شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عَليْنا ألاّ نتشاءم
(2)
قال صاحبي: وكنا في صدد المتشائمين الذين يجهلون معاني الثقة بالنفس، وهم يحسبون أن لا أمل في نجاح أمة العرب وهم في غمرة هذا الشتات وهذه اللاأبالية المقيتة.
قلت له لا أرى أن نذهب بعيداً في مثل هذه المعاني، فنحن اليوم على أبواب محاولات لا يُستهان بفاعليتها.
لا أرى معنى لليأس. فالحياة دول يصعد في مدارجها المتفائلون ويتثاقل السلبيون واللاأباليون فيستمرئون حضيضها ويستنيمون لطراوتها.
لا يجب أن نتصور الحياة كالحة لا ينفذ إليها ضوء. ففي هذا ما يثبط العزائم وتفتر له الهمم. فالرجل الرجل لا يعترف بعجز ولا يعرف في الحياة مستحيلاً. وليست الأمة إلاّ مجموعة أفراد تتضافر عزائمها على العمل في سبيل النهوض وتمشي في مواكبها مشية المعتز بنفسه الواثق من كفاءته وقدرته على مجابهة الحياة.
كلنا يعرف قصة أمة تعاصرنا اليوم في آسيا، وأخرى تعاصرنا في أوروبا خرجتا من حرب طاحنة منهوكة القوى لم يترك الدمار في مدنها وعواصمها إلاّ آثار أطلال ترسم للمشاهد في أول وهلة أبلغ معاني التدهور فلم يفت ذلك في عزائم رجالها؛ لأن لهم من الثقة بأنفسهم ما يجل عن الوصف.
لقد نادى مناديهم حيَّ على العمل فلم يأنوا ولم يستكينوا بل تواثبوا من كل صوب مصممين فما هي إلاّ خطوات وخطوات حتى تبدلت الأرض غير الأرض فانشقت الميادين عن عمران لا يُضاهى ومؤسسات لا تُجارى ومصانع تضج لهول آلاتها آفاقهم على سعتها.
لم يكن بينهم يائسون يفتّون في عضد المنادين ولم يكن بينهم سلبيون يرجفون بما لا يفهمون.
كانت شعوباً واقعية لها فهمها الناضج وعزمها الصامد.. كانت فاهمة مركزها في جلاء واضح عارفة لكل ما يتعين عليها لتستأنف مسيرتها فنشطت لما فهمت وآلت أن تحقق لبلادها ما عرفت.
فما علينا لنحقق لبلادنا ما يتعين علينا تحقيقه إلاّ أن نصرف عن أذهاننا أراجيف اليائسين، وألاّ نبدد ثمين أوقاتنا في تصوير الحياة حالكة قاتمة لا ينفذ إليها الضوء لينير آلام المتوجعين ونستبكي عيون الحائرين ونحيا حياة البكّائين الذين لا يحسنون إلاّ العويل والندب.
علينا ألاّ نترك عدوى اليأس والبكاء تتسرب إلى صفوف شبابنا الجديد فتعطل مواهبه وتثبط من عزمه الذي بتنا ننيط آمالنا به ونعقد عليه أمانينا فالشباب عدة الحياة اليوم إذا تراخى تراخت الآمال المعقودة بناصيته فضاعت أمانينا وخاب لنا كل سعي.
إن بلادنا لا تستنكف أن تسلم مقاليد نهضتنا إلى شبابها المتوثب إذا أثبت جدارته بها، وإلى أن يصم أذنه عن كل متشائم يهرف بما لا يعرف وأن يدلل في ذات الوقت على واقعيته وكفاءته وقدرته على وزن الأمور.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :356  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 108 من 156
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج