شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
( 22 )
أجواء...
الإستغراق في الجو الواحد. غمرة قاطعة لما عداه، وألفة توجز الحياة فيه، وجهل بوجود، أو حقيقة سواه. إلاّ بمقدار.. أو على نمط تخيلي ما.. ولسنا نرد نعي الناعين منا على مصر فسوقها وفجورها إلا لانقطاعهم بجو ما. أو ألفتهم السير في الخط الواحد.. بصرف النظر عن قاعدة مقارنة الحياة ببلادهم وبها.. فرائد الصالة المدمن عليها لا يرى من مصر إلى هذه اللوحة.. وكذلك محب السينما.. أو حليف البارات والكازينوات. وما جرتا إليه.. وعلى العكس منهما المنقطع للحياة العملية التجارية.. وبالمثل المواظب على غشيان المساجد، وزيارة المعاهد الدينية.. والمندمج في الجو الرياضي بأنواع الرياضة ونواديها وحفلاتها.. لا يرى كل من مصر إلى جوه المألوف أو خط سيره الواحد.
وهكذا تكون الحياة في البلد الكبير، عالماً فيه الاشتمال والاستقلال، ومجال القدح والمدح. فزحمة المساجد، وإقبال المصلين عليها وبها، توحي لسالك هذا الطريق بعينه إيمانه بأنه ببلد متدين، مغرق في العبادة وأسبابها.. وبالعكس.
وهذا مواطننا الذي قضى حوالي العامين هناك يؤكّد نزعة التديّن المصرية الغالبة، ويزيد على ذلك أنه وجد عقيدة وذمة واتجاهاً صادقاً لله وتمسكاً بمبادئ الدين الحنيف، أقوى وأفضل مما ألف بموطنه مصدر الدين بكثير.. في حين يسفه رأيه هذا بالغمز عليه وقطع حديثه، وسرد الأمثلة المعاكسة.. مواطننا الشاب الذي قضى هو أيضاً ما لا يقلّ عن العامين تقريباً بالقاهرة وحدها.. وكلاهما صادق ومصيب في نفس الأمر وواقع الحال.
ولقد قضينا يوماً كاملاً في أحد الأحياء البلدية ـ كما يدعونها ـ بالقاهرة، وفي ناحية لا تزال الأخلاق بها بمفهومها الأثري. والعادات. والمحافظة، توحي في أمثلتها الحية المتحرّكة بأن بينها وبين العاصمة أميالاً. أميالاً. ومسافات زمنية قرنية.. فلا يصلها بالحاضر العصري سبب أو زمان.. والبداهة المقررة لهذا في أدمغة العالمين به هي بذاتها المنكرة وجوده عملياً.. وللأجنبي ـ وبالأخص القادم من بلد محدود الحياة والسكان والتشابك الاجتماعي ـ من العناية بتقرير هذا البدهي المقرر.
ولكلمة الحاج بهذه الأحياء سحر وجاذبية. فهذه اللافتات تبتدئ بها قبل اسم ونوع البائع والمعروض دعاية فعالة في الإقبال. والتزكية. والاقتناع ـ ولا يذهب برسوخ هذه الأصول تسرّب الزيف إليها. والانتفاع بتأثيرها من البعض.. فما زال لكل قاعدة شواذ. ولكل أصالة دخلاء، ولكل مادة نجاح واستغلال.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :793  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 24 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

عبدالعزيز الرفاعي - صور ومواقف

[الجزء الثاني: أديباً شاعراً وناثراً: 1997]

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الأول - مقالات الأدباء والكتاب في الصحافة المحلية والعربية (1): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج