شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حول قضية الهوية الحضارية
ـ استطاعت طائفة ((السيخ)) التي تشكل حوالي 250،000 فرد من أفراد المجتمع الكندي أن تنتزع قراراً من المؤسسة الملكية الكندية للبوليس يسمح لأفراد هذه الطائفة الذين يعملون في الجهاز البوليسي بارتداء العمائم التقليدية والاحتفاظ بلحاهم المتميزة حيث يشكل ذلك جزءاً من تعاليمهم الدينية التي لا يمكنهم التفريط فيها أو ممالاة الآخرين فيما يتصل بالقضايا المتصلة بها.
(The Daily Mail, May 15, 1991)
ولعلّه لم يكن من السهل صدور قرار مثل هذا يمكّن الفرد من هذه الطائفة بالتميز دون الآخرين الذين يلزمهم نظام هذا الجهاز بارتداء القبعات الخاصة والتي تمثل هي الأخرى تقليداً كندياً خالصاً، ولكن إصرار الطائفة السيخية جعلها تقاوم لأكثر من عامين كاملين في سبيل الحفاظ على جزء هام من هويتها الشخصية وتقاليدها الدينية الموروثة. وهذه ليست المرة الأولى التي تقف الطوائف السيخية من تقاليدها هذا الموقف الذي يدل على تخوفها من الذوبان في المجتمعات الغربية التي تعيش فيها ولكن سبقتها إلى ذلك الطائفة السيخية في بريطانيا، وهي في هذا الإِصرار العجيب على الحصول على حقوقها التي يكفلها لها النظام الغربي تتمثل مع الطوائف اليهودية التي لا ترضخ أبداً لأي ضغوط ترى فيها مساساً بشخصيتها القومية أو تعاليمها الدينية، ولا يقتصر ذلك على المسائل التعبدية أو الدروس الدينية أو شعائر الذبح والختان والزواج، ولكنه يشمل أيضاً المسائل الشكلية مثل ارتداء القبعات اليهودية المتميزة، وإسبال الشعر بطريقة خاصة تمكّن الفئات الأخرى في المجتمع الغربي من تمييز اليهودي من غيره. ومع أن جزءاً كبيراً من الجاليات الإِسلامية وخصوصاً - غير العربية - التي تعيش في المجتمعات الغربية تحاول التمسك بهويتها الإِسلامية والمحافظة على أداء شعائرها الدينية والاحتراز من كل ما يمكن أن يؤدي بأجيالها الناشئة إلى التأثر بمعطيات الحضارة السلبية والتركيز على الاستفادة من المعطيات الإيجابية، إلا أنه تبقى ملاحظة هامة في هذا السياق وهي أن بعضاً من أبناء المجتمعات العربية والإِسلامية ينسون كل ما يتصل بدينهم وعاداتهم وتقاليدهم إذا ما ذهبوا إلى تلك المجتمعات للدراسة أو النزهة، ويظنون أنه بمجاراة الغربيين في كل شيء يمكنهم أن يحوزوا على إعجاب ورضى تلك المجتمعات بينما هم في حقيقة الأمر يعرضون شخصياتهم للازدراء والاستخفاف حتى وإن لم يعبر لهم الغربيون بصراحة عن مثل هذا الشعور، كما أن هذا البعض إذا عاد إلى بلاده يحاول أن يدافع متحمساً عن كل ما يتصل بالحضارة الغربية سواء كان ذلك في الجانب الفكري والمتمثل في الحماسة لبعض المناهج والمذاهب الثقافية أو التربوية التي لا تتواءم مع منطلقاتنا الدينية ومكوناتنا الحضارية، أو في الجانب السلوكي الذي يسعى لتقليد الغربي في كل شيء حتى فيما يتصل بارتداء الملابس وطريقة التحدث وأساليب التعامل في المنزل وخارجه، وهو أمر بقدر ما يثير الشفقة والحزن، يضع أسئلة كبيرة حول مدى تمثل هذه النخبة لتاريخها وارتباطها بمجتمعاتها وولائها لأمتها.
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :719  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 239 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج