شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة المحتفى به الأستاذ أحمد علي المبارك ))
ثم قدم الأستاذ حسين نجار المحتفى به للحديث بالكلمة التالية:
- لا شك أيها الإِخوة الأفاضل تدركون جميعاً محبتكم لهذه الشخصية الفذة أستاذنا الشيخ أحمد المبارك، الذي تحدثتم عنه حديث القلب، حديث الأُخوة، وحديث الزمالة، وإن كنا قد وقفنا عند جوانب حياته التربوية والعملية في السلك الدبلوماسي بإلمامة لماحة من دبلوماسي متمرس وزمالة تربوية أيضاً من زميل الدراسة الأستاذ عبد الله بوقس.
- فإننا نعلم أن في حياته الخصوصية الشيء الكثير مما مارسه في هوايته في القراءة والكتابة مما لم يطلع عليه حتى أقرب أصدقائه، ولقد آن لنا أن نستمع إليه الآن وهو يحدثنا عن بعض من تلك الجوانب التي نحمد الله أنه يحمل ذاكرة شابة، ويدرك أبعاد كل كلمة يقولها. فهو الصادق، وهو المخلص، وهو الرجل الذي يتحدث حديث القلب إلى القلب.
- وها أنا ذا أقدم لكم ضيفنا والمحتفى به في هذه الأمسية سعادة الشيخ الأستاذ أحمد بن علي المبارك.
وبعد أن انتهى الأستاذ حسين نجار من كلمة تقديمه التقط المحتفى به اللاقط وأخذ يسرد ذكرياته فقال:
- بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله مسبغ النعم والموفق إلى المسلك الحسن والهادي إلى الطريق الذي رسمه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم للبشر فسعدوا وعلَوا، وأصلي وأسلم على سيدنا محمد هادي البشرية إلى الفلاح وبعد: فإني عندما تفضل أخي وصديقي الشيخ عبد المقصود خوجه بهذا الطلب. في الحقيقة اعتبرته نوعاً من تغلب المحبة على الأشياء الأخرى وإلاَّ فأنا لست من أهل هذا المجال، ولست ممن لديهم من المحصول الذي يستحق أن يكرم، ولكن جزاكم الله خيراً.
- أنتم الذين احتفلتم بهذا التكريم لأنكم تحبون من اتجه إلى الطريق السديد في حياته سواء أكان في اتجاه ذي حصيلة كافية أم كان مقلاً. وأشهدكم أني أعلم عن نفسي أني مقل، فلذلك إذا سمعتم شيئاً من عُجَري وبُجري فأسدلوا عليها ستاراً من العفو والسماح.
- الأستاذ عبد المقصود سن سنَّة كريمة وهي من سنن الكرام، وإنه وإن كان والحمد لله في يسار من العيش، ولكن الذين ينشطون إلى مثل هذا الاتجاه كما نشط قليل. فلذلك أصبح مناراً عالياً للاقتداء به في مسلكه فإني أتوقع عن قريب إن شاء الله كثيراً من الذين تفضل الله عليهم بمزيد من المال أن يعرفوا كيف يتصرفون فيه خصوصاً وأننا قريبو عهد بفقد علم من أعلام المكارم، وهو الشيخ محمد الشبيلي رحمه الله، وقد أثار في نفوس خلق كثير من الرغبة الأكيدة في مسلك المكارم عندما قرأوا قصصه التي يظنها البعض أنها خرافة، ولكننا بقربنا منه، والتصاقنا به، ومواكبتنا لروحاته وغدواته رحمه الله نعرف شيئاً كثيراً أكثر مما ذكر، ولله في خلقه شؤون.
- الواقع أيها الإِخوان ماذا أقول لكم؟ هذا الشيء العجيب. فليس لدي شيء أقوله لكم ولكن لما أحسنتم الظن بي فسأعرض لكم عجري وبجري، فما كان منها ما يصلح لأن يقبل فالحمد لله، وما كان غير ذلك فليغفر الله وزري.
- نشأت في الأحساء كما نشأ غيري من الولدان، وتطلعت نفسي كما قال الأخ حسين نجار باختصار جيد ومسهب في الوقت نفسه إلى أن أحصل على شيء من العلم في خارج هذه البيئة المحدودة التي نشأت فيها في ذلك الزمن، وكانت في شبه عزلة عن العالم الخارجي، ولكن كان بعض التجار الكبار أمثال حسن العجاجي، وأخوه عبد الرحمن العجاجي، وآل القصيبي يشتركون في كبار الصحف في الخارج. وكانت إحدى نسائنا زوجة عبد الرحمن العجاجي تصحب معها هذه الصحف فكنت أتلهف على قراءتها، وأنا في سن الثانية عشرة من عمري وإذا بي أتابع وأحس أن هناك عالماً آخر يختلف عن عالمنا.
- فعدت إلى والدي وأسرتي فوجدت أنهم ينظرون إلى تلك المدن أمثال بغداد والقاهرة، نظرة غير النظرة التي تصورتها، فهم يرون أنها بلاد مكروبة بالفسوق والفجور، وأن أي فتى في مثل سني لا شك أنه سيصبح ضحية لجلساء السوء. فكنت أتكتم عنهم ذلك، والفكرة نشأت معي منذ الثالثة عشرة من عمري فلما أكملت السنة الخامسة عشرة صممت على أن أتحرك، فتحركت بغير زاد ولا راحلة ولا جواز سفر. بل أخذت ورقة مرور إلى البحرين بصحبة أخي الأكبر لأن والدي لم يأذن لي إلاَّ بصحبته، فشاءت أعماله التجارية أن يقيم في جزيرة تسمى دلمى. هذه الجزيرة يرتادها الذين يصيدون اللؤلؤ لأخذ تموين لهم، ثم يعودون مرة ثانية ويبيعون بعض اللؤلؤ الذي يحصلون عليه وبذلك يحصل فيه رخص لأنه نتيجة الحاجة، فأخي يتصيد هذه المواقف، ولكن البلاد ماؤها مر، وأرضها فيها ما يسمى الغُرى، تجعل الثياب حمراء، وأهلها بسطاء وليس لديهم شيء من وسائل المعيشة، فضعفت صحتي ومرضت حتى جاء الفرج، فأذن أخي لي أن أسبقه إلى إمارة أبي ظبي آملاً في أن تتحسن صحتي، ومن أبي ظبي انتقلت إلى دبي ومن دبي أقبلت على البحرين.
- ولما رأيت أنوار الكهرباء في البحرين سررت بها لأن بلادنا في ذلك الوقت لا تعرف الكهرباء، كان ذلك عام 1355هـ، فأعطيت ورقة المرور التي أحملها إلى مدير الجوازات بالبحرين، فأمر بأن أعود أدراجي إلى المكان الذي قدمت منه، لأني لا أحمل تأشيرة دخول إلى البحرين.
- وقلت له أنني قادم من دبي، ما رأيت أحداً يعطي تأشيرة هناك للدخول إلى البحرين فقال إنها تعطى من الشارقة، فعد إلى هناك، فحاولت جاهداً أن يغفر لي جهلي، ويسمح لي بالدخول لكن محاولاتي باءت بالفشل حتى قيض الله لي شاباً يساعد مدير الجوازات في عملية الترقيم أدرك عندما قرأ اسمي أنني من أسرة آل المبارك، فأسرَّ إلي بأنه سيعمل على مساعدتي، وبالفعل تمكن من إقناع جلال الدين مدير الجوازات، الذي استدعاني وسألني هل الشيخ مبارك بن عبد الرحمن المبارك عمك؟ فأجبته قائلاً: نعم، فقال: أنا سأنزلك البحرين ولكني سأسلمك لمدير الشرطة، انزعجت فأشار لي الكاتب الذي ساعدني أن هذه مداعبة، فالذي حدث أن جلال الدين أخذني إلى مكان غير مكان الجمرك وأخذ حقيبته وانصرف وتركني على الشاطئ، فذهبت إلى بيت عمي في البحرين، وبعد أيام تذكرت أنني أقيم في البحرين بدون أن أحمل وثيقة سفر، وهذا يحول بيني وبين سفري إلى العراق. وبعد تفكير طويل هداني الله إلى أن أبدي لعمي رغبتي في العودة إلى الأحساء، وأعلمته أنني لا أحمل جواز سفر لأن الورقة التي جئت بها أخذها جلال الدين. فطلب مني مرافقته إلى جلال الدين الذي أعطاني ورقة مرور مكَّنتني من العودة إلى القطيف، ومن هناك تمكنت من الحصول على ورقة أخرى لدخول الكويت، ومن الكويت تحدثت إلى معتمد الحكومة السعودية في ذلك الوقت الشيخ عبد الله النفيسي وشرحت رغبتي المتمثلة في السفر إلى العراق لطلب العلم، فأخذني بصحبته إلى مكتب سكرتير الأمير أحمد الجابر المدعو الملا صالح الذي أبدى موافقته على التأشير على ورقة المرور التي قدمت بها إلى الكويت "بأن دولة الكويت ليس لديها ما يمنع من سفر حامل الورقة إلى البصرة".
- وبعد أن تم ذلك أخذت الورقة وتوجهت إلى القنصلية البريطانية، حيث حصلت على تأشيرة بدخول العراق بعد أن زعمت أنني أطالب أحد المواطنين العراقيين مبلغاً من المال مديناً به لي. فمنحتني القنصلية تأشيرة سفر من الكويت إلى المملكة عن طريق البصرة. وبتلك التأشيرة تمكنت من دخول العراق والتوجه إلى بغداد. وفي بغداد التحقت بمدرسة داخلية كان رئيسها نعمان الأعظمي رحمه الله الذي توفي في صيف العام الذي التحقت به، وعندما عين خلف له رفض بقائي بالمدرسة بحجة أن من شروط القبول أن يكون الطالب عراقياً أو أحد أفراد بعثة حكومية، فأعلمته أنني لن أتخلى عن جنسيتي، وأما البعثة فأمر ليس في يدي. وعندما تعقدت الأمور توجهت إلى البصرة، وبعثت لوالدي خطاباً حملته كل ما أستطيع من كلمات الاعتذار، وبيَّنت له أنني لم أفعل ما فعلته إلاَّ ابتغاء العلم، ورجوته أن يأذن لي بالسفر إلى مصر لأنني أيقنت أن سفري في طلب العلم بدون إذنه لم يأتِ بخير. فجاءني منه ما يدل على نبله رحمة الله عليه وقال في خطابه: ليس لدي مانع من سفرك ولكن عن طريقنا لنكتب لك كتاباً إلى الملك عبد العزيز، وإن كان يصعب علينا فراقك والأمر لله، فلما قرأت هذه الجملة بكيت، ثم توجهت إليه ووجدت عنده استعداداً رحمة الله عليه للموافقة على سفري، غير أن الأسرة قررت عقد مجلس أسري لمناقشتي في الموضوع. وبعد أخذ ورد، وحوار، ونقاش مجد وصريح وافقوا على سفري إلى مصر، وأخذوا يدعون لي بالتوفيق.
- ثم بعد ذلك توجهت إلى مصر، ولكن الحرب العظمى لم تدعني، وعلاوة على ذلك، فقد كان مبلغ المكافأة الشهرية الذي اقترحه وزير المالية ضئيلاً، وهو جنيهان مصريان، اعتقاداً منه أن هذا يكفي لشخص يطلب العلم في الأزهر، لأنهم كانوا يتصورون أنه مكان للدراويش.. وفي أيام الحرب ارتفعت الأسعار. فاضطررت أن أستأجر شقة في الحارة الضيقة، ليس فيها ماء ولا كهرباء، ولكن بها زيراً للماء يملؤه السقاء محمد كلما أفرغت ما فيه، وأعطيه خمسة قروش في الشهر كله.
- وأما الكهرباء فسراج بسيط. وكانت مصاريف أكلي اليومية 4 قروش أدفع خمسين قرشاً إيجاراً للشقة. ونتيجة لذلك وقعت فريسة للمرض الذي كاد أن يقضي عليَّ لولا لطف الله بي أن هيأ بعض الإِخوان الذين كانوا يدرسون، فزاروني فرثوا لحالتي وأخذوني على الفور إلى المستشفى، وظَنَّ الأطباء حينما أبصروا جسدي وقد احتلته الدمامل أنني مصاب بمرض تناسلي.
- غير أن أصحابي أخبروهم بحقيقة أمري، وأنني لا أتناول من الطعام إلاَّ الفول فطوراً وغداءاً وعشاءاً. عندئذٍ قرر الطبيب أن أداوم على تناول زيت كبد الحوت، ملعقة مع كل وجبة، وفعلاً حصل بعض التحسن في صحتي. ومن عناية الله بي وإحسانه إلي أن يزور القاهرة في تلك الفترة الشيخ يوسف يس، ويأتي الأخ عبد الله الطريقي ليخبرني بذلك ويطلب مني أن أذهب إليه وأشرح له ما أعانيه، فوجدت رأيه صائباً فانطلقت إلى الشيخ يوسف ووضعت أمري بين يديه، وأطلعته على ما أقاسيه، وسلمته رسالة زوقتها للملك عبد العزيز غفر الله له ذنوبه، ورجوته أن يبعث بها إليه لعله يحسن إلي. لا سيما وهو يعرف أسرتي فوعدني خيراً. وما هي إلاَّ فترة يسيرة حتى أُشعرتُ بأن الملك عبد العزيز قد بعث برقية إلى السفارة بالقاهرة، وطلب منهم فيها ضمِّي إلى أفراد البعثة السعودية، وكان مدير البعثات في ذلك الوقت السيد الفاضل ولي الدين أسعد، الذي لم يدخر وسعاً في مساعدة الطلاب وتقديم كل ما من شأنه أن يحقق التفوق والنجاح في دراستهم، حتى الدروس الخصوصية يوصي بدفع تكاليفها لكل طالب يرى أنه في حاجة إليها.
- وبعد أن أكملت تعليمي الجامعي بالأزهر التحقت بمعهد التربية العالي ثم عدت إلى المملكة وكان طلاب البعثة يزاولون بعض النشاطات الأدبية، فمن تلك النشاطات أن زار سمو الأمير عبد الله الفيصل أبقاه الله القاهرة، وفاجأ البعثة بزيارة، والتفت إلينا وقال: من فيكم يقول الشعر فأشار الطلاب إليَّ وإلى أربعة آخرين، منهم الأستاذ مقبل العيسى ومحمد فدا رحمة الله عليه، وأبو النصر، والأخ حسن نصيف، وآخر لا أتذكره الآن.
- فقال: الآن تصعدون إلى غرفكم، وتقولون أبياتاً تحت عنوان "ألم قلب". وبعد ساعة واحدة أقضيها مع الإِخوان أسمعوني ما كتبتم، فانصرفنا وعدنا بعد ساعة، وقد أعد كل منّا ما استطاع أن ينظمه، وألقى كل من الأخ مقبل العيسى، والأخ حسن نصيف والأخ محمد فدا أبياتاً يمدحون بها الأمير، وسكت. فقال لي: وأنت؟ قلت: أنا لم أقل إلاَّ ثلاثة أبيات فالوقت ضيق، قال أسمعنا إياها فوقفت وقلت:
قلب المحب معذَّب
أبداً يحبُّ ويندب
آلامه لا تنقضي
ودموعه لا تنضب
وحبيبه هو خصمه
خصم ألد أغلب
 
- قال: يا أخي هذه خلاصة ألم القلب. ثم قال: ما اليوم؟ قلنا له: اليوم الاثنين، قال: يوم الجمعة سأعود إليكم وقد كتب كل منكم قصيدة بعنوان "ذكرى" ولكل منكم أن يختار ما يشاء، فانصرفنا. وقبل اليوم المحدد أغلقت باب الغرفة، على نفسي، وعملت قصيدة من 34 بيتاً، وقد كتبها الأخ عبد الله بوقس بخط يده، وفي يوم الجمعة ألقيت القصيدة أمام سمو الأمير وهي:
كنت في بعض الليالي جالساً
أحتسي القهوة مع بعض الصحاب
زمرة لا تعرف اللهو وإن
قادها للهو أطياف الشباب
تعشق المجد ولو كلفها
كلَّ غال وصلاها بالعذاب
فإذا نادى بها داعي العلا
ركبت للمجد أمواج العباب
يرسم الخطة للمجد فتى
عبقري لا يبالي بالصعاب
ورث المجد فلم يقنع به
ومضى يبني ويبني لا يهاب
قال فيما قاله من حكم
غاليات ومعانٍ تستطاب
أين أنتم أين ما أعرفه؟
أين ماضي الشعر فـي وصـف الكعـاب
أينما ينفثه ذو شجن
ذاق للحب مرارات وصاب
هل خبت ريحكُمُ أم رقدت
فيكم الذكرى فلا يجدي عتاب
ليس حب الغير ما يطربني
إنما أرغب أن تذكوا الثقاب
أحببوا الأوطان حباً جارفاً
إنما الأوطان للحر رحاب
فابتدرنا نتبارى ساعة
نقدح الزند إذا الزند أجاب
فتوليت وفي النفس شجىً
أيقظ الذكرى وقد طال احتجاب
مر في فكري خيال عابرٌ
هيَّج الشوق إلى عهد الشباب
ذكريات سلفت ما خلتها
غير حلم من ليالينا العِذاب
يوم أن كنت صغيراً يافعاً
لم أقم في النفس للدنيا حساب
أحسب الدنيا بلاءاً زائلاً
لا يساوي قيد ظفر أو هباب
حل في قلبي حب طاهر
لفتاة غضة الجسم كعاب
طفلة لا تعرف الغدر ولا
تحسن المكر ولا ترضى السباب
كم مشينا نتهادى في الربا
نقطف الأزهار من فوق الهضاب
كم مروج قد تخطينا وكم
من رياض زاهرات وشعاب
كم نُهَير قد خطرنا عنوة
وهو ينساب على الحق انسياب
لست أنسى يوم قالت ضحوة
أين تبغي أإلى مصر الذهاب؟
أتطيق البعد عنا يا فتى؟
أين حبي وأمانينا الرطاب؟
فتنهدت وقد آلمني
منظر الدمع وقد بلَّ الثياب
ثم جاشت من فؤادي عبرة
صورت بالنفس معنى الاكتئاب
فتلطفت وقد هدأتها
وكشفت السر عني والنقاب
قلت إني إن أسافر عنكم
فلأجل الحب هذا الإِغتراب
إن لي غيركِ حباً ثانياً
لا أبالي في هواه بالصعاب
إن حبي لبلادي قادني
لاقتناص المجد من فوق السحاب
فتبدت عن محياً زاهر
وابتسام الثغر يجلو لي الضباب
ثم قالت: لا تبال لا تخف
إنهض اليوم وقرِّب للركاب
واطلب المجد ولو كلفني
عنك بعداً إن في البعد اقتراب
 
- وبعد أن ألقى الجميع قصائدهم قررت اللجنة المشكَّلة من الأستاذ حمزة شحاته، ومحمد فتحي مدير عام الإِذاعة المصرية في ذلك الزمن، والأستاذ إبراهيم السويل السكرتير الأول ذلك الحين، بوزارة الخارجية بمنح الأخ مقبل العيسى الجائزة الأولى، ومنحي الجائزة الثانية كان ذلك عام 1948.
- ومن الذكريات الجميلة التي أعتز بها هي تلك اللحظة التي ألقيت فيها من إذاعة القاهرة مقالاً كتبته عن الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله بمناسبة زيارته لمصر، والذي لم يسمح لي بإذاعته وإلقائه إلاَّ بعد أن وضعت السفارة السعودية بالقاهرة ما يفيد موافقتها على إذاعته.
- وكنت أهدف من وراء ذلك أيضاً إبلاغ صوتي لأهلي، فعندما حدد المسؤولون بالإِذاعة المصرية موعد إلقائه أبرقت لهم، وأعلمتهم بموعد إلقاء الحديث.
- وخلال إقامتي بالقاهرة تعرفت على الأستاذ علي أحمد باكثير، العالم الفاضل، الأديب الشاعر الذي أعتبره من خير من عاصرنا في هذا الزمان. ونشأت بيني وبينه صداقة ومودة، ورجوته ذات مرة أن يزورني في البعثة فوافق. وعندما جاء إلى مقر البعثة قابل أحد الإِخوان فسأله عني، فأجابه قائلاً: الأستاذ أحمد المبارك غير موجود، فقد ذهب لأداء صلاة التراويح. عندئذٍ أعطاه الأستاذ باكثير وريقة صغيرة تحمل اسمه وعنوانه ليؤكد حضوره لزيارتي، وعند اجتماعنا لتناول طعام السحور أعطاني الأخ الذي حرمني من رؤية الأستاذ باكثير في غرفتي، أعطاني الوريقة التي أعطاها إياه الأستاذ باكثير وأخبرني بما قال له، فعاتبته على ما فعل، وأوضحت له أنه جاء بناءاً على طلبي، وأنني كنت أنتظره بشوق. وعلى أثر ذلك كتبت قصيدة اعتذار، وبعثتها إلى الأستاذ باكثير، وبيَّنت له كافة الملابسات التي حالت بين لقائنا والقصيدة هي:
أألوم أم أطوي الملام
بين الجوانح والعظام
قصد الكرام زيارتي
والليل معتكر الظلام
يمشون مشية سادة
تخذوا الوفاء لهم زمام
فأبت قساوة شقوتي
وأبى لي الحظ الطغام
أن ألتقي بوجوههم
فأزيل عن قلبي القتام
أأبا كثير يا فتى الـ
ـفتيان يا نسل الكرام
إني وخالقك العظيم
ومنشئ السحب الرهام
ما خنت يوماً وعدكم
الغَدْرُ من شيم اللئام
بل كنت حلس غريفتي
والقلب يضطرم اضطرام
مترقِّباً لمجيئكم
كترقُّبِ الشهرِ الحرام
آناً أكون بركنها
وسويعة وسط الزحام
لا أستفيق تساؤلاً
وتشوقاً كالمستهام
أين الأحبة أين هم؟
أَنَسُوا المواثيق الجسام؟
أنسوا صديقاً صادقاً
لا يستقر له مقام؟
هذي حقيقة ما جرى
وسجيتي صدق الكلام
فاعذر أخاك ووَّفِه
حقَّ الأخوة والسلام
- ومن القصائد التي لها مكانة في نفسي تلك القصيدة التي كتبتها بمناسبة مبايعة الملك فيصل رحمة الله عليه. وقد رجاني الأستاذ الدكتور محمد عبده يماني عندما كان مديراً لجامعة الملك عبد العزيز وأنا كنت يومئذٍ سفيراً في قطر بأن أزوِّده بصورة لتلك القصيدة، ليجعلها شيئاً من الدراسة، فطبعناها وأرسلناها إليه. وأبيات القصيدة هي:
بزغ النهار وطالعتك ذكاء
وتبددت عن أفقنا الظلماء
وتبينت للسالكين مناهج
طمست قديم رسومها الأهواء
جددت فيصل عهد جدك فيصلٍ
فنما لعدلك في القلوب رجاء
قدت السفينة في مهارة حاذق
لم تثنه عن عزمه الأنواء
وعبرت فوق الموج وهو مزمجر
قد أعقب الريح العصوف رخاء
حتى وصلت بشعب أرضك مرفأً
حمدتك عند بلوغه الحكماء
إن كان والدك العظيم مجمعاً
للشعب أنت لجمعه البناء
أو كان والدك العظيم مؤسساً
فلقد تطاول للأساس عُلاء
أثنى عليك الناس في ندواتهم
كم خلد الحر الكريم ثناء
حفتك ألطاف الإِلـه براية
مخضرة آياتها بيضاء
فوقاك ربي إذ أفأت لظلها
رايات توحيد الإِلـه وقاء
وحكمت بالشرع الشريف وإنه
حكم يلوذ بظله الضعفاء
فغدا الأمان بحسن حكمك معلناً
أن الشريعة مِلةٌ غراء
لولا محاسن حكمها لم ينتظم
وضع البلاد ولا علاهُ نَماء
قل للذين عن الشريعة أعرضوا
كفوا الملامَ فكلكم أخطاء
قل للذين عن الشريعة أعرضوا
أحصوا ونحصي يفضح الإِحصاء
أحصوا الجرائم في البلاء لديكم
ولنا بحكم عقولكم إرضاء
دين يقول تعلموا وتفكروا
لا يعتريه مدى الزمان فناء
لا تخدعونا تحت إسم مبادئ
براقة ألفاظها جوفاء
لم ينزل الرحمن من سَنَدٍ لها
بل ساقها لينين والرفقاء
- كذلك من القصائد العزيزة عندي تلك القصيدة التي ألقيتها في الاحتفال الذي أقامه الإِخوان جزاهم الله خيراً في النادي بمناسبة انتقال عملي للرياض كان ذلك عام 1405 ودعوني، فقلت:
أَقِلْني أن تقول لي الوداعا
وقد فارقت أرضك والبقاعَا
ودعني والرحيل أحث ركبي
إلى الآفاق مرقلة صراعا
فإني قد طويت ضلوع صدري
على قلب يهيم بك التياعا
ألست قبالتي في كل فج
ومسجد ملتي المُثْلَى المطاعا
أليست كعبة الله استطالت
تضيء هداية وتطول باعا
فكم وفد أناخ بها منيباً
سلوا بطحاء مكة والتلاعا
أليس محمد نور الدياجي
دعانا أن ندين له اتباعا؟
أليست دعوة الإِخلاص منه
أبانت منهج الحق افتراعا؟
وفوق أديمك الصافي المصفى
أفاض على الأنام لنا شعاعا
فكيف يجوز لي منكم وداع
وفي أرجائكم نلت المتاعَا
وخلَّفت الأحبة في حماكم
وقلبي حولهم يأبى انتزاعا
وأرهفت المسامع في ابتهاج
إلى علمائكم أبغي انتفاعا
وعايشت الحضارة حين دبت
وحين نمت رأيت لها اتساعا
عروس البحر قاعدة المواني
رأينا في تطورك اندفاعا
فزيدي في مجال السبق زيدي
فأنت القدوة الكبرى اشتراعا
بني النادي الكرام أنلتموني
ثناءاً لا أطول له ارتفاعا
فخلوا من ثنائكم كثيراً
فإن تواضعي كشف القناعا
فلا سبق علوت به اقتدارا
ولا علم أتيت به ابتداعا
ولكني محب رام علماً
فأدرك في رحابكم اطلاعا
سأشكر ما حييت لكم صنيعاً
أرى أثر المحبة منه شاعا
- ومن رسائلي النثرية التي نحتها في ذاكرتي بإزميل الكبرياء العربية، واخترت حروفها وكلماتها من قداسة أرضي، وصبغها بعزة قومي، حتى لا تمتد إليها معاول النسيان، وهيهات أن تصلها وهي لا تغيب عني طرفة عين، تلك هي الرسالة التي بعثتها إلى سعادة الدكتور عبد الوهاب عزام (1) .
- الدكتور عبد الوهاب عزام رجل فاضل، عرفته في حفلة دعا إليها بعض إخواننا الذين قدموا للتعلم من الهند، وفي تلك الحفلة لَفَتُّ نظره بملابسي العربية. وتجاذبت معه والدكتور عبد الحميد العبادي بعض الأحاديث الأدبية، مما دعا الدكتور عبد الوهاب عزام أن يخرج لي من جيبه بطاقة بها اسمه وعنوانه. ويقول لي: نرجو أن تكون على اتصال بنا، فأنا أحب الأدباء، وأعجب بهم، واتصلت به عدة مرات مما قويت معه علاقتي به. وفي إحدى الأعياد هيأت نفسي للذهاب إليه لتهنئته وكنت عائداً من رحلة في الأرياف. فركبت الحافلة، واتجهت إلى منزل الدكتور عبد الوهاب عزام، وكانت السماء ملبدة بالغيوم، والمطر ينهمر بغزارة كأفواه القرب، وما إن وصلت منزل الدكتور حتى بادرت بإخراج ورقة كتبت عليها اسمي، وأعطيت أحد خدمه وحشمه ليعلمه بوصولي، فأخذها وانصرف، ثم عاد دون أن يقول لي شيئاً فقلت له: بم أجاب الدكتور؟ فقال: إنه يشكو من الزكام. فعزت عليَّ نفسي، وكنت في عنفوان الشباب، فخرجت من عنده غاضباً عاتباً نادماً على ما بذلته من جهد وعناء لمن لم يقدره، ولم يكلف نفسه حتى مجرد النظر إليه، وعدت أدراجي إلى منزلي، وفي صباح اليوم التالي كتبت إليه رسالة من ندم على معرفته، ويرجو التخلص مما علق بعواطفه ومشاعره منها، وبعثتها إليه بالبريد، ولكن الرجل كان نبيلاً فقد ردَّ على رسالتي رداً ندمت حين قرأته على كتابتي تلك الرسالة التي بعثتها إليه، وما حملتها من عبارات شديدة اللهجة، وقررت الاعتذار إليه عما بدر مني فهاتفته، وقلت له: لقد أخجلتني بردك السريع المهذب المؤدب، وليتك تركتني حتى أشبع غروري فقال: دعنا نحدد موعداً أزورك فيه أو تزورني، فقلت: عليَّ أنا أن أقوم بزيارتك، وحدد الموعد الساعة الرابعة عصراً، وتوجهت إليه في الموعد المحدد، وعندما دخلت القصر سألت عنه فقيل غير موجود. وسألت الحراس: هل أوصاكم بشيء؟ قالوا: لا. فانصرفت وقبل أن أجتاز عتبة باب القصر إذا بقامته الطويلة وإذا به يقول: يا أخي بعد أن وضعت سماعة الهاتف تذكرت أن أخي شمس الدين نجح في الانتخابات، وعمي عبد الرحمن باشا عزام أقام له حفلة في حلوان دعي إليها كبار رجال الدولة، وعلى رأسهم علي باشا ماهر، ولقد جئت قبل أن أتناول طعام الغداء، خوفاً أن يصلني منك خطاب آخر، ولا تحسبني غضبت مما كتبته لي في رسالتك الأولى بل أود أن يكون شبابنا عنده هذا الاعتزاز بالكرامة، لأننا إذا اعتزينا بالكرامة فسيكون لنا شأن.
- والآن سوف أتلو عليكم رسالتي التي بعثتها إلى الدكتور عبد الوهاب عزام، ثم أتبعها برده، أما الرسالة فهي:
- حضرة الأستاذ الكبير الدكتور عبد الوهاب عزام... بعد التحية والإِجلال لعل من دواعي الأسف أن أحتاج إلى إنابة قلمي عن قدمي في سبيل السعي إليكم والمثول لدى شخصكم المحبوب، ولكن دعاني إلى ذلك ما نلته في رحابكم من الذلة والامتهان، فقد توجهت إليك أمس والأرض خاشعة، والغيوم مطبقة، والسماء واكفة ترسل بين الفينة والفينة من المطر الرذاذ ما يبل الثياب، ويندي الطرق بدافع من الحب والإِخلاص لحضرتك ناسياً أو متناسياً ما تشعر به من الفرق بيني وبينك في المقام والسن والبيئة.
- بل أسرفت في هذا النسيان حتى ظننت أنك ستكبرني في هذه الروح التي جشمتني الصعاب، حتى وصلت إلى دارك... خصوصاً وأنا أعرف أنك عربي ابن عربي، ولكن سرعان ما سقط في يدي وتولتني الدهشة والخجل حينما برزت لي الحقيقة بأجلى بيان، وأوضح برهان حينما عاد إليَّ خادمكم وقد نكس رأسه وأرخى طرفه قائلاً في خفوض.. إنك تشكو الزكام. لقد دارت الأرض بي، ودرت بعيني فيمن حولي من حشمك وخدمك، فأدركت شناعة ما حل بي بينهم من المسكنة والصغار.
- على أني أرى من الإِنصاف لك أن أعذرك في استغراب قدومي في مثل تلك الساعة، ولكن لا أجد حرجاً بالعتب عليك على احتجابك عن مقابلتي إن مخطئاً وإن مصيباً، بعد أن كلفت نفسي عناء السفر إليك والقصد إلى بابك، حتى صارت لي حرمة الضيف، وذمام المستجير، فعبثت بهذه الحرمة واستخففت بالذمام. وهبني ثقلت عليك في تلك الساعة ألست تعلم يا عزام أن العرب تقول لا مروءة إلاَّ بصبر؟ أترضى يا عزام أن تكون خلواً من المروءة؟ وأنت من عرف بطيب الشيم وكرم الخلال. ومع هذا كله أقسم لك بالله أن حبك ثابت بين جوانحي، وأن الإِعجاب بأدبك وفنك لا يزال يحتل المكانة السامية من نفسي، ولكنني أجدني مضطراً إلى حرمان نفسي حظها من مناداتك ومجالستك لأنني من قوم لا يغضون للضيم ولا يخلدون للامتهان، بل يأبون لكرامتهم أن تخدش ولعزتهم أن تهان، وسلام عليك ولا زلت متقلباً في النعماء، لابساً رداء العزة والعافية، منتقلاً من رتبة إلى أعلى وأسمى وأرفع والسلام.
- وإليكم رده الرقيق اللطيف قال:
- يا أخانا المبارك سلام عليك، سأستغفر لك ربي.. عجلت إلى تهمة أخيك وكان حق الأخوة يقضي بالتثبت قبل القضاء. فقد كنت حين تشريفك لي مريضاً على سرير المرض، ولكن عندنا خادمٌ غبيٌّ أحمق، أمرته أن يدعوك إلى حجرة الضيوف، وأن يخبرك أن أخي حاضر للقائك، فطوى ذلك كله، وفعل ما هو أليق بغباوته وحمقه، وهو حديث عهد بدارنا وسأخرجه منها إن شاء الله. وبعد ذلك فأرجو أن تشرفني كما شرفتني من قبل أو أن تضرب لي موعداً في أي مكان شئت، ومع هذا كله فلا تنسَ قول الذي يقول:
إذا ما أتت لك من صاحبٍ زَلَّةٌ
فكن أنت محتالاً لزلَّتِهِ عـذرا
وسلام الله ورحمته عليك. عبد الوهاب عزام.
 
- أما القصيدة التي قرأ الأخ مصطفى عطار بعض أبياتها فكانت رثاء في والدي رحمة الله عليه. وهي في الحقيقة لوعة صدرت عندما فاجأني خبر وفاته في برقية وكنت أعرف عنه أن صحته جيدة ولكن الموت حق، فأتذكر هذه الأبيات وأسمعكم ما أحفظه منها. فأخذت البرقية التي جاءتني وقلبتها وكتبت على ظهرها:
برقية النبأ الأليم المفجع
يا قطرة السم الزعاف الأنقع
يا حرقة القلب الجريح وحسرة
الأمل البريء الأنضر المترعرع
يا جذوة النار التي قد أوقدت
بين الضلوع لهيب حزن مفجع
ماذا أهجت بقلب غر غافل؟
عن كيد أحداث الردى في مخدعي
فأثرت فيه لواعجاً لا تنطفي
أمد الحياة وبعد لقيا المصرع
والله لولا أن هذا مورد
لا بُدَّ لي في حوضه من مرتع
لجزعت حتى لا أفيق من الأسى
أو ترجع الأيام من أهوى معي
ولقلت للصبر الجميل تعاظما
أقصر عليك فما أراك بمقنعي
لكنما هذا قضاء شامل
ما إن لنا في رده من مطمع
يا والدي يا ذا المكارم والتقى
يا سيد النادي وزين المجمع
يا ذا الأناءة والدراية والحجى
والعلم والذكر الجميل الذائع
الجود منك طبيعة وسجية
لا للرياء ولا لحسن المسمع
والحلم من يرعاه بعدك يا أبي
هيهات ما للحلم بعدك مدع
آل المبارك والخطوب تكالبت
والدهر عض بنانه في الأضلع
فأطاح بالصرح المشيد بناؤه
ورمى به ركن العصيِّ الأمنع
ففقدتم رأياً أصيلاً ثاقباً
يجلو دياجير الظلام لمن يعي
لهفاه واأسفاه من يأتي لنا
بمحنَّكٍ من طرز ذاك الألمعي
 
- ختاماً لهذا الذي أضجرتكم فيه وأزعجتكم لديَّ أبيات بمناسبة ما تفضل به الأخ عبد المقصود، وأحب أخبركم بأني اتجهت للبحوث التاريخية مثل ما أشار الأخ حسين نجار، فبعدت عن الشعر، فأصبحت كالبقرة التي كانوا يحلبونها، فلما تركوها فترة عادوا إليها ليحلبوها، فوجدوا الحليب قد نضب. وأنا هذا الذي حدث لي لكن الأثر الأمر في نفسي لم يعفني من المشاركة ببعض الأبيات..
طاب القريض وزال الهم عن بالي
فاليوم يوم مقالات وأمثال
اليوم يوم لقاء للنفوس به
مراتع الأنس في دارات أبطال
في ساحة مـن صـروح الفضـل شامـخة
أعارها لبنيه والدٌ غالي
طرف تمرس في الآداب وانبثقت
عن نبع دوحته أفنان أظلال
فجاء من بعده إبن له كملت
صفات مجد عريق ثابت حال
في أمسيات منيرات مآثرها
بالجود والبذل في بشر وإقبال
ترى الأديب بها جذلان مبتهجاً
مقدراً بين إكرام وإجلال
قالوا مضت دولـة الأشعـار وانقرضـت
وجاء من بعدها التمجيد للمال
فقلت كُفوا عن التثبيط ويحكمُ
وأقبلوا وانظروا ما ليس بالبال
مجالساً لعكاظ زانها أدب
يشع منه ضياء ساطع عالي
حرمت منها زماناً لا أحل بها
لكنني لم أكن عن روضها سالي
يجول بالفكر آهات أرددها
تهيج في قلبي المجروح بالبال
أكلما اخترت بين الناس طائفة
من الصحاب ذوي علم وإفضال
يجيء من عاديات البعد لي سفر
يعوقني عن لقاء الصحب والآل
أهكذا أنت يا حظي تعذبني
تذيقني لذة الإِصغا لأمثالي
حتـى إذا علقـت نفسـي الطمـوح بهم
جاءت دواعي مهماتي بترحالي
لكن لطفك يا ربِّي يواكبني
ينيلني منناً جاوزْنَ آمالي
 
- وأنا أشكركم، وأرجوكم المسامحة، والسلام عليكم ورحمة الله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :656  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 87 من 230
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الثاني - مقالات الأدباء والكتاب في الصحافة المحلية والعربية (2): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج