شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الفاروق عمر بن الخطاب(1)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
حديث ما أحبه إلي أخضع عليه طواعية لأنه الحديث عن عمر الفاروق، فقد كان موضوع المحاضرة بينكم فيما حدد لها من وقت وما تحدد لها من موضوع، كان موضوعاً عن غير عمر، وكأنما اليقظة في جهاز الرابطة قد حرص ألا يكون تكراراً في المواضيع، فأوصاني أن أعدل عن موضوعي الأول لأقترح موضوعاً غيره، فكان من التوفيق أن يكون الحديث عن أبي حفص. والحديث عن عمر في هذه الأيام أحسبه لازماً ومؤكداً، فعمر أعز الله به الإسلام يوم أن آمن، يوم أن هاجر، يوم أن نصر حتى إذا تولى الخلافة جاء الإسلام مطبّقاً على يديه نظام حياة، سياسة دولة، قوانين إصلاح، تنظيم حكم، تأسيس شريعة، نشر عدالة، فالمثل في حياة النبي هو الوحي، إن هو إلا وحي يوحى، هو الأمر من الله لا جدل حوله، وإن كان هناك جدل فبين مؤمن به وكافر به، ولا خطورة في هذا الجدل، أو لا مدخل لتأويل أو خدعة لخادع أو فتنة، والمثل في حياة أبي بكر قد يضيق الجدل حوله كما هو متسع من عمل عمر، فعمر البشر لا وحي عليه ولا إلهام يقبل منه، فقد جفت الصحف بعد وفاة رسول الله، فجاء عمر يطبق ما تلقاه وما يلقاه في قرآن وسنّة ورأي يجمع عليه الصحابة.
إن هذا التطبيق من عمر للشريعة الإسلامية يقيم عليها كل الحياة ويستقيم عليها أمر الأحياء، فيها البرهان والدليل القاطع على صلاح هذا الإسلام دين حياة ومعاد تستقيم به حياة الإنسانية في كل الأزمان، هذا ما يأخذه المؤيدون للإسلام الداعون له حجة لهم، ومن ناحية أخرى يأخذ دعاة المذاهب من شيوعيين واشتراكيين أو حتى رأسماليين دليلهم من عمل عمر، كل يطبق ما يجده في حياة عمر على هواه، بينما الأمر ليس كذلك، فالإسلام في روحه وفي تعاليمه كل طبقه عمر وليس هو أجزاء يأخذ منها من يريد دليله لما يشتهي، فمن هنا طاب لي أن أتحدث عن عمر أترجم له، أستنير بسيرته أذكّركم بها، فالذكرى تنفع المؤمنين كأنما بنا إذ نتلو ذاكرين ومذكرين سيرة هذا الخليفة الراشد الإمام العادل نقول لبعضنا: هيا بنا نؤمن ساعة، فلعمري إِنكم لتجدون في سيرة هذا الرجل ما يزيد الإيمان، ما يذكّر بالرحمن، ما يستقيم به روح مؤمن في إنسان يود أن يخشى الله كما كان يصنع عمر. إن عمر برهان يستضيء به المسلم سواء كان صاحب سلطان أم مجرد إنسان.
صاحب السلطان إذا ما أراد النجاة واستقامة الحياة سار على نهج عمَريّ.. والإنسان - مجرد الإنسان - إذا ما رفع رأسه بهذا الإسلام وجد العزة في نفسه لا تطفيه فتنة ولا تضعه في براثن ظلم، لأن الحق المتقد وإن لم يجد نفاذاً فإنه يكفي أن يكون نافذاً في النفس، تستقيم به وإن لم يستقم لها بعض ما تريد.
فعمر حينما عرف الحق استقام به إنساناً مؤمناً تابعاً للنبي لا يسير إلى فتنة ولا يتعرض لهوى، بل هو كان في كل أمر وبما يملك من قوة الإنسانية فيه.. وقوة الإيمان، يقمع الفتنة، يُخضِع الباطل.. ينصر الحق.. فحينما استقام ذلك في نفسه فإنه به قد استطاع أن يستقيم به صاحب سلطان يقوّم النفوس عليه، فالعزة التي غرسها في الأمة كانت مطلبه في نفسه لنفسه فأصبحت أمته عزيزة له يعتز بها دينه ينتصر بها الفتح العظيم بعد الفتح المبين.
فعمر بهذه العزة لم ينل قومه ولا الأرض المفتوحة بسيوفهم بشيء يذلهم قد أنصف الفقير، وأعطى الحق لصاحبه، أي إنه أشاع العدالة الاجتماعية إشاعة بين جميع الطبقات، لا تشيعاً لطبقة الفقير أخذ حقه، والغني لم يسلب ذلك الحق. إنما هي عدالة التوزيع من بيت المال، فالجميع في كفالة الدولة أي في كفالة الخليفة، أي في كفالة عمر، صاحب حق يأخذه، ومالك حق لا يسلبه برهانه في ذلك: نحن قسمنا بينهم معيشتهم.
على الصورة الأولى قال الاشتراكيون: نحن عمريون وعلى الصورة الثانية قال الرأسماليون نحن عمريون، مع أن الأحرى بهم جميعاً أن تخرّجهم من هذه العمرية التي هي الإسلام ليست جزأين يأخذ كل فريق جزأه، إنما هي كل واحد تتمايز فيه الطبقات ويكون فيه الفاضل والمفضول وليس فيه الهاضم والمهضوم، فلا الشيوعية ولا الاشتراكية ولا الرأسمالية إذا ما أصبح كل منها سلطاناً وحيداً في المجتمع يرهق ويسلب ويستغل، ليس هؤلاء، إذا ما كانوا كذلك من العمرية بشيء.
من هو عمر؟ هو عمر بن نفيل بن عبد العزة بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي وأمه حنتمه بنت هاشم بن المغيرة وقيل بنت هشام بن المغيرة، ولكن الأصح أنها بنت هاشم، فهو من قريش في عزة آبائه بني عدي وعزة أخواله بني مخزوم.
فلقد كان من حظه في التقسيم القرشي للمسؤوليات التي نشأ عليها المجتمع في مكة كان من حظه أن انتهت إليه السفارة في هذا المجتمع القرشي أي إنه كان وزير الخارجية في هذه الحكومة ذات الرئاسة في السلم وذات الرئاسة في الحرب.. وذات المسؤوليات في أكثر من شأن، ولا أدري - وهذا مكانه - كيف يُنظَر إليه أنه لم يكن في المكان العزيز في قريش حتى إن بعض من كتبوا التاريخ يتعلمه أبناؤنا ينسب عمر إلى أنه غير العزيز في قومه فيقول إنه ليس بذي خطر ولا يؤبه له لأن أباه الخطاب كان فظاً غليظاً عليه يكلفه برعاية الإبل. لقد أخذ الأستاذ هذا الكلام قاله عمر نفسه فاستنبط منه أن عمر لم يكن عزيز الجانب وهذا خطأ منه. فإن ما قاله عمر كان يتواضع به فلا ينبغي أن نصفه ضعة عليه هو عمر مر بضجنان فوجده أصحابه مكاناً معشباً فقال لهم عمر: لقد كنت والله أرعى للخطاب إبله وكان فظاً غليظاً. كنت أرعاها في هذا المكان فأحتطب عليها أو أختبط، يعني يضرب شجرات السمر أي السلم يتساقط ورقها يجمعه خبطاً تأكله الإبل كما يفعل أعرابنا اليوم، فالخبط طعام الإبل قال ذلك عمر يتواضع ويحمد الله ثم أردف: ((وها أنا اليوم يضرب الناس بجنباتي أميراً عليهم)). فأي ضعة أن يكون الخطاب غليظاً على ابنه؟ هل من عزة الابن ألا يرضخ لأبيه؟ وهل إن كان عمر راعياً للإبل نصفه بالضعة ولا نأبه له.. لا يكون له خطر في قوم كل أبناء العلية في العرب يرعون الإبل والبهم، فهذا محمد وليس أعز منه ابن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي المجمع الابن نبي هذه الأمة، سيد الخلق كان يرعى الغنم. أفلأنه كان يرعاها نصفه - حاشاه - بما وصف به هذا المؤلف عمر؟ إن الإسلام أكبر وأرفع وأعز من أن نبذل ثناء عليه بذم الذين نصروه. فلو لم يكن العرب له أهلاً لما نزل فيهم، بل إن الحط من قيمة العرب هو وضع لشأنهم وبالتالي انتقاص مما قاموا به وأعزوا به، هذا الإسلام إذا عز العرب عز الإسلام، أما أن يخطئ عربي اليوم يتعصب لعنصرية فتجر أذاه كدفعه لصب الأذى على الذين أحسنوا إلينا.. فالجاهلية في العرب لم تكن ضد العلم، فقد كانوا العالمين بكثير من شؤون الحياة.
فالأستاذ سليم الجندي وتلميذه ظافر القاسمي يشرحان معنى الجاهلية أنها ضد العلم ضد التغيير، ضد التوحيد.. ويرحم الله سيد قطب، فقد أشار إلى ذلك في تسميته للوضع القائم الآن بجاهلية القرن العشرين، فلم يسبق قرن هذا القرن بشيء من العلم الذي انتشر في هذا القرن.
فواضح أن سيد قطب لا يعني جاهلية العلم وإنما يعني جهل الهداية. الجهل بهذا الإسلام. وإلا فكيف استطاع الخيار في الجاهلية أن يكونوا أخياراً في الإسلام دون علم؟ لقد كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وخالد وأبو عبيدة كلهم علماء تعلموا في الجاهلية صناعة الحياة، كل في اختصاصه، وتعلموا من الإسلام هداية الأحياء ليصنعوا بها حياة جديدة أقاموها على أثبت الأسس، خياركم في الجاهلية خياركم للإسلام إذا فقهوا.
فالإسلام كمادة تشريع وتهذيب لم يتوسع في تعليمهم أساليب الحرب وتنظيم الجيوش وتخطيط المدن وقيادة المعارك، الروح نظمها الإسلام واليد والذكاء، كان على علم بذلك وعلى استعداد لإدراك ذلك، ولو استقرأتم حال هؤلاء لوجدتموه الكثرة القارئة، فمجتمع مكة كان مجتمعاً قارئاً يعرف من أحوال الأمم والشعوب الشيء الكثير، فكان عوناً لهؤلاء القادة أن ينتصروا على هذه الأمم.. في الأسرى السبعين في بدر وجد القارئون الكاتبون الذين كان ثمن الفداء لهم أن يعلم الواحد منهم عشرة صبية من صبيان المدينة. فليست إذاً جاهليتهم جاهلية العلم وإنما هي جاهلية الحلم جاهلية العناد، فعمر كان جاهلياً بالعناد جاء ليقتل محمداً فرحمه العلم لأنه كان قارئاً، فحينما قرأ سورة طه أخضعه العلم لأن يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله فذهب ليسلم فكان في إسلامه العزة للمسلمين! فإنسانٌ هذا شأنه لم يكن في الجاهلية يؤبه له، وإن سبب إسلامه لعجيب.. عناد في السلوك عبقرية في الطاعة.. أريد أن أترك كل مصدر لأتناول ذلك من مصدر واحد هو ابن سعد.
قال ابن سعد في صفحة (267) من المجلد الثالث من الطبقات الكبرى تحت هذا العنوان.
