شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة الأستاذ الدكتور محمود بن حسن زيني))
الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله سيد المرسلين وقائد الغر المحجَّلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه، أيها الأخوة والأخوات الكرام سلام الله عليكم ورحمته وبركاته وكل عام وأنتم بخير وبارك الله في أعيادنا.
وبعد..
ها نحن في هذه الليلة المباركة نعيش تكريم الشيخ عبد الملك بن دهيش وأقول: إن تكريم الكبار من رجالات هذه الدولة، من الكبار في سمو الأخلاق لهو مظهر من المظاهر الحضارية في هذا البلد المعطاء.
والشيخ الأديب عبد المقصود محمد سعيد خوجه يزداد الليلة ابتهاجاً وهو يفتتح غرّة اثنينيته لعام 1426هـ بعد هذا العمر المديد لها والحمد لله وهو عمر حافل بالعطاء في تكريم الرجال من العلماء والأدباء والمثقفين في بلادنا وفي العالم العربي والإسلامي وبخاصة لرجالات هذه المملكة الذين كانوا شموعاً، أضاؤا النور والعلم وشيّدوا البنيان مع ملوك هذه المملكة وأضاءوا صفحات سطروها في تاريخ هذا البلد الكريم ليكون تاريخاً حضارياً متميزاً في العصر الحديث.
وإذا كان هذا المحتفى به هو معالي الشيخ الدكتور عبد الملك بن دهيش، فإن المحتفي والمحتفى به رجلان كبيران، تساويا في كفة الميزان في النتاج والبذل والعطاء.
وتتحدث الاثنينية الخوجية في العقدين الذهبيين السالفين عن هذا الرجل الوفي الأستاذ الأديب عبد المقصود خوجه الذي سخّر وقته وطاقاته وماله ورجاله لخدمة هذا الوطن والتفاني في حبّه وتقدير وتكريم رجالاته، ويتمنى الناس جميعاً في هذه المملكة أن يكرموه ولكن الله كرّمه بهذا الحب الصادق والوفاء النادر والأخوّة الحقّة، إذ هو يشعر بالغبطة والحبور في كل مرّة يكرّم فيها رجلاً فاعلاً من رجالات هذا البلد، فله منّا خالص الدعاء بدوام الصحة والعافية والسعادة حفظه الله.
ويأتي تكريم الشيخ أ. د. عبد الملك بن دهيش في هذه الاثنينية المباركة وأنا أعترف لكم بأن شهادتي له ربما كانت مجروحة وذلك لزمالتي له ومعرفتي به معرفة خاصة إذ كنّا زميلين متلازمين في سنيّ الدراسة بالمعهد العالي السعودي بمكة المكرمة قبل خمسة عقود والحمد لله. ولا يمنعني ذلك من أن أقول إنه على خلق كريم ورجل اجتماعي وعالم وأحسبه كذلك والله حسيبه ولا أزكى على الله أحداً، لكنه أنيق في أخلاقه وفكره وملبسه وكلامه الطيب وابتساماته ما سمعت منه في زمالتي له وبعد ذلك إلاّ الطيّب من القول.
وشاءت إرادة الله أن نفترق فذهبت إلى مصر والتحق هو بكلية الشريعة بمكة المكرمة وقد كانت مجاورة لمعهدنا الثانوي المعهد العلمي السعودي بالزاهر في قصر من القصور الملكية التي وهبها الملك عبد العزيز للكلية وللمعهد العلمي السعودي ولتحضير البعثات الثانوية وتخرج في أول كلية بالمملكة رائدة التعليم الجامعي وأم الجامعات السعودية المتعاقبة في هذه المملكة.
كان الشيخ عبد الملك قاضياً مع والده فضيلة الشيخ عبد الله بن دهيش رئيس المحاكم الشرعية بمكة المكرمة وهنا برزت أولى جهود المحتفى به الشيخ القاضي عبد الملك بن دهيش فعنى بالقضاء وتفانى في خدمته حتى صار رئيساً مساعداً للمحاكم الشرعية ثم رئيساً لها، وكانت له سيرة طيبة.
ولكن الشيخ الجليل ابن دهيش كان يتطلع إلى مزيد من التميز والتفاني في خدمة هذا الوطن فصدر الأمر الملكي في غرة العقد الأول من القرن الخامس عشر الهجري (1401هـ) ليكون نائباً للرئيس العام لشؤون الحرمين المكي والنبوي. وفي هذه المرحلة انتقلت الرئاسة العامة هذه إلى طور تاريخي مجيد فنظّمها وأسس لها كياناً متميزاً، ولم يدخر وسعاً في تطويرها وتوفير كافة السبل لجعلها رئاسة مسؤولة بحق عن خدمات المسجدين الكبيرين الشريفين: المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف.
لكن تطلعات شيخنا الكريم الطموح لم تتوقف عند ذلك، فحسب بل تطلَّع إلى ما كان يصبو إليه من خدمة التعليم والتعليم النسوي خاصة وتحقق له بإذن الله ما أمّل وكان الأمر الملكي بتعيينه رئيساً عاماً لتعليم البنات بالمملكة العربية السعودية بمرتبة وزير في نهاية العقد الأول من هذا القرن الخامس عشر الهجري. والحق يقال إنه كان الرجل المطلوب لهذه المهمة الشاقة، وكان الاختيار في محلّه وأسند إليه هذا الأمر فقام بمهام الرئاسة العامة خير قيام في فترة وجيزة في ست سنوات مباركات فترقَّى بالرئاسة، وإذا بالرئاسة بشئون تعليم البنات لتصبح حديث الناس لما صارت فيه من رقي واعتناء بتعليم البنات ونظم مدارسها وكلياتها واهتم بها اهتماماً خاصاً، وأشهد أنه لم يعرف الراحة حتى في بيته في سبيل إنجاز مهامه ولم يدّخر وسعاً في سبيل تقديم أفضل الخدمات لتعليم البنات والتوسّع بتعيين المعلمات وتحسين حالاتهن والسهر على شؤون الرئاسة العامة لتعليم البنات والكليات في هذه المملكة المترامية الأطراف حتى إنه فتح أبواب بيوته العامرة في الرياض وفي مكة وغيرها وبخاصة في أيام إجازته في يومي الخميس والجمعة صباحاً ومساءً من كل أسبوع للمراجعين فقد شهدت ذلك منه يستقبل المراجعين والمراجعات بنفسه ويجيب على تساؤلات الجميع، أو غير ذلك مما تفانى فيه.
بيد أن هذا المحتفى به القاضي والمعلم والمسؤول والمربي لم يكتفِ بما حازه من خبرات وتجارب فأكب على التحصيل العالي في العلم وحاز على درجة الدكتوراه في التحقيق والتاريخ والفقه بأطروحة نالت إعجاب المناقشين ليؤكد في رسالته التي عنوانها: الحرم المكي الشريف والأعلام المحيطة به)) حبّه وولاءه لهذا البلد، وهنا بدأت صفحة جديدة من تاريخ هذا الشيخ في خدمة تاريخ البلد الأمين وخدمة تراث الأمة الإسلامية والدين فعكف على فتح باب التحقيقات العلمية الكثيرة التي قام بها وربما كان الشيخ في تحقيقاته القضائية قد اكتسبت كفاءة خاصة في التحقيق في العلم فإذا بنا أمام كم هائل من هذه الكتب المحققة الكثيرة في خدمة علوم الشريعة والتاريخ والبلدان.
ولي شهادة خاصة لهذا الشيخ وقد نشرت له بعض تحقيقاته لأعلام الحرم المكي الشريف في مجلة البلد الأمين التي شرفت برئاسة تحريرها في نادي مكة الثقافي الأدبي. ولم يكن الشيخ العالم أ.د. عبد الملك بن دهيش من أولئك المحققين عن بُعد بل كان من أولئك الجادين في تحقيقاتهم إذ كان ينهض بالعمل بنفسه وقد وقف بشخصه على أعلام مكة المكرمة وبذل كل غالٍ وثمين ليحصل على علوم دقيقة وحدود موثقة عن أعلام مكة المكرمة بكل ما يتطلب ذلك من جهود بنفسه وبماله ورجاله وجهوده وصحته وما ذلك إلا في سبيل الوصول إلى دقّة في التحقيق والعمل.
وإن الحديث عن هذا العلم البارز من علماء البلد الأمين معالي الأخ الشيخ عبد الملك بن دهيش ربما لا يوفّى حقُّه إلاّ في كتب بل وفي رسالة علمية في أطروحة جامعية وأرجو أن يتحقق له ذلك، فأطروحته عن شخصيته المتميزة ذات الكفاءات المتعددة والمتنوعة.
وأخيراً وليس آخراً فإن المحتفى به يستحق أن يُكرّم بالمحتفي في الاثنينية المباركة من الفاضل الكريم الشيخ عبد المقصود خوجه.
فبارك الله في جهود العلمين الكبيرين عبد الملك بن دهيش المحتفى به في هذه الليلة ومن المحتفي بالرجال الشيخ الأديب عبد المقصود خوجه فكلاهما من الأبناء البررة في خدمة الوطن المحبوب وأهله حفظهما الله أمين، والله سلّم وصلّى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين وصحابته أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
عريف الحفل: الكلمة الآن لمعالي الأستاذ الدكتور عبد الملك بن دهيش.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :643  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 11 من 252
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.