تَصُدِّينَ نِعمَ الصَّدُّ دَلاً محبباً |
إلى النفس يشجيها الغرامُ إذا صبَا |
أنام وملء العين حلم مُنَعَّمٌ |
وهمس نديٌّ في الفؤاد تقّلبا |
تمرين حلماً في الخيال ونِسْمَةً |
أَرَقَّ من الأزهارِ عطراً مسكَّبا |
إليك أَبَثُّ الشعرَ همساً مولَّهَاً |
يفيض من الأشواق حَرَّاً تغلبا |
أكاد أواري الوجدَ خيفةَ عازِلٍ |
يَحيكُ لنا مكراً ليَسعدَ مأربا |
هبيني من الوَجْدِ الدَّفينِ مُعاتبا |
أَبِيتُ ومنكِ الطَّيْفُ يَأْبَى تقرُّبا |
أليس من الإنصافِ تُؤْويَن تائهاً |
وَتَسْرِينَ ضَيْمَاً عن فؤادٍ تعذَّبا |
فكم قد سهرت الليلَ أرقبُ طارقاً |
إذا عَنَّ في جَوْفِ المساءِ وأطربا |
فحسبي من الأيامِ أنشدُ سَلْوَةً |
لقلبٍ أراه اليومَ أسيانَ مُتْعَبَا |
كأني على الحالين أمسيتُ مولعاً |
أناجي حمامَ الأيكِ حِسَّاً ومطلبا |
وأرسم للأيامِ شعراً إخالُهُ |
سيُفْضي على ذكراكِ سِرَّاً مطيَّبَا |
فما زلتِ عندي للفؤادِ سلافةً |
ووحياً وإلهاماً وهمساً مذوَّبَا |
وما الحبُّ عندي بالوصالِ شِِغْفُتُه |
ولكنهُ بالصَّدِّ أسمى تَشَبُّبَا |
فزيدي من الهجرانِ ما قد تَرَيْنَهُ |
يُصَيِّرُ نَيْطَ القَلْبِ ولهانَ معجبا |
فَمَا عادتِ الأيامُ تُصفي وِدَادَنَا |
كما الأَمْسِ صَفْوَاً أَوْ حديثاً مُشَذَّبَا |
مآربُ جاشَتْ في الفؤادِ عزيزةً |
بها عِشْتُ مفتوناً وعشتُ معذَّبا |
فكوني كما قد شِئْتِ إنِّي مبتلٍ |
بفيروسِ حب في الشِّغَافِ تسربا |
وأَخْنَى على خفقي بلاءً ومحنةً |
تُجَذِّرُ آلاماً أَعَزَّ.. وأصعبا |
فِمِنْ حَقِّكُمْ عندي سكونُ جَوَانحي |
ومن حَقّيَ المأْمولِ ألاَّ أُغَرَّبَا |
فما الحبُّ طهراً غيرُ فيضٍ أحِسِّهُ |
يثيرُ من الكِتْمَانِ شوقاً تخصَّبا |
ويذكي سعيرَ الشوقِ صداً ولوعةً |
فَسِرُّ الهوى المكنونِ دَفْقٌ تشعَّبا |
سيجلو عن العينينِ لُجَّةَ غَاسِقٍ |
من الصَّدّ وصلاً بالدَّلالِ تحجَّبا |
وما الوصلُ عندي غيرُ صَدٍّ أَلِفْتُهُ |
يُسَلِّطُ في الأَعْمَاقِ سهماً مُصَوَّبا |
سأهدي حَرَارَ الشَّوْقِ شعراً وغِنْوَةً |
وأَقْعَى إذا مَرَّ الحبيبُ تَهَيُّبَا |