شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة المحتفى به الشيخ عبد العزيز المسند ))
ثم استمع الحاضرون إلى كلمة ضافية ألقاها فضيلة الشيخ عبد العزيز المسند، شرح فيها ما كانت النفوس مشتاقة لسماعه، وطاف بهم على بساط رائع من الحديث السلسال على مغان الأدب ورياض العلم، وأهداهم من حلو المجاني ما أطرب القلوب وسحرَ الألباب وبدأها بقوله:
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أيها الإِخوة الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرى من واجبي أن أشكر من كان سبباً في جمعنا، وهو الشيخ اللطيف الكريم الأديب العالم عبد المقصود خوجه، لا لأنه كرم الرواد فقط، ولكن لأنه في هذا الخضم من الماديات استطاع أن يجمع بين الدين والدنيا وغذاء الروح وغذاء البدن، وأن يجمع أناساً ليتغذوا فكرياً من هذا البحر المتلاطم من الإِقبال على الحياة الذي كاد أن ينسي الناس غذاء الروح، فشكراً له باسمكم جميعاً، وقد تفضل الإِخوان بالمقدمات والشكر، وهو أهل لذلك. كما أشكر الإِخوة الذين قدموا ما سمعتم، وأسأل الله أن أكون عند حسن ظنهم، وأن يكون باطني خيراً من ظاهري، وإنني أستغفر الله أن أكون ممدوحاً، وأنا لست أهلاً لذلك.
أيها الإِخوة، هذه أول مرة أجدني محرجاً في هذا الحديث لأني تعودت في المحاضرات والندوات أن يحدد لي الموضوع، أما وقد ترك لي الباب واسعاً ومفتوحاً فإني لا أعرف أيرضي حديثي الإِخوة ويشغف أسماعهم ويمتعهم، أم أنه سيكون عبئاً عليهم؟ ولكني سأتكلم بما حدثني به الشيخ الداعي وهو أن أتحدث بكل يسر وسهولة، وهذا هو مبدؤنا، وقد عرج الإِخوان على أن ذلك من سمتي ومن شخصيتي، فلذلك لن أتكلف الحديث.
لعل حديثي عن حياتي أو شيئاً منها هو حديث عن مخضرم يعطيكم تاريخاً عن المملكة العربية السعودية وعن تطورها السريع، فأنا قد ولدت بقرية صغيرة، الحياة فيها كانت رتيبة، نصلي الفجر ثم نذهب لكتاب لا يبعد مئتي متر عن منزلنا أنا وأخي، وكان صاحب الكتاب إمام المسجد. فنحن على عين والدنا لا نبعد كثيراً. لما بلغ عمري الثامنة ألحقني والدي بحلقة لشيخنا الشيخ الخريصي وهو حي موجود كان رئيساً للمحاكم في القصيم حفظه الله. ثم ألحقني بعد ذلك بحلقة الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله، وأنتم كلكم تعرفونه، لكن الأمر لم يطل فقد حدث في البلد حدث غريب هز النفوس وجفل له القوم وتحاموه، وتهامسوا وكان أمراً غريباً بالنسبة لهم، ذلكم هو أن الملك عبد العزيز رحمه الله بعث مندوبين ليجمعوا الطلاب لمدرسة قد عزم على فتحها وهي دار التوحيد بالطائف، وصاحب ذلك افتتاح مدرسة ابتدائية عسكرية، وكان الناس في ذلك الوقت لا يرغبون المدارس العسكرية ويخافون منها فخلف عليهم الأمر وخافوا أن يكون هؤلاء الطلاب للمدرسة العسكرية فتشفعوا وأرسلوا للملك عبد العزيز برقيات بمئات الكلمات، ولكن تصميمه على أن يوجد مدرسة في مكان مناسب للعلم بعيداً عن الضوضاء كان حازماً، ولذلك لم تُجْدِ التوسلات وكنت أحد مختاريه. وتوجهنا إلى دار التوحيد، وكان ذلك أول يوم أركب فيه السيارة، أتعلمون كم كانت المدة بين القصيم والطائف؟ كانت خمسة عشر يوماً على السيارة، وكان من سرعة هذه السيارة أن ينزل أربعة منها أو ثلاثة فيجروا أمامها ويسبقونا، فيحاول السائق أن يدفعها ولكن بدون فائدة. ووصلنا إلى الطائف بعد أن انتهى الزاد والماء ووجدنا الطائف بلدة صغيرة هادئة ليس فيها ضجة، وليس فيها سوانا نحن والعسكر، بلدة صغيرة جداً على مبانيها القديمة وصنفنا وتم اختيارنا لدار التوحيد، وكنا الدفعة الأولى، وكنت في السنة الخامسة الابتدائية. بقينا أشهراً ثم عدنا إلى أهلنا نحمل البشائر ونخبرهم بما رأينا، وأن ذلك مجتمع علمي وليس فيه خطر.
في دار التوحيد كانت الحقيقة شعلة ويسرني أن أكون من بين طلابها الآن من يشاركنا، كانت شعلة وشرارة للنهضة التعليمية السعودية بجانب تحضير البعثات والمعهد السعودي بمكة المكرمة، فكان فيها تسابق علمي.
ولن أطيل عليكم، لكني سأحدثكم كما قلت حتى تتبينوا الفارق بين الدراسة في الثلث الأخير من القرن الماضي وبين وسائل التعليم اليوم ووسائل الراحة والرفاهية، كان الكتاب لا يوجد في ذلك الوقت فإذا وقع بأيدينا كتاب تسابقنا لقراءته، نجلس على الأرض يقرأ أحدنا ونسمع، وويل لمن يغفل لأنه سيقفد الكتاب ولن يجده مرة ثانية، وقد قرأنا كل كتب كتاب ذلك الجيل بين الفُسَحِ، فقد قرأنا كتب العواد، والقرشي، والزمخشري، ولعدد آخر من كتابنا السعوديين وأدبائنا وشعرائنا، وقرأنا أيضاً كتب طه حسين والمنفلوطي والرافعي وشوقي وحافظ إبراهيم، كلها في الفسح، هذه مادة إضافية نأتيها برغبة وشوق، وكان لا يشغلنا شيء عن العلم، ومن الذكريات التي يسرنا أن نسمعها الآن عن دار التوحيد أشياء سجلتها لكم.
أولاً: أن من كان يتخلف عن صلاة الصبح يقف أمام الطابور، ويعلق على صدره لوحة كتب عليها كسلان؛ ثانياً: أن من فاته الغذاء أو العشاء لا يوجد شيء يأكله فلا دكان ولا فلوس؛ ثالثاً: في ذلك الوقت كانت حرب فلسطين قائمة وقد شارك السعوديون في حرب فلسطين، فطلاب دار التوحيد اجتمعوا وعَلَّمَنا الشيخ عبد الله بن خميس وفهد المبارك رحمه الله الرماية، من كان يجد ريالاً يأتي إليهما لأنهما يملكان بندقية فيدفع الريال ليشتري له (الفشك) فعلَّمانا الرماية في ذلك الوقت وكنا نذهب إلى المثناة (1) ثم اتفقوا على أن يتبرعوا بأنفسهم للجهاد في فلسطين فأبرقوا للملك عبد العزيز برقية استعاروا فيها بيت أبي الطيب المتنبي وقالوا في البرقية:
لا خيل عندك تهديها ولا مال
فليسعد النطق إن لم تسعد الحال
كان الملك عبد العزيز حكيماً رحمه الله، فأبرق لهم: أنتم يا أبنائي في جهاد، لأن طلب العلم جهاد، وذهب منهم في ذلك الوقت عدد كان فهد المبارك رحمه الله أحدهم وأنتم تعرفون سيرته وتاريخه.
في ذلك الوقت كان الأكل قليلاً ولا مجال للتعويض فذهب كبارنا إلى مدير المدرسة الشيخ بهجت البيطار رحمه الله، وقالوا: يا فضيلة الشيخ علينا قصور في الأكل والماء، لأن الماء كان شحيحاً وكان رئيس كل جماعة يقف ويوزع عليهم الماء بالإِبريق ماء الوضوء، وماء الغسيل، وماء الشرب، فجمعهم كلهم في غرفة واحدة وقال لهم: يا أبنائي احمدوا الله أنكم تأكلون "هورة" (2) وتشربون من بئر عجلان، وبئر عجلان هذه هي أحسن بئر في قروة يرتوون منها ثم جمعهم ودرسهم مقدمة المنجد.
ولا شك وأنتم أدباء أنكم رأيتم صعوبة مقدمة المنجد، ومع ذلك مر عليها في خلال أربع سنوات وقد هجرهم في غرفة واحدة استمعوا إلى هذا الدرس. هكذا كان تحصيل العلم.
ومن الأشياء الطريفة أن أحد الزملاء وأرجو من إخوتي الزملاء الحاضرين هنا أن لا يبوحوا بسر اسمه، كان لا يستوعب ما يقرأ، ومن ذلك أنه في صباح يوم اختبار مادة النحو وعقب صلاة الصبح مباشرة أخذ يردد بيتاً من ألفية ابن مالك، هو:
وتأتي كان زائدة
نحو ما كان أشجع عليا (3)
دخل الاختبار ورد ضمن الأسئلة سؤال يقول: مثل لورود كان زائدة. فخرج الرجل ولم يجب ثم أخبر الزملاء بأنه لم يستطع الإجابة على أحد الأسئلة لأنه سؤال صعب.. فقالوا له: وما هو؟ قال: التمثيل لورود كان زائدة، لم أستطع أن آتي بجملة فيها كان زائدة، قالوا: سبحان الله، وما قيمة البيت الذي كنت تردده ثلاث ساعات أين ذهب؟ فهذه القرائح والفهوم متباينة، فالذين يتخرجون من الدراسات يكون فيهم العشر علماء، والباقون يحملون الشهادة فقط، ولا سيما في الأزمنة الأخيرة مع الأسف.
كان من ميزات دار التوحيد في ذلك الوقت المعارضات الشعرية، وكانت تتمثل - مع اعتذاري للشعراء لأنني لست بشاعر - بمشكلات الطلاب التي تكون في الدار، ومن تلك المعارضات معارضتهم لقصيدة أمير الشعراء شوقي، والتي مطلعها:
قم للمعلم وفه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا
 
فكان شاعرهم الهزلي يقول:
قم للسليق فوفه التنديلا
كاد السليق بأن يكون بلولا (4)
أعلمت أطيب أو أعز من الذي
يطهو ويدني بيضكم والفولا
سبحانك اللهم خير معلم
غذيت بالخبز القرون الأولى
وبعثت من شهران شهماً أوحداً
عند المقاضي يملأ الزنبيلا
 
ذلك أن أكلهم هو أهم شيء عندهم، ولأنَّ الشهراني هو الذي يشتري المؤونة.
لقد أمضينا الحقيقة تلك الفترة، فترة فتوة وحياة اجتماعية، لأن السكن كان داخليّاً لم يكن لنا أهل بالطائف، وليس هناك مذياع يشغلنا، بل لم يكن هناك مذياع بالطائف إلا عند محمد شيخو، وكان قائداً في الجيش، ويسكن في قروة (5) بالقرب منا، وكانت حرب فلسطين قد شارفت على نهايتها في تلك الأيام، فكان الطلبة يذهبون في الليل ويضعون آذانهم على الأرض حتى يسمعوا من خلف البيت صوت المذياع. كانت الحياة في ذلك الوقت بسيطة وغير معقدة. ثم انتقلنا إلى كلية الشريعة والدراسات الإِسلامية بمكة المكرمة وهناك عشنا في رحاب البيت العتيق وكانت كلية الشريعة أمام باب علي في أول سوق الليل بجانب تحضير البعثات والمعهد العلمي السعودي، فكان مكاناً ووقتاً مهيئاً لطلب العلم، فكنا نصلي كل الفروض في المسجد الحرام، لا يفوتنا وقت واحد ولا نفارق البيت - وهو المسجد - إلا دقائق للأكل وللدراسة في الكلية.
ومن غريب ما حدث من التزامنا بالمسجد بعدم تركنا إياه إلى آخر الليل أن الشيخ حمزة مرزوقي رحمه الله الذي تولى أول أمانة لمجلس الوزراء رأى أننا لا نفارق بيتنا المسجد، فقال: من أنتم؟ هل أنتم عاكفون؟ أليس لكم أهل؟ ماذا تفعلون؟ فكان الشيخ حمزة رحمه الله هو والد الشيخ عبد الرحمن مرزوقي ووالد الأستاذ حسن وهو معروف لأكثركم، فهذه الروح أعطتنا فرصة للعلم فكنا ندرس أكثر من أساتذتنا، كنا نقرأ الحواشي، ونقرأ الكتب، فإذا جئنا هابنا أساتذتنا لما يعلمون من كثرة تحضيرنا.
كان عميد كلية الشريعة الشيخ محمود قاري - رحمه الله - والله عز وجل منحنا بركة في الوقت، فكنت أدرس بعد العصر في مدرسة تحسين الخطوط وتعليم الآلة الكاتبة، وكان مديرها الشيخ محمد طاهر كردي الذي كتب القرآن بخطه رحمه الله، وكنت أدرس بين المغرب والعشاء وبعيد العشاء اللغة الإنجليزية في المدرسة الرحمانية ثم آتي مع إخواني وألحق بهم ونقرأ المتون والشروح والحواشي.
ومن ذكرياتي في مكة أن الأستاذ حبيب بخش، تزوج ودعانا لزواجه وكانت التقاليد - كما تعلمون - أن يأتي المدعوون إلى بيت العريس ويتناولون العشاء، فإذا انتصف الليل ذهبوا إلى بيت العروس.. فاجتمعنا وعندما أذن لنا أن نذهب إلى هناك نزلنا من زقاق الملائكة إلى المدعى. وما كدنا نطأ أرض المدعى حتى انهمر المطر وسال الوادي ودخلت مياه الأمطار الحرم، وكان معنا الشيخ علوي مالكي رحمه الله الذي سيعقد النكاح، كانت العادة أن يسير حاملو (الأتاريك) أمامنا ينيرون الطريق، عندما اختلط المطر بالطين أخذ المدعوون ينزلقون الواحد تلو الآخر فتحطمت (الأتاريك) وذابت الحلوى وتفرق الناس ولم يبق مع الشيخ علوي إلاَّ عدد قليل وكنت أحدهم فحملنا الشيخ علوي رحمه الله على أكتافنا، وقد تلطخت ملابسه بالطين الأسود، وذهبنا ووصلنا إلى بيت العروس في المسفلة، وعقد الشيخ النكاح وتم الزواج وهذا من ذكرياتنا التي كانت في مكة.
كانت الروح العلمية تسيطر وتعم الكلية، وقد لا يصدق أصحاب الجيل الحاضر أننا تخرجنا من كلية الشريعة ونحن لا نعلم أن الذي يحمل شهادة يتوظف، لأننا لم نكن نعرف الوظائف، وكانت الوظائف في ذلك الوقت قليلة، وكانت كلية الشريعة فيها بركة، ودار التوحيد أيضاً فيها بركة، فالذين تخرجوا منها كانوا علماء أفذاذاً تولوا القضاء والتدريس، ومنهم الوزراء والعلماء، وأنتم تعرفون عدداً منهم.
ومن الأعمال التي زاولتها وأنا في السنة الأخيرة من دراستي أن دعاني معالي الأستاذ عبد العزيز الرفاعي.. لكي أشارك في جريدة (البلاد السعودية)، عندما كانت تصدر بمكة ورئيس تحريرها الأستاذ عبد الله عريف رحمه الله، وطلب مني أن أكون مصححاً معه فلبيت طلبه وكان الأستاذ عبد العزيز الرفاعي والأستاذ عبد الله بن خميس والأستاذ عبد الغني قستي وعبد الله الداري وأنا نجلس في غرفة صغيرة لا تزيد عن متر في مترين وفي بيت الدرج، وكنا نصحح الجريدة وكان الأستاذ عبد العزيز ساب يشغل منصب مساعد رئيس التحرير، وكان يتولى بنفسه مسك الأتريك بيده إلى الصباح ليشجع صاف الحروف لينظم الجريدة التي لا بد أن تخرج للناس مع طلوع الشمس.
- ثم بعد ذلك استدعاني الشيخ محمد بن إبراهيم وكان في ذلك الوقت يقيم في مكة المكرمة، ويسكن في عمارة تشرف على قهوة في أول الفلق في آخر الشامية، ولما أتيت إليه أبلغني بأنه اختارني لأكون مديراً للمعهد العلمي في شقراء، وأمرني أن أسافر فوراً.. دون أن يزودني بزاد أو راحلة أو فلوس، ومع ذلك اعتمدت وسافرت وأنا لا أعرف الرياض. وكنت أحد ثلاثة من بين المتخرجين الذين اختيروا ليكونوا مديرين: الشيخ عبد الله بن خميس اختير مديراً لمعهد الأحساء، والأستاذ سعد أبو معطي اختير مديراً لمعهد عنيزة واخترت لأكون مديراً لمعهد شقراء.
- ولما وصلت الرياض وجدت الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم رحمه الله واقفاً في ساحة هناك وأمامه سيارات قد حملت بمقاعد الطلبة فأمرني بالسفر حالاً وليس معي ريال واحد، وسافر معي عدد من الأساتذة وعدد من الطلاب والموظفين، وهؤلاء يريدون الأكل، وذهبنا إلى شقراء وكانت الحياة المعيشية في ذلك الوقت صعبة جداً، وكان علينا أن نطبخ ونطعم المجموعة، اقترضت مبلغاً من أحد المشائخ الأجلاء، وبدأنا نهيئ للمجموعة الطعام حتى يسرّ الله ومضت الأمور.
- كنت مديراً للمعهد شاباً صغيراً لا يتجاوز عمري التاسعة عشرة، لا خبرة لي في علم الإدارة ولكني بالتشجيع والحزم والعزم والتوكل على الله سبحانه أدرت المعهد، وكان نصيبي من الحصص اثنتين وعشرين حصة في الأسبوع. وكانت تلك فرصة لي من أجل أن أعرف الطلبة وأن أعرف سلوكهم وإدراكهم، ومدى استعدادهم وأن أتعاون مع إخوتي المعلمين.
- بقيت في شقراء ثلاث سنوات ذهبت بعدها إلى كلية الشريعة وكلية اللغة العربية، وكان من بين أساتذة كلية الشريعة وكلية اللغة العربية التي أدرتها سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، وفضيلة الشيخ محمد أمين الشنقيطي رحمه الله، والشيخ عبد العزيز بن رشيد، وكلهم من العلماء والمشايخ الأفاضل. كان الشيخ محمد بن إبراهيم يلقي الدروس وكنت أنا المدير، وأنا أصغرهم سناً. وفي خلال إدارتي لكلية الشريعة واللغة العربية شاركت في افتتاح دار الإفتاء، وهذا سر قد لا يعرفه حتى أولادي.. وقد كلفني الشيخ محمد بن إبراهيم وعينني سكرتيراً أولاً في الدار ففتحناها، وكان فيها مجموعة من المشايخ منهم الشيخ محمد العودة، والشيخ راشد بن خنين، والشيخ عبد العزيز بن رشيد، والشيخ عبد الله بن عقيل، ولذلك كنت أول من افتتح دار الإِفتاء التي هي الآن الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء التي على رأسها سماحة شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز، ثم عينت بعد ذلك مساعداً للمدير العام ثم مديراً عاماً ثم وكيلاً لها حتى أنشئت جامعة الإِمام محمد بن سعود الإِسلامية فنقلت خدماتي إلى وزارة التعليم العالي.
- كنت في هذه الأثناء - وعلى مدى خمس سنوات - أذهب إلى الدول العربية لأتعاقد مع الأساتذة، وقد أتاحت لي هذه الرحلات فرصة معرفة إخواني هناك الذين كانوا أساتذة لي وكانوا زملاء وتعرفت على العلماء الفضلاء في البلاد العربية في ذلك الوقت، وقد قمت برحلات إلى آسيا وأفريقيا وأوروبا وأمريكا وأستراليا في سبيل الدعوة، ولله الحمد.
- لا أستطيع أن أحصي الآن ما مر علي من هذه الأمور وأرجو أن تكون خالصة لوجه الله تعالى، لكن من أجل أن تشاركوني فسأمر على بعضها فقط، أول تلك الرحلات كانت رحلة وفد العلماء من المسلمين إلى علماء النصارى التي رأسها سماحة الشيخ محمد بن الحركان رحمه الله، والذي كان يشغل وظيفة وزير العدل وكان أعضاؤها معالي الشيخ محمد بن جبير وزير العدل الآن، ومعالي الشيخ راشد بن خنين، ومعالي الدكتور معروف الدواليبي والمتحدِّث إليكم، وكان الهدف منها هو إجراء حوار مع علماء النصارى بما فيهم الفاتيكان من أجل بيان شمول الدين الإِسلامي وحفاظه على حقوق الإِنسان وصلاحيته لحكم البشرية وللتطبيق. اجتمعنا على مدى أشهر في الرياض وكتبنا البحوث في مكتب معالي وزير العدل وأعددنا بحوثاً تتعلق بهذه المواضيع ثم ذهبنا إلى باريس، وكان قد تبنى الحوار لجنة الصداقة الفرنسية السعودية في باريس، وهم علماء وكان قد انضم إليهم رئيس لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة وأذكر أنه كان سويدياً، جلسنا في باريس ووضعنا الجدول والبرنامج والبحوث، وانضم إلينا معالي الدكتور محمد عبده يماني وكان وزير الإعلام في ذلك الوقت، شاركنا في باريس في وضع البرنامج والحوار الأول ثم ذهبنا إلى إيطاليا، وفي روما انضم إلينا وفد من إيطاليا وبحثنا المواضيع، ووضعنا النقاط، ثم كان من البرنامج أن نقضي يوماً في الفاتيكان وهذا الأمر لم أتحدث عنه قبل اليوم رغم أن كثيراً من الإخوة والزملاء يسألونني دائماً عنه، ذهبنا إلى الفاتيكان وقابلنا "باباهم" ولم يكن الحوار مع البابا عميقاً لأنه كان كبير السن وكان يعيش طقوساً معينة لا يتعداها، لكن الحوار كان مع "الكاردينالات" الذين يأتون بالدرجة الثانية بعد البابا ومنهم ينتخب البابا، بحثنا معهم الإِسلام والنصرانية وعجبوا من احترام الإسلام والمسلمين عيسى عليه السلام، وأن من لم يؤمن بعيسى عليه السلام لا يكون مؤمناً، وأننا نحترم عيسى وأمه عليهما السلام، وتلونا عليهم معاني القرآن في هذا الموضوع وهم يعرفونه لكنهم لا يعرفون التفاصيل، فنحن نعرف عن عيسى وأمه عليهما السلام أكثر مما يعرفون، وبحثنا الحقوق الموجودة والتقارب في الأصول بين النصرانية الحقيقية قبل أن تُغيَّر وتُحرَّف، لأن دين الله في الأساس واحد وهو أن لا يعبد إلا الله وحده لا شريك له.
- ومن الطريف، والطريف في هذه الرحلة كثيراً أن رئيس الكرادلة ذهب بنا ليرينا بعض الأمور في الفاتيكان، فأول ما وقفنا عليه أن أرانا تمثال رجل أسود عند المدخل وكل داخل يمسح رجلي التمثال بيديه، فأراد الكاردينال أن يرينا أثر لمس الأيدي لرجلَي التمثال ويقول: انظروا تمسك الناس بمسيحيتهم وكيف أثَّرت أيديهم بهما، وما علم أننا سنرد عليه في حينه ونقول إن التمثال ليس في دين النصرانية وإن هذا ليس دين الله، ثم يذهب بنا إلى الشرفة التي يطل منها البابا ويقول: انظروا هذه هي الشرفة التي يطل منها البابا، وبعضكم زار الفاتيكان ورأى أن الناس يجتمعون في باحة من الصبح إلى أن يأتي الظهر، ثم يطل عليهم البابا ويومىء بيده ويرَون أن ذلك بركة وخير، فيصوتون ويصرخون وفيهم العلماء وفيهم المهندسون، وفيهم الساسة وفيهم المفكرون، ولكن الله أعمى أبصارهم، ونحمد الله سبحانه وتعالى أن طهر الدين الإسلامي من هذه الأمور وأن علق وربط قلوب المسلمين بالله مباشرة ليس دونهم ودونه واسطة.
- الجلسة أيها الإخوان ليست مخصصة لمثل هذه الأمور، لكن سآتيكم بلطيفة أخرى، قبل أن أخرج من الحوار أريد أن أخبركم عن نتيجته وهي أننا قد ذهبنا بعد روما إلى مجمع الكنائس في سويسرا وانضم إلينا وفد من نصارى سويسرا وانضم إلينا بطرك القبط من مصر وكان عربياً بليغاً فصيحاً، وكان الحوار في مجمع الكنائس في جنيف حاراً وصعباً، ولكن انتصر فيه الحق لأن المسلمين لا يقولون إلا الحق وليسوا دعاة لشخص، وإنما يبلغون نور الله - واتفق الجميع بعد أن ذهبنا أيضاً إلى ستراسبورج حيث يجتمع برلمان أوروبا والدول الغربية، واجتمعنا هناك وقرروا بعد أن شرحنا لهم مبادىء الإِسلام خاصة في حقوق الإِنسان قرروا أن الإِسلام دين الحق وأنه صالح لقيادة البشرية ولتحكيمه، وأنه يصلح للتطبيق في هذا العصر.
- وأبرز شيء لفت أنظارهم أنهم كانوا يتهيّبون الإسلام بالنسبة للحدود فلما أبان لهم الوفد السعودي بأنه من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عهدنا هذا لم يرجم سوى ثلاثة عشر من الرجال والنساء، وأن الرجم لا يكون إلا بعد أن يشهد أربعة يرون الفعل كما يرون الميل في المكحلة، ومعنى ذلك أن الزنا يكون علناً، فلا يرجم في الإسلام إلا من أعلن الزنا علناً أمام الناس وأمام الجمهور وهذا لا يرضاه عاقل وقد اعترفوا بهذا..، وكانوا يظنون أن من زنا يرجم، وأن من سرق يقطع بدون قيد أو شرط وبدون تحديد، فلما علموا ذلك قالوا إن فكرتنا عن الإسلام مشوشة، ولذلك جاء رؤساؤهم بعد ستة أشهر إلى الرياض واجتمعوا أيضاً وكُتب كتابٌ ووثيقة هي مطبوعة وموجودة الآن طبعت باللغة العربية والفرنسية والألمانية وتوزعها وزارة الإعلام وكانت وثيقة علمية جيدة اعترف فيها النصارى بالدين الإسلامي.
- ومن الأمور الطريفة أن من عادة الوفد أنهم إذا صلَّوا الصبح يبدأ سماحة الشيخ محمد بن الحركان يدرس قليلا أو كثيراً إن كان مبنياً على سؤال أو كان مبتدئاً، ويترك لبعض الإخوة أن يتموا الحديث على حسب كثرة المجتمعين ونشاطهم، ففي يوم من الأيام كنا مجتمعين عندما أنهى الشيخ محمد صلاته قام رجل من المسلمين وسأله قائلاً: ما ترى في مصافحة المرأة؟ فتحدث الشيخ بأسلوب، هادئ، لطيف، مقبول، تحدث وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصافح امرأة قط، وبدأ يتكلم عن سر ذلك وبدأ يعرج على بعض الأمور التي تتعلق بالنساء والرجال، ثم قال بعد ذلك إني أترك إتمام الحديث للأخ عبد العزيز المسند، أنا عرفت ما يعني ثم بدأت أتحدث، والشيخ جالس والإخوان يسمعون فقلت بعد مقدمة غير طويلة إن مصافحة المرأة إذا أُمِّنت الفتنة ليس فيها شيء وهي جائزة ولا إشكال فيها، فقام خطيب منهم وقال الله أكبر والله لو قلت إن مصافحة المرأة حرام لخرجنا جميعاً رجالاً ونساء، ودليل ذلك أنني من بلجيكا وأننا كنا في بلجيكا نمارس ديننا بكل رغبة، لا أحد يلزمنا ولكن الرغبة فيما عند الله وفي دين محمد صلوات الله وسلامه عليه، أسلمت امرأة بلجيكية وحسن إسلامها فرأى الإخوة من المسلمين هناك أن يبحثوا لها عن زوج صالح حتى يبقى دينها لأن أهلها قلَوها وأبعدوها، فوجد راغب فيها واتفقَتْ وإياه على الزواج وذهبنا إلى المسجد وكانت إحدى الدول العربية قد بعثت شاباً حدثاً ليكون إماماً للمسجد وكان هو الذي يعقد الأنكحة، فذهبنا إليه وسلم الرجال وتقدمت المرأة ومعها نساء من نسائنا لتسلم فكف الرجل يده ولم يسلم عليها، فوقفت مبهوتة، وكانت متعلمة فقالت ما له؟ فسأله أحد الإخوة أو أحد الحاضرين فقال: إن مصافحة المرأة حرام، فقامت وقالت إن ديناً يهين المرأة إلى هذه الدرجة لا أقبله أن يكون ديناً لي، وارتدت عن الإسلام ورفضت الزواج، فلو أن هذا الرجل الذي يتزعم المسلمين وهو إمام لهم عرف الإسلام حقيقة لاقتدى بنبيه صلى الله عليه وسلم فإنه كما تعلمون صلوات الله وسلامه عليه بقي ثلاثة عشر عاماً في مكة.. لم يدع الناس إلا إلى العقيدة ولم يفرض عليهم إلا الصلاة. وعندما أذن له بالهجرة إلى المدينة تنزلت الفروض والتشريعات منجمّة بسهولة ويسر، تعالج النفوس وتجعلها مقبولة للناس حتى قبل الناس الدين الإسلامي. وتعرفون أن رسول الله كان ألطف الناس وكان أطيب الناس وأكثر الناس رأفة ورحمة بهم وأن الإسلام دين اليسر ودين السهولة.
- ورحلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية في سبيل الدعوة، وأرجو أن أكون أهلاً لها، وكنا وفداً من دار الإفتاء ولما وصلنا إلى نيويورك انضم إلينا وفد من رابطة العالم الإسلامي وكان البرنامج مرتباً ومنظماً بحيث نلتقي المسلمين في أماكنهم، ذهبنا إلى المسلمين هناك والتقينا بعدد منهم فوجدنا بكل أسف أنه يوجد في شارع واحد ثلاث جمعيات كل جمعية تدعي الإسلام ولها اسم خاص، وتعادي الجمعية التي بجوارها وعدد أفرادها لا يتجاوز عائلة وبعض أصدقاء صاحب العائلة أو إخوته أو المنتفعين معه، وكان يسمي الرجل منهم نفسه أمير المؤمنين ويسمي زوجته الحاجب ويسمي أخاه أو صديقه الجابي، قلنا لهم: أيها الإخوة إن هذا ليس دين الإسلام، إن الإسلام يؤلف بين أهله، وكيف تفعلون ذلك وأنتم قبلتم الدين، وأسلمتم، وعرفتم أن الإسلام لا يفرق بين أهله، وبأن الذي يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله يكون أخاك ولو كان يهودياً أو نصرانياً أو بوذياً أو على أي دين يكون أخاً لك، له ما لك وعليه ما عليك؟ لكن رؤوسهم كانت صلبة فقلنا لهم: إن هذا ليس من الدين ولن نجاملكم في ذلك وكتبنا ذلك في تقريرنا.
- وعندما وصلنا إلى إنديانا وكان ترتيب الجدول يقضي أن ينتظرنا الإخوان في الفندق الذي سوف نسكنه، فانتظرنا عدد من أصحاب الجمعية هناك وكانوا من الأمريكيين الذين أسلموا وعندما وصلنا الفندق بدأناهم بالتحية وسلمنا عليهم فأرشدنا صاحب الفندق إلى غرفنا وعندما دخل اثنان من الإخوة غرفتهما لوضع أمتعتهما لحق بهما أحد المسلمين الذين ذكرت نوعهم قبل قليل ودخل الغرفة، وعندها بدأ موظف رابطة العالم الإسلامي وكان من العلماء في نيويورك يقدمه للأخوين ويقول: هذا فلان من إخواننا المسلمين في أمريكا فثارت ثائرة الرجل وصار يرغي ويزبد ويزمجر، ثم أخرج سكيناً لها لسانان، وبدأ يقول: تقدمني أنا الأمريكي، هذه أمريكا، هذه بلادي، أنتم وافدون عليها، وما هي إلا لحظات حتى هجم على هؤلاء الناس مريداً قتلهم وكأنه يقتل دجاجة، ومن لطف الله عز وجل أن دخل رجل من الأعضاء وكان ذكياً، ولكن لم أكن ذلك الرجل طبعاً، ووجد الحال على أشدها وقد وجم الإِخوة، والرجل يتهدد بالسلاح، فقال على الفور: أيها الإخوة إن الطعام حاضر، تفضلوا، وكان يعرف نفسية هذا الرجل فذهب معهم وأدخل السكين وذهبوا إلى الأكل وصار يلتهم الطعام وبعد أن انتهينا من المائدة كأن شيئاً لم يكن، وهدأ الرجل وجرى البحث معهم فيما كان من صلاحياتنا، وكان معنا لهم بعض المساعدات المالية، وكنا ندعوهم للاجتماع وعدم التفرق. عندما عدنا إلى مكاننا سألنا هذا الأخ كيف فتح الله عليك بهذه الحيلة؟ قال لي إني أعرف أن هذا الرجل قد جاء من مصنع من صلاة الصبح جائعاً لم يتعش وعندما وصل إلى الفندق شم رائحة الطعام الطيب وليس لديه من النقود ما يستطيع دفعه لشراء ما يملأ معدته فهاج وماج وفقد أعصابه فعرفت ما يداويه، لو كلمته لهجم علي.
- هذه حال بعض المسلمين مع الأسف هناك. لكني أؤكد للإخوة أني سمعت الآن أن اتحاد الطلبة المسلمين في أمريكا أصبح يطلق عليه اتحاد المسلمين وأن أحوالهم قد تحسنت عن ذي قبل.
- ثم ذهبنا إلى البلاليين في مقرهم وقابلنا وارث الدين ابن عليقة محمد، وبحثنا معه مبادئ الدين الإسلامي وما كان يؤثر عن والده، وقد أبدى أنه قد تبرأ مما يحكى عن والده من الأمور التي لا تناسب الدين الإسلامي، وقال: إنه عازم على أن يسير على الدين الإسلامي الخالص فرجوناه أن لا يقتصر أمرهم على البلاليين فقط أو من ينتسب إليهم، وأن يضم ما بقي من الإخوة الذين يناسبونهم حتى يكون المسلمون متحدين ولا يختلفون.
- ومن فضل الله ومنَّه علي أن حضرت مؤتمراً إسلامياً في إسلام أباد بمناسبة العام الهجري وإعلان الرئيس ضياء الحق رحمه الله تحكيم الشريعة الإسلامية، كما حضرت عدة مرات حفل اتحاد الطلبة المسلمين في المملكة المتحدة وأيرلندا، وقمت مع الشيخ محمد العبودي بزيارة للدول الإسكندنافية بتوصية من المسؤولين هنا للتعرف على حال المسلمين هناك، كما رحلت إلى البرازيل مرات وقد أتاحت لي الرحلة الأولى فرصة المرور على أكثر البلاد التي يسكنها مسلمون في البرازيل أنتم تعرفون أن الجالية الإسلامية في البرازيل كثيرة وتزيد على المليون وخمسمئة ألف نسمة، ذهبنا إليهم في بلادهم وكان معي الأستاذ محمد أبو السمح في ذلك الوقت وساعدنا الله سبحانه وتعالى بما منّ علينا من محادثتهم حول الدين وتعليمهم بعض الأمور، لكن الطريف في الأمر وكله طريف أننا عندما وصلنا إلى الأمازون قيل لنا إن نادياً من نواديهم في بلدة - لا داعي أن أسميها - من بلاد الأمازون ينتسب إليه المسلمون ويفعلون فيه المنكرات، ونصحوني بعدم دخوله فقلت: إني ذاهب إلى هذا النادي، وذهب بعض الإخوة إلى هناك وأخبروا أعضاء النادي برغبتي في زيارتهم، وعندما علموا أنني من السعودية تصوروا أنني رجل معقد ووحش قد يهجم عليهم، لكنهم لطّفوا لهم الموضوع وقالوا: إنه سيزوركم زيارة عادية وليس بواعظ وليس بشيخ، وفعلاً كان قصر جسمي وصغره شفيعاً لي أن دخل بمثل هذه المداخل. ذهبنا إليهم ولمّا رأَوا هذا الشخص وجدوا فيه شخصاً معتاداً ليس فيه أمر غريب، جلسنا معهم كأي إنسان زائر للنادي وهذا النادي لا تقام فيه الصلاة، بل تعمل فيه المنكرات علناً لأن البرازيل ليس فيها شيء ممنوع. والمسلمون بكل أسف يعيشون مثل البرازيليين، والوضع سيّء لكنه الآن تحسن كثيراً ولا أقول ذلك محابياً بل بفضل الله ثم بفضل المملكة العربية السعودية، لأنه بعد أن اتجهت لهم المملكة ورابطة العالم الإسلامي فتحت مدارسهم ومساجدهم وعرفوا الدين الإسلامي، لكن الشيء المبكي مع الأسف أن جيلهم وأولادهم الذين تتراوح أعمارهم بين العاشرة والخمسة وعشرين لا يعرفون الإسلام بل هم مسيحيون وغير دينيين مع الأسف. غير أنهم بدأوا يتجهون اتجاهاً طيباً، كل ذلك بفضل الله ثم بفضل الدعاة من البلاد الإسلامية كلها وأهمها المملكة العربية السعودية.
- دخلت النادي وجلسنا معهم في أماكنهم وعلى ما هم عليه طبعاً يشربون الخمر علناً، ويأتون بصاحباتهم علناً. جلسنا قليلاً ثم بدأت أتلمس الأشخاص الذين يديرونهم ويؤثرون عليهم لأن الذين يديرونهم كانوا أصحاب الأموال، تعرفنا عليهم أنا وصاحبي وثلاثة معنا من البرازيل واثنان من الدعاة الذين لا يبدو أنهما من المشايخ وعلى مدى ثلاث ساعات تركناهم يفعلون ما يشاءون دون أن نتدخل في أمورهم ولا في برنامجهم وإنما جلسنا في مكان واختلطنا بهم، ثم بدأنا نتحدث قليلاً قليلاً، وكان جلّ حديثنا في البداية في أمور لا تتعلق بهم، ثم أخذنا نقص عليهم حياة الأنبياء وحياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقص عليهم حياة سيدنا نوح وإبراهيم وما حضرنا من الأنبياء مع أممهم إلى أن وصلنا إلى قوم لوط فقال أحدهم: وما قوم لوط؟ وما قصة لوط؟ فقلت لهم: إن الله عزّ وجلّ يقول: ولوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين، أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر وأنتم، أيها الإخوة هذا النادي ينسب إلى المسلمين، فهل ترضون أن تكونوا مثل قوم لوط؟ قالوا: نعوذ بالله. قلنا: أنتم إذن تنسبون إلى الإسلام، ولستم في ديار الإسلام بل أنتم أمام قوم غير مسلمين، وسوف يحكمون على الإسلام عن طريقكم، فلا يليق بكم ولو مجاملة فإذا أراد الرجل أن يعمل شيئاً من هذه الأمور فليعملها بينه وبين نفسه، أما أن تجاهروا بها فإن عاقبتها وخيمة لأنكم ستعطون فكرة سيئة لجيرانكم الذين تعيشون معهم الآن وهم غير مسلمين، صحيح أنكم سافرتم من لبنان ومن سوريا، لكن أيضاً أنتم رسل للمسلمين جميعاً وتمثلون الإسلام، فبدأوا يتقبلون الكلام، قالوا: هذا صحيح لقد غفلنا عن هذا الأمر ولم نخرج من عندهم إلا وقد اتفقنا على أن نجتمع من الغد وأن نساعدهم على صياغة نظام للنادي يكون فيه للإسلام مكان واتفقنا من الغد وجلسنا ووضعنا قواعد للنادي، فاتفقنا أن يكون نادياً للمسلمين والعرب واتفقنا أن لا تشرب فيه الخمر وأن لا تدخله المومسات وأنه يكون لتدارس الأمور التجارية والأمور العمالية، لأن بعضهم عمال، وبعضهم فلاحون واتفقنا أن يكون لأمور الحياة ولم نتعرض للدين، وقلنا: من أجل أن تتدارسوا أموركم ومن أجل أن يكون هذا يمثلكم حتى يكون لكم قاعدة ويحترمكم البرازيليون، وفعلاً أصبحت الآن الحكومة تحترم المسلمين احتراماً عظيماً، وكنا عندما زرناهم كان كثير منهم ممن لهم مساجد يتضاربون بالمسجد، فلما أنعم الله عليهم باتصال بعض الإخوان بهم تنظموا، ووجد منهم علماء ودرسوا في المملكة وفي البلاد الإسلامية وهداهم الله سبحانه وتعالى، ولقد أوردت لكم قصة النادي لا من أجل أنني فعلت هذا الفعل لكن من أجل أن أخبركم أنه عندما وصف الله سبحانه وتعالى رسوله بقوله: لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم، ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك وكل فعل رسول الله وكل سيرته هي تأديب لنا، وتعليم لنا، نسأل الله أن يوفقنا للعمل بها والأخذ منها بنصيب.
- ولقد كان لي شرف إدارة أو رئاسة دورة في ترينداد توبيجو في أمريكا الجنوبية بجوار فنزويلا، الحكومة السعودية رعاها الله ووفقها للخير ممثلة في دار الإفتاء أقامت دورة هناك للأئمة والدعاة واخترت رئيساً لها، وفتحنا هناك مدرسة مدتها أربعة أشهر وحضر ثلاثمائة من المتدربين لأن ترينداد توبيجو بجوارها بعض الجزر فيها مسلمون، وبجوارها سورينام وجوايانا وجانا وجامايكا، وقد حضر عدد من أبناء البلاد هناك ونفع الله بها نفعاً عظيماً، من ذلك أن الله هدى بها قرى كاملة أسلم أهلها جميعهم لأننا استخدمنا من جاء يتدرب ويُدرِّس عندنا لأنهم يعرفون لغتهم، فهو يتعلم ويكون متحمساً ويذهب إلى بلده، ويدعو أهلها فيهديهم الله سبحانه وتعالى ثم نذهب إليهم ويعلنون إسلامهم وقد اشترينا ساعتين في الإذاعة نبث برامج باللغة الإنجليزية قام بها اخوتنا من السعوديين ومن المسلمين الذين معنا ونفع بها الله نفعاً عظيماً، وسُمع صوت الإسلام في تلك الجزر كلها. ولا بد أن بعضكم يعرف سورينام التي تقع بجوار ترينداد توبيجو، وبجوار جوايانا. وجوايانا هي التي اشتهرت بالأمريكي الذي قتل ألفين سُمَّاً، وقد رأينا المعسكر الذي قتل فيه الناس.. وقصته معروفة، فقد ادعى أنه زعيم، ثم ادعى أنه نبي، ثم ادعى أنه إله، ثم ادعى أنه يأكل السم.. إلى آخره، إلى أن قتل، وسورينام بلد أكثر المسلمين فيها من أندونيسيا جاء بعض الإخوة منهم ليدرسوا عندنا وقالوا هل تعلمون حقيقة موجودة في سورينام غريبة وعجيبة؟ قلنا ما هي، قالوا: إن المسلمين يصلون إلى الغرب، مساجدهم إلى الغرب، قلنا كيف؟ قالوا: إن الذين بدأوا الإسلام هنا من عامة الأندونيسيين الذين جاءوا عمالاً وكانوا في أندونيسيا يصلون إلى الغرب، لأنهم كانوا في الشرق فلما جاءوا إلى أمريكا الجنوبية تصوروا أن القبلة لا تتغير، ولذلك صاروا يصلون إلى الغرب وكان جهلاً في أول الأمر ثم بنَوا مساجد تتجه للغرب وهي في الغرب، وقالوا: إن بعض الشباب الذين درسوا في الأزهر وفي الجامعة الإسلامية وفي بعض البلاد الإسلامية عندما رجعوا إلى سورينام وطلبوا من أهلها أن يعدلوا القبلة رفضوا، وقالوا: لا لن نعدلها لأننا كنا في أندونيسيا نتوجه للغرب وهذه قبلتنا، فلا يمكن أن نغيرها.
- رتبنا زيارة لهم وذهبنا إليهم، وجمعناهم وتكلمنا معهم، وقد كان معنا عدد من العلماء، وتكلمنا مع كبار السن ورجوناهم أن يسمعوا حديثنا وكلامنا، فأثّرنا عليهم حتى بكى أكثرهم، وأقسموا بالله أنهم سيغيرون القبلة، وسيصلون مع المسلمين إلى الشرق، وهذه من منافع الدورة ولله الحمد، ومن العمل اليسير الذي يكون هدفه وجه الله عزّ وجلّ، ولا يلتزم بالرسميات لأنه لو كان الهدف أن نلتزم بالرسميات لأدينا ما علينا مثل الدوام الرسمي وخرجنا. ولكنا كنا نسهر الليل، كنا نمشي في الوحل، كنا أحياناً نجوع، عشنا في صحراء لم يكن معنا ماء لأن البيت الذي سكناه كان من خشب وقد منعنا المسلمون في جوايانا أن نستعمل الماء، وفعلاً بقينا في المجمع وليس معنا ماء نستخدم المناديل للاستنجاء ويطعمونا من أكلهم الذي يوزعونه علينا وهو عبارة عن رز بالماء والملح فقط، وهذا أسلوب من الأساليب التي يلاقيها المجاهد في سبيل الله والداعي إلى الله وينبغي أن يتحمل في سبيل الدعوة إلى الله كل شيء فلن تكون الحياة أمامه مترفة ولو كان يملك المال، فنحن كنا نملك المال وما قصرت عنا الحكومة شيئاً.
- ثم منّ الله علي بأن أقوم بدورة مماثلة في فيجي، وفيجي في أقصى المحيط المتجمد، وحضرها عدد من الأستراليين ومن الجزر التي كانت هناك، ومن نيوزيلندا أيضاً ونفع الله بها وأسلم عدد كبير، وكانوا يعانون من الفتن فيسر الله سبحانه وتعالى وحلت المشاكل بوجودنا، وكانت مدة الدورة ثلاثة شهور، وحضرها أكثر من ثلاثمائة شخص، وكان البرنامج مكثفاً، من قبل صلاة الفجر إلى بعيد صلاة العشاء، ونقيم بين المغرب والعشاء محاضرة لمن أراد من غير المسلمين ودعونا وزراءهم للمحاضرات، وكنا نتيح لهم الفرصة لإجراء حوار معهم يحل مشاكلهم ويبدد مخاوفهم من المسلمين، فهم يرون أن المسلمين أناس غير الناس، ولعل أكبر مشكلة واجهتنا هي مجرد سؤال يوجه إلى كل محاضر يحاضر ساعة أو ساعتين مبيناً محاسن الإسلام ونصه: إذا كان الإسلام يحل مشكلات العصر، ومشكلات الناس، فلماذا نرى المسلمين يتقاتلون؟ ولماذا نرى المسلمين يختلفون على مستوى الحكومات والأفراد والجمعيات؟ إنه سؤال محرج جداً، واتخذه المبشرون سلاحاً بيدهم في كل البلاد، لكن كنا نجيبهم بأن هذا تصرف شخصي من أصحابه سواء كانوا حكومات أو أفراداً، وهذا أمر لا يوصم به الإسلام.
- كما زرت ماليزيا مرتين إحداهما بمناسبة مرور عشر سنوات على إعلان إقليم ساراواك إقليماً إسلامياً، وأذكر أنه كان قد حضر أو رأس الاحتفال أو المؤتمر معالي الشيخ عبد الوهاب عبد الواسع وزير الحج والأوقاف، ورأينا ما يثلج الصدر فقد رأينا مائتين وخمسين من البنات ومن البنين الذين يحفظون القرآن وهم في ماليزيا وفي إقليم بعيد لم يروا البيت العتيق ولم يروا مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت قلوبهم تواقة ويقرؤون القرآن غضاً طرياً كما أنزل على محمد، وقد ذهبنا بعد المؤتمر إلى المسلمين الجدد في الغابات، وكان معنا رئيس الحكومة، وقد نفع الله سبحانه وتعالى بهذه الرحلة.
- ومنذ سنتين فقط ذهبت إلى ماليزيا مرة ثانية بمناسبة انعقاد المؤتمر الإسلامي الثالث، وقد ركز هذا المؤتمر على التطرف وانظروا كيف يسير أعداء الإسلام إلى أن يدخلوا على الإِسلام من بابه ويسودوا وجهه، فوصل التطرف إلى ماليزيا، ماليزيا كما تعلمون فيها صينيون مواطنون، وخرج عدد من المسلمين الماليزيين من المعارضة ينادون بأن يُطرَد الصينيون فوراً، وبشكل جماعي من ماليزيا فانعقد هذا المؤتمر ودعي إليه ممثلون من كل البلاد الإسلامية حتى من أمريكا ومن أوروبا، وحضرنا وكان علي أن ألقي محاضرة عن الاعتدال في الإسلام، وهل ترون أنني كتبت محاضرة فيها عشرون صفحة أو ثلاثون صفحة أو كتاب؟ لا، لقد أوردت لهم مثالين فقط، عن الاعتدال وعن الإِسلام وكانت محاضرتي ولا أكون مادحاً لنفسي من أفضل المحاضرات أو من أكثر المحاضرات استيعاباً، أوردت لهم مثلاً واحداً فقط فقلت لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالساً في المسجد فدخل عليه رجل وقال: يا رسول الله هلكت، قال وماذا فعلت؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: هل تجد رقبة تعتقها؟ قال: لا.. يا رسول الله، ثم هدأ، ثم قال له: أتستطيع صيام شهرين متتابعين؟ قال: لا يا رسول الله إني مريض، قال: هل تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً؟ قال: يا رسول الله إني فقير، قال: اجلس. في هذه الأثناء دخل رجل من الأنصار ومعه زنبيل فيه تمر صدقة وقال: يا رسول الله هذه صدقة ضعها حيث شئت، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: أين الرجل؟ قالوا: هذا هو يا رسول الله، قال: تعال وخذ وأطعم هذا لستين مسكيناً. قال: يا رسول الله: والله ما بين لابتيها أفقر منا. قال: خذه فأطعمه لأهلك. وبتعليق بسيط فقط قلت: أرأيتم كيف قابل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الرجل بوجه باسم، ولم يتجاهله، ولم يطلب الشهود عليه بما يقول. بل صدقه لأنه قد جاء طوع نفسه واختياره إلى رسول الله ليخبره بما فعل، ولو كان غير صادق أو أراد أن يزور لم يأتِ ليخبر الرسول، فقبل كلامه ونزل معه، ولم يكفهر وجهه ولم يعنفه، ولم يقل كذبت ولم يقل وقعت في النار، أو هلكت كما قال: هلكتُ، فهل هناك أيسر أو ألطف أو أبسط أو أكثر سماحة أو أكثر اعتدالاً من هذا الدين.
- ثم أتيت بنموذجين آخرين أحدهما قضية الأعرابي الذي بال بطائفة المسجد، وكذلك حديث حنظلة بن الربيع حيث قال: لقيني أبو بكر الصديق رضي الله عنه فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ فقلت: نافق حنظلة؟ قال: سبحان الله ما تقول؟ قلت: نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالجنة والنار كأنّا رَأْيَ عَيْن فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيراً، قال أبو بكر: والله إنا لنلقى مثل هذا، فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: نافق حنظلة يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما ذاك؟ قلت: يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة كأنا رأي العين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيراً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده أن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة". وهكذا استطعنا أن نأتي بمثل لا نعنّف من يدعي التطرف، ولا نقول إن الإسلام ضد أحد ولكن أتينا بفعل وقول قيل أمام الرسول وقول من قوله صلوات الله عليه وسلامه، وتصرف وحلم مثل فعله صلوات الله وسلامه عليه.
- لا أريد أن أطيل عليكم ولكني أريد أن أذكر لكم موضوعاً طريفاً أعتقد أنه يهمكم أن تسمعوه، وهو أنني رحلت قبل أن أذهب إلى رئاسة تعليم البنات إلى الصين الشعبية، وما كان لمثلي أن يتصور أن يكون في الصين الشعبية، لأني ما كنت أظن أنني سأكون هناك لكني ذهبت ضمن وفد رابطة العالم الإسلامي، وكان يرأس الوفد معالي الدكتور عبد الله نصيف وكان من الأعضاء الدكتور محمد عبده يماني، والدكتور حسن باجودة، والدكتور حامد هرساني، وذهبنا إلى هناك ودخلنا بكين وارتفع صوت الإسلام في عاصمة ما وراء الستار الحديدي يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، واجتمع المسلمون هناك وكانوا يرددون الله أكبر الله أكبر ويقولون: والله لم نكن قبل هذه المرة وقبل الانفتاح الصيني نستطيع أن نكلم بعضنا، ولا أن نهمس بيننا وبين أنفسنا، فمن همس فسوف يقتل، ومع ذلك يرتفع الآن صوت الحق والقرآن يسمع بالمكبرات والمؤتمر واللافتات على أكبر فندق هناك، ويجتمع المسلمون من كل بلاد المسلمين في الصين المتباعدة، ويحاضر الصينيون، ويحاضر المسلمون، ويزورون كل البلاد الإسلامية، ولن أحدثكم عن هذه الرحلة لأن معالي الدكتور محمد عبده يماني ألقى عدة محاضرات عنها، ونشر بعضها في كتاب عنوانه قادم من بكين والإِسلام بخير، وقد ألفت عنها كتاباً وهو الآن في المطبعة وفيه ربطت الصين بيأجوج ومأجوج.
- أيها الإخوة: اعذروني إذا كنت تحدثت عن شيء يتعلق بنفسي، لأن سعادة الشيخ عبد المقصود هو الذي قال لي إنك حر في الحديث، وإن الإخوة الذين رغبوا أن تكون ضيفهم يريدون أن تتحدث عن حياتك، وأن يأخذ الجيل الحاضر نموذجاً من حياة من سبقهم بأربعين سنة كي يعرفوا كيف كانت المملكة هنا، وكيف قفزت هذه القفزة العلمية الهائلة التي لا يمكن أن تعد في عمر الزمن، ولا في عمر الدول حياة اعتيادية، ونحمد الله سبحانه وتعالى أن حياتنا في هذه المملكة كلها خير على كل المستويات، وكلها قفزات، ونسأل الله أن يديم علينا نعمة الإسلام، وأن يديم علينا الأمن والسلام والسلامة، والأمن والسلام والإسلام، وأن يحفظ لنا قائدنا، وأن يمتعه بالصحة والعافية، وأن يرزقه البطانة الصالحة، وشكراً لكم مرة ثانية، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :522  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 79 من 196
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الثاني - النثر - حصاد الأيام: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج