شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ملحمة
خير ما يُتقرَّب به إلى الله، هدمُ الضَّلالات. وشرّ الضّلالات ما اتّصل ببواطن النفوس المطمئنة، فمسَّ موضع الإيمان منها، أو اصطاد العقائد الثابتة، فوخز قُدسَ الثقة فيها، متلبّساً بلباس السِّلاح والتَّقوى.
وبعد، فهذه كلمة نَذود بها عن الحق والدِّين، وما نطيق أن نسكت على أن يزعم زاعم أنّ القرآن نشيدٌ يضاهي أناشيدَ المخاليق، وتُتلمَّس الصِّلة بينه وبين موسيقى (بتهوفن) وغناء (مَعبَد).
ونستمد العون من الله وحدَه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
قُلْ لضاوٍ، خافَ الصِّيال، فَعَرَّدْ
لِمَ؟ والعهدُ بالسَّبيل ممهَّدْ؟ (1)
تتوارى خلفَ الكناياتِ والرَّمـ
ـز، كما يَرسُف السَّجينُ المصفَّد؟
ما مديحُ النَّبيِّ تُقْيَةُ مَن مُسَّ
فَحَامَى، أو استشاط، فَعَربد
هو قدسٌ، لا يَنتحيه الصَّعاليـ
ـك، وطودٌ لا يَستجيب لِمُقعَد
والجهادُ الصَّريح شأنُ القديريـ
ـنَ، فهلاً! وموقفُ الجِدّ يَشهد!
يا مُسمِّي آيَ الكتابِ نشيداً
ومُضاهِيهِ بالنَّظيمِ المقصَّدْ
أيُّ أعمى بصيرةٍ قال ما قلـ
ـتَ، وأجرَى (بتهوفن) فيه و (مَعبَد)؟ (2)
أفكان القرآنُ تطريبَ شادٍ
يتغنَّى به لسانُ (محمَّد)؟
إنها عَثْرةُ الضَّلالة، والحقُّ
لأمثالِها، وشُهْبٌ، بمَرصَد
لا لَعاً، والدفاعُ عن شِرعة الدِّيـ
ـن جهادٌ، إن حَقَّ لا نتردَّدْ (3)
واخترَطْنا له براعةَ جبّا
رين، حُمْسٍ، من حاسِرٍ ومُسرَّد (4)
وهُدى الدَّين قائدُ الفِطَر السَّمْـ
ـح، ومَن يُخطئ الهدايةَ -يَجحد
* * *
أنكرَتكَ الأفهامُ، يا مرسِل الشّعـ
ـرِ، مَتاعاً، لا كان مُزجيه، مُكسَد
ورأى النّاسُ كيف يَركب بالنّكـ
ـتةِ طبعٌ، ظنَّ اللِّواءَ (تَمَدَّد)!
و (الكوى!) ما تكون من جُهد أبطا
لٍ، أهابت به قيادَةُ أحمد
لم يكن في صِحاب أحمدَ رِعديـ
ـدٌ، دعاهُ داعي الجهادِ فَعَرَّد
(يا كوى!) -والكوى خيال الصَّعاليـ
ـكِ، أهذا وَشْيُ البيانِ المُجَوَّد؟
(الكوى!) هِيهِ (والتمدّد!) والرّا
يةُ، يا صاحبَ القريض المجدَّد!
ليتَ مَن أوهَمَتْهُمُ، فيكَ، دَعْوا
كَ، يَرَون المكسُوَّ كيف تجرَّد!
وبدا عارِيَ القريحةِ والسَّوْ
ءَةِ يَلقَى شمساً بمقلة أرمَد!
غَصَّ بالسَّابقين، قصَّر عن شَأْ
وٍ، وأراغُوه، فالتظى وتلدَّد (5)
ومَشَى في غبارِهم، ساقِطَ النَّفـ
ـس، لُغوباً، بأخبثَيْهِ مُزوَّد (6)
* * *
وَيْكَ! ما زلتَ أخرقَ الرّأيِ والخُطَّـ
ـةِ، ذا شيبةٍ، وكهلاً، وأمرَد!
أنا مَن لا تَعِبْه إن دعا الجـ
ـدّ، قوافيه في مَغيب ومَشهَد (7)
مصغياتٌ لها المحافلُ، ما تا
هَ، بِمَرْوِيِّها، الحديثُ المردَّد
وأنا المرسِل الكلامَ شآبيـ
ـبَ لهَيبٍ، تَشقَى لهنَّ وتَسهَد!
