شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ذكرياتٌ مِنْ الحَصْوة (2)
تتوالى أحاديث ((الريس عبد الستار)) عن الأذان وشجونه في المدينة قائلاً: جاء الحادي المعروف ((أمين بكر)) من الطائف وبالمناسبة فالحديث - هنا عن حقبة تمتد إلى ما قبل سبعين عاماً على الأقل - وصعدت معه - أي الأستاذ عبد الستار - للأذان في صلاة الظهر، ولم تكن هناك مكبرات للصوت، ولم أستطع أن أجاري ((راحلته)) (مدى الصوت وقوته) وعندما نزلنا من ((الطَّوفْ))، قابلني حسين بخاري وعلى وجهه تبدو علامات الغضب، فابتسمت في وجهه وقلت له: ((العصر)) موعدك معه، وصعد الشيخ حسين وأذن، ومع أنه كان أقوى صوتاً مني، إلا أن ((البَكَّر)) تفوق عليه.
وعرفت فيما بعد الشيخ ((عمر بكر)) - وهي أسرة معروفة في الطائف - وكان صاحب صوت حسن يأتينا في منزل المرحوم ((محمود كظَلِّي)) في ((زقاق الطُّوال)) وممن كان يؤم هذا الدار من المنشدين المتميزين الشيخان ((حمزه ومحمد ألفت)) ورديفهما الشيخ ((أحمد عسيلان)) والد المرحوم الأستاذ حمزه - وأخيه مصطفى وكانوا ينادونه بـ ((الشاووش))، ولم يبق في المدينة أحد يعرف ذلك النهج في الموشحات الدينية لأنه نهج صعب، ولكنك تشعر بكثير من الدهشة كيف تم لهذه الفئة من الناس الخروج بهذا الضرب من الإنشاد الممتع الذي يطرب الأذن ويهز الوجدان؟
ولم أدرك الشيخ ((عبد الإله خطيري)) ولكن ابنه محمداً - رحمهما الله - أخذ عن والده شيئاً كثيراً، وتختزن ذاكرة أستاذنا ((عبد الله خطيري)) الكثير عن تاريخ الإنشاد في المدينة وهو يعرف الأصوات الحسنة وكذلك في ((الشبيكة)) بمكة.
أعود إلى الأستاذ عبد الستار الذي سألته عن السيد ((عبد الرزاق نجدي)) صاحب الصوت المعروف في المسجد النبوي، فعرفت منه أنه أكبر من الريس عبد الستار سنًّا، وروى الريس قائلاً: عدت من مكة وقد قضيت فيها فترة من الزمن صديقاً وجليساً للوجيه الشيخ ((عباس قطان)) - رحمه الله - عندما كان رئيساً لبلديتها، وعندما وصلت المدينة سمعت أن السيد النجدي قد توفي قبل أيام، وكان هذا في المستشفيات الهجرية.
قال السيد حبيب محمود أحمد: لقد سمعتُ صَوْتَه في زمن ماضٍ لم يكن فيه البناء قد تطاول ووسائل النقل الحديث قد انتشرت.. لقد سمع صوته كما قال بالحرف الواحد من منطقة ((آبار علي)). ويضيف السيد حبيب: إنك إذا سمعت صوته لا بد أن تقف حتى يتمم الأذان لحلاوة صوته، وروحانية أدائه.
أما الشيخ ((محمود نعمان)) فكان أصغر سناً من الشيخين حسين وعبد الستار، بخاري، ومع أن قاعدة حسين بخاري لم يأخذ بها أحد سوى ابنه عصام أطال الله عمره، فإن قاعدة محمود نعمان كانت الأكثر انتشاراً وقد أخذ بها الشيخ عبد العزيز بخاري. ولقد سمعت هذا الأخير في أوائل الثمانينيات فكان أداؤه للأذان مثالاً للروعة والدهشة التي تأخذ بمجامع القلوب المؤمنة والمطمئنة.
أما المشايخ الكرام ((حسين عفيفي)) و ((ماجد حكيم)) و ((عبد الرحمن خاشقجي)) فقد استفادوا ممن ذكرنا وكذلك من المرحومين ((يوسف عينوسة)) و ((أبي السعود ديولي)).
وكان التقليد السائد ألا يصعد للأذان الثاني يوم الجمعة إلا من تتوافر فيه صفات معينة كالتقدم في السن والأداء الجيد، وفي مكة المكرمة كان الشخص الوحيد الذي يقيم صلاة الجمعة وصلاة العيدين هو المرحوم الشيخ عبد الله بصنوي وعندما صعد نجم الشيخ ((علي أحمد ملا)) ترك الشيخ البصنوي هذه المهمة للشيخ علي، فلقد كانت صداقة قوية تربط بين الشيخين البصنوي وعلي أحمد ملا، هذا صنيع الرجال وهذه أخلاقهم وشمائلهم الكريمة وصدق الشاعر حين قال:
أولئك آبائي فجئني بمثلهم
إذا جمعتنا يا جرير المحافل
 
طباعة

تعليق

 القراءات :775  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 76 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.