شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
دستور الحرية الشخصية في الإسلام
في اتصال هاتفي قصير، مع الأستاذ محمد صلاح الدين، دار حوارٌ متعجّل عن الكلمة التي نُشرت لي منذ أيام عن نموذج للفكر الإسلامي والمفكر محمد صلاح الدين... وقبل ذلك الاتصال تلقيتُ أكثر من اتصال، من قراء، أدار أصحابُه معي حواراً يطول أحياناً، ويقصر حيناً وخلاصته الثناء والإعجاب - ليس بشخصي الضعيف - وإنما بالأستاذ محمد صلاح الدين الذي أكَّد لي أمرين، لست غافلاً عنهما، ولكني غافلٌ عن المشاعر التي يحملها القراء نحو هذا الكاتب المفكر، وربما لا يجدون المناسبة أو الفرصة للتعبير عنها. فوجدوها في الكلمة التي نشرتُها: عنه في هذه الجريدة.
أما الأمران فهما:
أولاً - أن الصديق الأستاذ محمد صلاح الدين - منذ كان يتعاون معي أيام رياستي لتحرير جريدة المدينة المنورة - قبل شمولها بنظام المؤسسات، كان يلتزم خطاً فكرياً يعي من أسراره ودفْق عطائه وحركة هذا العطاء ما كنت - بصراحة - أتحسّب لاحتمالات توريط الجريدة في مشاكله... ولعلّه اليوم يذكر أني رجوته هامساً، أن ينحّي نفسه أو يعفيها من الالتزام بهذا الخط، لفترة لن تطول، لأني كنت أعلم أن رياستي للتحرير هذه لا بد أن تنتهي خلال شهر أو شهرين... وقد كان.
ثانياً - أن التزامه بهذا الخط الفكري، لم يكن انحيازاً أو اتباعاً لقياداتٍ إسلامية معيّنة، ومتفاعلة في تلك الأيام... إذ كانت أفكاره تصدر عن اقتناع ذاتي بفهمه الذي ربّما كان يتناقض أو يتباعد عن الخط الفكري في تلك القيادات... كنت أدرك (أنا) أنه مستقل بفكر يرفض الجماهيرية وما يرتفع لها من شعاراتٍ تواجه شعارات زحفت وراءها ضحايا الخديعة ودوامة التضليل.
وقد يذكر بعض القراء، أو القلة القليلة منهم أني - في مسيرتي مع القلم، قد عُنيت بترسيخ ما أؤمن إيماناً مطلقاً لم يتزحزح أو يضعف، أو يغيب منذ أيام صباي وحتى اليوم بأن الإسلام وحده - ودون جميع الأديان السماوية أو الوضعية، كالبوذية، أو الكونفوشيوسية هو الذي أنزل - ومن السماء - دستور الحرية الشخصية الأوحد والأعظم والأعم، والأوضح مفهوماً وعقلانية لصيقة بالمنطق القطعي، الذي لا يحتمل جدلاً من أي نوع.
هذا الدستور السماوي الذي رسّخ - وإلى الأبد - مفهوم الحرية الشخصية - في أوسع آفاقها وفي أبعد حوافز التمسك بها، والعمل على ضوئها، في سلوكيات البشرية كلها هو الملخّص العميق عمق البحار والبعيد بعد السماء عن الأرض. هو كلمة (لا إله إلاّ الله). محمد رسول الله (لا إله إلا الله)، كلمة كان أول من نطق بها وجاهر بالدعوة لها، ثم جاهد في سبيلها، جهاده الذي لم يسبق قط أن كان له مثيل في تاريخ أي صراع بين الحق والباطل على امتداد دورات الفلك والزمان، محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه.
كلمة نطق بها محمد صلوات الله عليه... فحارب الشرك في سبيل نشرها وترسيخها وانتصر بها، ثم انتصر المؤمنون بها من المسلمين من بعده.
كلمة قررت لأول مرة في تاريخ البشر كافة، المعنى الدقيق للحرية الشخصية... جوهر هذه الحرية... وهو جوهر عقيدة الإسلام السمحة.
كلمة، فهمها الخليفة الثاني، عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأطلقها صريحة صارخة مدوّية فقال: (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً).
كلمة قالت، ما لم يسبق أن قاله دستور أو قانون: أنت المسلم الناطق بـ (لا إله إلاَّ الله)... فأنت السيد حقاً... الحُر حقاً وفعلاً ونهج حياة، لا سلطان لأحد عليك إلا بحكم الله... بشريعة الله... تحت ظلال كلمة الله.
أنت المسلم... أنت الناطق بكلمة لا إله إلا الله... فأنت القادر وحدك، بإذن الله، أن تقف في وجه الدنيا كلها... لتقول... إنّك السيد، وليس العبد... إنك النِّد، ولست التابع... إنك المالك لحقوقك كما شرعها الله... وليس لمخلوق أن يمس هذه الحقوق إلاّ بحكم الله.
فأين في الدنيا... حرية شخصية، كهذه الحرية قررها الله، للمؤمنين بالله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :746  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 32 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج