شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة فضيلة معالي الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع))
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، مالك الملك ذي الجلال والإكرام، غافر الذنب، وقابل التوب، عالم الغيب والشهادة، فاطر السموات والأرض، أحمده وأشكره وأثني عليه بما هو أهله، وبما ينبغي لكمال وجهه، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، في ربوبيته، وألوهيته، وفي كمال ذاته وصفاته، شهادة أرجو بها لقاء وجهه، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، إمام المتقين، وسيد المرسلين، وقائد الغر المحجلين، أدى الأمانة وبلّغ الرسالة، ونصح للأمة، اللَّهم جازه عن أمته خير ما جازيت نبياً عن أمته، وصلِّ اللهم وسلم عليه، وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد، إخواني السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأشكر الله سبحانه وتعالى على أن منَّ علي بهذه الأمسية المباركة، كما أسأله سبحانه وتعالى أن يجزي سعادة شيخنا ووجيهنا سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه، أرجو الله أن يجزيه أجزل الجزاء، وأعظم المثوبة، فهو صاحب ريادة، وهو صاحب أمر من شأنه أن يكون أملا، وأن يكون محصناً للتعاون، وللتشاور، ولتبادل المشاعر والأحاسيس والعبر والعظات، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزل له المثوبة، وأن يطيل في عمره، وأن يجعله مباركاً أينما كان، سعيداً في الحياة الدنيا وفي الآخرة، إنه ولي ذلك والقادر عليه، كما أشكر إخواني الذين تحدثوا عن أخيهم بحديث أرجو أن أكون أهلاً له، ولكني أعرف نفسي، وأعرف أني دون ذلك، ولكن جزاهم الله خيراً، لا شك في أن هذه مشاعر، ولا شك في أن هذه عواطف، غلبت النظر الحقيقي، فأنا أقر وأعترف بأنني دون ما قالوا، ولكني أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلني كما قالوا، فهو سبحانه وتعالى وكيلنا وحسبنا ونعم الوكيل، حفظكم الله.
في ما يتعلق بحياتي، فأنا أحد مواطني وأحد شباب -سابقاً- هذا البلد المعطاء، في ما يتعلق بأول الحياة، فكنت في بيئة فقيرة، ولكني أتمنى في هذه المناسبة من إخواني ومن شبابنا أن يعرفوا أن الطريق إلى النهاية لا يكون إلا بصعود سلّم، وسلم كثير الدرجات، ولا بد من الصبر على تسلق هذه الدرجات، حتى يصل الواحد منهم إلى ما يصبو إليه، وإلى ما هو في الواقع يؤهل نفسه لأن يكون إليه. إن لي حفظكم الله في هذه الحياة مجموعة منعطفات، أول منعطف كان إثر نيلي الشهادة الابتدائية عام 1365هـ، وكانت في ذلك الوقت في مرتبة الدكتوراه في وقتنا الحاضر، لماذا؟ لأنه من النادر أن تجد في ذلك الوقت من يحمل هذه الشهادة، لا بالنسبة لندرة الحاملين لها، ولا بالنسبة لمستوى البرنامج هو كان مهيأ.. ممكن يا إخواني أن أذكر لكم الآن من البرنامج الذي كنا ندرسه في المرحلة الابتدائية، أذكر لكم بأننا ولا تزال أسئلة الاختبار عام 1365هـ موجودة عندي، كان مقررنا في التوحيد العقيدة الواسطية، وكان مقررنا في الفقه أخصر المختصرات، وكان مقررنا في النحو "النحو الواضح"، وكان مقررنا في التاريخ "الخلفاء الراشدين، والدولة الأموية والدولة العباسية"، وكان في ما يتعلق بالرياضيات -ولا نعرف هذا الاسم إلا أخيراً، وإنما كان يسمى بالحساب- ممكن حفظكم الله أنه كان منهجنا في السنة السادسة الابتدائية الكسور العشرية، والنسبة والتناسب، حساب المائة، وحساب الشركات.. والله يا إخواني عندي الآن الأسئلة على الاختبار في هذا الشيء، فعلى كل حال، لا شك وفقاً لما ذكرت أن الدراسة في ذلك الوقت كان لها اعتبارها.. بعد ذلك اتجهت اتجاهاً آخر لأن والدي رحمه الله توفي وأنا في حدود أربعة عشر عاماً، وكنت أكبر إخواني، فرأيت أنني مسؤول عن هذه الأسرة، فتوجهت إلى طلب الرزق، وفي الوقت نفسه ذهبت إلى الأحساء واتجهت اتجاهاً تجارياً، وكنت أتجه نحو أن أكون من رجال الأعمال، ولكن الله سبحانه وتعالى عصمني من ذلك، وفي الوقت نفسه اتجهت إلى التدريس، فدرّست في المدرسة الابتدائية، ثم اتجهت بعد ذلك إلى الدراسة في المعهد العلمي أول ما افتتح في عام 1371هـ، ثم كانت بعد ذلك الدراسة الجامعية. الأمر حين كنت متجهاً إلى التدريس، صادفت منعطفاً آخر، وهو أن سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمة الله عليه، اختارني لأكون عضواً في الإفتاء عام 1377هـ، فعملت معه رحمة الله عليه، حتى عام 1389هـ، وهذا هو وقت وفاته، ثم بعد ذلك تشكلت هيئات قضائية، فكنت أحد أعضاء الهيئة العلمية التي استمرت سنتين بعد وفاة شيخنا، ثم الهيئة القضائية التي استمرت ثلاث سنوات، وحل محلها بعد ذلك المجلس الأعلى للقضاء، ثم اتجهت بعد هذا منعطفاً وهو المشاركة، أي إيجاد منعطف مع المنعطف الشرعي، ألا وهو المنعطف الاقتصادي، ففي الواقع أخذت الماجستير ببحث عنوانه: الورق النقدي تاريخه ونشأته وحياته، وهيأت بحثاً صار كتاباً في ما بعد وفي ما أعلم لم يوجد كتاب عربي مستقل بالأوراق النقدية قبل هذا الكتاب، وكان هذا الكتاب منعرج انعطاف إلى أن أتجه إلى الجانب الاقتصادي، حيث رأى سمو الأمير محمد الفيصل، وهو المسؤول عن دار المال الإسلامي، رأى ترشيحي لأن أكون عضواً في الهيئة الشرعية، وهيئة الفتوى، فكان هذا مبدأ اتجاهي إلى الجانب الاقتصاد، وفي الواقع حفظكم الله، لا يقال أنه صار لي باع في هذا النوع أو شيء من هذا، أنا أقر وأعترف أن كثيراً من إخواني وزملائي أكثر مني تحصيلاً وفقهاً وعلماً، ولكن ما الذي أوجد مثل هذا التوجه البارز، هو الدخول في المعترك الميداني. لا شك أن الدخول في المعترك الميداني هو المدرسة الكبرى، فمعلوم أن الدراسات النظرية لا يمكن أن تعطي محصل هذه الدراسات المقدرة والكفاءة العلمية إلا بعد أن يأخذ من التطبيق العملي لهذه الدراسة ما يمكن أن يكون محصلاً ومتمماً لهذه الدراسة. وفي الواقع حصل هذا المنعطف، وهو منعطف الجانب الاقتصادي، وفي الوقت نفسه كنت مع مجموعة من إخواني وزملائي نمارس النظر المصرفي، ونتحسر من وجود الربا في البنوك العامة، وفي الوقت نفسه نسمع من يقول بأنه لا يمكن أن يكون اقتصاد بلا بنوك، ولا يمكن أن يكون هناك بنوك بلا فائدة، ولا يمكن ولا يمكن، يعني معنى ذلك أن اليأس من وجود ما يقضي على الربا والعناصر السيئة في الاكتساب، كان هذا على كل حال محل استبعاد، وأن من يتحدث في البحث عن بدائل، يعتبر موغلاً في الوهم وفي الخيال، ثم -حفظكم الله- وجدت في مجموعة كبيرة من إخواننا من القائمين على المصرفية العامة -وهذه فطرة الله التي فطر الناس عليها- وجدنا فيهم الحماس في العمل والجهاد في سبيل إيجاد البدائل عن المعاملات الربوية، وبدأنا ننادي بذلك، وسمعنا من إخواننا هداهم الله، ما يثبط العزائم، ولكننا كنا مؤمنين بالله، وكنا نضع في إحدى الأذنين طينة، وفي الأخرى عجينة، واستمررنا على هذا على الرغم مما سمعناه من القائمين على المصرفية العامة، ومن زملائنا من طلبة العلم الذين كنا نأمل أن يكونوا عوناً لنا، فكان منهم للأسف الشديد ما كان، ولكن الله سبحانه وتعالى يأبى إلا أن يتم نوره، وأن يأتي بالحق ويزهق الباطل، فكانت والحمد لله المصرفية الإسلامية والتي وصلت إلى مستوى نحمد الله عليه، وحققت مستوى انتشار وانبساط لم يكن في بلادنا فحسب، ولا في البلاد الخليجية، ولا في البلاد العربية، ولا في البلاد الإسلامية، وإنما انتشرت حتى أصبحت مطمعاً وهدفاً لأن تكون في البلاد الأوروبية والأمريكية وفي اليابان والصين، وأحد زملائنا الآن عضو في هيئة شرعية في مجموعة من الشركات اليابانية، للعمل وفق المصرفية الإسلامية.. فالحاصل حفظكم الله، أن هذه المنعطفات كان لها أثر في حياتي وفي ما رأيناه من ضرورة أن نتفاعل مع تفاعل بلادنا، لأنها ولله الحمد اتجهت -أو كشفت الأقنعة عنها- حينما كان منها المزيد من الاتصال بالعالم، وكان بذلك أثر كبير والحمد لله تمثل في وجود وانتشار هذه المصرفية الإسلامية، وأنا أقول من وحي تجربتي، والشيء الذي أشكر الله سبحانه وتعالى عليه أنني لم أقم في برج عاجي بل نزلت أتحدث مع إخواني في الفكر، مع إخواني الصحفيين، مع إخواني الإعلاميين، مع إخواني طلبة العلم، مع إخواني وزملائي في هيئة كبار العلماء، مع مجموعة كبيرة من الشرائح، وفي الوقت نفسه أجد لهذا أثراً كبيراً في سبيل ما حصلت عليه، وإن كنت لا أزال أكرر وأعترف إنني لم أحصل على الشيء الكثير، وإن كان إخواني يرون الشحم، أو يرون الورم شحماً ولحماً، ولكني أنا أبخس منهم فيّ لنفسي، وأرجو الله سبحانه وتعالى أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه، وأكرر على شبابنا بضرورة أن يعرفوا بأن الممارسة العملية هي في الواقع الطريق إلى مضاعفة الكفاءة العلمية، وإلى مضاعفة الابتكار والأداء والعطاء، لا شك في أن الميدان هو الذي يعطي الكثير من الشيء الذي ممكن أن تكون آثاره كثيرة، وأحب أن لا أستأثر بهذا الحديث لأجل أن يكون هناك حوارات في ما بيننا، لا أقول بأنني سأجيب، وإنما سيكون بيننا حوارات، ومثلما قال أخي قينان وغيره ممن قالوا، نحن وإن كنا نحترم أخانا عبد الله إلا أننا قد نختلف معه في بعض الآراء.. لا شك أن الحقيقة ضد البحث، وأن الأمور الاجتهادية دائماً وأبداً محل نظر، ممكن أن أقول، وأقول، وأؤكد ما أقول، وأقتنع بما أقول، ثم يتضح بأنه قول غير صحيح، وكم من أمور ويعلم الله يا إخواني أقولها ثم يتبين لي بعد ذلك خطؤها، ولكني في الواقع لا يكون مني أي خوف في الرجوع، وفي إعلان الرجوع عما كنت أراه صحيحاً، ثم تبين خطأ، فعلى كل حال أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه، وأكرر شكري وتقديري لسعادة شيخنا عبد المقصود على إتاحة هذه الفرصة المباركة، لا سيما مع هذه الكوكبة المباركة من إخواني وأخواتي الذين جاؤوا للمشاركة في هذه الأمسية المباركة، جعله الله مباركاً أينما كان، ووفقه في الحياة الدنيا، وفي الآخرة، وجعل ما يعمله ريادة مباركة للآخرين، فلا شك أن العمل الصالح هو العمل الباقي، حفظه الله وجزاه الله خيراً، وشكر الله للجميع، صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
عريف الحفل: شكراً لفضيلة الشيخ عبد الله بن منيع، عضو هيئة كبار العلماء، والمستشار بالديوان الملكي. الآن قبل أن أنتقل إلى الأسئلة، كلمة للشيخ عبد المقصود خوجه.
الشيخ عبد المقصود خوجه: وردتني كلمة من الدكتور السيد عبد الله فدعق، يقول فيها: كنت أتمنى أن يتسنى لي حضور تكريم الاثنينية لفضيلة الشيخ عبد الله بن منيع، إلا أن ارتباطاً سابقاً لي خارج البلاد حال بيني وبين الحضور، آمل أن أشارككم الأمسيات، ولي كلمة، فضيلة الشيخ عبد الله بن منيع نختلف معه في بعض ما كان أو يكون من أطروحاته، لكن هذا لا يسلبه حقه الكبير كأحد أبرز علماء هذه البلاد المباركة، الذين يرجع إليهم في كثير من أمور الحياة. قلت ما قلت لأثبت لجمعكم الكريم، أن العلم حقاً رحم بين أهله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :545  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 9 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الثامن - في مرآة الشعر العربي - قصائد ألقيت في حفل التكريم: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج