شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ثمَن الحرّية
أنا حُرٌّ.. أنا حُرُّ
أنا حُرٌّ حقّا
في بلدٍ حُرٍّ، انتزعَ الحريَّة
بدَمِ الشُّهداء..
ونضالِ الأحياءِ الأنضاء..
بقايا المعركةِ الكبرى..
تحت الأعلامِ.. الخضراء..
وتحت الأعلامِ.. الحمراء..
وتحت مَزيجٍ حُلْوٍ من ألوانٍ أخرى
تَبقى.. أو تتغَيَّر.. وَفقَ عزيمةِ
قُوَّادِي الأبطالِ.. الثُّوار.. الأُمناء..
هي أعلامٌ.. آمنتُ بها إيماني.. بِوُجودي
وهتفتُ لها بِدَمي.. وبأعصابي..
وبِفَوْرة أشواقي.. وبإيماني..
وبكلِّ كِياني..
ووقفتُ أُدافِعُ عنها بشقائي في المَيدان..
وبسُهدِي في الخندق..
تحت النِّيران..
بزَهرةِ عُمرِي.. بأمانيِّ شبابي..
وبمن ماتوا.. من أهلي.. وصِحَابي..
قتلَى.. حَولِي.. وأمامِي..
وبمن ماتوا منهم.. تحت الأنقاض..
وفي أطباقِ السِّجنِ.. على مَرِّ الأيام
أعلامٌ آمنتُ بها..
وهتفتُ أُدافع عنها..
في مطلَعِ أيَّامي الأولى..
قبل المعركةِ الكبرى..
ضِدَّ الطُّغيان..
بِعثارِي في تيَّارِ الظُّلمة.. والإرهاب..
بقلمي.. بلساني..
بسلاحِ الكلْمة.. بالمبدأ.. بالأحرار
حتَّى شَقَّ الجُهدُ طريقَ النَّصر..
وحتَّى عُدتُ من المَيدانِ فخوراً بجراحي..
وبأنّي حُرٌّ..
حُرٌّ حَقّاً.. حقّا..
حتّى من ماضيَّ الضَّائعِ.. أحلاماً وشبابا..
حتّى من بيتي..
فقد استُشهِد. يوم استُشهِدَ أهلي..
خَرَّ.. خَرُّوا تحتَ الأنقاض..
وصاروا منها
وكذاك قبورُ الشُّهداء..
ذِكرى.. خالدةٌ.. أكبرُ من كلِّ إطار..
ومضَيتُ أسابقُ أحلامي..
وأُعيدُ نشيدَ المَيدان..
* * *
ومضت أيَّامُ العيدِ.. سِراعاً.. كَسِنِيِّ حياتي..
وتحرَّك في نفسي شيءٌ يسألني..
ماذا بعدُ..؟؟
وسمعتُ صَدَى صوتِي.. مبحوحا..
يلهَثُ.. يتقطَّع..
أنا حُرٌّ.. أنا حُرٌّ حقّا..
أتثاءَبُ.. أتَسَكَّع..
أمشي.. أنظُر..
أضحكُ.. أبصُق
حيث أشَاء..
وأنامُ.. ولكن.. أينَ أنام..؟؟؟
لا مَأوى.. غيرُ ظلالِ بيوتٍ لم تتهدَّم..
يومَ تهدَّم بيتي..
لكنْ مالِي والبيت..؟؟
فها أنا حُرٌّ.. حتَّى منه..
ومن أهلي..
حُرٌّ.. حتَّى من عملي..
من لقمةِ عَيشي..
إنْ عَزَّ.. وقد عَزّ..
طعامي..
وإذا كلماتُ نشيدِ المَيدان..
نشيدِ الحريَّة..
تتحوَّلُ ألفاظاً أُخرى.. مُبهَمةَ المعنى..؟
مثلَ وجودي..
وإذا الأعلامُ الخضراء..
وإذا الأعلامُ الحمراء..
تبدو في الأفقِ أمامي..
خِرَقاً.. باليةً.. باهتة..
كنشيدي..
لا أدري.. لا أفهم..
لا أشعر..
كيف أنا حُرّ..؟
ما دمتُ بلا عمل.. وبلا مأوى..
وبغيرِ طعام...؟؟
وهَمَستُ بهذا داخلَ نفسي..
ثم قذفتُ به.. كبُصاقِ المسلول
فتأذَّى النَّاسُ لأنِّي
شَوَّهتُ جَمال الحُرِّيَّة..
بخيالي المتسكِّع.. مِثلي..
ورأيتُ عيونَ النَّاس..
تقولُ.. اسكتْ..
وتشيرُ إلى جنديٍّ يتقدمُ منَّا..
جنديٍّ من حَرَس القانون..
حرس الحريَّة.. مَنْ خاضوها..
بالسَّمعِ.. وخاضوها بالطَّاعة..
بعدَ المعركةِ الكبرى..
معركةِ الخندق.. والمَيدان..
معركةِ الحرّية..
معركةِ شبابي.. وحياتي..
معركةِ المأوى واللُّقمة..
والخندقِ والظُّلمة..
ونشيدُ المَيدان..
معركةُ الألوان..
* * *
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :869  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 169 من 169

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.