شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الأستاذ مصطفى عطار ))
ثم تحدث الأستاذ مصطفى عطار فقال:
- بسم الله الرحمن الرحيم. أيها الإِخوة الأحباء شكراً للأخ الوجيه عبد المقصود خوجه على ما يتيحه لنا من فرص كريمة ومناسبات رائعة للقاء الإِخوة والأحباء، للقاء جيل الرواد الآباء مع جيل الأبناء الأوفياء السائرين على الخُطا.
- باثنينياته العامرة بدفق العاطفة ودفئها وموائدها الطيبة، بكل ما فيها من لذيذ الطعام، وعديد الأصناف والأنواع. وإن كنا نستأذنه أن يحقق ويقتنع بما اقترحه عليه الإِخوة رواد الاثنينية قبيل عامين التقليل من الأصناف والأنواع، خاصة وأن صيحات الأطباء أخذت تؤكد ضرورة تخفيف الوزن وتقليل الطعام تجنباً للسمنة، ووقايةً من عللها وأمراضها. عسى الله أن يستجيب أبو محمد سعيد لتلك الدعوة، وبعد: فمن حسن طالع الفرد، وموفور حظه، وسمو خلقه أن يكون ذكرى عبقة تعطر المجالس وتسير بحديثه الركبان أينما حلت وحيثما كانت، وأستاذنا الكبير وشيخنا الراوية الشاعر الموهوب أحمد المبارك واحد من أولئك الرجال الذين استطاعوا أن يجعلوا من أنفسهم سيرة عطرة وشخصية محبوبة، تقابل أهلاً وتنزل سهلاً.
- وما حضرت مجلساً وتطرَّق الحديث بنا إلى رجالات البلاد ومثقفيها، وأدوارهم الطليعية في خدمة أمتهم إلاَّ وكان شيخنا أحمد المبارك واحداً من أولئك الأماثل. ونادينا الأدبي في جدة عنده الكثير الكثير من ذلك، ومن مشاركاته في أعياد النادي وحفلات التكريم والتوديع وقد استمعتم إلى ما ذكره الأخ عبد المقصود من مشاركاته في الاثنينية بخطاباته التي تنم عن نبله، وعن أهدافه السامية التي تربط بين الإِخوة، وتحقق الألفة، وتوثق بين الصلات.
- ولقد حضرت أكثر من لقاء في المنطقة الشرقية والرياض وجدة، فما وجدت إلاَّ إخوة كراماً يتحلَّقون حول شيخنا المبارك ليستمعوا إليه، ويستمتعوا بما في مخزون علمه من درر فيها الكثير من الثقافة والأدب، وفيها الكثير من الفكاهة والطُرف التي تنبئ عما يتمتع به من شخصية جذابة ذات جوانب كثيرة محبوبة ومرغوبة، وفي هذا الصيف كنت في واشنطن، ونحن على مائدة الغداء مع إخوة كرام منهم الدكتور حمد السلوم الملحق الثقافي في الولايات المتحدة الأمريكية، والدكتور محمد الرشيد مدير مكتب التربية العربي لدول الخليج، والدكتور علي النملة عضو بالمكتب الثقافي، والأخ عبد الرحمن الدايل الملحق الثقافي في لبنان، والأخ حسن الصغير رئيس بلدية الأحساء.
- وإذا بكل واحد من هؤلاء يتحدث عنه من زاوية. الدكتور حمد السلوم تحدث عنه زميل سفر ونعم المتحدث باسم بلاده علماً، وخلقاً، ووطنيةً، ودبلوماسيةً فذة. ونعم المنافح عن دينه وعن إخوانه المسلمين وخاصةً الأقليات المسلمة لأنه كان يحضر المؤتمرات مثل مؤتمرات وزراء الخارجية في كثير من الدول. فهو إن رغبوا تحدث مع العرب بعربية صحيحة أخاذة، ومع غيرهم بإنكليزية مناسبة.
- وعاش مع أحداث أمته وبلاده بكل أحاسيسه ومشاعره، يشارك بجهده، وبشعره، وبنثره، وذاكرته تسعفه بما تخزنه من طيب القول، وجميل الذكر، وغزير العلم. كيف لا وتاريخه وتاريخ أسرته كلها أمجاد ومفاخر مما يمتدح بها الرجال ويفاخر بها الولدان. فلنسمعه يرثي والده عالم الأحساء الجليل الشيخ علي المبارك، ومنها ندرك من أي نبع استقى المكارم التي يتحلّى بها، هذه الأبيات التي سأنشدها من قصيدة أخبرني أنه نظمها في سن مبكرة:
يا والدي يا ذا المكارم والتقى
يا سيد النادي وزين المجمع
يا ذا الأناءة والدراية والحجى
والعلم والذكر الجميل الذائع
 
- إلى أن يقول:
الجود منك طبيعة وسجية
لا للرياء ولا لحسن المسمع
والحلم مَنْ يرعاه بعدك يا أبي
هيهات ما للحلم بعدك مُدّعِ
 
- وكما قلت: فإن شيخنا العالم الجليل، المؤرخ الشاعر الرصين يعيش في ضمير أمته وأحداثها، يبتهج لأعيادها ويفاخر برجالها، فما أن تحل مناسبة كريمة إلاَّ ويهتم بها مغرداً ومشيداً بخير ما عنده من رائع الشعر، وصدق العاطفة، ونبيل الأحاسيس والمشاعر. لقد انتهز فرصة تشريف الشيخ الجليل المربي محمد علي زينل مؤسس مدارس الفلاح رحمه الله لدار البعثات السعودية في مصر، حيث كان أستاذنا المبارك يدرس هناك في كلية اللغة العربية بالجامعة الأزهرية، فأنشد قصيدة رائعة تفصح عن شاعريته، وألمعيته، ونبله. ونالت استحسان الضيف الكبير جاء فيها:
انثر الزهر وانشر المسك نشراً
واملأ البيت من خوانك عطرا
واملأ الجو فرحة وهتافا
فمقام القريض قد زاد قدراً
انظر اليوم زينل الخير واقرأ
في وجوه الشباب فرحاً وبشراً
إنهم غرسك الموفق حقاً
كلهم نال من فلاحك فخراً
 
- ومن الغريب أن الشيخ محمد علي زينل اندهش كيف أن الشاعر وهو يحيّيه بهذه القصيدة الجميلة أورد لفظة (الموفق) حينما قال في شطر البيت:
- إنَّهم غرسُك الموفق حقاً.. فقال له يا ابني إن كلمة "الموفق" كانت العنوان التجاري البرقي لبيت آل زينل هنا في جدة. فالمشاركة الوجدانية، والتجربة الشعورية الصادقة أيقظت حسه المرهف حتى ساقت على لسانه تلك الكلمة الجميلة، وكذلك في الشطر الأخير من البيت انسابت كلمة فلاحك غير متكلفة كأنها ألفاظ تنادت لتكون عقداً نورانياً أبهج شيخنا رحمة الله عليه.
 
- وحيث أن الموقف موقف برٌ ووفاء فاسمحوا لي أن أذكر موقفين للشيخ محمد علي زينل رحمة الله عليه، مؤسس مدرسة الفلاح. الموقف الأول: إن الشيخ محمد علي زينل كان يتقاضى مرتباً من والده مقداره 10 روبيات. بهذه العشر روبيات تجرَّأ وفتح مدرسة الفلاح عام 1323 هجرية، حيث لم تكن هناك مدارس، وكانت السلطة التركية تمنع افتتاح المدارس، فهو احتال وزملاؤه من أمثال الشيخ محمد صالح جمجوم، وعبد الرؤوف جمجوم، ومحمد علي مغربي ليفتحوا مكتباً لتعليم القرآن. وقبلها كانوا يأتون بالطلاب في المغرب أي عندما يحل الظلام ليدرَّسوهم، حتى حصلوا على الإِذن فبدأت المدرسة بفرقة في جدة، ثم في مكة، ثم في الهند، ثم في البحرين ودبي وهكذا.
- وكاد أن يفتح مدرسة في عدن أيضاً. المهم أنه صرف على مدارس الفلاح أكثر من نصف مليون جنيه ذهباً. بعدئذٍ جاءت مشكلة كساد تجارة اللؤلؤ حيث ظهر اللؤلؤ التقليدي واستطاع اليابانيون أن ينتجوه فتعثرت مدارس الفلاح وميزانيتها، وعرض في ذلك الوقت بيت في جدة للبيع وهو مقر مدرسة الفلاح الحالي عند باب مكة، فجاء الشيخ إلى داره وهو متأثر يفكر في طريقة تمكنه من المبلغ ليشتري هذا البيت لمدرسة الفلاح. فرأته زوجته أرِقاً قلقاً سابحاً في التفكير فسألته وهي ابنة عمه الشيخ عبد الله زينل واسمها السيدة خديجة، هذه السيدة العظيمة يجب ألاَّ ينساها تاريخ التعليم، وأنا حمدت الله أني أشرت إليها في كتابي الذي سيصدر إن شاء الله عن التعليم في عهد الملك عبد العزيز. أن هذه السيدة خديجة عرضت كل مصاغها ليحل بها المشكلة، وفعلاً بهذا المصاغ استطاع أن يشتري البناية التي تشغلها مدرسة الفلاح بجدة حالياً.. موقف آخر للشيخ محمد علي زينل فقد عرضت مباني مدرسة الفلاح في مكة للبيع وحدد المبلغ بـ (100.000 ريال)، وفي تلك الفترة ما كان هذا المبلغ متوفراً فقرر أبناء مكة، ومنهم السيد هاشم الزواوي، وهو موجود بيننا أطال الله بقاءه أن يجمعوا هذا المبلغ بناء على اقتراح الشيخ عبد الله باحمدين. فذهبوا للشيخ محمد سرور وقالوا: نحن نستطيع أن ندخر المبلغ لأن شركة السيارات، وشركة الطبع والنشر لديها بند للتبرعات. فمن الممكن أن نجمع شيئاً من المبلغ. كما أن الفلاحيين يستطيعون أن يجمعوا هذا المبلغ، ويقدموه للشيخ محمد علي كهدية، وتكريم، ورد جميل. غير أن الشيخ محمد سرور قال: قبل أن تتخذوا أية خطوة اسألوا الشيخ محمد علي، فذهب السيد هاشم الزواوي، وتحدث إلى الشيخ محمد علي في الموضوع فرد عليه قائلاً: الحمد لله أنني بنيت رجالاً، وهذا كان هدفي عندما افتتحت مدارس الفلاح أن أكوِّن رجالاً. غير أنه لم يعطِ جواباً وقال: سأحدث الشيخ محمد سرور عن الجواب. لكنه لم يفعل حتى سافر عائداً إلى مقر عمله وتجارته بالهند، وعندما ضاقت موارد الفلاح، وتقلصت، وعلم الملك عبد العزيز رحمه الله بذلك، فرض قرشاً على كل طرد يرد ميناء جدة يطلق عليه قرش الفلاح، مساهمة منه رحمه الله في تغطية نفقاتها.
- والشيخ محمد علي زينل لم يكتفِ بأن افتتح مدارس الفلاح، بل أرسل بعثات للدراسة بالخارج منها بعثة للقاهرة. وهم الذين أشار إليهم الأستاذ عبد الله بوقس في مصر، وبعثة إلى الهند وأتى لهم بعلماء أجلاء يقومون بتدريسهم دروساً خصوصية، ومن أولئك عالم سوري جليل اسمه أمين سويدي وهو أحد الذين تولوا رئاسة المجمع العلمي بدمشق، مجمع اللغة العربية.
 
- وختاماً فأنا سعيد جداً بأن أشارك بهذه الكلمات القليلة، وأعتقد أنكم تحبون أن تستمعوا إلى شيخنا الجليل أحمد المبارك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وشكراً لكم جميعاً.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :504  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 86 من 230
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء السابع - الكشاف الصحفي لحفلات التكريم: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج