شَقِيتُ بها بين الكُهولةِ والصِّبا |
مآربَ، لمَّا أقضِ منهنَّ مَأرَبَا
(1)
|
تقاضَيْتُها عهدَ الهَوى، وقَدِ انطوى |
وما زلتُ أرجو فَجرَها مترقِّبا |
يَهيمُ خَيالي في ذَراها مُجنِّحاً |
فَيهوِي جريحاً في ثَراها مُخَضَّباً |
أرى مسرَحَ الآمالِ أصفرَ خاوِياً |
وقد كان مخضَرَّ الجوانبِ مُعشبِا |
ألُمَّ جِراحَ القلبِ فيه على الأسَى |
مصيراً، عَداهُ الكِبْرُ أن يَتعتَّبا |
يَنوءُ بها صَبري خيالاً معذَّباً |
وتَمضِي به الأيّامُ سِرّاً مُغَيَّبا |
وحتَّامَ؟ لا أدري، ولكنها خُطى |
يواصِلُها المكفوفُ، أذعَنَ، أم أبى |
مضى قَدَرُ السَّاعي إلى غيرِ غايةٍ |
بهِ، وكَفَاهُ الجهلُ أن يَتَهَيّبا |
نخوضُ وحولَ العَيشِ عَبر حَضِيضَةٍ |
ونَحلُم بالإزهارِ نضراً على الرُّبَى |
خيالٌ أجادَ الوَهمُ نَسجَ خيوطِهِ |
شَقِينا بما أزجَى إلينا وأعقَبا |
أراني شريداً، أنكرَته بِلادُهُ |
فشرَّقَ مسلوبَ القرارِ، وغَرَّبا |
وناضلَ، يستبقِي الرَّجاءَ، فلم يَجِدْ |
عدا اليأسِ نهجاً، والمعاطبِ، مَركبا |
خبا نَجمُها الوضَّاءُ، أحلامَ ضاربٍ |
على ظُلماتِ العيشِ، لم يَلقَ مَذهَبا |
تحاملَ فيها، يَخبِطُ الوعرَ سارياً |
إلي الحقِّ، لا يُبدِي له الوَعرُ كوكبا |
وكيف؟ وما في العُمرِ للجهدِ فَضلةٌ |
أفَجِّرُ فجراً، أو أُزَحزِحُ غَيهَبا؟ |
صِراعٌ، أضاعَ العمرُ فيه شبابَه |
تَكَشَّفَ عن هَوْلِ النِّهايةِ مُرعِبا |
أأنكُصُ؟؟ لا.. حتَّى أضرَّجَ مُمسِكاً |
بسيفِ اعتقادِي، ما بَقيتُ، وإنْ نَبا |
فما أنا إلاّ ما أهيمُ بِحُبِّهِ |
من المُثل العُليا، جهاداً ومَطلبا |
سمَوتُ بنفسي أن يهونَ حَياؤُها |
فَيسحرَها بَرقُ المطامع خُلَّبا |
رضِيتُ لها ضَنكَ الحياةِ، وَرُضتُها |
عليه، فألفَتْهُ عذاباً محَبَّبا |
رفيقانِ، قد عاشا على خيرِ صحبةٍ |
تُحوِّلُ جدبَ العيشِ رَيّانَ مُخصِبا |
* * * |