شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
بركات بن محمد بن بركات للمرة الرابعة
وكان بركات هذا قد فرّ من منزله الذي خصّه به الغوري على أثر وصوله مأسوراً في ركب الحج المصري كما أسلفنا في حوادث العام السالف.
فرّ من مصر إلى ينبع وعلم فيها بأخبار قتل أخيه أحمد في المطاف واستيلاء أخيه الثاني حميضة على مكة فقرر الارتحال إلى بعض الجهات شرقي مكة (1) ليعمل على انتهاز الفرصة فيها لاستخلاص مكة من أخيه حُمَيضة.
وقد أقام ببعض القبائل وتزوج فيها بسيدة من بنات الحسين أنجبت له فيما بعد ابنه أبا نمي الثاني (2) .
ولم يدم انتظاره إلاّ بضعة أشهر وقد استطاع أثناء ذلك أن يستنفر بعض القبائل من بني عقبة وبني لام وغيرهم حتى اجتمع لديه عدد وافر استطاع أن يهاجم به مكة يوم التروية ثم يمضي في جيوشه إلى عرفات وينصب خيامه على كثب من جبل الرحمة.
ومضى أمراء الحج يصحبون أتباعهم إلى عرفات فنزلوا بها وتبعهم سائر الحجاج ولم تحدث إلاّ مناوشات بسيطة مع بعض الأعراب في طريق منى بينما تخلف عن الحج أكثر أهل مكة في ذلك العام، ثم نفر الناس إلى المزدلفة ثم إلى منى سالمين إلاّ من حوادث ((فردية)) نهب فيها بعضهم (3) .
ويبدو أن الحجاج شعروا بضرورة إسراعهم في العودة إلى جدة قبل اشتباك المتنازعين فما كادت القوافل تغادر منى حتى واصلت رحيلها إلى جدة وقد استغل الفرصة بعض رجال البادية فاعترضوا القافلة الأولى في طريق جدة وكانت تبلغ ألف جمل فجعلوا على كل جمل ستة ((محلقة)) وعلى كل حمار ((محلقتين)) وفعلوا مثل ذلك في قافلة بعدها كانت في مثل حمولتها ولم يجدوا من يصرفهم عن ذلك لأن حميضة كان في شغل عن ذلك بنفسه.
ولم يجد جيش بركات من يقاومه كثيراً ولعلّ حميضة شعر باستحالة ثباته أمام المهاجمين فغادر مكة فراراً من سيف أخيه وبذلك استولى بركات على مكة في 12 ذي الحجة عام 909 للمرة الرابعة (4) .
وأمَّن بركات الحجاج والأهالي على أثر ذلك ثم كتب إلى السلطان الغوري يطلب منه التأييد فوافاه التأييد ودعى له ولعليّ ابنه على قبة زمزم كما دعى له وحده بعد السلطان الغوري على المنبر وخلع عليه وعلى أخيه قايتباي (5) .
وفي عام 913 تجرّأ بركات على بعض القبائل التي نهبت البيوت في مكة أثناء هجمات أخيه السابقة وأحضر بعض الخارجين الذين جعلوا على قوافل الحجاج أتاوات خاصة فأمر بضرب أعناقهم وأرسل بعضهم إلى الشراكسة في مصر فضربت أعناقهم فيها.
ومن غريب ما يرويه التاريخ في هذا العهد أن المكلف بأمر التنظيفات في مكة كان يمر في شوارعها وأزقتها فإذا وجد تحت بيت أحدهم شيئاً من القمامة دعا صاحب البيت وأمر بضربه على رجليه وأنه فعل ذلك بعدة أشخاص سماهم المؤرخ، فأمسك الناس عن إلقاء ((القمام)) في الطرق العامة (6) .
وأوفد بركات في عام 915 بعض أقاربه إلى السلطان الغوري في مصر بهدايا نفيسة كان من جملتها عشرون عبداً حبشياً وعشرون ألف دينار ذهباً وعشرون فرساً وثلاثة آلاف دينار للدويدار ((الكاتب)) (7) . وهكذا تنعكس الآية في مثل هذه المناسبات ويصبح الحجاز الفقير إلى ما يقيم أوده ويشبع أهله يقدم الهدايا في أرقام بليغة إلى البيوت الملكية في البلاد الغنية ويترك بلاده في حاجة إلى كل قرش من هذه الأرقام تصرفه في مرافقها العامة وتغني به عوز فقرائها ممن تركوا يحترفون الصدقات.
وفي عام 918 أرسل السلطان الغوري يدعو بركات لزيارة مصر فاعتذر بكبر سنه وأوفد إليه ابنه محمداً أبا نمي الثاني في جماعة من علماء مكة كان بينهم قاضياها صلاح الدين بن ظهيرة القرشي ونجم الدين بن يعقوب المالكي وكانت سن أبي نمي إذ ذاك لا تتجاوز الثامنة وقد قوبل بحفاوة عظيمة وأبدى أبو نمي من ذكائه ما أعجب به السلطان الغوري.
وقبل الغوري يد أبي نمي أول ما قابله ثم كتب له مرسوماً يخوله حق الشركة مع أبيه في إمارة مكة (8) .
 
طباعة

تعليق

 القراءات :357  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 122 من 258
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.