الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

> > > > أهمية الحفاظ على التاريخ والأثر في مأرز الإيمان

أهمية الحفاظ على التاريخ والأثر في مأرز الإيمان

تحدثت قبل أسبوعين عن النخيل في المدينة المنورة بين الماضي والحاضر وخاطبت معالي المهندس عبد العزيز الحصين بضرورة رعاية ورعاية الأثر وحمايته من أيد متشددة ونفوس جامحة، وعقول تملؤها الأوهام عن الآخر وتفسيقه وتبديعه، وهو أمر لم تعرف مثله المدينة في تاريخها الإسلامي الطويل ولقد كانت السماحة والرفق سمة من سمات المجتمع المدني، وتستطيع أمانة المدينة بصفتها الرسمية والمعنوية أن تكون سداً منيعاً أمام شطحات من ليس لهم سوى الإزالة والهدم والمحو.

ولقد تفضل أحد أبناء المدينة وهو الأخ والجار القديم في حي قباء زكي مبارك محمد رجب فدعاني هو والأخ النبيل رضا زيتوني إلى جلسة ضمت وجوهاً كريمة لم أرها منذ زمن بعيد وفيهم من هو صاحب ذاكرة تاريخية قوية مثل الأخ سعود شربيني والذي أتى على ذكر عدد من الأماكن القديمة في المدينة مثل، التاجوري، والمحمودية، والحجارية، وهذه كانت بستاناً من بساتين المدينة التي تقام فيها الحفلات عند قدوم الملوك والزعماء إلى البلدة الطاهرة، لذا فإنني أدعو الأمانة أن تطلق هذه الأسماء التاريخية العريقة على الأحياء الجديدة، فلقد أطلق أحد رجال الأعمال في جدة مسمى (العنبرية) على استراحة في طريق المدينة وبالتحديد في منطقة (ذهبان) واختار للطرق الموصلة بين منشآت الاستراحة أسماء بعض الأماكن والشخصيات التاريخية، وتظل أسماء مثل (العنبرية)، و(الساحة) و(العينية) محفورة في الذاكرة التاريخية للمدينة، بينما نطلق أسماء جديدة على كثير من الشوارع فلا يلتفت الناس إلى الاسم الحديث ويظل الاسم القديم هو الأكثر صموداً وبقاء وذلك لارتباطه بنواح تاريخية أو أحداث اجتماعية، ففي (مكة) مثلاً: لا تزال (الشامية) و(النقا) و(الشعب) و(سوق الليل). من المسميات الخالدة على مر الأجيال، وكذلك (العلوي)، و(اليمن) و(المظلوم) في جدة، وبرحة (ابن العباس) في الطائف. والملز في الرياض وسويقة في (ينبع)، لا تزال هذه الأماكن بمسمياتها تمثل تراثاً حضارياً وفكرياً وأدبياً، فنحن إذا ما قرأنا الشعر الذي أنشده المبدعون من أمثال ابن الفارض، والبرعي، والبوصيري، وحديثاً لضياء الدين رجب وعبيد مدني وعلي حافظ، وعلي زين العابدين، ومحمد حسن فقي، وأحمد قنديل، وحمزة شحاتة وحسن الصيرفي وغيرهم. هذا الشعر تغنى ببعض المواضع والأماكن التي أتينا على ذكر بعضها في هذا المقال، ولا نستطيع أن نشيح بوجوهنا عن هذا التراث الفكري والأدبي ومن واجبنا جميعاً أن نتعامل معه بالصورة التي تناسب العصر وتواكبه، وتجمع بين الأصالة والمعاصرة في سجل واحد. يتوحد ولا يتفرق، ويتصل ولا يتجزأ، ويتأخر ولا يتشتت، والاتصال والتآخي مما نحتاجه في حياتنا في هذا الأمر وسواه والله ولي التوفيق.