فهارس الكتب عناوين الكتب محتويات الكتب أسماء المؤلفين الكل          البحث   

مكتبة الاثنينية
الرئيسية > كتاب الاثنينية > الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ أحمد السباعي > الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ أحمد السباعي - الجزء الأول > قال وقلت > الجزء الثاني > مَظاهر السّرف في مُناسبَاتنا (2)
مَظاهر السّرف في مُناسبَاتنا (2) قلت لصاحبي: وكنا في صدد ما نتكلفه في سائر مظاهرنا الاجتماعية من سرف لا يقره منطق مما شاهد لتقاليد معينة لا يقول بها عاقل. قلت له: إن مأساة المآسي نرى أثرها اليوم كعقبة كؤود أمام مستقبل شبابنا فالشاب الذي يرجو أن يكمل لنفسه نصف دينه تأبى هذه التقاليد إلاّ أن تقف دونه وما يرجو. فقد بالغت التقاليد في تقييم الصداق المفروض حتى ضاعفت أرقامه بشكل مخيف.. وتسأل من أين للشاب وهو في خطواته الأولى من الحياة بمثل هذا المبلغ الفخم؟ ومن أين لنا أن نضمن كفاءة أبيه أو وليه لتقديم مثله. وإذا افترضنا أنه أو وليه بذل المستحيل في سبيل جمعه فهل انتهى به الأمر عند هذا الحد، أم أنه مطالب إلى جانبه بعشرات الواجبات كلها نصب وكلها إرهاق وكلها لا تقوم إلاّ على ركيزة واسعة من المال. تسأل كل هذه الأسئلة فلا تجد مَن يجيبك عليها إلاّ من يقول على الشاب أن يؤجل أمره إلى ميسرة. وتسأل أثمة من يضمن نتائج هذا التأجيل ونحن نعلم ما يحف به من أخطار وما يحدق به من مآسٍ كما نعلم مبلغ ما يسيء مثل هذا التأجيل إلى فتياتنا في خدورهن؟ تسأل فلا تجد من يقنعك لأن جمهرة من تسألهم يألمون كما تألم، ويحزنون كما تحزن، ويأسفون كما تأسف لعجزهم عن علاج الأمر وتطبيبه. إذاً فأين الحل؟ لا أحسب ثمة حلاً إلاّ عند الوعي العام إذا تفتق عن مفاهيم ذكية تعرف كيف تقدر الأمور في ضوء الواقع الصحيح. حدثني صديق فقال تقدم إلى فتاتي مَن يطلب يدها فلما وثقت من كفاءته ورضيت دينه وعقله أعلنته موافقتي، فتقدم إليَّ بالصداق فرجعت به إليه قبل أن أحصي عدده وقلت هو مني إليك لتقيم به أود بيتك وما يلزم لقرانك وزفافك، ثم أضفت إليه ما استطعت منحه من جيبي، فما زاد أن عقد قِرانه في ليلة واحدة تسلّم في صباحها زوجه ليبني بها كيفما شاءت وشاء. هو ذا أسلوب العاقل الذي يعرف منتهى آمال الفتاة أن يبني بها في بيتها، وأن ما دون ذلك من مظاهر لا تزيد عن كونها ثانويات لا تقدم ولا تؤخّر. ولكن إذا قنع الأب بمثل هذا الأسلوب هل تقنع الأم والأخت والجدة بما رآه؟! أحسب أن أهم مآسينا تنبت في هذه الزاوية، ولكن أملنا وطيد في مدارس البنات الجديدة التي نرجو أن تهيئ لنا أمهات نفخر بوعيهن وثقافتهن وكمال تقديرهن لحقائق الأمور.
طباعة تعليق  القراءات :325  التعليقات :0
صفحة 110 من 156

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان

هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع
	تسجيلات كاملة
	مقتطفات لتسجيلات مختارة
	لا أؤيد
النتائج