شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ـ 33 ـ (1)
.. ولا يمكن للكبير أن يكون صغيراً.. ولا للأريحية في الجواد أن تقف عند حد، وموضوعنا رجل كان له في الجاهلية شأن وبصر وعقل. ذلكم هو عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب.
وكان سيداً ممدحاً في قريش وهو ابن عم أبي قحافة والد أبي بكر الصديق.. رضي الله عنه. وقد أدركه النبي صلى الله عليه وسلم وحضر مأدبته قبل النبوة.
وقال ابن أبي الزناد ما مات أحد من كبراء قريش في الجاهلية حتى ترك الخمر استحياء مما فيها من الدنس.. وابن جدعان من الجاهليين الذين حرموها على أنفسهم لما يلحق شاربها من الدنس والسفاهة والهوان والحماقات وذلك بعد أن كاد يودي بعين صديقه.. وقال فيها:
شربت الخمر حتى قال قومي
ألست عن السفاه بمستفيق
وحتى ما أوسَّد في مبيت
أنام به سوى الترب السحيق
وحتى أغلق الحانوت رهني
وآنست الهوان من الصديق!
وذكر أنه وفد على كسرى فأكل عنده الفالوذ فسأل عنه فقيل له هذا الفالوذ، فقال وما هو؟ قالوا لباب البر يلبك مع عسل النحل.. فقال أبغوني غلاماً يصنعه.. فأتوه به فابتاعه ثم قدم مكة معه.. فصنع له الفالوذ بمكة فوضع الموائد من الأبطح لباب المسجد ثم نادى مناديه: ألا من أراد الفالوز فليحضر.. فحضر الناس.
وكانت له كذلك أمتان تسميان الجرادتين.. وقد سماهما.. جرادتي عاد. والحكاية تتصل به في باب الجود الأصيل لا تمنع العلة الرجل أن يكون هو عند نفسه.. ولدى الناس.
يحكى أن أمية بن أبي الصلت الثقفي قدم على عبد الله بن جدعان فلما دخل عليه.. قال له عبد الله.. أمر ما أتى بك؟ فقال أمية.. كلاب غرماء قد نبحتني ونهشتني.. فقال له عبد الله قدمت علي وأنا عليل من حقوق لحقتني ولزمتني.. فانظرني قليلاً يجم ـ يعني يكثر ويجتمع ـ ما في يدي وقد ضمنت قضاء دينك.. ولا أسألك عن مبلغه.. فأقام أمية أياماً ثم أتاه.. فقال:
أأذكر حاجتي؟.. أم قد كفاني
حياؤك.. إن شيمتك الحياء
وعلمك بالأمور.. وأنت قرم
لك الحب المهذب والسناء
كريم.. لا يغيره صباح
عن الخلق السني ـ ولا مساء
إلى آخر القصيدة.. فلما أنشد أمية هذا الشعر كانت عند عبد الله أمتاه الجرادتان.. فقال لأمية خذ أيهما شئت.. فأخذ إحداهما وانصرف.. فمر بمجلس من مجالس قريش فلاموه على أخذها.. وقالوا له.. لقد لقيته عليلاً.. فلو رددت عليه. فإن الشيخ يحتاج إلى خدمتها كان ذلك أقرب لك عنده وأكثر من كل حق ضمنه لك.. فوقع الكلام من أمية موقعه وندم فرجع إليه ليردها عليه.. فلما أتاه بها قال ابن جدعان: لعلّك إنما رددتها لأن قريشاً لاموك على أخذها.. ووصف لأمية ما قال القوم له.. فقال أمية.. والله ما أخطأت يا أبا زهير.. فقال عبد الله.. فما الذي قلت في ذلك؟ قال أمية:
عطاؤك زين لامرئ إن حبوته
ببذل.. وما كل العطاء يزين
وليس بشين لامرئ بذل وجهه
إليك.. كما بعض السؤال يشين!
فقال عبد الله بن جدعان لأمية الثقفي حينذاك.. خذ الأمة الأخرى.. فأخذها.. وخرج!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :809  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 86 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج