شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة معالي الأستاذ الدكتور عبد الملك بن دهيش))
الحمد لله، والصلاةُ والسلامُ على خيرِ خلقِ الله سيدنا ونبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد..
أصحاب المعالي والفضيلة والسعادة..
أخواني وأخواتي
أيها الحفلُ الكريم..
السلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته..
أتوجه بالشكرِ لله عزَّ وجلَّ على نِعمه الظَّاهرة والباطنة، وأسألهُ سبحانه أن يُديمها علينا، ويوفقنا جميعاً لمرضاته.
إخواني..
إنّ ما أقومُ به مِن جُهودٍ لنشرِ التراثِ التاريخي والحضاري لأقدسِ بقاعِ الأرض مكة المكرمة، وكذلك كُتب التراث الإسلامي إنما هو واجبٌ عليَّ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: وقفَ النبيُ صلى الله عليه وسلم على الحَزْورة فقال: علمتُ أَنكِ خيرُ أرضِ الله، وأحبُ الأرضِ إِلى الله.
وتَرجعُ بداياتُ اهتمامي بالتاريخ المكي إِلى احتواءِ مكتبةِ والدي سماحة الشيخ عبد الله بن دهيش رحمه الله على أمهات الكتب الخاصة بتاريخ مكة شرفها الله، ثم وقَفْتُ في مكتبتي الخاصة على نُسخةٍ مُصورةٍ من كتاب ((أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه)) لمحدثِ مكةَ ومؤرخها الإمامُ محمد بن إسحاق الفاكهي أحدُ علماءِ القرنِ الثَّالث الهجري.
قرأتُ هذا المخطوط وتأملتُه فإِذا هو كتابٌ فريدٌ في بابه، موسوعةٌ في مادته، ولردائةِ النسخة المصورة سافرتُ إلى هولندا، ووقفتُ على أصلِ الكتاب في جامعة لَيْدِن، فقمتُ بتصويره، فصدر مُحققاً بحمد الله عام 1407هـ، وكان من منهجي في تحقيق كتابِ الفاكهي أَن لا أدعَ موضعاً ذَكَرهُ في البلدِ الحرام وعَرَّفهُ إِلا وقفتُ عليه، ووصفتُه، وصورتُه، وما لم أعرِفهُ مِن هذه المواضع سألتُ عنه أهل الخِبْرة. ولذلك قُمْتُ بعشراتِ الرحلات للتطواف على هذه المواضع، وربط حاضرها بماضيها قدر المستطاع.
وكان مما ذكره الإمام الفاكهي رحمه الله مواضع، صرح أنها من حدود الحرم، جبالٌ وثنايا، وأراضٍ منبسطة وغير ذلك، وقد صرح أنه توجد أعلام الحرم على هذه المواضع، فكنتُ أذهبُ بشغفٍ ولهفٍ للوقوف عليها، وتكونُ فرحتي أشد عندما أجدُ على هذه الأعلام آثار النُّورة البيضاء التي تدل على أن هذا علم، فوقفتُ على مئاتِ الأعلام، وكان هذا بدايةَ عملٍ جاد لتأليفِ كتاب ((الحرم المكي الشريف والأعلام المحيطة به))، وكانت هناك صعوباتٌ جمة تتابعت على مخيلتي، حيثُ أَنَّ غالب أعلام الحرم تقعُ على قِمم الجبال، فأستعنتُ بالله عزَّ وجلَّ ثم بأعلمِ الناس بالمواضع التَّاريخية والأثرية بل أعلمُ أهلِ مكةَ بأسماء جبالها، وريعانها ووديانها وشعابها، ولعلّ من أبرزهم الشريف محمد بن فوزان الحارثي رحمه الله، والشريف شاكر بن هزاع العبدلي قائم مقام مكة رحمه الله، وأشرافٌ من آل زيد، وجماعةٌ من قريش ولحيان وغيرهم.
فكان هذا الكتاب أول كتاب يؤلف عن ((حدود الحرم المكي الشريف))، وخرجتْ هذه الدراسة بنتائج هامة، منها أن عدد الأعلام المحيطة بالحرم التي وقفتُ عليها، ووصفتها وقمتُ بتصويرها بلغ أكثر من تسعمائة علم محيطةٌ بمكة إحاطة السِّوار بالمِعْصم. وقد طُبِعَ هذا الكتاب عام 1416هـ..
ثم تشرفتُ بتحقيقِ وتأليفِ كُتبٍ أخرى تاريخية وفقهية.
وفي مجال القضاء، قَضيتَ عِشرين عاماً في المحكمة الشرعية الكبرى بمكة المكرمة، وقد أُتيحت لي الفرصة للاستفادة من ثلاثة من أعلامِ العلماء، كُلٌّ منهم حُجّةٌ في مذهب من المذاهب الإسلامية.
1 ـ سماحة الوالد الشيخ عبد الله بن عمر بن دهيش رحمه الله، في المذهب الحنبلي.
2 ـ فضيلة العلاَّمة الشيخ حسن المشاط في المذهب المالكي.
3 ـ العلامة الشيخ يحيى أمان في المذهب الحنفي.
فكان لوجودِ هؤلاء العلماء الأَفذاذ أثرٌ كبيرٌ في توسيعِ ثقافتي القضائية، وتسديد ما صدر عني من أحكام شرعية.
وفي عام 1401هـ صدر أمرٌ ملكيٌّ كريم بتعييني نائباً للرئيس العام لشؤون الحرم النبوي الشريف، فتشرفتُ بخدمة المسجد النبوي الشريف، أحدُ مساجد الإِسلام العظيمة التي تُشَدُ الرِّحال إليها، على صاحبها أفضل الصلاة وأتمُ التسليم.
وقد استفدتُ مِن مكتبة الحرم النبوي الشريف، واقتنيتُ صُوراً لبعض مخطوطاتها العِلمية القيّمة.
وفي عام 1410هـ صدر أمرٌ ملكيٌّ كريمٌ بتعييني رئيساً عاماً لتعليم البنات، فكان من أهدافي المساهمةُ في تحسين هذا القطاع الحيوي كَمًّا ونوعاً، والتوسع في فتحِ آفاق التعليم أمامَ الفتاةِ السعودية لكي تنهل من ينابيعِ العلمِ والمعرفةِ والثقافةِ، وقمتُ بتطوير الكلياتِ والمعاهد، ورفعِ كفاءةِ شاغلاتِ الوظائف التعليمية، والتوسعِ في التدريبِ والابتعاثِ الداخلي للحصولِ على مؤهلاتٍ عاليةٍ، وقد لقي هذا دعماً ومساندةً كبيرةً من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز يرحمه الله، وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله.
وبعد..
فقد كانت هذه وقفاتٌ سريعةٌ في مسيرة حياتي، وإِن ما قمتُ وأقومُ به من جُهودٍ وأعمالٍ علميةٍ وثقافيةٍ وفكريةٍ هو تَسديدُ دَينٍ واجبٍ في أعناقنا نحو ديننا وأمتنا ووطننا.
ولا يفوتني في هذا المقام أَن أُشيدَ بالجهودِ الكبيرةِ التي يبذلها الأستاذ عبد المقصود خوجه لتوثيقِ مسيرةِ المثقفين من ابناءِ هذا الوطن، في هذه الاثنينية المباركة والتي تُجسّد معانيَ الرُّقي والتَّحضر.
أسألُ الله أن يوفقنا جميعاً لما يُحبه ويرضاه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
عريف الحفل: أكرر السادة والسيدات بأنه سيفتح باب الحوار بمشيئة الله بينكم وبين معالي الضيف عقب أن نعطي لمعاليه الكلمة بهذه المناسبة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :694  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 12 من 252
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.