شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المثقفون الصامتون
ـ لقد كان للنظام العراقي الآثم خلال عقد من الزمن أو أكثر خططه المتعددة في اجتذاب عدد من المثقفين والكتّاب العرب خصوصاً أولئك الذين يصنفون من ضمن النخبة التقدمية التي تزعم أنها تسعى لتطوير الفكر العربي، وتحديث أدبه وفنونه. ولقد وجد هذا النظام وشائج عديدة تربط بين فكره العلماني المتجرد من العقيدة الإِسلامية وبين الاتجاهات الحديثة التي تسعى لتغيير معالم الثقافة العربية عن طريق استخدام المناهج المستمدة من الفكر الماركسي (كنظرية لوسيان غولدمان Gold Mann) في دراسة تراث الأمة وفكرها، وتفسير النشاط العقلي للمبدعين على ضوء مفاهيم الجمالية الماركسية وهي المفاهيم التي اعتمدها ((لوكاشي)) عند تحليله لعدد من أعمال الكتّاب الماركسيين سنة 1930 - 1931م.
ـ الفكر العلماني الذي تنطلق منه القيادة العراقية ينظر إلى الإسلام في مجمله - كما تثبت المنشورات الحزبية المضللة - على أنه تراث اجتماعي صرف يجب إبعاده عن التطبيق العملي والممارسة الحياتية، ولكن لا يمانع - في الوقت نفسه - من استغلاله كوسيلة لجذب البسطاء، وإغراء السُّذَّج من عامة الناس، وكذلك الوضع مع المنهج الإنثروبولوجي الذي وضع أسسه ((ليفي شتراوس)) وسلفه ((سيرجيمس فريزر))،Sir, James Frazer في كتابه المعروف ((الغصن الذهبي)) The Golden Bough والذي يصنف العقائد الدينية وما أتت به من تشريعات مثل تحريم زواج الأقارب، والنهي عن أكل لحوم حيوانات معينة ضمن باب الأساطير التي لا يمكن للعقل المتمدن الراقي أن يعتنقها ولكن يمكن الاستفادة منها كمعادل فني في الأعمال الإبداعية على مختلف أشكالها.
ـ هذا المنهج الأنثروبولوجي المتوافق مع الفكر العلماني في كثير من تصوراته الدينية، والذي يصر بعض المفكرين العرب على الأخذ به في دراسة الفكر العربي، هو الوسيلة التي ولج منها النظام العلماني العراقي لإغراء عدد من الأسماء الثقافية الفاعلة في الساحتين الفكرية والأدبية بأن تكون أصواتاً تطبل له، وأبواقاً تبرر سلوكه الدكتاتوري وممارساته البربرية وهي الأصوات نفسها التي تمتنع عن إدانة أفعاله المهينة والمزرية ضد الشعب الكويتي الآمن، ولعلّها تحتج بأعذار واهية، وتختلق تبريرات مضحكة لا يمكن قبولها عقلاً فضلاً عن تصديقها. فبعضهم يدعي أنه أديب لا يفقه في شؤون السياسة لذا فهو يسعى للترفع عنها، والآخر شاعر أسطوري لا يجد في الأزمة الحالية ما يفجر طاقة الإِبداع فيه. وقد نعذرهم أنهم في يوم من الأيام أسرفوا في مديح الطاغية دون علم وعلى غير هدى، وأنهم قبلوا الأوسمة والجوائز في مهرجانات ((المربد)) و ((الفاو)) لأنه غرر بهم، ولكن صمتهم اليوم بعد أن تكشفت لهم الحقائق وتبدت لأعينهم النوايا السيئة لا يمكن تفسيره إلا على ضوء ما ذهبنا إليه في بداية هذا المقال وهو وحدة المنطلق الفكري وتطابق الرؤية الأيديولوجية بدءاً من نزعة سفك الدماء وانتهاء بتغيير ملامح الثقافة العربية، والهوية الفكرية للأمة والمرتبطة بالإِسلام عقيدة ومنهجاً.
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :697  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 227 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الجمعية النسائية الخيرية الأولى بجدة

أول جمعية سجلت بوزارة الشئون الاجتماعية، ظلت تعمل لأكثر من نصف قرن في العمل الخيري التطوعي،في مجالات رعاية الطفولة والأمومة، والرعاية الصحية، وتأهيل المرأة وغيرها من أوجه الخير.