شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
( 23 )
أساليب...
غالبية القراء الحجازيين، والمتنورين منهم على الأخص يعرفون عن السياسة المصرية. والأحزاب وزعمائها. وحركاتها الماضية والحاضرة أكثر مما يعرفه المصري العادي، وذلك بحكم فراغ الحياة. وإدمانهم القراءة بأنواعها. والمجلات والجرائد على اختلاف نزعاتها.. وآخر ورقة فيها.
على أن لتكوين ملكة المعرفة عن طريق القراءة. ضرراً يلمسه زائر مصر منهم حين يفاجأ بمعرفة شخصية تخالف المقروء.
والوفد المصري كعقيدة سياسية، قبل أن يكون كحزب. وكحزب من أقدم الأحزاب ـ معروف أكثر من سواه، ولكن الخارجين منه أو عليه معروفون كذلك به، قبل أن ينكرهم أو ينكرونه كأسلوب للشخصية فيه المجال الواسع. ولا خطر على المبدأ به أو بهم.
ومع ذلك فالمسموع المتداول عنه وعنهم، يجعل حظ القراءة مكان الأبجدية أو فك الحرف ليس إلا..
ولقد قدر لنا أن نشهد معركة انتخاب الشيوخ، وأن نقارن بين المقروء والواقع فلمسنا الفارق الجوهري. ومن هنا لزم تصحيح كثير من المقاييس والمعلومات.. فالمغالطات الصحفية، وتشويه الحقائق أسلحة يفلها الواقع لمشاهده.. والواقع أن أساليب الانتخابات على أنواعها كانت رخيصة جداً عكس ما كان متخيلاً منا.
ولقد كنا ليلة في الأتوبيس في طريقنا إلى موعد، وإذا "بزفة" تجمع مأجورين تهتف باسم شيخ.. وسألت عنها جاري في المقعد، وكانت الوجاهة، والرصانة والثقافة علامات واضحة من مجموع حديثه ونظراته. فأشار بيده إشارة كلها الاستخفاف، والزراية و"القرف" ثم قال إنها ألاعيب حواة لا تنتهي.. والحقيقة أننا لمسنا أن كثيراً من الأشخاص المحترمين لدى أنفسهم وبواقعهم في حالة مقاطعة ملحوظة تامة للحزبية على أنواعها.. فقد آمنوا أنها كلها دعايات رخيصة وميدان مهاترات، وفضائح، ومخاز يضيع في تلافيفها جوهر الغرض، وسمو الغايات.
ومن الغريب أن نختلف مع بعض المصريين على تقدير بعض الشخصيات المصرية فينتهي بالتسليم لنا، سواء أكان ذلك الشخص المغفور له أحمد ماهر باشا أو النحاس باشا أو صدقي. أو مكرم. أو علي ماهر. أو حافظ عفيفي. أو فكري أباظه، أو التابعي. أو مصطفى أمين.. أو.. أو.. كل في مجال اختصاصه يزيد به السياسة دماً جديداً أو ينقي من دمها عنصر فساد.
وفي الطبيعة المصرية روح الهزل والسخرية لا فرق عندها بين مادة ومادة. ومجال ومجال. فالتقديس حب وإخلاص. لكنهما عندها ـ مع الإجلال! ـ ليس سبيل حصانة مانعة.. ولهذا تكون فجيعة المستمع إلى مصري "يقفش" لزعيم أو عظيم لمناسبة، أو حالة، أو موقف، كبيرة من أمهات الكبائر.. إلا أننا نردها إلى هذا المزاج الحيوي، وإلى الإنسانية الطبيعية في نفس المصري، فهو فنان بها، أو فنان حياة.. لا يعوق انسراب نفسيته وحرية مزاجه أي اعتبار.. ولعل هذا فيما نرى سبب قوي من أسباب عدم الالتزام في السياسة المصرية، والتعصّب الجامد. ولو سلمت هذه الطبيعة السبرمانية من نتائج ضغط الحاجة المادية، وعقابيل ضغط الحرية الجيلي الممتد، لكانت المثل العالي الفريد.
وهكذا كانت السياسة المصرية. ولم تزل تقليدية خاضعة في تقليدها للضرورات. وأسباب العصبية والقرابة.. والعادات السالفة ومتبعها. أكثر من خضوعها إلى تقرير الهدف، وصحة المثل. وغاية المبدأ.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :744  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 25 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج