شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة معالي الدكتور رضا عبيد ))
ثم أعطيت الكلمة لمعالي الضيف الدكتور رضا عبيد فقال:
- أحمدك اللهم وأشكرك أنت أهل الحمد ومستحقه.. لا إله غيرك ولا رب سواك، وأصلّي وأسلم على خير خلقك وخاتم رسلك.. سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
- أيها الحفل الكريم:
- في لقاء الوفاء والمحبة هذه الليلة، أريد أن أقف معكم وقفة عرفان وتأمل.. أما العرفان فلصاحب الدار العامرة الصديق العزيز الأستاذ: عبد المقصود خوجه، الَّذي حرص أن أكون في قائمة المحتفى بهم من رواد الفكر والأدب والعلم، الَّذين يحتفي بهم في الاثنينية كما رغب رجال الصحافة تسميتها، وقد مضى عليها ما يزيد على عقد من الزمان، وهي في تقدم مستمر وعطاء متدفق، واحتفاء دائم.
- كذلك أزجي التقدير والشكر للأصدقاء الكرام الَّذين لولا ضيق الوقت لوددت أن أشكر كل واحد منهم فرداً فرداً، فقد غمروني - جميعاً - وجاءت كلماتهم أنواراً مضيئة تعكس ما في أنفسهم العالية، وأخلاقهم الرضية، ومشاعرهم النبيلة؛ وأرجو أن أكون عند حسن الظن..، كذلك أهدي الشكر لكم أيها الإخوة الكرام الأحبة، الَّذين لبيتم الدعوة فأسعدتموني بحضوركم ومشاركتكم، فلكم - جميعاً - كل التقدير، والمحبة، وبالغ الامتنان، وجميل المودة، وصادق الدعاء، بأن يجزي الله الجميع عني خير الجزاء.
- أما وقفة التأمل، فقد أردت أن تشاركوني هذه الليلة التفكير بصوت مرتفع، وأنا أسأل نفسي ماذا أنت محدثٌ أصدقاءك هذه الليلة؟ وهل لديك صندوق أسرار تخرج منه حسب الحاجة ومقتضيات الأحوال؟ وكانت الإجابة النفي، فحياتي يعرفها الجميع، وكفاني الصديق العزيز الأستاذ عبد الفتاح أبو مدين - مقدم الحفل - ما ذكره عن حياتي؛ وكان السؤال الثاني: هل لك يد في صنع ما صنعت؟ وكانت الإجابة - أيضاً - بالنفي على ضوء ما يقول المثل المشهور: "إن الإنسان مسير وليس مخيراً" وكما قال المصطفى (عليه أفضل الصلاة والسلام): "كل ميسر لما خلق له".
- وعندما أتأمل حياتي أجدها بدأت بالتحدي واستمرت كذلك، حتى شاء الله أن أحط عصا الترحال في تجربة جديدة من حياتي في خدمة الوطن عن طريق مجلس الشورى، وهو عمل ذو طبيعة خاصة وطموحات كبيرة، في دائرة أوسع وأشمل.. هي دائرة الوطن كله.
- لقد سعدت وتشرفت بالثقة الغالية والاختيار الكريم من خادم الحرمين الشريفين، لأكون عضواً في مجلس الشورى في صورته الجديدة.
- أيها الحفل الكريم.. اسمحوا لي أن أستشف بعض المعاني، وأقف معكم على بعض مراحل من حياتي؛ فكما تعلمون، فقد سارت رحلتي التعليمية كالمعتاد، حتى إذا التحقت بكلية العلوم - جامعة القاهرة - وأتيحت لي الدراسة على كبار الأساتذة، الَّذين كان لهم الفضل في إبراز شخصية أستاذ الجامعة في أبهى صورها، وقمة عطائها وانطلاقة تفكيرها، وغزارة علمها..، فكان تأثيرها المباشر قد أخذ بلبابي وعقلي وملأ علي نفسي، وأصبحت أتمنى أن أكون أستاذاً جامعياً، وعقدت العزم على ذلك، وعملت جاهداً على تحقيق هذه الأمنية، صارفاً النظر عن كل ما سواها من العروض.
- وأذكر أنني بعد أن حصلت على بكالوريوس العلوم من جامعة القاهرة، التقيت في القاهرة - عن طريق العزيز الدكتور عبد الله الوهيبي - بمعالي الشيخ ناصر المنقور مدير عام وزارة المعارف في ذلك الوقت، وكتب لي خطاباً بالتعيين مديراً للمختبرات بالوزارة، ولكن بعد أن رجعت للمملكة ووجدت جامعة الملك سعود قد فتحت، فآثرت العمل بها.. كيف لا وهي الطريق لتحقيق آمالي وأحلامي، وهكذا بدأت مسيرة العمل في الجامعة وكان مديرها الأستاذ الدكتور عبد الوهاب عزام، وعميد العلوم الأستاذ أحمد مختار صبري (يرحمهما الله).
- الوقفة الثانية: السفر إلى بريطانيا والالتحاق بالجامعة للدراسة العليا.. عندما تقدمت بطلب الالتحاق بالجامعة، جاءني خطاب من رئيس قسم الكيمياء الفيزيائية، يطلبني فيه للمقابلة وأداء اختبار القبول، وبعد الانتهاء من المقابلة الشخصية وامتحان القبول والنجاح فيهما، قلت لرئيس القسم: - وكان هذا في بداية يناير 1959م - لي ثلاثة طلبات: وقد تعجبون من الموقف، شخص في حجمي وهو أستاذ طويل كبير وبعد أن يقبلني ينظر إليَّ فإذا بي أشترط عليه، فاتسعت عيناه - وكأنني أنظر إليهما الآن - من خلف النظارة، وهو يريد أن يعرف ما هي هذه الشروط من هذا الطالب الَّذي تفضلنا عليه بالقبول؟ فقلت له: أريد أن تقبلني من الآن، وأن تكون دراستي تحت إشرافك، وأن يكون موضوع بحثي له علاقة بالصناعات البتروكيمائية؛ فقال لا بأس للطلب الثاني والثالث، أما الطلب الأول.. فالدراسة بدأت في سبتمبر ونحن الآن في يناير فقلت: بعثتي محددة ولا أستطيع أن أقضي وقتي في الشارع؛ وبعد محادثة من جانبه مع المسجل تم قبولي.. والوقفة هنا الصلاحيات التي يتمتع بها رئيس القسم؛ لم تجبرني أن أقابل عميد الكلية ولا مدير الجامعة.
- بعد تحديد موضع البحث والدراسة، قال لي المشرف: هناك ثلاثة أمور عليك مراعاتها.. أنت طالب دراسات عليا، فلك كامل الحرية أن تحضر في أي وقت وأن تنصرف في أي وقت، وأن تغيب كما تشاء؛ وبالنسبة لمكان البحث والأجهزة فهذا الركن من المختبر لك تبني فيه الجهاز الَّذي تحتاج إليه، واستعن بالورشة والمستودع؛ وبالنسبة للمعلومات.. فكما ترى أنا رجل مشغول جداً وفي رأسي الكثير من الأمور، لذلك إذا حدث وسألتني عن شيء وأجبتك فلا تأخذ إجابتي قضية مسلمة، ولكن دعني أريك أين تجد الإجابة موثوقة على جميع استفساراتك؛ وأخذ بيدي إلى المكتبة المركزية وعرفني على من فيها، وقال لي: هنا تسأل كما تشاء وستجد الإجابة الشافية لكل ما تريد.
- قلت له: بالنسبة للدوام فسأكون حريصاً عليه، وبالنسبة للمكتبة فسأعمل جهدي وإن كنت لا أستغني عن توجيهاتك؛ أما بالنسبة للمكان والأجهزة فأنا لا خبرة لي بعمل الزجاج، وإذا لم يكن لديك مانع فهذا مكان ديفيد (وهو أحد الطلبة الَّذين أنهوا دراستهم) فيمكنني أن أستعمله؛ فقال لدي بعض الأبحاث والتجارب الخاصة وأريد أن أعملها، ولذلك أحتاج إلى ذلك الجهاز.. وما عليك إلا أن تتعلم كيفية تشكيل الزجاج لعمل الجهاز الَّذي تحتاجه لأبحاثك؛ فقلت في نفسي: واحدة بواحدة، طلبت منه ثلاثاً وطلب مني ثلاثاً، وقد لبى طلباتي وعليَّ أن أقبل التحدي وأنفذ رغبته.
- ولعلمكم يا سادة.. هذا الَّذي قال لي: لك حرية الاختيار في الحضور والانصراف كان يطوف بالمختبر ثلاث مرات في اليوم، الأولى في الصباح الباكر ليعرف من يحضر مبكراً، والثانية وقت فترة الغذاء، وكان لدى كل باحث ما يشبه دفتر اليومية يسجل فيه نتائج كل يوم، فكان يمر ويطلع عليها، والثالثة بعد نهاية الدوام ليرى من انصرف ومن بقي دون أن يقول لأحد شيئاً.
 
- والحمد لله لقد وفقت في دراستي وكنت عند حسن الظن، ونجحت في التحدي، وحصلت من رئيس القسم على شهادة خاصة أعتز بها أكثر من شهادة الدكتوراة، وأنهيت دراستي في مدة قياسية وعدت إلى المملكة لأكمل مشوار العمل في جامعة الملك سعود.. ولقد عملت في الجامعة مدة عشرين عاماً معيداً ومدرساً وأستاذاً مساعداً، وأستاذاً وعميداً لكلية العلوم، وأشرفت على النشاط الطلابي، فكنت رئيساً للجنة الاجتماعية العامة، فمشرفاً عاماً على النشاط الطلابي.
 
- ثم صدر التوجيه السامي الكريم باختياري رئيساً للمركز الوطني للعلوم والتقنية، الَّذي أصبح مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، فقمت بإنشاء المركز ورعايته حتى أصبح صرحاً علمياً بارزاً؛ ثم جاء التوجيه الكريم لأنتقل إلى جامعة الملك عبد العزيز التي قضيت فيها عقداً من الزمان ولي فيها أجمل الذكريات؛ ثم تُوجت هذه الرحلة الطويلة بعضوية مجلس الشورى.
 
- أيها الحفل الكريم: حسبي هذه اللقطات السريعة ولو شئت أن أسترسل لطال بي القول، لذلك أختتم كلمتي بما بدأتها به، فأكرر شكري وتقديري للجميع، وبكل المحبة والامتنان أشكر الصديق العزيز الأستاذ عبد المقصود خوجه على كريم دعوته.
- والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :502  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 140 من 155
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

محمد سعيد عبد المقصود خوجه

[صفحة في تاريخ الوطن: 2006]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج