الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

> > > > > - 91 -

(91) ⁽¹⁾

واستطراداً للحديث في الجلسات إياها.. في موضوع البيان الملكي اليوم يقول:

ولا بد وأن تتساوى أهمية مضمون البيان بالأهمية الشائعة يضطلع بها مع الأفراد بحثاً ومناقشة.. ورأياً حراً صريحاً فيما يجب أن يباشر ويعالج في هذا الشأن لضمان الغرض النبيل منه.. فإنه يتعيّن كذلك أن تكون العناية كاملة به من الأجهزة الرسمية الإعلامية ـ مثلاً ـ كالإذاعة وكالتلفزيون مساندة للصحف.. بعقد الندوات المسموعة.. والمرئية تنصب إسهاماً طبيعياً لا تكلف ولا تصنع فيه ليتناول المفهوم الصحيح للحضارة وللمدنية.. وللسلوك الإسلامي تقوم قواعده على الجوهر دون احتفال بالقشور.. أصبح معها المسلم مسلماً جغرافياً على حد التعبير القديم لكل مواطن ببلد إسلامي يكتفي بالصفة دون الموصوف..

وأذكر في هذا المجال قول الشيخ المرحوم محمد عبده.. لقد رأيت الإسلام في أوروبا ولم أر المسلمين.. كما رأيت المسلمين في بلادنا ولم أر الإسلام!!

وكذلك النادرة الآتية تقول.. ذهب أحدهم لملء خانات استمارة طلب سفر.. فوضع عمره في خانة السن.. كما وضع حالته الاجتماعية في خانتها.. وكذلك محل مولده.. وإقامته.. و.. و.. إلى آخر الخانات المفتوحة في أمثال هاته الحالات.. وحين سأله الموظف المختص عن الديانة لملء خانتها أجابه.. حط فيها صفر!!

وهكذا يكشف الواقع نفسه.. دون استشهاد لما وصل إليه حال التهاون بالعقيدة وقوامها.. اجتناباً للاتصاف بالرجعية أو بالتزمت على أهون الأحوال.. وتمسكاً بالانتساب للعصرية وللمودرنية الحديثة تقومان مظهرياً على التبرؤ من ممارسة واجبات الإيمان وأركان الإسلام..

ويضرب لنا الأمثال الحية في هذا المجال أولئك الرجال الكبار.. والسيدات العظيمات الذين ملأ قلوبهم ونفوسهم وعقولهم الإيمان.. والعلم.. والمحافظة على التراث والكيان لبلدهم.. يعظمون بذلك في أعين الغرباء.. ويبرزون أمثلة فاضلة قويمة يوماً بعد يوم..

كما أنهم بذواتهم القوية وتشبثهم بعاداتهم.. وبأزيائهم.. وبأصالتهم إنما ينتصبون رموزاً عالية راسخة.. يصفع مرآها كل يوم أولئك الممسوخين يعبدون كل جديد.. بدعة عصرية يتمسكون بها مظاهر تبيح لهم صفات المودرنية الحديثة تبرُّءاً من كل قديم مهما كان.. عقيدة.. أو زياً.. أو سلوكاً في الحياة.. ومع الناس.. كأنما ينفذون دون فهم وبأبجدية لفظية قول الزهاوي:

سئمت كل قديم عرفته في حياتي

إن كان عندك شيء من الجديد فهاتي!

* * *