شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
البعد الحضاري في تفسير بعض السلوكيات الغربية
تدق نواقيس الخطر في الغرب إذا كان الإنسان المفقود، أو القتيل أو المتضرر جسدياً ونفسياً غربياً، وهذا ينطق على ما أثارته وسائل الإعلام الغربية عن مخاطر اليورانيوم المستنفد وفجأة وجدنا حلف الأطلسي يصدر توجيهات بالعمل السريع لجمع الحقائق، وكانت المعلومات الأولية أفادت عن 30 إصابة و7 وفيات في إيطاليا، و9 إصابات و5 وفيات في بلجيكا و8 إصابات ووفاتين في أسبانيا، ووفاتين في هولندا، و5 إصابات ووفاة واحد في فرنسا، وإصابتين في الدانمارك، إضافة إلى إصابات أخرى في بريطانيا وألمانيا واليونان، وهنغاريا والجمهورية التشيكية، وخلت التقارير عن الأضرار التي قد تكون خلفتها حرب الخليج من جراء استخدام الغرب ذخائر مكسوة باليورانيوم المستخدم ولم تثر أي ضجة حتى بعد اعتراف الكيان العنصري الإسرائيلي باستخدامه قذائف أمريكية الصنع والتمويل والهوى تحتوي على هذه المادة المحتوية على شعاع ميت وضار بوجود الإنسان على هذه الأرض، ويعود استخدام الدولة العبرية لهذه المادة المحرمة - دولياً - إلى عام 1985م ضد المواطنين الأبرياء في لبنان كما ورد في تقرير موجز نشرته صحيفة الحياة الدولية الخميس 1 فبراير 2001 الموافق 7 ذي القعدة 1421هـ.
وإذا كان الغرب يعنيه بالدرجة الأولى قوة الكيان الصهيوني عسكرياً وتقنياً ونووياً وأخيراً إشعاعياً ثم يأتي المواطن الغربي في الدرجة الثانية بعد الإنسان اليهودي والصهيوني وذلك لانتشار عقيدة الولاء المزدوج لدى الساسة الغربيين بصورة واضحة بدءاً برونالد ريجان ومارجريت تاتشر في الثمانينيات الميلادية وانتهاء بـ (توني بلير) وجوردون براون وبيل كلينتون، وآل جور في التسعينيات فإن هذا الغرب غير معني إطلاقاً بسلامة المواطن العربي في الوقت الذي يرفع فيه بعض المثقفين العرب شعار الدفاع عن الغرب ويستميتون في تسفيه من يدعو لمقاطعة هذا الغرب لأنه المسؤول الأول عن الجرائم التي ترتكبها الحركة الصهيونية ضد العزل من شيوخ ونساء وأطفال فلسطين العربية والمسلمة.
بقيت قضية هامة يحسن الالتفات إليها والتمعن فيها بصورة جدية، هذه القضية تتصل بالبعد الإنساني في الحضارة العربية المعاصرة فهذه الحضارة بصفتها المادية وخلوها التام من الجانب الروحي والإنساني، لم تعبأ بقتل المواطنين في اليابان بالقنابل في هيروشيما ونجازاكي، ولم تفكر - يوماً - في الاعتذار للشعب الفيتنامي وما فعلت به تحت ذريعة مكافحة الشيوعية في الستينيات الميلادية، ولم تفكر كما يحلو لها أن تفعل أحياناً في محاكمة مجرمي الحرب من اليهود من أمثال بيجين وشامير وشارون وبعض من هؤلاء الزعماء الصهاينة كان متورطاً في قتل عربيين كما تثبت سجلات أجهزة الاسكتلانديارد في بريطانيا، ولم تعتذر للشعب العربي الليبي عن الاعتداء عليه في وضح النهار في عام 1986م - بتحالف شرير - بذريعة تورط ذلك البلد في قصف ناد ليلي في ألمانيا مع أنه ثبت بالدليل القاطع أن المتورط في العملية جهة أخرى.
هذا الغرب بهذا البعد الحضاري المادي والرؤية المتحيزة لا يفعل شيئاً من هذا كله مما يدل على موت الضمير وجفاف العاطفة الإنسانية المحضة، ولكنه معني بمحاكمة فيلسوف مثل روجيه جارودي لأنه شكك - فقط - في الأعداد التي يزعم اليهود أنها قضت في محرقة هتلر، ويقاطع الرئيس النمساوي السابق (كورت فالدهايم) لأن الحركة الصهيونية تحمله مسؤولية إصدار قرار يساوي الصهيونية بالعنصرية وذلك عندما كان أميناً عاماً لهيئة الأمم المتحدة، بل إن نواباً غربيين من أمثال الوزيرة العمالية والبريطانية السابقة (بابرا كاسل) انطلاقاً من تأييدها الأحمق لليهود - دعت إلى ضرورة مراجعة العلاقة الزوجية بين أميرة كينت وزوجها بحجة اكتشاف أن والدها كان على علم بما يصنعه ((هتلر)) ضد اليهود، ولم يثبت اليهود في بريطانيا ادعاءهم هذا ولكن النزق والطيش دفعا بعض أجهزة الإعلام البريطانية للهجوم على الأميرة فخرجت على شاشات التلفزيون تبكي بحرقة وألم وتقول: إنه إذا كان والدها فعل شيئاً من هذا فهي غير مسؤولة عنه، ولم يرحم الإنجليز بكاء الأميرة الألمانية الأصل بل إنهم أمعنوا في سحق شخصيتها بطرق عدة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :590  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 359 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.