شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( الشاعر الأستاذ سلمان الفيفي يلقي قصيدته ))
ثم طلب من الشاعر سلمان الفيفي أن يلقي قصيدته فقال:
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
- في الحقيقة: ما كنت أريد أن أقف هذا الموقف، ولم أكن مستعداً لذلك، ولكن الأستاذ عبد المقصود - دائماً - يحبنا ويحب أن يرانا نتكلم ويسمع شعرنا وأنا فيفي بالكرتون، حتى الإذاعة ما تصلنا إلا أحياناً؛ فلذلك لا نحب الشعر الحديث ولم نتأثر بحضارة غربية وشعرنا قديم، وكثير وطويل وإنا نقول - الحمد لله - الشعر متى ما شئنا ولعل هذا من العيب..هنا قصيدة وصفية نقول منها بعض الأبيات، لأن الأخ الأستاذ فاروق لم يبق لنا ما نقول، فماذا نقول بعد الأستاذ الحبيب؟
ولو قبل مبكاها بكيت صبابة
لكنت شفيت النفس قبل التندم
ولكن بكت قبلي فهيج لي البكا
بكاها فكان الفضل للمتقدم
 
- أقول:
ثار القريض وما نخفيه قد بانا
نمضي على العهد أحباباً وأقرانا
لم ننس عهـداً مضـى مـا الغـدر شيمتنا
وإن تبدلتم بالأهل جيرانا
نخفي الهوى والهوى لم يخف صاحبه
جسمُ المحب سقيمٌ حيثما كانا
فليت مَنْ حَرّكَ الأشجان أطفأها
وليته لعظيم العهد قد صانا
لكنه غرَّه دلٌّ وطلعته
ونظرةٌ تجعل المسرور حسرانا
فاعمـل كمـا شئت مـا نفسـي بتابعـةٍ
لغادةٍ تجعل المرتاح ولهانا
فقد حلبـتُ الهـوى شطريـه فاتضحـت
أسراره لي ووجه الأمر قد بانا
فما ظفرت بمخلوقٍ أبادلـه
ودّاً وما لاقيت معوانا
* * *
مالي أراك على الأطلال في قلقٍ
وترسل الدمع فوق الخدِّ شنآنا؟
تبكي دياراً تعفِّيها يمانية
أضحت رسوماً وأطلالاً ونسيانا
كأنه لم يكنْ فيها الأنيس ولم
تسحب بهـا الكاعـب الحسنـاء فستـانا
ولم تكن منجع الآرام تقصدها
ولم تكن مسرح الأنعام أزمانا
* * *
مضى الزمان الَّذي نبكيه مختفياً
يا غارة الله كم قد هاج أشجانا
قد هزّك النأيُ والذكرى لها ألمٌ
وذكَّرتك الصبا سلمى وريانا
فتلك ورق وذا ظلٌ وذا رشأ
والماء كالعطر منسابٌ لمرعانا
آرام مرعى وفي الأكباد قد رتعت
فيا رعى الله مرعيّاً ورعيانا
* * *
إني تذكرت أياماً لنا سلفت
وإذْ بها تصبح بها الأفراح أحزانا
لـو يعلـم الصبُّ مـا تشكـو جوانحنـا
لذاب وجـداً وأضحـى الدهـرَ حيرانـا
* * *
لا تأمن الدهر مهما ساعةٌ سَعُدَتْ
قد تجرع الهمَّ أصنافاً وألوانا
ما كنت أحسب والأفراح تغمرني
أنَّ الليالي تخفي لي الَّذي كانا
كم غُمَّ صحبي بآهاتٍ تمزقني
وحسب ذا الهم حبّ الموت أحياناً
إذا سرى طيف مَنْ أهوى يؤرقني
ويلَ الكرى إنْ سـرى العهـد الَّذي كانا
وما عسى العهد والذكـرى إذا شطحـت
ديار مَن كان للأرواح ريحانا
والبعد والصدُّ سلوانٌ لذي وَلَهٍ
لكن تهيج الهوى الآثار أحيانا
قد ينكر المـرء مَـن قـد كـان يعرفـه
كم موثقٍ بعهود اللَّهِ قد خانا
* * *
أنا الغريب وطول الليل أرقني
وأيقظ الصبح بعد الليل أحزانا
أنا الغريب ومالي في الدنا طمع
وأسأل الله لي فوزاً ورضوانا
فارفق فديتك ما سالٍ كمكتئب
وما عسى كلفٌ قد بات هيمانا
* * *
دع ذا وحي جميع الحاضرين وزد
في شكرهم همسات الحب الحانا
لأنتم الأهل ما جارٍ بمكتئب
وكنتم قبلُ للملهوف إخوانا
فللغريبِ مقامٌ في دياركم
يعلو به فوق هام الدهر جذلانا
يا شعر ويحك ذبْ في دارهم طرباً
فدارهم أصبحت للفضل ميدانا
من فيفاء فاسكب فوق تربتهم
وامزجه ورداً وكافوراً وريحانا
واحمله فوق نسيم الصبح في سحرٍ
يعج مسكاً ونسريناً وريانا
* * *
إني أنخت بحور الشعر عندكم
لأطرب القوم أنغاماً وألحانا
عن جنّةٍ لو بدى للناس مطلعها
لأصبح الخلو هيمانا وولهانا
وأصبحت لشباب الفهد منتزهاً
وأصبحت كلها شيخاً ورمانا
وأصبحت جنة يرتاد قمتها
أشبال فهدٍ فدع روما ويونانا
وأثلجت صدر فهدٍ من حلاوتها
وأصبحت كلها ماءاً وبستانا
* * *
يا حبذا جبلٌ والمزن يحضنه
كغائب عاد مسروراً وجذلانا
أو عاشقين أداب الدهر صفوهما
ثمَّ استعاد من الأيام ما كانا
وكم حوى من كنوزٍ في بطائنه
ماءاً عقيقاً وبلوراً وعقيانا
ما غوطة الشام يا فيفاء منتجعاً
إذا رأت منكِ أفناناً وتيجانا؟
نوح الحمـام علـى غصـن الأراك علـى
ريح الخزام ودمع العين أروانا
عجبت من جبلٍ يهتز من عَتَب
والمزن ترسل دمع العين حرانا
يا نود فيفاء رفقاً ما لنا جلد
كم هجت قلبـاً وكـم حركـت أغْصَانا
ما حنّ قلبي لشيء ما حننت إلى البرق اليماني كم قد هزّ أشجانا
ما النيل نيلاً وما مسك معللةٌ
بزنجبيل ولا آبار لبنانا
كمزنِ فيفا كأن اللَّهَ ضَمَّنها
شهداً رحيقاً وأطيافاً وألبانا
لو أن أبناءها هبّوا لخدمتها
أضحت مروجاً لعين الأرض إنسانا
* * *
كم شادن أكحلٍ في أيك قمتها
شدا فحرّك للمشتاق وجدانا
يهتزّ في نفحات الورد من طرب
تراه من فرح يفترُّ نشوانا
معاند قصده يذكي صبابتنا
يا ليت يعلم كم قد هزَّ أبدانا
* * *
كم رام فيفاءَ مصطافٌ فتيّمه
فصار من فرح الأرواح فرحانا
وقائلٌ إنّ فيفا منتهى أملي
لا هان جوٌ يريح النفس لا هانا
أغصانه فوق هام السحب باسقة
تدغدغ المزن كي تنهلَّ طوفانا
وفي برود السنا يزهو برونقه
مصافحاً للسهى بالأيك أحيانا
كم رقّ فـي سفحها يـا صاح مـن سمـر
في جوها العذب يبقى المرء يقظانا
* * *
في نزهة البصر الملتاع في خلدٍ
في منطق الطير في واحات غزلانا
فيفاء حيث عيون المزن ساكبة
وحيث فاضت عيون الأرض حرانا
وأوقد البرق مبهوتاً ليبصر ما
هذا الحنين فثار الرعد غضبانا
وحيث فاحت لثغر الإقحوان صَباً
فعانق السوسن الفتّان وسنانا
وفاح من وجنةِ الكاذيِّ سلسله
كالمنـدل العذب كـم قـد هـزّ أبدانـا
ورغم ما نال من أبناء تربته
وصدِّهم عنه نسياناً ونكرانا
فقد كساه من الديباج خالقه
ثوباً يفوق به روماً وأسبانا
فما المليح الَّذي في الحُلي زينته
إن المليح الَّذي للحلي قد زانا
معنبر الروض قد راقت حلاوته
مصندل الماء كم قد فاق بلدانا
في نشوة الدلّ مختالٌ برونقه
باهي المحيا يُريك البن والبانا
يسامر النجم مختالاً بطلعته
ويزحِمُ النيراتِ الشهبَ أحيانا
دع ريم راما ودع وادي بنا فعلى
سفوح فيفاء أرسى الفنّ أركانا
* * *
أمّا الحقول مروجٌ جلّ خالقها
آرامها الحور تنسي الصبَّ أحزانا
تلهو وتعبث في دَلٍّ وفي كسل
لم ترض حتى يبيت الخلو عشقانا
دع ظبي وجرَة لم يقتلنَ من أحدٍ
وانظر ظبا فيفا كم أكثرن قتلانا
يطرفن طـرف الظباء الحـور فـي دعـج
صرعن ذا اللب حتى بات ولهانا
نوح الحمامة في دمع الغمامة في
ظل السحابة حيث الفن أقنانا
يا نائح الطلع مـن شـوقٍ ومـن طـربٍ
ما هزّ قلبك ما قد كان أبكانا
تبكي السماء ووجه الأرض في مرحٍ
ويرقص الطير نشوانا وجذلانا
بي في الجوانح آلام محرّقةٌ
قد استحالتْ مع الأيام نيرانا
هذي لواعج قلب ذاب من كمد
يشدو من الشعر أنغاماً وألحانا
فأعجبْ لِمُضْنَـى وقـد شابـت ذوائبـه
ولم يزل في الشباب الغضّ ريانا
قد شدني طيف شعرٍ في ربوعكم
يثير للشاعر الموهوب ألوانا
طيفٌ سرى ما أرى إلاّ يؤرقني
فقمت أرصفه رصفاً وبنيانا
لولا تذكر يوم العرض أقلقني
لشدت بالشعر أبواباً وأركانا
وضعته نغماتٍ من نسيم ضحىً
يضحى الخليُّ بعيد الخلو هيمانا
ورضته من ريـاض الخلـد مـن بلـدي
فيفاء حيث يرى المغبون سلوانا
فصار للعيس حاديها يبارحها
مردداً يا رعى الرحمن سلمانا
* * *
إني رأيت وفي الأيام مدرسة
تريد ذا اللبّ توفيقاً وإيمانا
إن المقادير كم شادت وكم رفعت
وكم أطاحت بحصنٍ كان عمرانا
وكم من الخلـق مَـنْ تُخْشـى ضراوتـه
أمسى بُعيد الَّذي قد كان نسيانا
والمال والجاه يُدني مَنْ نأى وطناً
والفقر يُبعد إخواناً وجيرانا
فكم وضيعٍ لأجل المال مرتفع
وكم شريفٍ لشح المال قد هانا
وكـم غريـبٍ يُقاسـي البعـد ذي ولـهٍ
يشكو ولم يلق للأحزان أعوانا
يقضـي لـه اللَّه بعـد العـسر ميسـرةً
فيصبح القلب بعد الهمِّ فرحانا
فيَسِّر اللهُ أمري ما طرقت سوى
باب الكريم أجب يا رب دعوانا
وفرِّح الهمَّ والأحزانَ يا سندي
فما رفعنا سوى للهِ شكوانا
وأحمد اللَّهَ في بدءٍ وخاتمةٍ
مـا جاءت النوب مـن شهـدٍ بشهـدانا
وصلّ ربِّ على المختار سيدنا
وأفضل الخلق عدناناً وقحطانا
* * *
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :878  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 129 من 171
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.