"إسلام عمر رحمه الله":
قال أخبرنا اسحق بن يوسف الأزرق قال: أخبرنا القاسم بن عثمان البصري عن أنس بن مالك قال: خرج عمر متقلداً السيف فلقيه رجل من بني زهرة قال: أين تقصد يا عمر؟ فقال: أريد أن أقتل محمداً. قال: وكيف تأمن في بني هاشم وبني زهرة وقد قتلت محمداً؟ قال فقال عمر: ما أراك إلا صبوت وتركت دينك الذي أنت عليه. قال: أفلا أدلك على العجب يا عمر؟ إن ختنك وأختك قد صبوا وتركا دينك الذي أنت عليه. قال: فمشى عمر ذامراً حتى أتاهما وعندهما رجل من المهاجرين يقال له خباب، قال: فلما سمع خباب حس عمر توارى في البيت فدخل عليهما فقال ما هذه الهيمنة التي سمعتها عندكما؟ قال وكانوا يقرأون طه، فقالا: ما عدا حديثاً تحدثناه بيننا، فقال: فلعلّكما قد صبوتما. قال: فقال له ختنه: أرأيت يا عمر إن كان الحق في غير دينك؟ قال: فوثب عمر على ختنه فوطئه وطئاً شديداً فجاءت أخته فدفعته عن زوجها فنفحها بيده نفحة فدمى وجهها، فقالت وهي غضبى: يا عمر إن كان الحق في غير دينك أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله. فلما يئس عمر قال: أعطوني هذا الذي عندكم فأقرأه. قال: وكان عمر يقرأ الكتب فقالت أخته: إنك نِجس ولا يمسه إِلا المطهرون، فقم واغتسل أو توضأ. قال: فقام عمر فتوضأ ثم أخذ الكتاب فقرأ طه حتى انتهى إلى قوله إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (طه: 14) قال فقال عمر: دلوني على محمد، فلما سمع خباب قول عمر خرج من البيت فقال: أبشر يا عمر فإني أرجو أن تنال دعوة رسول الله صلَّى الله عليه وسلم لك ليلة الخميس: اللَّهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بعمرو بن هشام. قال: ورسول الله صلَّى الله عليه وسلم في الدار التي في أصل الصفا، فانطلق عمر حتى أتى الدار، قال: وعلى باب الدار حمزة وطلحة وأناس من أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، فلما رأى حمزة وجل القوم من عمر، قال حمزة: نعم، فهذا عمر، فإن يرد الله بعمر خيراً يسلم ويتبع النبي صلَّى الله عليه وسلم. وإن يرد غير ذلك يكن قتله علينا هيناً. قال: والنبي عليه السلام داخل يوحى إليه، قال: فخرج رسول الله صلَّى الله عليه وسلم حتى أتى عمر فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف فقال: أما أنت منته يا عمر حتى ينزل الله بك من الخزي والنكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة؟ اللَّهم هذا عمر بن الخطاب: اللَّهم أعز الدين بعمر بن الخطاب. قال: فقال عمر أشهد أنك رسول الله.. فأسلم وقال: أخرج يا رسول الله.. قال أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبه عن داود بن الحصين قال: وحدثني لعمر عن الزهري قال: أسلم عمر بن الخطاب بعد أن دخل رسول الله صلَّى الله عليه وسلم دار الأرقم وبعد أربعين أو نيف وأربعين بين رجال ونساء قد أسلموا قبله، وقد كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلم. قال بالأمس: اللَّهم أيد الإسلام بأحب الرجلين إليك عمر بن الخطاب وعمرو بن هشام، فلما أسلم عمر نزل جبريل فقال: يا محمد، لقد استبشر أهل السماء بإسلام عمر.. قال: أخبر محمد بن عبد الله عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال: أسلم عمر بعد أربعين رجلاً وعشر نسوة، فما هو إلا أن أسلم عمر فظهر الإسلام بمكة.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني علي بن محمد عن عبيد الله بن سلمان الأغر عن أبيه عن صهيب بن سنان قال: لما أسلم عمر ظهر الإسلام ودعا إليه علانية وجلسنا حول البيت حلقاً وطفنا بالبيت وانتصفنا ممن غلظ علينا ورددنا عليه بعض ما يأتي به.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني محمد بن عبد الله عن أبيه قال: أسلم عمر بعد خمسة وأربعين رجلاً وإحدى عشرة امرأة. قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني أسامة بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: ولدت قبل الفجار الأعظم الآخر بأربع سنين. وأسلم في ذي الحجة السنة السادسة من النبوة وهو ابن ست وعشرين سنة قال: وكان عبد الله بن عمر يقول: أسلم عمر وأنا ابن ست سنين قال: أخبرنا عبد الله بن نمير ويعلى ومحمد ابنا عبيد قالوا: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقول: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر.
قال محمد بن عبيد في حديثه: لقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي بالبيت حتى أسلم عمر، فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا نصلي.
قال: أخبرنا يعلى ومحمد ابنا عبيد وعبد الله بن موسى والفضل بن دكين ومحمد بن عبد الله الأسدي قالوا: أخبرنا مسفر عن القاسم بن عبد الرحمن قال: قال عبد الله بن مسعود: كان إسلام عمر فتحاً وكانت هجرته نصراً وكانت إِمارته رحمة، فقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي بالبيت حتى أسلم عمر، فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا فصلينا.
قال: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن صالح بن كيسان قال: قال ابن شهاب: بلغنا أن أهل الكتاب كانوا أول من قالوا لعمر الفاروق وكان المسلمون يؤثرون ذلك من قولهم، ولم يبلغنا أن ابن عمر قال ذلك إلا لعمر كان فيما يذكر من مناقب عمر الصالحة ويثني عليه. قال: وقد بلغنا أن عبد الله بن عمر كان يقول: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم: اللَّهم أيد دينك بعمر بن الخطاب.
قال: أخبرنا أحمد بن محمد الأزرقي المكي قال: أخبرنا عبد الرحمن ابن حسن عن أيوب بن موسى قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم: إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه هو الفاروق فرق الله به بين الحق والباطل. قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا أبو ضررة يعقوب بن مجاهد عن محمد بن إبراهيم عن أبي عمرو دكوان قال: قلت لعائشة من سمى عمر الفاروق؟ قالت: النبي عليه الصلاة والسلام.
من هو عمر؟
قال محمد بن سعد: سألت أبا بكر بن محمد بن أبي مرة المكي وكان عالماً بأمور مكة، عن منزل عمر بن الخطاب الذي كان في الجاهلية بمكة فقال: كان ينزل في أصل الجبل الذي يقال له اليوم جبل عمر، وكان اسم الجبل في الجاهلية فنسب إلى عمر بعد ذلك وبه كانت منازل بني عدي بن كعب.
قال: أخبرنا يزيد بن هارون وعفان بن مسلم وعارم بن الفضل قالوا: أخبرنا حماد بن زيد قال: أخبرنا يزيد بن حازم عن سليمان بن يسار قال: مر عمر بن الخطاب بضجنان فقال: لقد رأيتني وإني لأرعى على الخطَّاب في هذا المكان. وكان والله ما علمت فظاً غليظاً ثم أصبحت إلى أمر أمة محمد صلَّى الله عليه وسلم. ثم قال متمثلاً: لا شيء فيما نرى إلا بشاشته. يبقى الإله ويودى المال والولد، ثم قال لبعيره حوب.
قال: أخبرنا سعيد بن عامر وعبد الوهاب بن عطاء قالا: أخبرنا محمد بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه قال: أقبلنا مع عمر بن الخطاب قافلين من مكة حتى إذا كنا بشعاب ضجنان وقف الناس فكان محمد يقول: مكاناً كثير الشجر والأشب قال: فقال لقد رأيتني في هذا المكان وأنا في إبل للخطاب وكان فظاً غليظاً أحتطب عليها مرة وأختبط عليها أخرى. ثم أصبحت اليوم يضرب الناس بجنباتي ليس فوقي أحد. قال ثم مثل بهذا البيت لا شيء فيما نرى إِلا بشاشته يبقى الإله ويودى المال والولد.
قال: أخبرنا عبد الملك بن عمرو وأبو عامر العقدي قال: أخبرنا خارجة بن عبد الله عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلَّى الله عليه وسلم قال: اللَّهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام. قال: فكان أحبهما إليه عمر بن الخطاب.
قال: أخبرنا عفان بن مسلم قال: أخبرنا خالد بن الحارث قال: أخبرنا عبد الرحمن بن حرملة عن سعلاد بن المسيب قال: كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلم إذا رأى عمر بن الخطاب أو أبا جهل بن هشام قال: اللَّهم اشدد دينك بأحبهما إليك، فشدد دينه بعمر بن الخطاب. قال: أخبرنا محمد ابن عبد الله الأنصاري قال: أخبرنا أشعث بن سوار عن الحسن عن النبي صلَّى الله عليه وسلم قال: اللَّهم أعز الدين بعمر بن الخطاب وهذه العزة في عمر. أظهر جليه حينما ذهب إلى أبي جهل يعلنه بالكلمة الصارمة الصاعقة يقول: يا خال: لقد أسلمت واتبعت محمداً، فيصعق أبو جهل ولا يستطيع أن يصنع شيئاً، يخشى أن يُفْعَل بعمر شيٌْ خوفاً من هزيمة الفرقة حفاظاً على دم الخؤولة فيعلن عمر أنه المجير له: أنت في جواري منذ اليوم، فيقبل عمر هذا الجوار أولاً حتى إذا استفاق عمر من هذه الصدمة يرسلها على أبي جهل يقف بين الملأ وهو عمر العزيز الجانب الشجاع المؤمن ليعلن رد هذا الجوار لئلا تكون لمشرك يد عليه ولو كان خاله كأنما هو يعلن الحرب بالإسلام وبالعزة، فما زال يضرب الناس ويضربونه حتى أذن النبي في الهجرة، كهذا النص من طبقات ابن سعد.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن مسلم عن الزهري عن سالم عن أبيه، وأخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عمر بن أبي عاتكة وعبد الله بن نافع عن ابن عمر قال: لما أذن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم للناس في الخروج إلى المدينة جعل المسلمون يخرجون أرسالاً يصطحب الرجال فيخرجون. قال عمر وعبد الله قلنا لنافع مشاة أو ركبانا؟ قال: كل ذاك، أما أهل القوة فركبان ويعتقبون وأما من لم يجدوه ظهراً فيمشون.
قال عمر بن الخطاب: قلت قد اعتدت أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام ابن العاص بن وائل التناضب من إضاءة بني غفار وكنا إنما نخرج سراً فقلنا: إيكم ما تخلف عن الموعد فلينطلق من أصبح عند الإضاءة.
قال عمر: فخرجت أنا وعياش بن أبي ربيعة واحتبس هشام بن العاص ففتن فيمن فتن. وقدمت أنا وعياش فلما كنا بالعتيق عدلنا إلى العصبة حتى أتينا قباء فنزلنا على رفاعة بن المنذر فقدم على عياش بن أبي ربيعة أخواه لأمه أبو جهل والحارث ابنا هشام بن المغيرة وأمهم أسماء ابنة مخربة من بني تميم والنبي صلَّى الله عليه وسلم بعد بمكة لم يخرج فأسرعا السير فنزلا معنا بقباء فقالا لعياش: إن أمك قد نذرت ألا يظلها ظل ولا يمس رأسها دهن حتى تراك، قال عمر: فقلت لعياش والله إِن يرداك إلا عن دينك فاحذر على دينك. قال عياش: فإن لي بمكة مالاً لعلي آخذه فيكون لنا قوة وأبر قسم أمي فخرج معهما فلما كانوا بضجنان نزل عن راحلته فنزلا معه فأوثقاه وربطاه حتى دخلا به مكة فقالا: كذا يا أهل مكة فافعلوا بسفهائكم ثم حبسوه.
قال: أخبرنا محمد بن عمر حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم عن أبيه قال: آخى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بين أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب قال أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا محمد بن صالح عن عاصم بن عمر بن قتاده قال: محمد بن عمرو أخبرنا عبد الله بن جعفر عن سعد بن إبراهيم قالا: آخى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم بين عمر ابن الخطاب وعويم بن ساعدة قال: أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني عبد الله بن جعفر عن عبد الواحد بن أبي عون قال: آخى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بين عمر بن الخطاب وعتيان بن مالك: قال محمد بن عمرو يقال بين عمر ومعاذ بن عفراء.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبه قال: منزل عمر بن الخطاب بالمدينة خطة من رسول الله صلَّى الله عليه وسلم. قالوا: شهد عمر بن الخطاب بدراً وأُحداً والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وخرج في عدة سرايا وكان أمير بعضها قال: أخبرنا أسامة بن زيد بن أسلم عن أبي بكر بن عبد الرحمن قال : بعث رسول الله صلَّى الله عليه وسلم عمر ابن الخطاب سرية في ثلاثين رجلاً إلى عجز هوازن بتربة في شعبان سنة سبع من الهجرة.
قال: أخبرنا روح بن عبادة قال: أخبرنا عوف عن ميمون أبي عبد الله عن عبد الله بن بريده عن أبيه بريده الأسلمي قال: لما كان حيث نزل رسول الله صلَّى الله عليه وسلم بحضرة أهل خيبر أعطى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم اللواء عمر بن الخطاب.
قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي قال: أخبرنا سفيان عن عاصم بن عبيد الله عن سالم عن ابن عمر قال: استأذن عمر النبي صلَّى الله عليه وسلم في العمرة فقال: يا أخي أشركنا في صالح دعائك ولا تنسنا.
قال: أخبر هشام أبو الوليد الطيالسي وسليمان بن حرب قالا: أخبرنا شعبة عن عاصم بن عبيد الله عن أبيه عن عمر أنه استأذن النبي صلَّى الله عليه وسلم في العمرة فأذن له فقال له النبي: لا تنسنا يا أخي من دعائك. قال سليمان في حديثه قال لي كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا. قال سليمان: قال شعبة ثم لقيت عاصماً بعد المدينة فحدثته فقال قال أشركنا يا أخي في دعائك.
قال أبو الوليد هكذا في كتابي عن ابن عمر قال اخبرنا سعيد بن محمد الشقفي عن المغيرة بن زياد الموصلي عن الوليد بن أبي هشام قال: استأذن عمر بن الخطاب النبي صلَّى الله عليه وسلم في العمرة وقال: إني أريد المشي فأذن له قال: فلما ولى دعاه فقال يا أخي شيئاً بشيء من دعائك ولا تنسنا.
قال: حدثنا عبد الله بن نمير عن الأعمش عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة قال: قال عبد الله: أفرس الناس ثلاثة: أبو بكر في عمر وصاحبة موسى حين قالت استأجره وصاحبة يوسف.
كيف عمر؟
ولا أريد أن أقصي شيئاً من مناقب عمر من كتاب وكتاب إنما هي مناقبه آخذها من الجامع الصحيح للإمام البخاري أورد في مناقبه قال:
مناقب عمر بن الخطاب:
وقد سبق البخاري خمسة عشر حديثاً في ذلك..
1 - قال النبي صلَّى الله عليه وسلم: رأيتني دخلت الجنة فإذا أنا بالرميضاء امرأة أبي طلحة.. وسمعت خشفة فقلت من هذا؟ فقال: هذا بلال، ورأيت قصراً بفنائه جارية فقلت لمن هذا؟ فقال لعمر، فأردت أن أدخله فأنظر إِليه فذكرت غيرتك فقال هذا عمر بأبي وأمي يا رسول الله أعليك أغار؟
2 - قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم: بينما أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ بجانب عمر فقلت لمن هذا القصر؟ قالوا لعمر فذكروا غيرته فوليت مدبراً فبكى عمر وقال: أعليك أغار يا رسول الله؟
3 - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بينما أنا نائم شربت (يعني اللبن) حتى أنظر إلى الري يجري في ظفري أو في أظافري، ثم ناولت عمر فقالوا فما أوَّلته؟ قال: العلم.
4 - قال النبي صلَّى الله عليه وسلم: رأيت في المنام أني أنزع بدلو بكرة على قليب فجاء أبو بكر فنزع ذنوباً أو ذنوبين نزعاً ضعيفاً والله يغفر له، ثم جاء عمر بن الخطاب فاستحالت غرباً فلم أر عبقرياً يفري فرية حتى روى الناس وضربوا بعطني.
5 - استأذن عمر على رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وعنده نسوة من قريش يكلمنه ويستكثرنه عالية أصواتهن على صوته، فلما استأذن عمر قمن فبادرن الحجاب، فأذن له رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يضحك فقال عمر: أضحك الله سنك يا رسول الله. فقال النبي عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي، فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب. فقال عمر: فأنت أحق أن يهبن يا رسول الله؟ ثم قال عمر: يا عدوات أنفسهن أتهبنني ولا تهبن رسول الله؟ فقلن: نعم. أنت أفظ وأغلظ من رسول الله فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم أبها يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكاً فجاً قط إِلا سلك فجاً غير فجك.
6 - قال عبد الله: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر.
7 - قال ابن أبي مليكة أنه سمع ابن عباس يقول: وُضِع عمر على سريره فتكنفه الناس يدعون ويصلون قبل أن يرفع وأنا فيهم، فلم يرعني إلا رجل أخذ منكبي فإذا بمثل عمله منك، وأيم الله إِن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك وحسبت أني كنت كثيراً أسمع النبي صلَّى الله عليه وسلم يقول: ذهبت أنا وأبو بكر وعمر ودخلت أنا وأبو بكر وعمر وخرجت أنا وأبو بكر وعمر.
8 - صعد النبي صلَّى الله عليه وسلم أحداً ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف بهم فضربه برجله وقال: أتيت فما عليك إِلا نبي أو صديق أو شهيد.
9 - سأل ابن عمر عن بعض شأن أبيه فقال زيد بن أسلم عن أبيه: ما رأيت أحداً قط بعد رسول الله صلَّى الله عليه وسلم من حين قبض كان أجد وأجود حتى انتهى من عمر بن الخطاب.
10 - سأل رجل النبي صلَّى الله عليه وسلم عن الساعة فقال: متى الساعة؟ قال النبي عليه السلام: وماذا أعددت لها؟ قال لا شيء.. إلاّ أني أحب الله ورسوله. فقال: أنت مع من أحببت. قال أنس: فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي صلَّى الله عليه وسلم: أنت مع من أحببت. قال أنس: أحب النبي وأبا بكر وعمر وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم وإِن لم أعمل بمثل أعمالهم.
11 - قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم: لقد كان فيما قبلكم من الأمم محدثون، فإن يك في أمتي أحد فإنه عمر.
12 - قال النبي صلَّى الله عليه وسلم: لقد كان فيمن قبلكم من بني إِسرائيل رجال يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن من أمتي منهم أحد فعمر.
13 - قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم: بينما راع في غنمه عدا الذئب فأخذ منها شاة فطلبها حتى استنقذها، فالتفت إِليه الذئب فقال له من لها يوم السبع ليس لها راعٍ غيري، فقال الناس: سبحان الله، فقال النبي صلَّى الله عليه وسلم فإني أومن به وأبو بكر وعمر.
14 - قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم: بينما أنا نائم رأيت الناس عرضوا علي وعليهم فمضى منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما يبلغ دون ذلك. وعرض على عمر وعليه قميص اجتره. قالوا: فما أوَّلته يا رسول الله؟ قال: الدين.
15 - قال المسور بن مخرمة: لما طعن عمر جعل يألم فقال ابن عباس وكأنه يجزعه يا أمير المؤمنين ولئن كان ذاك لقد صحبت رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فأحسنت صحبته ثم فارقته وهو عنك راضٍ. ثم صحبتهم فأحسنت صحبتهم ولئن فارقتهم لتضار منهم وهم عنك راضون.. قال: أما ما ذكرت من صحبة رسول الله صلَّى الله عليه وسلم ورضاه فإن تلك من الله تعالى منّ بها علي، وأما ما ذكرت من صحبة أبي بكر ورضاه فإنما ذلك من منّ الله جل ذكره من به علي، وأما ما ترى من جزعي فهو من أجلك ومن أجل أصحابك. والله لو أن لي طلاع الأرض ذهباً لافتديت به من عذاب الله عز وجل قبل أن أراه.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :985  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 796 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

صاحبة السمو الملكي الأميرة لولوة الفيصل بن عبد العزيز

نائبة رئيس مجلس مؤسسي ومجلس أمناء جامعة عفت، متحدثة رئيسية عن الجامعة، كما يشرف الحفل صاحب السمو الملكي الأمير عمرو الفيصل