يا سيد الشعراء نعم جزاء |
مجداً يتيه بمثله الشعراء |
جوزيته عما منحت وأبدعت منك القريحة واغتنى الفصحاء |
أحرزت فيه السبق واجتزت المدى |
فالعمر رفد باذخ وعطاء |
وعلى سماء الشعر رَفَّ محلقاً |
كالنسر شخصك لم ينله عناء |
والفكر نهج فيك زان قويمه |
خلق رعته الدوحة العلياء |
بيت النبوة غرسه ونماؤه |
نعم الرجال السادة الشفعاء |
وبنوك أكرم بالبنين أصالة |
هم للشهامة والندى سفراء |
سِرٌّ تحدَّر عن أبٍ خطبَ العُلى |
فمشى على آثاره الأبناء |
إلاَّ بحور الشعر حيث ركوبها |
عبء وخوض عبابها أعباء |
لا يستقيم بها الأمان إذا صحا |
نبض الضمير وغامت الأجواء |
ودعت إلى الجُلَّى بنيها أمة |
عصفت بها الأطماع والأهواء |
وتحكم الطاغوت يوسع أهلها |
عنتاً وحق على الهداة فداء |
أَوَ مَا تَرَى أني دفنت حشاشتي |
ورمت بي الأحداث والأرزاء |
وتزاحمت حولي الخطوب فغربة |
ودم أُريقَ وأخوة شهداء |
وبنون مزقت البلية شملهم |
في كل ناحية فهم غرباء |
ومطامح مازِلْنَ طَيَّ جوانحي |
توري بهن عزيمة ومضاء |
آه لدجلة كم أحن لمائها |
ويردّني عن حوضها الغرباء |
آه على بلد الحضارة والغنى |
والنور لفَّت أهله الظلماء |
أشكو إليك أبا القوافي حرة |
إنَّ العراق وأهله أسراء |
والحاكمين بأمرهم قد أوغلوا |
بدم الشباب فليس ثمَّ رجاء |
قذفت بنا الأقدار تحت سياطهم |
فظهورنا حرث لهم ما شاؤوا |
فعسى تشارك موطني أحزانه |
بخريدة هي للصدور شفاء |
* * * |
يا واحدَ الشعراء تزهى أمة |
بك إذ تعد وتذكر الأسماء |
وإذا أميط الستر عن أسفارها |
جلاَّ بسفرك وجهها الوضاء |
هذي البلاد وما أجلَّ عطاؤها |
لغة الكتاب وشرعة سمحاء |
ونبيها الهادي الشفيع وكعبة البيت العتيق وأهلها النجباء |
والمبدعون من الرجال رصيدهم |
بلد يشاد ونهضة وبناء |
المبدعون على مدارج فكرهم |
درب بنور المعجزات يضاء |
ولأنت أولى المبدعين بأن يرى |
نجم المحافل فكرك المعطاء |
في كل بيت من قصيدك حكمة |
عظمى بها يستشهد الحكماء |
وبما نهجت من الفصاحة حجة |
يحتج إذ يدلي بها البلغاء |
ولأنت من يُثنى عليه أصالة |
ويجلّه الآباء والأبناء |
في حين يحرجك الثناء فتنطوي |
عنه ويؤذي سمعك الإطراء |
إني لأسأل لو أذنت أعادلٌ |
فيما ترى أم يعتريك حياء |
أترد أهلك أن تتيه بمجدها |
ولأنت نبع دافق ورواء |
تتوارث الأجيال عذب نميره |
نهلاً فتروى غلة وظماء |
* * * |
إني لأحسد موقفي إذ أرتقي |
لك منبراً حفت به الأدباء |
وأقول فيك الشعر وهي جراءة |
أن تستقيم لروضك الصحراء |
أنـا منك مــا بين الكواكـب والثـرى |
بعداً إذا ما قورن الشعراء |
لكنَّ لي صلة بروحك أننا |
قد ماثلت ما بيننا نكباء |
جرح بقلبك في فؤادي مثله |
هما بما قد خلفاه سواء |
ما إن ترفّ على الجفون ظلالها |
حتى تلوح غمامة سوداء |
ويصوِّت الحزن الدفين وتلتظي |
بين الجوانح آهة حراء |
لله ما ترك البنون وقد مضوا |
عن عالم ثكلت به الآباء |
* * * |
يا صاحب القلم الرهيف يمده |
نبض الفؤاد وفكرة عصماء |
يا مبدعاً جعل القريض ركابه |
يحدوه أنَّى يبتغي ويشاء |
ما زلت ترسله لآلئ حرة |
وجواهراً لبريقها لألاء |
يسبي النواظر حُسْنُها ولوقعها |
تتناغم الأصواتُ والأصداء |
وإذا تدفق في المسامع جرسُها |
فالرجعُ لحنٌ رائع وغِناء |
* * * |
يا سيد الشعراء نعم جزاء |
مجداً يتيه بمثله الشعراء |
يا قمة الإبداع تُزهى أمة |
بك إذ تعد وتذكر الأسماء |