شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
رؤية فكرية
علي زين العابدين.. وشاعرية الطُّهْرِ والصَّفاء (1)
بقلم: د. عاصم حمدان
ـ لم يكن السيد علي زين العابدين واحداً من الرجال الذين اكتفوا بإبداع الكلمة الشاعرة، بل هو مواطن شارك في بناء وطنه منذ حوالى نصف قرن من الزمن، ولم يمنعه هذا الانشغال بما أسند إليه من مهمات وأعمال من أن يخصص وقتاً للكلمة الشعرية التي امتازت بصدقها وجزالتها وفصاحتها.
ـ وليس بغريب أن تكون ((مكة)) موطناً للشعر، فلقد كان الناس يتوافدون إليها من أطراف الجزيرة العربية في العصر الجاهلي ليحتكموا إلى ذائقة أهلها الشعرية. وكان ذلك إيذاناً ببلوغ لهجة ((قريش)) الذروة من البيان والفصاحة والبلاغة، ولو لم تكن هذه اللهجة من هذه القوة اللغوية والبلاغية لما نزل كتاب الله، ووحيه المنزل على صفوة عباده بها، ولكن الفصحاء والخطباء من قريش تخلوا عن طروسهم، وطأطأوا رؤوسهم للقول المعجزة في الكتاب الذي نزل بلسان عربي ((مبين)) وبقيت المعجزة منذ نزولها في غار ((حراء)) على البشر وأفصح الناس. عليه صلوات الله وسلامه. يقرأها العربي وغير العربي، ويقف مبهوراً أمام دلالاتها ومعانيها وما تتضمنه من شرائع وأحكام.
ـ لقد ارتبط وجود السيد ((علي)) في ذهني منذ حوالى ربع قرن من الزمن ((بحارة الباب)) وكانت هذه الحارة.. كباب ((الباسطية)) في حي الشامية موطناً للعلم والعلماء، فلقد كانت مدرسة ((الصولتية)) تقوم في هذا الحي كما أتذكر ـ المدرسة التي أقام فيها الشيخ ((رحمة الله)) جد آل سليم الأفاضل ـ أول من عرف مناظرة أهل الكتاب، وكان كتابه في هذا الباب ((إظهار الحق)) مصدراً للشيخ ((أحمد ديدات)) في انطلاقته العلمية التي ناظر فيها كبار القسس، وأثبت لهم المصدر الإلهي لهذا الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
ـ وفي ((حارة الباب)) كانت تقوم دور السادة آل الحبشي، والفدعق، والبار، وهم أهل علم ودراية وفضل وإحسان، وكانت دار السادة آل زين العابدين واحدة من هذه الدور، ولقد قرأ على السيد ((علي)) عليَّ ذات يوم شعراً لأحد أجداده، وعرفت من هذا أن رجل الجيش والكلمة سليل لأسرة تقول الشعر وتبدع الكلمة منذ مئات السنين، وأن نشأة شاعرنا في هذا الحي الذي يطل كبقية الأحياء المتاخمة للمسجد الحرام على مواطن الرحمة والرضوان، إنها قد طبعت شعر الرجل بمسحة روحية، كما هي الحال التي نجدها في شعر السيد ((محمد حسن فقي)) وشعر الأستاذ ((حسين عرب)) أطال الله أعمارهم جميعاً.
ـ ويوم عدت للوطن بعد سنين أقمتها في ديار الغربة، كان لي شرف لقاء ((السيد علي)) في دار الأستاذين ((أحمد وصالح جمال)) رحمهما الله. دار الصديق الأستاذ محمد صلاح الدين، فأحببت فيه تواضعه وأكبرت فيه علمه ومعرفته، ثم أخذت أقرأ له كتاباته النثرية إلى جانب أشعاره التي ينشرها بين الحين والآخر، فتأكدت أن شخصيته الأدبية جمعت بين فني ((النثر والشعر))، وعندما أهاتفه بين الفينة والأخرى أجده ملماً بما يدور في بلادنا من حركة فكرية وثقافية متميزة، وهذا يدل على أن الرجل الذي شارك مشاركة إيجابية في بناء وطنه هو اليوم الذي يشارك في إثراء الكلمة بقوة واقتدار.
ولا بد لي أن أشكر الصديق الأستاذ عبد المقصود خوجه الذي كرم مثل هذا الرجل الذي يعتبر ثروة من ثروات هذا البلد الطاهر.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :363  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 56 من 204
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

عبدالعزيز الرفاعي - صور ومواقف

[الجزء الثاني: أديباً شاعراً وناثراً: 1997]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج