شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
في سَبيل العلم بذل أسلافنا
قال صاحبي: يعجبني دأب ابن بطوطة على السفر الشاق في سبيل العلم ونشاطه الفذ في رحلاته إلى أبعد ما تصل إليه المناطق البعيدة.
قلت: أما أنه فذ في نشاطه فذاك.. ولكن رحلاته هل كانت خالصة لطلب العلم وحده؟ فقد كان الرجل من هواة الاستطلاع وحب التكسب. أمّا إذا شئت أن تعجب لأصحاب الدأب على السفر الشاق في سبيل العلم فأعجب لأئمة الحديث وأساطين اللغة في القرن الثاني والثالث الهجريين!
كان أئمة الحديث يحتلون الدرجة الأولى في صبرهم على مشاق المسافات البعيدة، وكانت أكثر هذه المسافات غير مهيأة للرحلات كما أنها ليست مأمونة من شتى المخاوف، ثم يأتي بعدهم في الدرجة الثانية أساطين اللغة الذين كانوا يمعنون في قفار البادية إلى مسافات شاسعة سعياً وراء تصحيح كلمة يقولها بدوي يرعى السائمة.
يقول يسر بن عبد الله الحضرمي المحدث: "إنّي كنت لأركب إلى المصر البعيد في الحديث الواحد لأسمعه".
وجابر بن عبد الله المحدث بلغه حديث عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فابتاع بعيراً فشد عليه رحله ثم سار شهراً حتى قدم الشام في سبيل ذلك الحديث.
وكان البخاري من أنشط الرحّالين في سبيل العلم فقد آلى أن يتتبع محدثي الأمصار من الحجاز إلى الشام إلى العراق إلى فارس.. وتكبد في سبيل ما آلى صعود الجبال واجتياز الصعاب!
وترك يحيى بن يحيى الليثي بلاده في الأندلس ليجوب أهم مدن الشرق فيسمع من مالك في المدينة، ومن سفيان بن عيينة في مكة، ومن الليث في مصر، ومن مسلم بن الحجاج في نيسابور!
ولو أردنا أن نتابع قصص أمثال هؤلاء المجدِّين لاستغرقتنا الصفحات الطوال دون أن نصل إلى حصر.
ومن علماء اللغة من تعجب لتوافرهم على العمل المضني في سبيل هواهم باللغة.. فالأصمعي، والكسائي، والخليل بن أحمد، وعشرات أمثالهم كان همهم ملاحقة الأعراب في أقصى البوادي المقفرة يتابعون الرجل من نجع إلى نجع.. من وادٍ أغبر إلى مفازة موحشة ليتثبتوا من كلمة.
أولئك قوم جدوا للعلم لا يستهويهم التنزه، ولا يغريهم التكسب بقدر ما يستهويهم أو يغريهم أن يجدّوا للعلم والعلم وحده!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :316  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 71 من 156
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.