شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حفل تكريم الأستاذ عيسى خليل صباغ (1)
بسم الله الرحمن الرحيم ((الأذن تعشق قبل العين أحياناً)) - قد عشقت عيسى خليل صباغ وأنا أسمع الرنين من جرسه في اللغة الشاعرة، يوم كان في لندن، فاللغة العربية ألفاظ وقواعد، ولكن حليتها وزخرفتها في حسن الأداء، وكان عيسى خليل صباغ من أحسن من سمعت مؤدياً لهذه اللغة الشاعرة.
أحببته سماعاً حتى إذا لقيته هنا أصبحنا صديقين، وفي الكويت بذل لي من صداقته أيضاً ما أعتز به وأشكره عليه.
الأداء في اللغة العربية طرب، وعيسى خليل كان مطرباً، كان موسيقياً، كأنما يتغنى باللفظ العربي، تسمع جرسه فيطربك لم يكن وحده، كان هناك محمد فتحي كروان الإذاعة المصرية، أو أحمد فتحي شاعر الكرنك إذا سمعتهم يتحدثون أحسست بنشوة الطرب تمتلك حواسي.
أول ما سمعت من حسن الأداء في المدينة المنورة قبل أكثر من 50 عاماً. عندما أقصى ملك الأفغان أمان الله يرحمه الله زار المملكة وجاء إلى المدينة ونزل في ساحة بيت هاشم، وكان المرافق له السيد عبد الوهاب نائب الحرم أبو أحمد، فلما زرناه ومعي عبد الحق نقشبندي، وعثمان حافظ وآخرون... فجاء ليستقبلنا ويجلس معنا وكان رجلاً طوالاً، لابس عمَّةْ فغانية، فإذا بعبد الحق نقشبندي يرحمه الله يسأله وقد كانت مجلة الفتح تشن الغارة على الأفغان، بإيعاز من صادق المجددي وأمثاله الذين ثاروا عليه... فسأله ما بال الملكة ثريا تقبل الشبان؟ فإذا بي أسمع الجرس الأغن من هذا الأفغاني يقول: كأنما هي لام عواذل، ثريا أنا خالها لم تقبل شباناً، وإنما قبلت بنيها، نحن خرجنا من الأفغان وليس فيه من كان ذليلاً منا، سألت شكيب أرسلان ما بال الملك علي يرحمه الله، يترك الناس يقبلون يده، فقال لي: إنه ابن بنت النبي قلت: وهل كان النبي يسمح لأحد أن يقبل يده، ألم تقرأ لي مقالاً في القبس إنكم تحملون على الأفغان لأنهم يلبسون القبعة، في حين أنكم تلبسون الطربوش، أتدرون ما الفرق بين الطربوش والقبعة، الطربوش لم يكن عربياً إنه لباس نمساوي، ولكن القبعة عربية لا يزال أهل اليمن يلبسونها، يتقون بها حرارة الشمس، عواء الكلاب عوت علينا فأقصتنا، كان ينطق بذلك بفصاحة لا أعرفها، لعلّها تفوق فصاحة عيسى خليل صباغ وأحمد فتحي. وسألته هل أنت أفغاني قال: لا أنا سوري، ألا تعرفون أن ثريا أبوها محمود طرزي باشا أفغاني أصبح دمشقياً في دمشق بنت محمود طرزي باشا تزوجها أمان الله خان. ومن حيث حسن الأداء لا تنسوا أداء طه حسين، وأداء محمد رفعت، ذكرني بهم جميعاً عيسى خليل صباغ، صادقته وصادقني وبيننا أشياء لعلّي إن لم أخف أنشرها في الذكريات. أن أهنئ حفلنا بزيارة الصديق عيسى خليل الصباغ. لقد صبغ اللغة العربية بجرسه الرنين وتفوقه، لم أسمع مذيعاً يحرص على عدم اللحن صرفاً إلا عيسى خليل صباغ... لأن اللغة لا تفهم إلا ببنية الكلمة، بالأمس كنت أخطئ، سمعت في برنامج عبد الله بن خميس شطراً من بيت لجميل بثينة يقول:
لم يَرِد أن يحبنا (قالها هكذا...) بفتح الياء وكسر الراء فصرخت: يا ابن خميس، لماذا لم تقل لم يُرِد بضم الياء وكسر الراء؟ ثم فطنت إلى أن نفي الإرادة كما أردتها معناه إسقاط للغزل وإسقاط للإبداع، وإنما أرادت هي الورود، من ورد يرد ويصبح معنى الجملة لم يرد إلى المنبع ليحبنا وتلك هي الغزل وهي الشعر، أداها ابن خميس أداءً لم يلحن في الصرف، وهكذا كان عيسى خليل صباغ يؤدي اللغة العربية لا يلحن نحواً، ولا يخطئ صرفاً... سلامي إليه.
والسلام عليكم ورحمة الله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :739  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 31 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج