شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
شُو بقي / عبد الله؟!
• أنا منذ خمسين عاماً.. أراقب حال العرب
وهم يُرعدون ولا يُمطرون!!
وهم يعلكون جلود البلاغة علكاً.. ولا يهضمون!!
• • •
[• قال لي صديق/ كاتب كبير، مازحاً أو مازجاً مزْحه بقَدْحه: كنا قبل ليلتين نتحدث عن موت مَنْ سميته: (الشاعر/العصر)... فعلَّق أحدنا - وهوكاتب أيضاً - فقال لنا: مازال
"الجفري" يفْلقكم - كعادته - بالكتابة عن نزار بمناسبة وبغير مناسبة!!
[ إن هذا "الزميل/ الكاتب": عبَّر عن صخْريته لا عن سخريته بي أمام حدث الموت الذي خطف شاعراً شكَّل عصراً من التميز الشعري، ورسم بالكلمات لوحات وجدانية تغنينا بها، وحفظها الكثير، وهاجمها البعض في الصالونات والصحف بينما ردّدها في جلساته الخاصة!
[ نعم... سأفلق صخور المماحكة الجدلية، وغيرة النفوس الجافة من ينابيع الحب، وأظل أكتب عن "نزار قباني"، الشاعر الذي قدَّم للقاموس العربي: كلمات انفردت بصوره الشعرية، وبمفرداته الخاصة، وبشاعريته حتى وهو ينثر... وهو الذي سمَّى الشعر: "قنديل أخضر"، وكان - بكل كنوزه الشعرية التي أغنى بها ديوان العرب الحديث - هو نفسه: هذا القنديل الأخضر الذي أضاء قلوب المحبين وأعطى إشارة البدء (لرؤية) الواقع العربي الصحيح بلا نفاق ولا تزوير!
[ • صفَّقت له ثلاثة أجيال... ورماه (المتكاثرون) على قِلَّة بالحجارة!
[ شتمه المنافقون في وضح النهار، واحتضنوا دواوينه وشعره في منتصف الليالي!
[ لكنّه خرج إلى عالم وجده يضجُّ بـ "المَخادع" التي لم يصْح رقُّادها فيها حتى الآن، ومن أهمها: مخدع السياسة، ومخدع النفاق، ومخدع المصالح الذاتية، ومخدع الإزدواجية/دكتور جيكل مستر هايد... وتاه هذا الشاعر في تجوُّله مع قومه على هذه المخادع... وظن البعض أن "نزار قباني" عاد إلى مخدع المرأة وهو يقتحم السبعينات بعمره، فأصدر ديوانه قبل الأخير: "خمسون عاماً في مدح النساء" - 1944، ولكن... لم يكن مضمون هذا الديوان مخصَّصاً لمديح النساء فقط كما أوحى عنوانه، بل أشعل فيه حسه الوطني العروبي، فضمَّنه أيضاً قصائده/ الأسئلة: مَن أنا في أميركا.. مَن قتل مُدرس التاريخ... متى يعلنون وفاة العرب.. إلى أين يذهب موتى الوطن؟!
[ وهكذا تلاحقت أسئلة الشاعر وانثالت، وكبُرت بحجم الآهة العربية: عشقاً، وانتماء، ومعاناة:
[ - (حتى انفجار البروق على شفتي.
[ وحتى تصير القصائد فحماً وجسمي حطب)!!
• • •
[ وفي عامه الأخير الذي ختم به حياته.. كنت أزوره في بيته بعد السماح له بمغادرة سرير المستشفى، فتمنيت عليه التقاط صورة بجانبه، وكان يقتعد كرسياً كأنه يلتصق به، وصعب عليه أن يقف ويجلس إلا باستخدام عُكَّاز لم يكن يحبه.. فرأيته "يهبُّ" واقفاً ويقول لي:
"دعني أحيط كتفك بذراعي.. أيها الكاتب الذي تحبك كلماتي"!
[اضطربت حقاً... وكأنني لحظتها أريد أن أنشد أمامه قصيدة شعر، وزاد اضطرابي وتلعثمت حتى قلت له: دع يدك تعربش على كتفيَّ كياسمين دمشق!
[ يومها: ناولني آخر ديوان أصدره في أكتوبر/ تشرين الأول من عام 1996، وسمَّاه: (تنويعات نزارية على مقام العشق)، وقد كتب إهداءه الخاص لي:
[ - "يا عبد الله: بعدما تنام القصائد بين أجفانك، تصبح ست القصائد..
[ لذلك أرسل إليك آخر كلماتي لتعيش معك على وسائد الحب والدلال....
[ كم أحبك.. كم تحبك كلماتي"!!
[ وقد كان هذا الديوان - في هجوم المرض عليه - آخر كلماته الشعرية المطبوعة... وسألته يومها: ما اسم مولودك القادم.. أقصد ديوانك؟!
[ - فأجاب بنبرة شجن: "شو بقي عبد الله... إنه الموت"!
[ هذا التاريخ: مات،
[ هذا العصر الجميل من بوح الحب: رحل،
[ لمع حتى شاع في السماء اللا نهائية!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :674  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 506 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .