شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حَرامٌ أَلاَّ نَرعى ميزة البَدوي
قال صاحبي: ألا تلاحظ أن بعض البادين يهبطون بعض المدن الكبيرة بحثاً عن الرزق فلا يستسهلون شيئاً ما يستسهلون العمل في وظائف الحكومة؟
قلت: إنها نعرة توارثوها في دمائهم، وقد بات اليوم أكثرهم يشعر بخطئها. فلقد عاش العربي القديم في باديته يعتز بعمله في خدمة إبله وماشيته وصناعة ما ينتج من أصوافها وأوبارها وألبانها، وهو بعد هذا يستخف بكل عمل يزاوله المدني إلاّ أن تكون زراعة في أرض أو تحطيباً في رابية.
كان يرى أن سائر الأعمال من حدادة إلى نجارة إلى مئات من هذا السياق لا تليق بشرف عروبته، وهي فكرة حددت سلوكه وتركته أحقاباً طويلة يعيش حياة متخلفة راكدة.. وأنت تقرأ اليوم في قصصهم القديمة ألواناً من العنت الذي كانوا يقاسونه عندما تمسك السماء وتجدب الأرض وتهلك الماشية فلا يجدون ما يقيم أودهم ولا يحذقون من أعمال الحياة ما يدر عليهم كسباً يعيشون به.
كانت فكرة خاطئة أشاعها جهل البادية وتركها تتأصل في حياتهم وتتوارثها أجيالهم كعقيدة لا تقبل الهوادة ولا يجدي لعلاجها أي محاولة للإقناع.
ولكنا اليوم ونحن على أبواب إشراقة جديدة بات أملنا جد واسع في هذه المدارس الجديدة التي عمّت أكثر البوادي وتغلغلت أو تكاد في أبعد المضارب والمنازل.
إن المبادئ المتوارثة مهما بلغت فداحة أخطائها لا يكفي لمحوها أن نحاربها بأمضى الأسلحة أو أبلغ الأقوال. إنه لا يزلزلها إلاّ تفتق الوعي وانفتاح المدارك وتهيئتها لتغدو مرنة تتفحص الأفكار وتفهمها وتناقش أخطاءها بروح مستقلة لا يقيدها فهم مألوف، ولا عادة متوارثة.
ولا يضمن مثل هذه المرونة بصورة مستوفية إلاّ نشر التعليم في إطار مدروس ومنهج يتناول تثقيف العقول وتمرينها على الاستنتاج والمناقشة أكثر مما يتناول استظهار المقرر وإثباته بصورة آلية.
إنه إذا تفتق ذهن العربي البادي في خيمته، واتسع إدراكه بتأثير ما تنشره مدارسنا اليوم من وعي فسوف لا يعجزه أن يتفهم الأشياء على حقائقها ويدرك أن التصنيع بكافة أنواعه وفي مختلف مجالاته من أقوى دعائم النهوض بالأمم، وأنه لا يخل بشرف الرجل أو أصالة محتده أن يزاول أي عمل في دنيا الصناعة يغني حاجته ويضيف به إلى بلاده لبنة ذات أثر فعّال.
وإذا كان من المشاهد الملموس أن في ذكاء البدو في بلادنا وتوافرهم على الجلد والعزيمة ما لا يقل عن طاقة أي عامل منتج فحرام ألاّ نرعى مثل هذه الميزات ونستغلها لنفعهم وصالح مواطنهم.
إن آمالنا معقودة بهذه الخطوة الجديدة التي خطوناها في سبيل ثقافتهم، ورجاؤنا ألاّ يطول الشوط حتى نراهم وقد اتسعت مداركهم لفهم الحياة على حقائقها وأقبلوا بروح رياضية يصافحون مجالات الأعمال الحرة في كافة وجوهها.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :316  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 81 من 156
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء التاسع - رسائل تحية وإشادة بالإصدارات: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج