شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تحديد النسل في بلادنا
قال صاحبي: قرأت بحثاً مطولاً عن توزيع الصحف في كثير من بلاد العالم المتمدن فتراءى لي أننا بالنسبة لذلك في حاجة قصوى إلى نشاط مضاعف يجاري أمماً سبقتنا في مضمار القراءة والاطلاع.
قلت: هو ذاك.. ففي الأخبار الأخيرة أن إحدى مؤسسات الاستفتاء في بلد أوروبي تراءى لها أن تستفتي مواطنيها عن مبلغ عنايتهم بقراءة الصحف اليومية فأظهر لها الإحصاء أن 85% من السكان يطالعون الصحف اليومية بصورة مستمرة ويستقون أخبارهم منها وأن 15% فقط لا يقيدون أنفسهم بها في صورة مستمرة. وإذا علمت بعد هذا أن سكان تلك المنطقة التي جرى الاستفتاء فيها يبلغ نحو 70 مليوناً علمت المدى الذي يتسع له توزيع الصحف.
صحيح أن شعوب العالم الراقي شعوب قارئة، وأن القراءة وحدها دعامة الوعي المتفتق والذهن المتفتح وأنها السبيل إلى فهم الحياة ومجاراتها في أحدث وسائل الإظهار والتفوق، ولكننا لا يجب أن ننسى أن لتعداد السكان دخلاً كبيراً في اتساع مدى توزيع الصحف، ويأتي بعد هذا في درجة ثانية إقبال المواطنين على فن القراءة وعنايتهم بتتبع كل ما تخرجه المطابع من صحف سيارة أو مجلات علمية أو كتب مؤلفة.
والأمر في شأن زيادة تعداد السكان لا يقتصر على رواج الصحف فحسب ذلك أن سائر أعمال الإنتاج في سائر المجالات يتوقف نجاحه على وفرة السكان وكثرة تعدادهم.. فإن مصنعاً للكبريت أو أطباق الطعام أو أقلام الكتابة أو ورق المطابع لا تنجح أعماله في بلد صغير محدود السكان بقدر ما تنجح في بلد واسع يتمتع بوفرة سكانه وزيادة عددهم.
لهذا كانت أمريكا من أغنى بلاد العالم. فإن مصنعاً ينشأ في أي طرف منها يجد من أسواقها متسعاً للرواج قليل النظير ولهذا كان المستعمرون في أكثر بلاد أوروبا يهمهم أن تتسع مستعمراتهم ليجدوا متنفساً لمنتوجاتهم وأسواقاً مفتوحة لمصنوعاتهم.
ربما اعتمد الاقتصاديون على نشاط التصدير في ترويج بضاعتهم ولكنه اعتماد مهما بولغ في شأنه لا يبلغ مبلغ التسويق الداخلي في أمم وافرة السكان.
نتبين من هذا أن فكرة تحديد النسل التي ينادي بها كثير من الأمم لا تتفق كثيراً مع وضعنا، فربما كنا أحوج من كثير لزيادة تعداد سكاننا سيما وبلادنا واسعة شاسعة تستطيع أن تستوعب أضعاف سكانها اليوم.
إذا تهيأت هذه الوفرة لبلادنا استطاع المنتجون أن يجدوا رواجاً واسع النطاق وإذا ظل أفق التعليم على حاله يتسع سنة بعد أخرى تفتق الوعي واتسعت حاجة المواطن وفهم واجبه نحو ما ينتجه وطنه لا في مجال الصحافة وحدها أو التأليف وحده بل في سائر ميادين الإنتاج والتقنية.
فليس لنا أن نجمد على رأي ونغفل تجارب الحياة واحتكاك العقول بأحداثها.
لا تقل إن علينا أن نسلّم بكل ما يُقال وما يدعيه أصحاب النظريات لا.. ولا أن نرفض كل ما ينتهي إلينا لمجرد الرفض.
يجب علينا أن نمرس عقولنا على دقة الفهم وحسن الاختيار.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :313  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 83 من 156
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأربعون

[( شعر ): 2000]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج