شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
معرض المملكة بين الأمس واليوم
أيّاً كانت، ومهما ارتفعت أرقام ما أُنفق على إقامة وتنفيذ وعرض مجسّمات وتفاصيل ودقائق معرض المملكة بين الأمس واليوم، فإن كل دانق من هذا الإنفاق، قد أعطانا أضعاف أضعافه، بل مئات الأضعاف وألوفها. وهذا من منظور التكاليف الضخمة بكل معيار. ولو خطر لنا أن نُقارن بين ما تُحققه أجهزةُ الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، لإظهار حقيقة النقلة الحضارية التي وفّق الله سبحانه، المسؤولين في المملكة لتحقيقها، وعلى امتداد مسيرة الإعلام والتوعية التي قد لا تقل عما يقرب من ثلاثة عقود من السنين، وما أنفقته هذه الأجهزة، من ميزانية الإعلام، فإننا لا نبالغ، ولا نتجاوز الحقيقة، إذا قلنا إنّ مشروع ((معرض المملكة بين الأمس واليوم))، كان، ولسوف يظل طوالَ أجيال قادمة، أعظم مشروعٍ إعلامي تقوم به دولةٌ عربيةٌ إسلامية صمّمتْ أن تقول، وأن تظهر للعالم، أنها قد عرفَتْ، كيفَ تتعامل مع (الذهب الأسود) في مكامن أرضها، فتحوّله إلى ذهب إبريز، بل إلى ما هو أغلى وأثمن، وأبقى على الدهر، من هذا الذهب الإبريز... ولعمري، أين الذهب الأسود، أو الذهب الإبريز من هذا المعمار الحضاري، الشامخ الشاهق، وليس فقط، في غابات الإسمنت التي نَبتَتْ، على أنقاض بيوت الطين، وليس في الطرق التي سافرت في طول الصحراء وعرضها، وعلى هامات الجبال وقنِنِها، وتسلّلت إلى المزارع ومواطن السكان، حتى في أعالي الجبال... بل ما قيمة الذهب، وغالي الجوهر، بالنسبة لسبع جامعات، وعشرات الألوف من المدارس ومعاهد العلم... تَدفَّق من أبوابها مئات الألوفِ من الفتيان والفتيات، يقيمون في ساحة الحياة المعاصرة معالمَ تطورِ الإنسان ونموّه، وحركة مواكبته لمسيرةِ العلم في اقتحامها أجواء الفضاء وأعماق البحار، وأغوار الأرض.
ثم، ما قيمة كل الذهب والجوهر، أمام هذا السَّبْح الروحاني، الأسمى والأرفع، والأعلى، في استيعاب مضمون الدعوة إلى الله، كما يعيها ويتعمّق معناها، هذا الملك الفذُّ الذي يتنازل بل يستغني، ويتجنّب ألقاب المُلْك، والمَلَكيات كما عرفها تاريخ هذه الملكيات في العالَم، ليتشرَّف ويَسعَد، ويزهُو بلقبِ (خادم الحرمين الشريفين) يعلن اختيارَه في رحاب الأرض الطاهرة، التي شرَّفها الله بأن تكون مثوى رسول الله محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه. وتتعلّق مشاعرُه الروحيةُ ووجدانُه المتوهّجُ، فلا يرضى بأقل - من أن يضيف إلى الحرمين الشريفين، دفْقَ هذه المشاعر وعطاءَ هذا الوجدان توسعةً وأعماراً وتجديداً وتحديثاً ترى فيه أجيالُ المسلمين في مشارقِ الأرضِ، ومغاربها، وعلى مرِّ عصور التاريخ، أن خدمة الحرمين الشريفين، في منطق (فهد بن عبد العزيز) لم تكن لقبَ تشريفٍ وزهْو وافتخار، وإنما هي (خدمة) فعلية... فيها جهدُه... وعرقُه وسهرُه، ومتابعتُه الدائمة، الواعية لكل مرحلةٍ من مراحل الإنشاء والبناء. شهد ذلك ألوف المواطنين، على الشاشة الصغيرة... ثم هي (خدمة فعلية) مخلصة عاش عطاءَها وثمارَها، وإشعاعَها الساطع حجاج بيت الله الحرام وزوار مسجد رسول الله صلوات الله عليه، فيما توفّر لهم، وبين أيديهم وفي مسيراتهم من الأمن والأمان، والرعاية والحنان... تخترم وتقتلعُ من الجذور أغراس الشرِّ والشيطانِ لتظل منازلُ الوحي، ومهبطُ كلام الرحمن، ساطعةً، بإشعاعِ الرحمة والحب والسلام.
وبعدُ، فلم يتُح لي أن أرى معرِض المملكة بين الأمس واليوم... في أي بلد من البلدان التي أقيم فيها... ولكني كنت أرى، عبقري الفكرةِ والمشروع صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز، فلا أملك مع الإعجاب البالغ، إلاّ أن أتساءل عن الجهد المضني الذي بذله سموّه، لتحقيق مشروع قلتُ إنّه أعطى المملكة العربية السعودية، ما لم يُعطه قطُّ أي عمل إعلامي، في تاريخ هذه المملكة منذ أسسها جلالة المغفور له الملك عبد العزيز وحتى اليوم.
ويبقى لي مع كل هذا الزَّخم من إعجاب الملايين في كل بلدٍ عرض فيه المعرض ((التماسٌ)) صغير، يبرِّره أني لَمْ أر المعرض من جهة، ولم أر ما يستجيب لهذا ((الالتماس)) من جهة أخرى... وهو، ظهورُ لوحة ضخمة من الذهب على خلفية من المرمر فيها نص أول آية نزل بها الوحي على رسول الله صلوات الله عليه، وهي اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ. الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (العلق: 1_4) مع ترجمةِ معانيها إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والإيطالية... وبالذهب أيضاً على نفس الخلفية من المرمر وتذيل بكلمة تقول للقارئ... (هكذا أمر الله العربَ والمسلمين، بأن يقرؤوا، وأن يتعلّموا بالقلم - أي أن يكتبوا) وذلك منذ أربعة عشر قرناً من الزمان.
قد يكون ذلك موجوداً في المعرض... فإذا كان موجوداً، فإني لسعيد، وأحمدُ الله على أن يدرك زوَّارُ هذا المعرض أن نبينا صلوات الله عليه، تلقى أمر الله بأن يقرأ ويكتب منذ أربعة عشر قرناً من الزمان.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :662  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 33 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.