والذي عوَّدَتْه همَّتُه الطّعـ
ـنَ، بِداراً، ونِعمَ شأنُ المعوَّد (8)
وأنا السّاحر المعيدُ العماليـ
ـقَ، قِماءً، والزّيفَ وَهماً مبدَّد!
أنا هذا، فدع نشيداً تلقّتـ
ـه قلوب ظمأى، فغار وأنجَد!
وألح لي بصفحةٍ، ضرب الذ
لّ عليها شعاره وتأبَّد!!
وإذا شاقك الخِطار، فلا كا
نَ يَراعٌ دعا الخِطارُ، فبلَّد!
* * *
أيُّها النَّاظم الذي يَشرَقُ القو
لُ بفيه، من الكلال، فيخمَد!
البيانُ المضيءُ ما أشرقَت فيـ
ـه معانيه بالفِرِندِ المنضَّد
والنَّظيمُ الأخاذُ ما أطلَق الفِتـ
ـنَةَ، فيه عفوَ السَّجيَّة، مفرَد
كلُّ لفظٍ منه هَزارٌ، إذا نا
غاه حُسنُ المعنى، أجاب فغرَّد
وثَراءُ الأفكارِ بالمُشرِق النَّا
صع، تَسمو به الغُيوم وتَصعَد
والخيالُ الممتدُّ في أُفُق الفكـ
ـرِ، خضَمٌّ أمداؤهُ ما تُحدَّد
تَتَسامى به رُؤى العبقريِّيـ
ـن، جَمالاً طَلقاً، وسِحراً مجرَّد
لا لُهاثاً، تردَّدَت فيه أنفا
سُ ضعيفٍ، تَغيب فيه وترتد
وذُرى الفن، للبصيرين بالفنِّ،
مَقامٌ على الزمان مخلَّد
تتلقَّى سفوحُها نَهلَةَ الخِصـ
ـب، فتربو، فَواحةً، وتَوَرَّد
والجديد الكابي جَديبٌ، وإن فا
ض به الغَيثُ، ساكباً، وتردَّد
رُبَّ نامٍ زَكا على بسمة الغيـ
ـثِ، وذاوٍ إن يَبلغ الرِّيَّ يَكمَد
وسبيلُ الحياة، في الخِصب والجَد
ب، يَراه الجهولُ لُغزاً معقَّد
إنّ سراً يخبو به الهَرِِم الشا
ئهُ سِرٌّ في ناشئٍ يتوقَّد
وحياةُ الزَّمنى فناءٌ، وإن ظنَّ
وجوداً، أو ادَّعى، وتكبَّد (9)
وصراعُ الحياة قانونُه القو
ةُ، لا الضعفُ، إن وهَى أو تجلَّد
وسلاحُ النفوس، في زحمة الكو
ن، سجايا، تَشقى بهنَّ وتَسعَد
وطريقُ القوِيِّ، في هذه الدنـ
ـيا، سواءٌ عسيرُه والمعبَّد
وطِماحُ القلوب يخترقُ الوعـ
ـرَ، وُثوباً، بعَزمَةٍ منه أصلَد
والضعيفُ الكليلُ ينفُثُ شكوا
ه، دموعاً حَرَّى، ويأساً مصعَّد
كلما هَبَّ خانه هَرَمُ النَّفـ
ـس، فأقعى واهي العزيمة، مُجهَد
واشتكى "شجوَه" إلى "أنجم الأفْـ
ـق"، وأرغى على "الفَرُوق" وأزبَد (10)
داعياً "حظِّه" دعاءَ المهازيـ
ـل، فلا اعتَدَّ النِّبال، وسدد
حافزاً يقلبَه الرَّثيثَ، وهل لبَّـ
ـى فؤادُ المشفِي نِداً فأسعد
الكفافَ! الكفافَ! يا "مُشبِهَ الزَّهـ
ـرِ" "بروزاً!" والعيش مراً منكَّد
والخجولُ المجفوُّ! والسِّخرُ! والقلَّـ
ـةُ! فاطمَع، إذا رجَوتَ، أو ازهَد
فالعماليقُ -أيّها القَزمُ للسَّبـ
ـق، إذا ذلَّ ساخط، أو تمرَّد
وأبَرُّ الجهاد هَدمُ الضَّلالا
تِ، فهل يَسنَحُ الجهادُ، ونَزهَد؟
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :438  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 145 من 169
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.