شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الدكتور يوسف العارف))
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدلله.. والصلاة والسلام على رسول الله..
لا أستطيع أبداً أن أتجاوز ما يستحقه الشيخ عبد المقصود خوجه من عبارات الشكر والثناء لما يقدمه للمشهد الثقافي السعودي والعربي في هذه التظاهرة الثقافية الأسبوعية احتفاءً وتقديراً ووفاءً للنابهين والمبدعين في أمتنا العربية وفضائنا المحلي..
وهذه الليلة تستحق شكراً خاصاً لأنه يحتفي بالجنوب، جنوب القلب -جازان- التي قلت فيها: في شخص أخي حجاب الحازمي!!
إن الجمال إذا احتواك فضاؤه
قل فيك يا جازان صرت جميلاً
أنا لا أدري كيف يمكن أن أتخلى عن الذاتية، والأنا، وأدَّعي الموضوعية والعلمية، عندما أتحدث عن الزميل الصديق والأخ حجاب الحازمي لأنني سأتحدث عن نفسي.. فبيننا من الارتباط الأخوي والثقافي والمناطقي ما يفسد أي موضوعية أو علمية ندعيها في مثل هذا المقام.. فاعذروني!!
يقول حجاب الحازمي في مدخل أحد أبحاثه ودراساته:
"الكتابة سفر جميل في إهاب الحاضر، ورحيل عذب في غيابات الماضي، فهي توجه مستعذب إلى الحاضر، واستشراف للمستقبل... لكنها حين تكون من أجل الوطن فإن السفر يمتد ويطول، والمهمة تصعب، حينئذٍ تتلعثم العبارات، وتهرب الكلمات، وتتوارى المسافات الممنوحة للشجن، فيتحدث القلب بلغته الخاصة وتترجم المشاعر بعض نبضاته، وتكتب الأحاسيس بالإنابة؛ ذلك لأن الحديث عن الوطن، حديث ذو شجون فهو حديث عذب كعذوبة نمير الوطن الصافي، صافٍ كصفاء سماواته، عظيم كعظمته في نفوس محبيه.. نعم إنه الوطن الذي تحلو فيه الكلمات، ويطيب الحديث".
لا أريد أن أعلق.. فقط أريدكم أن تتجملوا بهذه المفردات اللغوية، والأسلوب الشاعري، واللغة الطازجة في حداثتها والضاربة في عمق التراث.. وليس هذا غريباً فهو ابن المعاهد العلمية وقسم اللغة العربية في جامعة الإمام محمد بن سعود.. وقبل ذلك هو ابن ضمد تلك البلدة التي خرجت العلماء والأسر العلمية أمثال العلامة محمد بن علي بن بكر الضمدي، والمطهر بن علي بن محمد الضمدي، وعبد العزيز بن محمد النعمان الضمدي، وقبلهم الحسن بن خالد الحازمي، والقاسم بن علي بن هتيمل الضمدي، والحسن بن عاكش الضمدي.
كل هذه الأجيال التراثية أثرت في لغة وثقافة حجاب الحازمي. فهو عندما يكتب نثراً يكتب بلغةٍ شاعرية، وأفق تراثي وروح عذبة!! هذا عن الجانب النثري..
أما الجانب الشعري..
فإني. حتى الآن أستغرب عدم صدور مجموعته الشعرية، ففي القصة نشر وجوه من الريف، وفي النقد أصدر مجموعته من الكتب سمعنا عناوينها في السيرة الذاتية، وفي التاريخ والتربية كذلك، لكن الشعر لماذا رغم أنه مبدع فيه:
يقول في نص جميل عن منطقته جازان:
ردِّي عليَّ ترانيمي وألحاني
وغردي في أساريري ووجداني
ومتعيني بسحر منك أعرفه
يُعيدُ لي ذكرَ أحباب وخلان
إني أناجيك شطآناً وأودية
وربوةً وحقولاً طلعها داني
قصيدةٌ أنت صاغ الحسن روعتها
كأنها لوحة صيغت بإتقان
وهمسةٌ تستذيب الوجد ترفعه
عن كل ما في حياة الناس من شان
جازانُ أمسُكِ وضَّاءٌ وحاضرُنا
زاهٍ ويومُكِ بالبُشرى تلقانِ
في هذا النصِّ نلمس حميمية الشاعر مع المكان، ونلمس التلازم الروحي بين ذات الشاعر والفضاءات التي يتغنى بها.
في وقفة نقدية عند هذا النصِّ قلت:
نلمس اصطفاءه بالحب والنجوى، وبثه مشاعر الألفة والفخر وبيان ماضيه وحاضره ومستقبله في نزعة وطنية صادقة لولاة الأمر الذين حولوا هذا المكان من طبيعته الماتعة إلى التمدن والحضارة.
في هذا النص يتجلى التلازم الروحي بين ذات الشاعر وذات المكان (جازان) تلازم يوحي بالعشق الشاعري والوله الصوفي حيث يبدأ الذات الشاعرة بأفعال الأمر (رُدِّي، غردي، متعيني) حيث تخلق هذه الأجواء الآمرة فضاءات من التداخل بين الآمر والمأمور. ثم يبدأ جمال الوصف والتصوير فالحقول طلعها داني، والمكان قصيدة حسناء، وهمسة حالمة.
كل تلك المعطيات تفضي بشاعرنا إلى تقرير حالة شعرية فالمكان مضيء أمسه، زاهٍ حاضره، ويومه مبشر بغد ناصع وجميل!!
وعن مكة المكرمة يقول شعراً:
هذه مكة الهدى تحتويني
فذريني لخالقي ولديني
قد سئمت الفراغ والتيه حتى
عُدْتُ من غربتي أسير شجوني
ربما فر من السؤال سؤال
يتلهى عن الجواب الحرون
كيف ودعتَ زهرة العمر بالشجو
وماذا أعددت للأربعين!!
اليوم اسمح لي يا حجاب أقول: ماذا أعددت للسبعين؟!
أعطاك الله طول العمر في صحة وطاعة..
أريد أن أقول إن شاعرية حجاب الحازمي شاعرية تراثية، فيها الجرس الموسيقي، واللغة الصافية والمعاني الجزلة، والنزعة الوطنية، ولا بد من إصدار الديوان الشعري!
حجاب الحازمي.. رجل تربوي..
قضى جل عمره في التربية والتعليم.. تزاملنا في برنامج تدريبي لمديري المدارس عام 1405هـ في كلية التربية بمكة المكرمة.. كان حصيلة هذه الدورة: بحث عن التعليم في تهامة وعسير ويعنى بتهامة هنا "المخلاف السليماني" أي جازان؟ وما لبث أن تحولت هذه الأوراق البحثية إلى كتاب نشر عام 1409 في نادي جازان الأدبي.
الكتاب يرصد الظاهرة العلمية في المنطقة، ويوثق لتاريخها الأدبي والتربوي والذي خرَّج كثيراً من العلماء ورجال الفكر، والغريب هنا أنه يؤسس لتعليم الفتاة قائلاً: إنها سبقت كثيراً من المناطق في هذا الجانب، فكانت الكتاتيب الخاصة بتعليم النساء واشتهرت المعلمة زينة، والمعلمة فاطمة المفلحة والمعلمة عيساوية والمعلمة خالدية وأخت العلامة محمد حيدر العثبي...
والكتاب يعرف بأنماط التعليم القديم مثل التعليم في المساجد وتعليم الكتاتيب، وتعليم الهجرات.. كما يعرف بأهم الأسر العلمية في المنطقة أسرة آل الحكمي، أسرة البهاكلة، أسرة آل النعمان، أسرة الحوازم، وآل شافع وآل المعافى، وآل حنفي وغيرهم.
الكتاب يدل على ثاقب النظر فهو موضوع بكر لم يتطرق إليه أحد، وهو خدمة للباحثين والدارسين للانطلاق منه إلى فضاءات أوسع لأنه يعتمد على مصادر أولية من مخطوطات ووثائق لها قيمتها التاريخية.
أخيراً أيها الأحبة:
حجاب الحازمي.. مؤرخ.. ناقد.. أديب..
وهذه مجالات يطول الحديث فيها ولكن الإشارة تغني عن العبارة.. ويكفي من القلادة ما أحاط بالعنق، فقط أذكر:
بأن المجلة الثقافية التي تصدر كل خميس مع جريدة "الجزيرة" أفردت في أحد أعدادها القديمة ملفاً احتفالياً بهذا الضيف الكريم الأستاذ الأديب حجاب الحازمي وتحديداً في 13/ربيع الآخر/عام 1428هـ. لمزيد من التعرف على الفضاءات الأدبية والفكرية والنقدية والتاريخية أرجو الإطلاع عليه.
لكم الشكر والتحية..
وآسف على الإطالة، والحمد لله رب العالمين..
عريف الحفل: شكراً الدكتور يوسف العارف، وأعرف أن لديك المزيد، ويدفعك العشق لهذا الأديب والمكان الذي قدم منه والانتماء ولكن، نعدك في أمسيات قادمة في مجال أوسع.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :509  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 99 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .