شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الاثنينية.. معانٍ جديدة للتكريم والاحتفاء (1)
بقلم: أشرف السيد سالم
عند محاولتي لاختيار عنوان لهذا المقال نازعتني عدة بدائل منها ((الاثنينية.. عروس العروس))، ((الاثنينية.. نموذج متميز للصالونات الأدبية))، و((الاثنينية.. منتدى ثقافي فريد)).. وغيرها من العناوين التي تحمل صفات تصدق على هذا الملتقى الأسبوعي الذي اعتدنا ارتياده لنقطف من ثماره اليانعة، لكنني فضلت هذا العنوان لأنه يحمل أهم ما يميز (( الاثنينية )) عن غيرها من المنتديات الثقافية.
فرغم أن تكريم الصفوة من رجالات الدين والعلم والفكر والأدب هو المنهج المعلن لهذا الملتقى فإننا نجد في لقاءاته معظم المناشط الثقافية كالندوة والمحاضرة والمحاورة وغيرها.. فقد خرج التكريم فيها عن الإطار الخنسائي الذي يحول الاحتفاء والتكريم إلى رثاء وتأبين يقتصر على معنى ((اذكروا محاسن ضيوفكم)) وتجعل من كل مكرم الفارس المغوار والسيف البتار حمال الألوية وهباط الأودية.. وعلى العكس من ذلك فإن المكرمين في (( الاثنينية )) ليسوا الأشخاص وإنما الفكرة والموضوع والمنهج في صورة الأشخاص الذين يحملونها.
ولعلّ أقرب مثال على هذا النهج اللقاء الذي عقدته (( الاثنينية )) مؤخراً بمناقشة الكتاب الذي ألفه الشاعر الدكتور ((زاهد زهدي)) عن فقيد الشعر العربي الجواهري بعنوان ((محمد مهدي الجواهري.. صناجة العرب في القرن العشرين)).. لقد شعر الحضور بأن الجواهري لم يغب عنا إلا بجسده.. وهذا صحيح بالنسبة إلى من لم يعرفوا الفقيد شخصياً وإنما تعرفوا إلى أشعاره التي ملأت الدنيا وشغلت الناس فعرفوا فيه شاعراً مجيداً وعروبياً مخلصاً.. فمثل هذا اللقاء تجديداً لتلك المعاني. ولا نقول إحياؤها. ولقد زاد من ثراء هذا اللقاء تعليقات نخبة من نقاد الأدب والمتخصصين الأكاديميين الذين تحرص (( الاثنينية )) على استقطابهم لتمثل مساهماتهم توثيقاً علمياً لموضوع اللقاء، ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي أحضر فيها إحدى حلقات (( الاثنينية ))مخصصة لاستعراض ومناقشة كتاب.. بل حضرت فيها من قبل ندوة علمية شيّقة لمناقشة كتاب ((أبي هريرة)) للمفكر الإسلامي الكبير معالي الدكتور ((محمد عبده يماني))وهو قمر (( الاثنينية )) المضيء ونهرها المتدفق وليس هذا بمستغرب فمعاليه من رواد النهضة الثقافية في المملكة وأحد حماة لوائها الخفاق.
يؤسفني أن علاقتي بالاثنينية بدأت منذ ثلاث سنوات فقط حرصت خلالها على حضور معظم لقاءاتها التي أعلن صادقاً أنها مثلت لي جامعة مفتوحة نلت فيها الكثير من العلوم والفنون المتنوعة.. فمن من رواد (( الاثنينية )) لا ينسى لقاء تكريم الشيخ ((البوطي)) الذي كان درساً عن عظمة الإسلام وشمولية أحكامه، أو لقاء تكريم الدكتور ((عبد الله المصلح)) الذي قدم لنا محاضرة في الإعجاز العلمي في الكتاب والسنّة، وجاء مكملاً له لقاء تكريم الدكتور ((حسان شمسي باشا)) الذي ألقى أضواءً على الطب النبوي، وفي الإطار نفسه لقاء تكريم الدكتور ((محمد علي البار)) الذي يمكننا أن نضع له عنوان ((الإسلام والقضايا المعاصرة)) كما يمكن أن نعنون لقاء تكريم الأستاذ ((فهمي هويدي)) بموقف الصحفي المسلم من قضايا أمته، وكان لقاء تكريم الوزير البحريني معالي الشيخ ((يوسف الشيراوي)) بمثابة محاضرة عن تطور منطقة الخليج دولاً ومواطناً كما كان لقاء تكريم الدكتور ((سعيد عطية أبو عالي)) درساً في العصامية والمنهج الجاد لتكوين الرجال.. وفي إطار الدفاع عن الفصحى جاء لقاء تكريم عاشقها الدكتور ((مرزوق بن تنباك))، كما كان لقاء تكريم الدكتور ((عبد الباسط بدر)) سياحة بين آفاق الأدب الإسلامي ورحاب ((طيبة الطيبة))، وحول تجربة ناجحة في تأسيس مؤسسة تعليمية متميزة جاء لقاء تكريم معالي الدكتور ((بكر عبد الله بكر)) المدير الأسبق لجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وفي التوجه نفسه لقاء تكريم الدكتور ((عبد العزيز التويجري)) مدير عام المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة.. وجاء لقاء تكريم ((مشعل السديري)) سرداً ساخراً لسيرة ذاتية غنية، وحول حرية الفكر والسعي لتوسيع الدائرة الثقافية جاءت لقاءات تكريم كل من ((أنيس منصور)) و ((د. تركي الحمد)) و ((محمد سعيد طيب)).. وفي رحلة بين دهاليز الصحافة العربية وتاريخ الصحافة المحلية جاء لقاء تكريم كل من ((سمير عطا الله)) و ((عبد الله الخياط)).. وكان للإبداع الشعري نصيب من هذه اللقاءات التكريمية سواء الشعر الأصيل كما في نموذج ((أحمد سالم باعطب)) و ((مصطفى عكرمة)) أو في الشعر الحديث متمثلاً في ((محيي الدين اللاذقاني)) أو في الجمع بينهما كما قدم لنا ((مسافر الصالح)) في لقاء تكريمه.
هذا ما أسعفتني به ذاكرتي الخؤون وأحمد الله على هذا فلو منَّت عليَّ بأكثر لتحوَّل المقال إلى كتيب، وفي كلتا الحالتين لن أفي بحق (( الاثنينية )) وفرسانها ممن يحتفى بهم أو من يحتفون.. وفي تصوري أن أهم عناصر نجاح وتميز (( الاثنينية )) تتمثل في أربعة عوامل.
أولها صاحب (( الاثنينية )) الشيخ عبد المقصود خوجه فهو بحق عاشق للثقافة متفانٍ في خدمتها وله عليها أيادٍ بيضاء في عدة مجالات لا تقتصر على (( الاثنينية )) وإن كان مقالنا يقتصر عليها.. وتعد كلمته في افتتاح كل (( اثنينية )) درة غالية يمكن اعتبارها ورقة عمل ثقافية موضوعية نصيب الاحتفاء فيها يقتصر على ما يقتضيه واجب الضيافة ولكنها تذخر بالإضاءات والإضافات وصيحات تحذير وأجراس نذير.. وأجد نفسي مضطراً للإشادة بكلمته في تكريم الدكتور ((عبد العزيز التويجري)). فرغم مكانة المحتفى به والمنصب الثقافي الكبير الذي يشغله فقد كرّس الخوجه نصف كلمته لتأبين فقيدين تأثر بفقدهما واستشعر خسارتهما وهما فقيد الأمة العلامة والأديب والمفكر الإسلامي الراحل ((الشيخ أبو الحسن الندوي)) وفقيد مكة المكرمة ((الشيخ عبد الله يماني)) رحمهما الله.
وثانيها هذا الحضور المكثف لصفوة من رجالات الدين والعلم والفكر والأدب والأكاديميين والمبدعين والإعلاميين الذين يذهلك اجتماعهم في مكان واحد على اختلاف مشاربهم، وفي مواظبة معظم هؤلاء على الانتظام في الحضور شهادة برقي المستوى الثقافي الذي يذخر به هذا الملتقى ويتميز به عن غيره من المنتديات.
وثالثها هذه العناصر و الإعداد الجيد للندوات، ومن الواضح أن وراءه الشيخ بنفسه مع طاقم كفء ذكي يجيد الاتصال بالضيوف وجمع المعلومات عن المكرمين واختيار المشاركين المناسبين.
ويبقى أهم هذه العوامل. في نظري، هو أن (( الاثنينية )) لقاء على تأكيد ذلك قائلاً.. ليس لدينا اتصالات خاصة ولا رقاع دعوة فالاثنينية منكم وبكم ولكم.. وأنا لا أملك فيها إلا مقعدي.. ولعلّ في هذا التوجه سعياً مقصوداً للقضاء على ظاهرة ((نخبوية الثقافة)).. التي أصابت معظم اللقاءات الثقافية بالجمود والتصنيف فانعدم تأثيرها في الساحة الثقافية نتيجة عزوف الكثيرين عنها لشعورهم بأن أبوابها موصدة دونهم.. فها هي (( الاثنينية )) تكسر هذا الاحتكار وتفتح الباب على مصراعيه لتفاعل الأجيال وتلاقح الأفكار.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :728  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 31 من 203
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الغربال، قراءة في حياة وآثار الأديب السعودي الراحل محمد سعيد عبد المقصود خوجه

[قراءة في حياة وآثار الأديب السعودي الراحل محمد سعيد عبد المقصود خوجه: 1999]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج