في هذا المساء المعطر بوجود الحاضرين ذكرت أهمية اللغة ونحن في هذا الشهر -مارس- لدينا اليوم العالمي للغة العربية وهذه الاثنينية وغداً النادي الأدبي: اللغة والإنسان، بالتالي السؤال المؤلم:
لماذا نجحت فكرة تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها وفشلت تجربة تدريس اللغة العربية للناطقين بها؟
د. مريم: أولاً: وسائل الإعلام. أنت تنظر الآن في جريدة فتجد مئات الأخطاء؛ فالمصححون -ربما لأنهم يفعلون ذلك إلكترونياً- يتجاهلون أو لا يرون كثيراً من الأخطاء، مفروض أن تكون اللغة الفصحى هي لغة الإعلام. ثانياً: المناهج في الجامعات. لا بد أن تعطى اللغة العربية مساحة في الزمن أكبر مما هي عليه. عندما كنا نضع المناهج في قسم اللغة العربية، كان الاتجاه نحو تقليص النحو والصرف أو تدريس النص الأدبي وإلغائها من المناهج، هذه كلها تنعكس سلباً لا إيجاباً على تعليم اللغة العربية، ثم يفرضون على الإنسان كتاباً معيناً، وهذا لا يجوز. يمكنني أن آتي بجريدة أو بمقالة، وأستخرج منها لغة معينة، أدرب الطالب أو الطالبة على الأسلوب وعلى سلامة اللغة، وعلى سلامة النحو، ومن هنا نستطيع، إذا عالجنا هذه الأسباب كلها، أن نصل إلى سلامة اللغة، إلى جانب أن الآباء في البيت -الآباء والأمهات- لا بد أن يشجعوا اللغة العربية، دائماً يقولون: "يا شيخ لا تتخصص في اللغة العربية"، هذا ما يقوله كثير من الآباء، "تحدث بالإنجليزية أحسن"، ويذهب إلى المدرسة الأجنبية، وهي ذات سمة وطابع أجنبي لا تهتم باللغة العربية، مع أنها يفترض أن تكون أساسية في كل مدرسة خصوصاً ونحن بلاد الحرمين الشريفين، وقد نزل القرآن العربي الفصيح القرشي بلغتنا هنا، ولا بد أن نعتني بها أكثر عبر كثير من الوسائل سواء كانت تعليمية أو إعلامية أو لغة اقتصاد أو سياسة أو غيرها.
عريفة الحفل: السؤال مع الدكتورة نورة السعد الكاتبة والأكاديمية فلتتفضل.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الشكر للشيخ عبد المقصود خوجه لهذه الاستضافة لعلم حقيقي من أعلام المملكة العربية السعودية، ولست أقول ذلك لأنني أحبها ولكنها فعلاً تركت أثراً غير عادي في جامعة الملك عبد العزيز. الأستاذة الدكتورة مريم بغدادي، من تجربتك الثمينة كأكاديمية وكاتبة ومربية ومدربة وأستاذة للغة العربية وكونك تشهدين ما يموج به مجتمعنا العربي والسعودي على وجه الخصوص، ما هي نصيحتك للفتيات وللشباب؟ هذا جزء، الجزء الآخر يختص أيضاً باللغة العربية: إن تحريف اللغة العربية الآن يزيد من الضعف الذي فيها، حيث إن الشباب أصبح يستخدم لغة خصوصاً به، غريبة، وبدل الحروف يستخدمون أرقاماً، وقد انتشرت هذه الظاهرة، فكيف لنا أن نواجه هذه الحملة التي تهدف إلى إضعاف اللغة العربية وبالتالي أضعاف وجودها في حياتنا؟ وشكراً.
د. مريم: أولاً لا بد من احتواء الشباب؛ فالشباب يحتاج إلى من يحتويه، فهو فاقد للحنان، فاقد للرحمة، فاقد للتفاهم، فاقد للمحاورة، كل الحديث "بلا".. لا فقط، ليس هناك سوى أوامر، وهذه الأوامر تنفر الإنسان، فكيف بالشباب؟ ثورة الشباب عندهم وقوة الدماء وإلى آخره، هم؟ والله العظيم، أنا أعرف بعض الطالبات، وبعض الشباب، من العائلة، في منتهى الروعة.. دعيت مرة إلى دار الحكمة، وطلبوا مني بعض النصائح، وبدأت في إلقاء بعض النصائح، قالوا لي باللفظ الواحد: يا دكتورة نحن نحتاج حاجة ماسة لهذا التوجيه، رغم أنني كنت حازمة، وشديدة جداً ولكن بطريقة سلسة مرنة فيها عسل أقنعتهم، ضعي العسل في المحاورة، افتحي لهم المجال، كلما فتحت لهم المجال واحتويتهم في قلبك، في كلامك، في محاورتك، أعطيتهم هذه الثقة، أعطيتهم احترامهم، يعني اجعليهم يشعرون بالندّية معك، وأنت محاور لي، ما رأيك في كذا؟ هل أفعل كذا أم لا أفعله؟ ثم تعملين لاحقاً ما كنت تنوين فعله أساساً، لكن في الوقت نفسه لو كان له رأي وجيه أو رؤية معينة خذيها وشجعيه عليها ونميها، وبهذا تستطيعين استقطاب هذا الشباب فتُسيِّرينه كما تشائين، بطريقة إيجابية.. هذا ما كنت أفعله مع طالباتي، وكان هذا منتجاً.. كانت هنالك طالبة من الطالبات، قلت لها: قومي اقرأي نصاً. فقرأته بطريقة غير صائبة، فلمتها، فقالت إنها تحب اللغة العربية، فأجبتها: إن المحب لمن يحب مطيع. عليك دراسة اللغة كما يجب. فقالت: كيف؟ قلت: اقرئي كثيراً، قالت: لا أحب القراءة، قلت اقرئي في كتاب حب، هذا يعجبك كثيراً أليس كذلك؟ فضحكت وتبسمت، فقلت لها: أنا أعطيك كتاباً من التراث، في المحبة. وأعطيتها ما توفر وقتها، وقلت لها: إذا قرأت هذا الكتاب، ولخصته ووعيت ما فيه، وناقشته أمام الطالبات، سأعطيك درجتين إضافيتين. فقرأت الكتاب وجاءت وناقشت وناقشتها، وحاورتها الطالبات، فكانت نعم الطالبة، وصارت تعشق القراءة بعدها، تقرأ كل ما يقع تحت يدها، لأني أعطيتها نوعاً من التشجيع، نوعاً من الأمل، نوعاً من القيمة الذاتية، أعطيتها هذه القيمة. فكل إنسان له قيمة معينة، إذا افتقد هذا الاحترام من الطرف الآخر فسوف يعاند، ويعمل العكس. أما بالنسبة للسؤال الثاني، فإن الهجمة الفضائية كبيرة وشرسة، لكن تقصيرنا يكمن في عدم التوجيه، بأن هذا الكلام ليس من منطق العرب وليس من منطق الإسلام، وليس من منطق الإنسانية، ولا المعرفة. إذا كنت تريد أن تفهم، يجب أن تقول ما يفهم، لا تقل شيئاً غريباً. ولقد سمعت إحدى القنوات بمصر تقول مصطلحات غريبة، لا يفهمها إلا الشباب، وهي لا تمت إلى اللغة أو الفهم أو المضمون بشيء، إلا أنها كلمات يتبادلونها، وهذا تقصير من المجتمع نفسه والبيت والأسرة قبل كل شيء.
عريف الحفل: طبعاً سوف يكون هذا بعد إذنكم وبعد إذن الدكتورة. السؤال الأخير من قبلنا نظراً لانتهاء الوقت فقط، وسؤال أخير أو كما رأت الدكتورة أن تختتم الأمسية بقصيدة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم، نظراً لانتهاء الوقت المخصص للأمسية فقط. فالسؤال الأخير قبل المرحلة الأخيرة في الأمسية للأستاذ أحمد باديب.
الأستاذ أحمد باديب: يا سيدتي الدكتورة شكراً ألف شكر على هذه الليلة العظيمة، لأول مرة في حياتي أتشرف بحضور هذه الاحتفالية العظيمة التي يقيمها أخي وحبيبي الشيخ عبد المقصود، والحقيقة أني بلغت من الكبر عتياً، ولم تكن لي أشياء كثيرة أندم عليها بعد هذا العمر لكني والله اليوم ندمت أني لم أحضر التكريم السابق، وأنت أكثر ما جعلني أندم أني لم أحضر التكريمات السابقة وسعدت اليوم جداً بما سمعته، فأنت مثال عظيم.. أولاً لقد حللتِ لي مشكلة في نسب لجد أمي من آل بغدادي، وكنت أقول لهم إنه كان شريفياً حسنياً، وأنت اليوم حللتِ لي هذه المشكلة، لأنك أثبتِّ أن هذه الأسرة، بيت بغدادي، من الأشراف. وحللت لي مشكلة أخرى وهي أن الأمل كبير بأن يكون لدينا فعلاً سيدات يؤمنّ بأن البيوت التي ليس بها سيدات محترمات ومتعلمات وقادرات لا يمكنها أن تخرج رجالاً محترمين أبداً. أنا أكتب عن جدة، إنها فعلاً عائلة محترمة وأكثر ما أتكلم عن اللبنة الأساسية في كل بيت وهي المرأة. إن السؤال الذي يطرح نفسه هذه الأيام: ترين في كل الثورات القائمة بالبلاد العربية هذه الأيام، يتحدثون دائماً عن الإسلام وخوفهم من الإخوان المسلمين وكأن الإسلام هو العدو، وأنا أعتقد أن هذا عائد لسوء فهم الكثير من الناس، فأصبح الإسلام هو البعبع الذي يخاف كثير من الناس أن يحل محل هذه الأنظمة التي بكل أسف تتهاوى كل يوم، ولا أتهمها بشيء ولكن الشيء الوحيد الذي أعتقده هو أن كرامة الإنسان العربي أخيراً ألحّت عليه وبدأ يطالب بها. السؤال يا سيدتي: إذا كان الإسلام حسبما فهمت من سيرة حياتكم العظيمة، هو العامل الرئيسي في تشكيل إنسانة رائعة مثلك، فكيف يمكن أن تكون الظروف قد ساعدتك بأن كان هناك من ترجم لك هذا الدين بشكل استطعت أن تتمسكي به ويخرّج لنا مثلك؟ كيف يمكن لمثلك أن يضع منهجاً لبناتنا اليوم ليخرج لنا أمهات وسيدات عظيمات مثلك، لكي يصلح المجتمع، لأنه لو لم تصلح النساء فلن يصلح شيء أبداً. السلام عليكم.
د. مريم: هناك عدة أطراف في هذه العملية: الأسرة، الأم والأب، المجتمع الصغير، ثم العلماء -أي علماء الدين- إن علماء الدين عليهم عبء كبير، حيث إن بعض علماء الدين، مع الأسف الشديد، ينفرون الناس، يكتبون أو يقولون أشياء قديمة جداً، لا تتماشى مع الحياة العصرية، فإذن لا بد أن يبسطوا هذا الدين ليعطوا منه الصورة المشرقة، يعطوا المبادئ الأساسية، سماحة الإسلام، الحق في الإسلام، العدالة في الإسلام، ولكن بأسلوب مشوق وليس بأسلوب التنفير والترهيب. إن كثيراً من العلماء، بل بعضهم -كي لا أظلمهم- يرعبوننا أكثر مما يرغبوننا في الأمر. كنت مرة أصلي في المسجد الحرام، وكنت في وسط الصلاة، وكنت ألبس نظارة، ونصف وجهي مخبأ، فجاءني أحد المطاوعة، ونفر في وجهي وأنا في وسط الصلاة، قال لي: غطي يا حرمة. فذعرت، وكان زوجي بجواري، فقال له: من أين لك هذه السلطة حتى تتحدث مع إنسانة بين يدي الله؟ إذا كنت تريد أن تهديها، وهي ضالة على رأيك، فلا بد أن يكون هناك أسلوب حضاري أفضل من ذلك، وتنتظر حتى تنتهي وتفرغ من بين يدي الله. وكنت وقتها لا أزال صغيرة، كنت في العشرينيات، وهذا ربما دفعه إلى هذا الكلام، لكنه نفرني من الصلاة، تركت الصلاة وخرجت وأنا أبكي.. هذا الأسلوب المنفّر، لا بد أن يتغير، خصوصاً من رجال الدعوة؛ رجال الدعوة لا بد لهم من التنوير وأن يحاوروا بمنطق. العلماء العرب في العصر الأموي والعباسي، عندما ترجمت الكتب، وعندما كانت الكنيسة والقساوسة يناقشون العلماء المسلمين، اضطر هؤلاء المسلمون إلى تعلم الفكر والمنطق اليوناني. لماذا؟ لأن هذا المنطق والفلسفة اليونانية كان منطلق هؤلاء اليهود والنصارى في حجيهم. فدرس المسلمون بدورهم هذا المنطق ليحاجوا هؤلاء حجة بالغة وبذلك استطاعوا نشر الدين في كل أوروبا، وإن كان انتشار العربية في البداية، لكنهم نشروا هذا الدين، ونشروا هذه المبادئ وهذا الفكر والتراث الحضاري، واستطاعوا عن طريق المادة أن يقولوا: "من فمك أدينك". إذاً أنا أتعلم... ثم أتكلم وأتوجه إليك، فيا ليت بعض الدعاة يستخدمون الأسلوب الحضاري المنطقي المحاور، الترغيبي وليس الترهيبي في كل مكان. إن الغرب هو الغرب، هذه نواحٍ سياسية أكثر من كونها منطقية، إنهم لا يريدون شيئاً يجمع قلب الأمة، وعليه قالوا إن الإسلام مخيف والإسلام كذا، إلى جانب تصرفات بعض الشباب المتهور في التفجير وغير التفجير، التي أبعدت الناس وأرهبتهم، وهذا لا يجوز ولو كان هؤلاء الدعاة يعملون بطريقة سلسة حضارية مثقفة تفهم طرق الشباب، وينزلون إلى عقلية هؤلاء الشباب، فلسوف يرون العجب منهم، لأن الشباب معطاء.. صدقوني، أنا عندي ثقة كبيرة في هؤلاء الشباب.
عريفة الحفل: السؤال الأخير من هنا من قسم السيدات، واسمحي لي دكتورة أن أسالك هذا السؤال مني، نازك الإمام، من إذاعة جدة:
ماذا ينقص الشاعرة السعودية لتصل إلى قمم الشعر والشعراء على مستوى العالم العربي والعالمي، وخصوصاً بعد نجاح تجربتها في مسابقة شاعر المليون؟ ولماذا لم تشاركي دكتورة مريم في مسابقة خليجية أو عربية؟ شكراً لك.
د. مريم: أنا لم أشارك لأنني أجد نفسي أقل من المشاركة، فلا أستطيع أن أنافس هؤلاء الفطاحل من الشعراء، هذا أولاً. ثانياً: القراءة ثم القراءة، ثم القراءة، الثقافة والثقافة، كلما كانت الشاعرة مثقفة، حتى لو كانت ثقافتها من التراث القديم المتراكم. ما هي أصلاً مهمة الشاعر؟ إما التعبير عما كان، أو ما هو كائن أو ما يجب أن يكون.. ولذلك لا بد أن يغترف هذا الشاعر من البيئة، من التراث، من الفكر الجماعي واللاوعي والوعي وكل هذه الأمور.. هذه المفردات الثقافية تزيد الإنسان قوة، فاستخدام هذه المفردات الحضارية يشكل معادلاً موضوعياً لما يقول لما يطرح.. والفن رؤية، هو حياة، والموروث هو الحياة، فإذا تخلينا عن الموروث الثقافي الحضاري، إذا تعلمنا منه بتواضع، وليس بأسلوب تكبري أو استفزازي، أتكلم عن الموروث الثقافي الحقيقي والفكر الحقيقي لأغترف منه أدواتي، والشاعر أدواته مم؟ من المجتمع، من الثقافة من الموروث، وعليه تصبح هذه الشاعرة عالمية بإذن الله على أن تكون مثقفة. ولديّ قصيدة حول العولمة واسمها "وهم العولمة"، أقول فيها:
 
طباعة

تعليق

 القراءات :598  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 166 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج