شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((الحوار مع المحتفى به))
عريف الحفل: نبدأ بطرح الأسئلة، سؤال من الأخ محمد علي يقول:
كل الشرائع هدفها الإنسان وإعمار الأرض وأعظمها الشريعة الإسلامية، هل سيرى المستقبل فقهاً عصرياً يحقق للإنسان طموحاته ومتطلباته بجهود المخلصين من أمثالكم المفكرين بدلاً من المبالغة بسد باب الذرائع والأخذ بالأحوط.
معالي الدكتور عصام البشير: المبشرات كلها تشير إلى أن المستقبل لهذا الدين المبارك، المبشرات في القرى، وفي صحيح السنة وفي سنن الله، وفي الواقع الماثل وفي التاريخ الحافل، ولكن هذه لا تمضي إلا وفق سنن، والسنن لا تحابي أحداً من راعها راعته ومن حافظ عليها حفظته ومن ضيعها ضيعته، ولذلك العطاء الحضاري بقدر ما يتعامل الإنسان مع سنن الله في الكون وفي الوجود، وأعتقد أن الفكر الإسلامي اليوم يترنح أمام تيار يقوم على الانكفاء على الماضي بحسبان أن الماضي فيه إجابة لكل شيء ونحن امتداد لأسلافنا الصالحين، ولكن كل جيل عليه أن يقدم كسبه وإبداعه وإضافته، الله تعالى يقول ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِّنَ الأَخِرِينَ (الواقعة: 39-40)، وابن مالك له عبارة جميلة في أول كتاب التفسير في النحو يقول إذا كانت العلوم منحاً إلهية، ومواهب اختصاصية فغير مستبعد أن يدخر لبعض المتأخرين ما عسر على كثير من المتقدمين نعوذ بالله من حسد يسد باب الإنصاف ويصد عن جميل الأوصاف، فنحن ينبغي أن نتجاوز الجمود ونتجاوز التقليد، نتجاوز الإنكفاء على الماضي ولكن نصل الماضي بالحاضر لنستشرف من خلاله المستقبل، ولابد أن نقدم الإسلام كمشروع حضاري للأمة، كل فرد يجد فيه دوراً يجب أن يلعبه في خدمة دينه وأمته.
الأستاذة منى مراد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أحدثكم اليوم من القاعة المخصصة للسيدات وأرحب بضيفنا الكبير، وسؤال من الأستاذة منال محمد الحسن نائبة الإعلام بالجالية السودانية والكاتبة في جريدة الخرطوم.
بصفتك درست في المملكة ونلت فيها درجة الماجستير وبمعرفتك الجيدة بالشعب السعودي وبعلاقة المملكة الجيدة مع كل الشعوب ما هو تقييمك للاثنينية حيث لا تفرق بين جنس وآخر في هذا التكريم وما أثر ذلك على العلماء والأدباء والمفكرين.
معالي الدكتور عصام أحمد البشير: الاثنينية من مفاخر هذا البلد الطيب المبارك، والتي أشرت في كلمتي الآنفة إلى أنها احتضنت أهل الفكر والأدب والثقافة والفن والعلم والمعرفة والفكر والأدب وكل هؤلاء ليس لهم وطن وليس لهم جنسية بل هي تجارب تجاوزت الأقطار والحدود والجغرافيا والتاريخ ورحبت بكل العطاء الإسلامي والعربي المبدع الخلاق مجلدات الاثنينية الحافلة بالذين كرموا خير شاهد على هذه المفاخر وهذه المأثرة المباركة وهذه من السنن الحميدة التي نرجو أن يتواصل على مثلها رجال البر والخير.
عريف الحفل: سؤال من الأستاذ عبد الحميد الدرهلي يقول:
يقع السودان في قلب القارة الأفريقية فلماذا اعتبر السودان بلداً عربياً وأصبح عضواً في جامعة الدول العربية وهذه الحال تنطبق على جيبوتي والصومال. ومشاكل السودان كثيرة ومعقدة فلماذا لم تحل منذ بدايتها؟
معالي الدكتور عصام البشير: السودان بلد متنوع العروبة لأن العروبة ليست دماً ولا جنساً ولا عرقاً، العروبة هي اللسان فمن تكلم العربية فهو عربي، أياً كان مبدأه ومنطلقه وجنسه، هذا هو الفهم الشرعي لمدلول العروبة، والسودان بهذا المعنى قديم وله تاريخ عريق للانتماء للعروبة وهذا الانتماء للإسلام وكذلك له بعده وامتداده الجغرافي الأفريقي ولذلك استطاع أن يكون جسراً لتلاقي حضارات وثقافات بين الإسلام وبين العروبة وبين الأفريقية، واستطاع من خلالها أن يتمدد هذا التمدد كالهواء العليل النسيم، ولذلك احتضن مئات الثقافات ومئات اللهجات. وهذا البلد، وكما قلت إنه وطن في قارة وقارة في وطن واستطاع أن يقيم من هذا التنوع الديني والعرقي والإثنتي نموذجاً لهذا التعايش الديني ولهذا السلام الاجتماعي، وهذه المشاكل طارئة عليه لأن السودان أيضاً بموقعه الجغرافي الذي يجاور حوالي تسع دول وفي هذه الدول هناك تداخل قبلي بينها وبين السودان وما مر عليها من أطوار من حروب ومن استعمار ومن انعكاسات لهذه الحروب التي تنعكس بآثارها تسببت في مثل هذه المشكلات وأعتقد أن الخطوات التي تمت في اتفاقية السلام والمساعي التي تبذل في قضية دارفور يمكن أن تشكل نهجاً لمعالجة قضايانا في الإطار الداخلي وبعون من أشقائنا على الساحة العربية والإسلامية والأفريقية.
الأستاذة منى مراد: سؤال من الأستاذة سعاد الصابوني.
نظرة سريعة لأحوال المسلمين اليوم في معاملاتهم وفي أسواقهم وبيعهم وشرائهم ينتشر بينهم الغش وانعدام العطف والتراحم وانزواء كل خلق نبيل إن لم يكن فقدانه.
ما وجهة نظر الضيف الكريم بهذه المعضلة؟
معالي الدكتور عصام البشير: قضايا الأمة ومشكلاتها كثيرة، لا ينبغي أن ننظر إليها من خلال تجزئة، الأمة تعاني من مشكلات كثيرة تعاني أولاً من مشكلة التخلف العلمي وهذا من أكبر القضايا التي تعانيها الأمة التي تملك مقدرات ضخمة من كفاية بشرية وثروات تملك التميز الجغرافي في الموقع تملك قوة التاريخ تملك الحضارة القوة الروحية القوة العددية، لكنها تعيش تخلفا في علمها في تنميتها هذا التخلف الذي عبر عنه الإمام محمد عبده فعندما ذهب إلى الغرب قال وجدت مئة أسطول حربي ودينهم يقول من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر، ثم جئت بلاد المسلمين، فبدلاً من أن أجد مائة أسطول وجدت مائة مسطول، ودينهم يقول لهم وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ (الأنفال:60) الفرق بين المساطيل والأساطيل كبير، قضية التخلف العلمي والتخلف التنموي بشكل عام، هذه واحدة، التحلل الأخلاقي والتسيب إحدى المشكلات، قضية العدالة الاجتماعية وفقدانها، التظالم الاجتماعي موجود الاستبداد السياسي موجود، كل هذه القضايا تشكل بؤر احتقان في واقع الأمة، فلا ينبغي أن ننظر من خلال التجزئة لقضايانا ولا لمشكلاتنا ولكن أقول إبدأ بنفسك، وابدأ بأسرتك، قانون التغيير إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ (الرعد:11) لن نستطيع أن ننتصر على أعدائنا في المعركة الخارجية إلا إذا انتصرنا في المعركة الداخلية على جنبات أنفسنا، هنالك عدو ماكر وعدو مستتر، وهذا المستتر الانتصار عليه هو المقدمة الضرورية للانتصار على العدو الخارجي، فمعركة التدافع الخارجية مهمة ولنجدد العزم والعهد مع الله عز وجل، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: جددوا إيمانكم وقال: إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب، فاسألوا الله سبحانه وتعالى أن يجدد الإيمان في قلوبكم.
عريف الحفل: سؤال من الأستاذ علي النجار يقول:
الوسطية مفهوم ومصطلح إسلامي ومعلم من أهم معالم الدين، وهو مجدها وفخرها، لماذا غاب هذا المفهوم عن حياتنا؟ وكيف نعيده إلينا في أفعالنا وأقوالنا وسائر حياتنا؟ وباعتباركم الأمين العام للوسطية والمسؤول عن برامجها وهو فأل حسن إن شاء الله أين كتب معاليكم؟
معالي الدكتور عصام البشير: الوسطية كما قلت ليست جهد فرد، وليست تياراً ولا جماعة ولا أكاديمية وليست حزباً، وليست جامعة وليست مؤسسة، نريد جهداً يتضافر عليه الكل، لأن الوسطية ليست قيمة إنسانية فقط، نحن نريدها قيمة إنسانية، العالم اليوم أختل توازنه لأن المعايير فيه اختلت واضطربت وما لم يحقق فيه هذا التوازن في نظرته للآخرين، وفي حقوق الآخرين وفي المضطهدين والمظلومين وفي المقدسات سيظل داعي التطرف وداعي الغلو وداعي الإرهاب قائماً، هنالك بواعث تحركه، فنحن ننطلق من الوسطية كقيمة إسلامية، وكضرورة إنسانية، وأعتقد أن هذا الأمر لا يتم فقط عبر الأحاديث والخطب ولكن ثقافة تتغذى بها الناشئة على محيط الأسرة، ونريدها على محيط المسجد والمدرسة والبيت والمجتمع ومؤسساته المدنية وعلى محيط الدولة ومنظماتها، أعتقد هي ثقافة مجتمعية وأيضاً شراكة مجتمعية تقوم من جميع الأطراف كل يتعاون معها، وهذا يقتضي أن نعمق قيمة الحوار، العلاقة اليوم بين الأب وأبنائه بين المدرس وتلامذته بين الإمام والمصلين كلها علاقة تقوم على التلقين كالأمر العسكري، ليست هنالك علاقة حوار وتشاور وأخذ وعطاء، نريد أن نتجاوز هذه الحالة التي نعيش فيها هنالك من يريد الأمة على رأي واحد في الفقه وفي الفكر وفي الاجتهاد وفي الفتوى، لا يريد أن يعترف بأن اجتهادي صواب يحتمل الخطأ واجتهاد غيري خطأ يحتمل الصواب، ما عليه أنا هو الحق المطلق! كيف نعمق ثقافة القبول بالآخر والإيمان بالتعددية الفكرية، الإيمان بأن نصف رأيك عند أخيك، الإيمان بأن ما عند الآخر يمكن أن يكون فيه وجهة من الصواب، الإيمان بأن الحق حتى يمكن أن نجده من غير المسلم، كما صدق الله قول بلقيس قبل أن تسلم مع سليمان، آمنت مع سليمان لله رب العالمين وكما قال معاذ بن جبل اقبلوا الحق من كل من تكلم به، هذه القيم هي قيم مجتمعية، تحتاج إلى أن يتضافر عليها الجميع، ونرجو أن يكون العلماء والدعاة والمثقفين هم الذين يمارسون ذلك، اليوم عندما تجد إنساناً يقول رأياً أو اجتهاداً ويؤلف فيه كتاباً، تجد من الشائعات وتجد من التآليف المضادة عليه والحملة بالتضليل والتفسيق والتقريع والتجهيل والتكفير الشيء الكثير، ولذلك أصبح كثير من المبدعين يخشون من أن يعلنوا رأياً اجتهادياً وإن كان في إطار الشريعة خشية من أن تقوم عليهم الحملة التي تنهض بتبديعهم وإضلالهم، ولذلك نريد أن نجعل هنالك فسحة من قبول الرأي الآخر، نجعل فسحة من المراجعات، عمر بن الخطاب يقول "فلا يمنعنك قضاء قضيته اليوم فهديت فيه لرشدك أن تراجع فيه الحق فإن الحق قديم لا يبطله شيء"، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل، الأجيال ينبغي أن تنهض وأن نجدد، والقاعدة من لم يتجدد يتبدد، من لم يتقدم يتقادم، الفكر مثل الخلايا، والخلايا مثل الكائنات الحية إن لم تتجدد تموت، مثل الماء إذا أصبح راكداً يأسن، سنة الحياة لا بد أن يكون تجديد وتجديد نقصده في إطار ثوابت الشريعة في إطار القواطع في إطار المحكمات، نريد أن نعيش واقع العصر وتحديات الزمن ونقدم له أجوبة من صيدلية الإسلام من هدي الشريعة، ولكن نخاطبه بلغة هذا الزمان، بعض الناس يخاطب هذا العصر بلغة عفا عليها الزمان. لا يمكن أن يستوعبها هذا العصر والله سبحانه وتعالى يقول وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ (إبراهيم:4)، لسان القوم ليس مجرد اللغة تخاطب العربي بالعربية والإنجليزي بالإنجليزية، لسان المثقف ولسان الحضر غير لسان البادية وهكذا.
عريف الحفل: سؤال من الأخ خالد الأصور يقول:
"تجديد الخطاب الديني" مصطلح ملتبس ومسكون بالغموض ويأتي غالباً ككلمة حق أريد بها باطل، فيستهدف أحياناً زعزعة الثوابت والمسلّمات الإسلامية تحت دعاوى التجديد ومسايرة العصر؟
معالي الدكتور عصام البشير: هذا صحيح، كلمة تجديد الخطاب الديني كلمة حق قد يراد بها حق وقد يراد بها باطل، بعض الناس يريدون من تجديد الخطاب الديني أن يميعوا جميع الثوابت، أن ينقضوا المسلّمات أن يشككوا في كل قواطع الدين. الفيلسوف المسلم محمد إقبال قال هؤلاء يريدون أن يجددوا الكعبة بأن يجلبوا إليها الحجارة من أوربا، والكعبة هي البيت العتيق الذي لا يتجدد، فهؤلاء تحت ستار التجديد يريدون أن يهدموا كل الثوابت، ولكن أيها الأحباب لو أن هنالك غرضاً من جهة ما، هذا لا يحول دون النظر الفاحص لواقع خطابنا الإسلامي، مثل قضية الإصلاح، بعض الناس يرفض الإصلاح دعوى أنه يأتي بها الغرب يريد أن يفرض علينا نموذجاً من الإصلاح وفق رؤيته الحضارية فيرفض هذا لأنه صدر من هؤلاء، وبعض الناس يرفض أن نناقش قضايا واقع التعليم الديني وغيره، لأن ثمة دعوات تريد أن تحذف من هذا التعليم الديني نصوصاً تتعلق بثوابت الشريعة والقرآن الكريم أعطانا المنهج، القرآن أشار إلى أن هنالك من أتخذ بعض المساجد وجعلها مساجد ضرار، وحذر النبي صلى الله عليه وسلم من أن يقوم في مساجد الضرار لكن تركه مساجد الضرار يجعلنا نترك المساجد التي قامت على الحق، فإذا كانت هنالك أغراض تنطلق تستهدف الإصلاح وفق رؤية أخرى هذا لا يصرفنا عن ضرورة الإصلاح، الصلاح فريضة وضرورة، فريضة يوجبها الدين وضرورة يحتمها الواقع، وكذلك الخطاب الإسلامي، فهو يحتاج إلى تجديد في مضمونه وفي أسلوبه، هنالك خطاب يعيش على قضايا الخلاف، لا يبحث عن المتفق عليه يبحث عن المختلف فيه، لا يعيش إلا على جو الاشتجار إلا على الماضي، الخطاب من حيث المضمون يحتاج إلى تجديد، ومن حيث الصياغة والأسلوب الخطاب الإسلامي يفتقر إلى كثير من الجماليات، وفقه الجماليات يغيب عن بعض الخطاب الديني لأن بعض الجماعات يحسب أن مجرد أن يكون المضمون حقاً هذا يكفي، ولكن ينبغي أن ينضم إلى قوة المضمون جمال الأسلوب، القرآن أشار إلى القيم الجمالية، قال تعالى وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (النحل: 5-6) وقال أيضاً وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً (النحل: 8) وقال تعالى {يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ (الأعراف: 26) (هذا مقصد الستر) وَرِيشاً (الأعراف: 26) (وهو مقصد التجمل) وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذلِكَ خَيْرٌ (الأعراف: 26) هذا مقصد الوقاية، إذن المطلوب جمال في المضمون وجمال في الأسلوب، نعم وأن ننظر في واقع الخطاب ونجدد وفق ثوابتنا وأصولنا ومرتكزاتنا.
الأستاذة منى مراد: الأستاذة هند باجنيد أستاذة الفقه والأصول بجامعة الملك عبد العزيز تقول:
ما الذي يحول دون المشاركة النسائية في المجامع الفقهية سواء منها التابع لرابطة العالم الإسلامي أو منظمة المؤتمر الإسلامي؟
معالي الدكتور عصام البشير: بالنسبة لي من حيث الموقف الشرعي لا أرى مانعاً من مشاركة المرأة الفقيهة العالمة التي استوفت شروط النظر الفقهي وأدوات الاجتهاد تستطيع أن تكون فقيهة وأن تكون مفتية، وجدنا ذلك في عصر صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، كانت السيدة عائشة من الستة الذين انتهت إليهم إمامة العلم في المدينة، كانت أم فقيهة وجدنا لما ندب عمر بن عبد العزيز عامله ابن حزم ليجمع ما تفرق من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذهب الإمام الزهري وإن حازم قال وجدت عند عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية وجدتها بحراً لا ينزح، جميع نسخ البخاري انتهت إلى كريمة أم الخير، مسلم انتهت إلى فاطمة السمرقندية، وهما من رواة البخاري ومسلم، أكابر علماء الأمة البخاري، مسلم، النووي، وابن تيميه، تتلمذوا على نساء، المجتمع كان ينهض برجاله وبنسائه على السواء، بنت سعيد بن المسيب عندما تزوجت عبد الله بن وداعة وأراد في اليوم الثاني أن يخرج قالت إلى أين؟، قال إلى مجلس أبيك سعيد، قالت له اجلس فأنا أعلمك علم سعيد، وسعيد ابن المسيب أحد فقهاء المدينة السبعة، المجتمع نهض برجاله ونسائه، فأقول إذا وجدت المرأة الفقيهة العالمة التي تستطيع أن تنظر في أدوات الاجتهاد والنظر يمكن أن تشارك بالصيغة الشرعية كما يجتمع النساء والرجال في المسجد، للرجال صفوفهم وللنساء صفوفهن، ووجدنا في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجتمع الرجال والنساء لولا أن الرجال تزاحموا على مجلسه، فجاء النساء وقالوا غلبك علينا الرجال فهلا جعلت لنا يوماً خاصاً، فيقع التمايز في هذه المجالس ولكن لا ينبغي أن تتخلف المسلمة العالمة الفقيهة عن قضايا أمتها نظراً شرعياً وإبداء للفتوى فالمرأة تكون فقيهة وتكون مفتية وعالمة هذا هو الحق الشرعي وأما الترتيب الإداري لمثل هذه الأمور فينظر فيه لأهل الاختصاص القائمين على مثل هذه المجامع.
عريف الحفل: الأخ عوض عبد الكريم يقول:
حيث إن التجارة الإلكترونية من المستجدات فما رأي الشريعة الإسلامية في التجارة والمعاملات الإلكترونية؟
معالي الدكتور عصام البشير: هذا سؤال عام، أحلّ الله البيع، التجارة إذا كانت بضوابطها الشرعية فهي حلال، ما المقصود بالتجارة الإلكترونية؟ ويمكن أن يفصل في سؤال بعد الجلسة فنوضح له.
الأستاذة منى مراد: سؤال من الأستاذة نجاة جمعة بشير:
من مؤلفاتك حقوق المرأة بين الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية، وحوار الحضارات تعايش أم تصادم، السؤال هو أين هذه المؤلفات، وسؤال أخير مهم ما هو سبب ضعف اللغة العربية وسبب كراهية الأجيال المعاصر لها، مع أن من يستمع إليكم يشعر بمدى جمالها وحلاوتها وما هو السبيل إلى عودة حب اللغة العربية لهذا الجيل؟
معالي الدكتور عصام البشير: كتاب حقوق المرأة طبعته وزارة الأوقاف في السودان، ولعل النسخ نفدت وسوف نجدد طباعته، وكتاب "حوار الحضارات" هو الآن في المطبعة، اللغة العربية فيها قصور كبير، المناهج تحتاج أن يربط الناس بالقرآن بالسنة، بهدي السلف الصالح، بالشعر العربي القديم، أنا وجدت الأخوة في موريتانيا ما زالوا يحافظون على النهج القديم في تنشئة الناشئة على حفظ القرآن الكريم وحفظ المتون والمعلقات، فتجعل هنالك صلة، وأنا أقصد أن اللغة ينبغي أن تبسط بالنسبة للأجيال. فهذا العصر ليس عصر وجبات دسمة وإنما عصر وجبات خفيفة، فينبغي أن تحبب وتبسّط، وهذا أمر يصل بالكتاب بالمناهج بروح المعلم الذي يمكن أن يقدم هذا بما يقدم في وسائل الإعلام، أيضاً غلبة البرامج باللهجات الدارجة تضعف مسألة اللغة ويمكن أن نتحدث باللغة الفصيحة التي ليس فيها تقعر، لأن بعض الناس يرى أن من لوازم الحديث باللغة أن يتحدث بلغة متقعرة قديمة، لا يفهمها أحد، وهذا مخالف للهدي النبوي، الرسول صلى الله عليه وسلم كما قالت السيدة عائشة ما كان يسرد كسردكم، كان يتحدث بكلام بيّن فصيح لو أراد العاد أن يعده لعدّه، وهو أفصح من نطق بالضاد، المقدرة هي أن يجمع الإنسان بين اللغة الفصيحة المبينة وبين أن تكون سهلة، لا تستغلق على عامة الناس ولا تنزل بمستوى المتخصصين، أعتقد أن إشاعة هذه اللغة هو جزء من إشاعة المفاهيم الصحيحة التي تحتاج إليها أمتنا. وأعتقد أن الارتباط بالشعر العربي القديم أيضاً من الأبواب التي تحبب الناس إلى هذه اللغة العربية.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :805  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 31 من 255
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الثالث - النثر - مع الحياة ومنها: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج