شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الأستاذ الدكتور مرزوق بن تنباك))
أشياء جميلة في الحياة يقوم بها رجال نبلاء ويسعد بها آخرون، مثل هذا العمل الجميل وهذا الرجل النبيل الذي نسعد هذا المساء في داره العامرة، الأديب ابن الأديب، الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه..
يسعدنا بدعوته الليلة، كما أسعد مئات مثلنا بل آلافاً غيرنا اجتمعوا كاجتماعنا بضيافته وكرم أخلاقه، فشكراً له وهو شكر يستحقه بنبل مقصده وأريحية سجاياه حفظه الله.
وبعد أيها الإخوة..
كل من حضر هذا المساء يعرف حمزة المزيني الأستاذ الدكتور المتميز، واللغوي المحقق، والكاتب المبدع، والمفكر الرائع، الذي يطرح آراءه بكل وضوح وصدق.. كلكم يعرفه بهذه الصفات وغيرها ولهذا جئتم تحتفون به وتسعفونه.
أما أنا فإني أعرف حمزة المزيني قبل أن يتلبس تلك الصفات التي أسلفتها، لهذا فقد يكون حديثي عنه حديثاً مختلفاً بعض الشيء أعرفه بملكاته الأولى التي تخلق مع الإنسان وفي طبيعته قبل أن تصقلها ظروف التطور ويخفيها تشكل العقل وما يجد من أثر البيئة والتعليم وغيرها من المؤثرات التي يتعرض لها الإنسان وتحدد في النهاية صفته التي يعرفه الناس بها بعد ذلك. أما أصل تلك الصفات والملكات فهي كامنة في العمق الذي بنيت عليه شخصية ذلك الظاهر للناس.
دعوني أحدثكم عن ما أعرف:
جمعتنا مدرسة ذي الحليفة الابتدائية في أبيار علي أو الميقات -ميقات أهل المدينة المنورة- وكان يسبقني بسنة واحدة، ليس لأنه أكبر مني سناً بل يزعم أنني جئت متأخراً عنه في الدراسة -وهو زعم باطل على كل حال- وليس هذا مهماً اليوم، المهم أنه وأخي عقاب في صف متقدم سنة، وكنت أنا في صف متأخر عاماً، وكانت مدرسة ذي الحليفة ملمومة الأطراف وكل طلابها من فئة واحدة وبيئة واحدة ليس بينهم اختلاف في المظاهر، ولا تمايز في الطبقات، بل هم طبقة واحدة من أبناء القرى والأرياف والبادية الذين جاء أكثرهم للدراسة لأنهم لم يجدوا عملاً يقومون به غيرها.
كان حمزة كما ترونه أمامكم فارع الطول ولهذا تقتحمه العين لأول مرة، لكنه يفسد الاقتحام عندما يعرف الناس ما وراء هذه القامة الفارعة، وحاله كحال سعيد بن العاص الذي يوصف بأنه في مثل قامة حمزة ويقول فيه مادحه:
سعيد فلا يغررك قلة لحمه
تخدد منه اللحم وهو صليب
وحمزة صليب في رأيه وموقفه مثل شبيهه سعيد.. وصليب في إرادته منذ كان طفلاً بارزاً في دراسته معتمداً على ذاته مستشرفاً لمستقبله وهو ما كان نادر الحدوث لمن هم في مثل سنه.
ولن أذكر هذا المساء إلاّ خصلتين اثنتين للزميل القديم والصديق الدائم حمزة بن قبلان المزيني.
منذ بدايته الأولى في الدراسة وهي الفترة التي عرفته فيها، كان متميزاً في أمرين:
استقلال الشخصية ووضوح الهدف، يعرف ماذا يريد من الحياة، وإلى أين يتجه فيها. كان زملاؤه الذين في سنّه يوجهون ويستمعون ويطيعون، أما هو فيتجه برأيه ويعرف ما يريد ويعمل على تحقيق ما أراد.
كنا نحن جميعاً أبناء الأرياف والبادية من أهل "اللَّهم ارزقنا وعجل". وكانت هذه الدعوة تستجاب في مجالين اثنين في ذلك الزمان لا ثالث لهما.
المجال الأول: المدارس الصناعية التي تقبل طلابها بعد الابتدائية، تعلمهم صنعة يعيشون منها أو هكذا يفترض، وتقدم لهم مكافأة وهذا هو المهم فيها.
المجال الثاني: هي معاهد إعداد المعلمين الابتدائية وهي مثل سابقتها ومدتها ثلاث سنوات، تخرج طلابها معلمين بلا تعليم.
أما التعليم العام المتوسط والثانوي الذي يدفع طلابه إلى الجامعات والتخصصات الأخرى فقلما فكرنا فيه.
كان حمزة لا يريد هذين المجالين ولا يفكر فيهما رغم أن وضعه قد لا يكون أفضل من وضع أحد من أترابه الذين يريدون العاجل في الأمر والمكسب في العلم. رضخ بعض الوقت، ثم أبى إلاّ أن يكون مع ما يريد، ترك المجالين السهلين الأسرع إلى حاجاته وحاجات مجتمعه، واختار لنفسه وهو طفل مجالاً لا يرغبه ولا يشجعه عليه أحد إلاّ وعيه المبكر واستقلاله برأيه؛ اتجه إلى التعليم العام ورفض كل الآراء والنصائح وأصرّ بعناد شديد أن يكون مع ما يريد وليس مع ما يراد له، وهذي إحدى خصاله التي حققت له النجاح، وهو وضوح الهدف والعمل على تحقيقه. أما الخصلة الثانية فهي استقلال الشخصية وتميّزه بآرائه وثباته عليها والدفاع عنها، وهذا ما كان في طفولته ولازمه حتى اليوم، ولعلّ مواقفه الفكرية الأخيرة دليل على جبلة وطبع وملكة ولدت معه وعززتها تجارب الحياة وصراع الأفكار.
هذه بعض ملامح شخصية الدكتور حمزة المزيني ورؤيته التي يريدها لنفسه.
وهذان المثالان يدلان على شخصيته المستقلة التي تعتمد على الذات بدل التوسل بالآخرين.
أمَّا في المجال العلمي فقد صنع لنفسه طريقاً متميزاً فيه واختار مجالين فأبدع فيهما كما ترون:
الأول: اختار الترجمة من التراث الغربي ولم تكن ترجماته نقلاً للمعنى كما هي عادة المترجمين بل صارت إبداعاً أكثر منها نقلاً للمضمون، مما حدا بناقد كبير مثل الأستاذ الدكتور عبد السلام المسدي أن يقول إنه لا يقرأ فكر تشومسكي الناقد الأمريكي المعروف ولا يستسيغه مترجماً إلاّ بقلم حمزة المزيني وترجماته.. وهو صادق في ما قال، فمترجمات الدكتور حمزة متعة في بيانها ومتعة في أسلوبها بل هي إبداع في حد ذاته.
الثاني: التفت إلى بعض المسلّمات والمسكوت عنه في ثقافة لا تريد المكاشفة ولا تقبل التغيير، ففحص واقع هذا المسكوت عنه بجهد علمي معرفي حتى أقام الحجة البيّنة على صواب ما يذهب إليه متكئاً على التراث الإسلامي والمعرفي حتى تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وكانت جدلية الأهلّة أوضح هذه القضايا التي جادل فيها كثيراً وكتب عشرات المقالات المتميزة حتى وصل إلى رؤية علمية أوضحت ما التبس وبينت ما خفي. لا أريد أن أطيل عليكم ولكن هذه شذرات مما لدى الدكتور حمزة حفظه الله وشكراً لهذا المنتدى الجميل الرائع والسلام عليكم.
عريف الحفل: شكراً للأستاذ الدكتور مرزوق بن تنباك، الكلمة الآن أيها الأخوة والأخوات للأستاذ الدكتور معجب الزهراني، الأديب والكاتب المعروف، تفضل.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :436  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 110 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.