شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الأستاذ أحمد بن يحيى البهكلي))
حجاب الحازمي (شاهداً ومشهوداً)
أكبر أبناء حجاب بن يحيى الحازمي اسمه: (حسن)، وقد ورث عن أبيه كل شيء تقريباً من خلق وعلم وأدب. لذلك أحسب أن الرجل لا يفهم خطابه بكنيته (أبو حسن) على أنه تعريف بقدر ما هو إطراء، وذلك متمم لدلالة خطابه باسمه الكامل: حجاب بن يحيى الحازمي.
وعند الحديث عن حجاب الحازمي، لا يمكن الاكتفاء بالحاضر؛ لأن فعل ذلك أشبه بالحكم على الجبل الجليدي مما يظهر أمام العيون دون الغوص تحت الجبل الذي يمتد في الأرض أضعاف امتداده إلى السماء، إنها الجذور، أو هي الأصول. رحم الله مؤرخ المخلاف السليماني في القرن الثالث عشر الهجري عبد الرحمن بن أحمد البهكلي صاحب كتاب (نفح العود) -عام 1248هـ، فقد أصبحت إحدى عباراته في هذا الكتاب شاهداً تاريخياً تتوارثها الأجيال، فهو يقول: (ضمد هجرة العلم قديماً وحديثاً يسكنها بطون من الأشراف الحوازمة والمعافين ويسكنها القضاة البهكليون وبنو النعمان والعُمريون حملة العلم) وضمد من معاقل العلم منذ القرن السادس الهجري إلى يومنا هذا. وفيها ولد حجاب الحازمي لأبوين أفاد من علمهما رجال كثير ونساء. فوالده القاضي العلامة يحيى بن موسى الحازمي تولى القضاء في أوائل القرن الرابع عشر الهجري في أنحاءَ من المخلاف السليماني (منطقة جازان)، وله مؤلفات في فنون شتى. ووالدته معلمة للقرآن الكريم تأثرت بزوجها وكانت المكمل الموضوعي لنبوغ زوجها، رحمهما الله وأكرم مثواهما في الجنة. وقد ولد ابنهما حجاب في عام 1364هـ أي بعد سنوات قليلة من اكتمال توحيد المملكة العربية السعودية على الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن طيب الله ثراه.
إنه سليل أسرة كريمة، وسليل والدين عالمين، وقد نشأ في أهم مراحل البلاد. فماذا ننتظر من شخص مثلَ حجاب الحازمي أن يكون؟! لن يكون إلاّ أنموذجاً لإنسان الجزيرة الأصيل الجديد، إنسان الوحدة والانفتاح على العالم مع الثبات على الأصول.
بالنسبة لي، حجاب الحازمي يقف في المنطقة الزمنية الوسطى بين والدي وبيني، لقد ربطته بوالدي زمالة الدرس في معهد سامطة العلمي ثم شَخَصا للدراسة الجامعية في الرياض وتخرج والدي في كلية الشريعة عام 1388هـ في حين تخرج حجاب في كلية اللغة العربية عام 1389هـ وعلى الرغم من فارق السن الضئيل بيني وبين حجاب الحازمي (عشر سنوات) إلاّ أنه من أساتذتي الذين تتلمذت على أيديهم مدرسياً. وهو من أساتذتي الحقيقيين الذين أفدت من علمهم وأدبهم وثرائهم الأدبي والنقدي ناهيك عما تعلمته منه من نبل تعامله الإنساني وثاقب رؤيته النافذة وحكمته في معالجة الأمور. وقد تعرفت على أبي حسن في الرياض عام 1388هـ وتوطدت علاقتي به في أبها لتكرر لقائي به آيباً من نجران إلى جازان أو ذاهباً من جازان إلى نجران إذ إنه كان معلماً في معهد نجران العلمي قبل انتقاله معلماً في بلدته ضمد العريقة، حيث تخرج على يديه جيل من الطلاب.
في العام 1395هـ التحقت بعضوية نادي جازان الأدبي الذي أسّسَتْه نخبة من أدباء المنطقة المعروفين وفي مقدمتهم محمد بن أحمد العقيلي ومحمد بن علي السنوسي ومحمد زارع عقيل وعلي بن حمود أبو طالب وحسن بن علي القاضي وحجاب بن يحيى الحازمي وعلي بن أحمد النعمي وعبد العزيز بن علي الهويدي وآخرون، رحم الله المتوفين منهم وأطال على الخير أعمار الأحياء. وقد مكث أبو حسن في النادي اثنين وثلاثين عاماً توجت برئاسته للنادي من عام 1413هـ 1427هـ.
في عام 1413هـ، ألقيت عصا التسيار في جازان بعد تنقل استمر ثلاثين سنة بين أبها والرياض وأمريكا. وقد دعاني حجاب الحازمي لأشاركه في حمل أعباء النادي الأدبي نائباً للرئيس، وقد عملنا مع زملائنا أعضاء مجلس الإدارة على رسم خط واضح للعمل المؤسسي البعيد عن المغامرات، وقد أثمرت الجهود إنجازات يشهد بها المنصفون. وقد كان من أبرز إنجازات المرحلة نقلُ نشاطات النادي إلى محافظات المنطقة عبر مراكز تنسيق تولاها مثقفون من تلك المحافظات. ومن ذلك اللقاء الدوري للشباب الذي قدم إلى الساحة أصواتاً متنوعة في ميادين الشعر والقصة والكتابة الأدبية يتشرف النادي بها؛ فمن الشعراء أيمن عبد الحق ومحمد يعقوب وحسن الصلهبي وملهي عقدي وحمد علا الله حكمي وسعود جعفري ومعبر النهاري وموسى الأمير ونواف حكمي وجبران قحل وموسى عقيل وإبراهيم حملي ويحيى الشعبي ويحيى صديق وعبد الله الأمير ويحيى معيدي، ومن القاصين علي زعلة وعثمان حملي وأحمد حديب وخالد السعن وأحمد إسماعيل زين. ومن الكتّاب نعيم حوباني وجبريل سبعي وموسى محرق ومفرح شقيقي وإسماعيل مهجري. وهؤلاء يذكرون فضل النادي عليهم وبخاصة في مرحلة قيادة الأستاذ حجاب مسيرة الأدب في المنطقة أثناء رئاسته النادي.
وتعد دورية النادي (مرافئ) التي صدر عددها الأول عام 1419هـ من نتاج المرحلة نفسها. ولقد بقي موضوع نشر الرسائل الجامعية أحد الموضوعات التي كانت تتصدر توصيات مؤتمرات الأندية الأدبية سنين عديدة، وقد نفذ في نادي جازان عبر سلسلة صدرت منها ثماني رسائل في مدة رئاسة الحازمي للنادي. وقد أنشأ النادي خلال هذه المرحلة المضيئة مبنى يعد من المعالم المعمارية في منطقة جازان وكان افتتاحه متزامناً مع انعقاد المؤتمر العاشر الذي عقد في رحاب نادي جازان الأدبي. أما النشاطات المنبرية والاجتماعية والتوعوية فلا يمكن الإلمام بها في عجالة كهذه. إن إنجازات إدارة الأستاذ حجاب لنادي جازان الأدبي قد وضعته في الصف الأول دون ضجيج.
وللأستاذ حجاب دور كبير في حفظ تراث المنطقة مع الأستاذ العقيلي، وقد حقق كتباً نادرة من أهمها تكملة ديوان ابن هتيمل شاعر المخلاف السليماني في القرن السابع. وله كتب مهمة أصبحت مرجعاً للباحثين مثل كتابه عن التعليم في تهامة وعسير وكتابه عن الشعر والشعراء في جازان ثم مشروعه الكبير لرصد شعراء جازان على مر العصور، وقد صدر جزؤه الأول في ألف صفحة..
ولئن كان الرجل قد عرف باحثاً أدبياً متمكناً وناقداً بارعاً، فإن تجربته الشعرية تشي بموهبة أصيلة تدعونا إلى التساؤل عن سبب تردده في نشر ما أنتجه شعراً في مجموعة شعرية كما فعل حينما نشر مجموعته القصصية اليتيمة (وجوه من الريف) عام 1402هـ، وكان لي شرف تقديمها إلى القرّاء. وهي نابعة من عمق الأرض التي يعيش فيها.
بعد انتقال المؤرخ المعروف محمد العقيلي إلى رحمة الله عام 1423هـ، أصبح الحازمي المرجع الأبرز في تاريخ منطقة جازان وتاريخ أدبها وأدبائها. وهو لا يدخر وسعاً في الأخذ بأيدي الباحثين لإنجاز بحوثهم وتشجيعهم بما يملك هو من نوادر المخطوطات المتعلقة بتاريخ منطقة جازان وأدبها أو بالتوسط لدى من يملكون شيئاً من تراث المنطقة ومخطوطاتها لتزويد الباحثين بها. ولعلّ أبرز من أفاد من مقتنيات الرجل وجهوده الدكتور إسماعيل البشري الذي حقق كتاب (الديباج الخسرواني في تاريخ المخلاف السليماني) للحسن بن أحمد عاكش وحصل به على درجة الدكتوراه من بريطانيا. وكذلك الدكتور علي الصميلي الذي حقق كتاب (العقيق اليماني في تاريخ المخلاف السليماني) لعبد الله بن علي النعمان وحصل به على درجة الدكتوراه من جامعة الملك عبد العزيز.
وقد عرفت الأوساط الثقافية مكانة الأستاذ حجاب الحازمي، فلم تتجاهله في المناسبات الثقافية داخل المملكة أو خارجها. وهو عضو في مجلس أمناء مركز حمد الجاسر رحمه الله برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز. وقد كنت وما أزال أتمنى أن ينشأ مركز باسم المؤرخ الأديب محمد العقيلي ليحفظ تراث الرجل ويحفظ فيه ما بقي من مكتبته الكبيرة. ومما لا شك فيه أن الحازمي أبرز المرشحين للإسهام في إنشاء هذا المركز.
وللأستاذ حجاب إسهامات اجتماعية كثيرة يضيق المقام عن حصرها، لكن أبرز جهوده في الميدان الاجتماعي مشاركته مع كوكبة من المهتمين بالعمل الإنساني في تأسيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية عام 1425هـ، وقد كانت هذه المسيرة الحافلة سبباً في اختيار الأستاذ حجاب الحازمي شخصية منطقة جازان الثقافية للعام 1429هـ وتكريمه بجائزة الأمير محمد بن ناصر للتفوق.
بقي أن أشير إلى أمرين لا يمكن تجاوزهما، فالأول أن أبا حسن قريب من الناس لين الجانب سهل التعامل صفوح عن الزلة لا يحتفظ في نفسه بالسوء، وهو متفائل إلى أبعد الحدود في أصعب المواقف. والآخر أنه دقيق لا يترك شاردة ولا واردة تتعلق بما يقبل عليه من عمل دون متابعة، وكان لا يكل ولا يمل من السؤال عن تنفيذ ما يتخذه النادي من قرارات وتوصيات، وكنا نتمنى أن نجاريه في همته وحرصه على الإنجاز، لكننا نجد أنفسنا متخلفين عنه بإرادتنا أو بغيرها.
أسأل الله أن يجزل الأجر لأستاذنا الأديب المؤرخ الإنسان حجاب الحازمي وأن يوفقه في دنياه وأخراه إنه سميع مجيب. وشكراً للأستاذ الأديب الرائد عبد المقصود خوجه على تكريم هذا العلم الشامخ الشريف الأديب حجاب بن يحيى الحازمي جرياً على عادته الحميدة في تكريم رجال الثقافة والأدب والعلم لا في بلادنا الحبيبة فحسب بل في عالمنا العربي بعامة، وهو يقوم مشكوراً بما ناء به العصبة أولو القوة.
والناس ألف منهمو كواحد
وواحد كالألف إنْ أمرٌ عَنَا
 
طباعة

تعليق

 القراءات :775  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 100 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

ديوان الشامي

[الأعمال الكاملة: 1992]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج